رغم ضغوط ساكن البيت الأبيض المنصرف، والاعتراضات التي عبر عنها بعض المسؤولين الجمهوريين المنتخبين، ووصول متظاهرين مؤيدين لترامب الكونغرس، فإن الرئيس المنتخب جو بايدن سيكون قادرا على الاعتماد على مجلس الشيوخ الذي عاد لحضن المعسكر الديمقراطي، وسيؤدي اليمين يوم 20 يناير/كانون الثاني.
وتقول صحيفة "لوتان" السويسرية، في تقرير بقلم فاليري دي غرافينريد، إن الأربعاء "المجنون" -في إشارة إلى يوم 6-1-2021- بدأ جيدا للديمقراطيين وسيئا للرئيس دونالد ترامب الغاضب والمنزعج من تتويج المرشحين الديمقراطيين بفوز مزدوج بانتخابات مجلس الشيوخ في جورجيا، مما جعله أكثر شراسة.
وأوضحت الصحيفة أن ترامب -الذي ظل يكرر أن انتخابات جورجيا كانت مزورة- طلب من نائبه مايك بنس معارضة مصادقة الكونغرس على فوز بايدن، في وقت احتشد فيه في واشنطن آلاف النشطاء المؤيدين للرئيس المنصرف مدفوعين بتصريحاته التحريضية، متجاهلين القواعد الصحية، للتعبير عن غضبهم حول مبنى الكونغرس وداخله. وهكذا بدت أميركا بداية عام 2021.
افعلها يا مايك
بدأ النهار بتغريدات الصباح، ومن بينها "ولايات تريد تصحيح أصواتها التي تعرف الآن أنها تستند إلى مخالفات وتزوير، إنه مسار فاسد لم يقره المشرع قط. كل ما يتعين على بنس فعله هو إعادة (النتائج) إلى الولايات، ونحن فائزون. افعلها يا مايك، حان الوقت الآن لإظهار الشجاعة القصوى".
وعند الظهيرة قرب البيت الأبيض، عبّر ترامب -الذي لا يتراجع عن أي فعل- بصوت عالٍ، وقد بدأ نشطاؤه بلافتاتهم وأعلامهم التي رفعت في السماء يشكلون مسيرة كبيرة من أجل "إنقاذ أميركا" بأنهم لن يتراجعوا أبدا فـ "لن نتنازل أبدا. لقد فزنا في هذه الانتخابات، فزنا فوزا عريضا" ووصف أي جمهوري منتخب لا يتبعه بـ "الضعيف والمثير للشفقة".
أوقفوا السرقة
وكان المشهد متوقعا -تقول الكاتبة- لأن الرئيس عدد نفس الاتهامات مرارا وتكرارا لعدة أسابيع، ولكنه بدا مهلوسا، وكأن هذا الحشد الغاضب القادم من أنحاء البلاد، وهذه اللافتات "أوقفوا السرقة!" هي عزاؤه الوحيد، وكأن خطابه محاولة أخيرة للضغط على الكونغرس الذي بدأ للتو عملية المصادقة على فوز بايدن، آخر إجراء رسمي قبل أداء اليمين الدستورية في 20 يناير/كانون الثاني.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لم يكن هناك أدنى شك، رغم جهود بعض الشيوخ والنواب الجمهوريين لإعاقة التصويت ورغم الارتباك وتهديدات ترامب، فإن نتائج هذه الانتخابات الرئاسية سيتم التصديق عليها في النهاية.
غير أن ترامب وأتباعه سيحاولون إبطاء العملية، عن طريق الفوضى والخلاف، مما يساهم في إعطاء صورة كارثية للديمقراطية الأميركية من خلال التنديد المتكرر بـ "سرقة النتائج، الاحتيال الشامل" ونشر نظريات المؤامرة.
في هذه الأثناء -كما الصحيفة- تم تأكيد فوز القس الديمقراطي رافائيل وارنوك، وهو من أصول أفريقية وكان يرأس كنيسة أتلانتا التي خطب فيها مارتن لوثر كينغ، ثم تلاه فوز الديمقراطي الثاني جون أوسوف، مما شكل مفاجأة سارة ومصدر ارتياح لبايدن الذي أصبح لديه 50 عضوا ديمقراطيا بمجلس الشيوخ، إضافة إلى نائبة الرئيس كامالا هاريس التي سترأس هذه الهيئة.
الترامبية لم تمت
وقالت الصحيفة إن ترامب لم يتخل عن وضعه كعائق رئيسي وما زال يعيش حالة الإنكار التام، رغم اندلاع الانقسامات في المعسكر الجمهوري، حتى إن ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية حتى الآن بمجلس الشيوخ، المقرب جدا منه، قد تخلى عنه ودعاه لاحترام أصوات الناخبين، واختيار صوت العقل مهنئا بايدن بفوزه منتصف الشهر الماضي.
وقد أدلى ماكونيل بتصريحات شديدة اللهجة هذا الأربعاء أمام الكونغرس، مؤكدا أن الديمقراطية الأميركية "ستدخل في دوامة قاتلة إذا أُبطلت هذه الانتخابات على أساس مزاعم بسيطة من الخاسرين".
وكان على بنس هو الآخر -حسب نيويورك تايمز- أن يشرح للرئيس المنصرف أنه ليست لديه "سلطة" رفض نتائج الولايات التي تم التحقق من صحتها من قبل الهيئة الانتخابية في 14 ديسمبر/كانون الأول، وأن دوره لا يتجاوز التأكد من الشهادات التي ترسلها كل ولاية، ثم تأكيد انتصار بايدن في هذه الحالة.
وقد قام بنس قبل دقيقتين من الجلسة التاريخية للكونغرس، بتوزيع بيان أكد فيه أنه سيحترم الدستور ولن يعارض الفوز الديمقراطي، قائلا "كان الرب في عوني" وذلك في وقت تمكن فيه المتظاهرون من اقتحام الحواجز الأمنية أمام مبنى الكونغرس وتسلق بعضهم الأبنية ووصلوا إلى الداخل بطريقة لم يتصورها أحد من قبل.
واختتمت الصحيفة: هل توقف ترامب أخيرا بعد أن لعب كل ما لديه من أوراق الأربعاء؟ وخلصت إلى أنه بعناده في عدم قبول الهزيمة، ورغم فشل الطعون التي قدمها للمحاكم، نجح في شيء واحد هو إثبات أن الترامبية لم تمت ولن تختفي.