• اخر تحديث : 2024-07-04 10:16
news-details
تقارير

قلق الكيان الغاصب من قرار المحكمة الجنائية الدولية...واجراءات مواجهته بدأت


 أصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست عام 2002، ومقرها لاهاي في هولندا قراراً نهار الجمعة الماضي  06 / 02 / 2021 يقضي بأن للمحكمة ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وأصدرت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية قرارها بشأن طلب المدعية العامة فاتو بنسودا بشأن الولاية القضائية الإقليمية على فلسطين، حيث قررت بالأغلبية، أن "الاختصاص الإقليمي للمحكمة يشمل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وهي غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، على اعتبار أن فلسطين هي طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".

وقالت الدائرة التمهيدية الأولى، في نص قرارها، إن "المحكمة الجنائية الدولية ليست مختصة دستورياً بالبت في شؤون الدولة بشكل ملزم للمجتمع الدولي". وأضافت أن قيامها بالحكم على النطاق الإقليمي لولايتها القضائية "لا يعني الفصل في نزاع حدودي ما بموجب القانون الدولي أو أية حدود مستقبلية، بل إن الغرض الوحيد من القرار هو تحديد الاختصاص الإقليمي للمحكمة".

ونظرت الدائرة التمهيدية الأولى في طلب المدعي العام والمذكرات المقدمة من الدول الأخرى والمنظمات والعلماء الذين شاركوا بصفتهم أصدقاء للمحكمة أو ضحايا. وقالت إنه "بغض النظر عن وضع فلسطين بموجب القانون الدولي العام فإن انضمامها إلى النظام الأساسي تم بصورة صحيحة ونظامية، وأنه ليس للدائرة سلطة الطعن أو مراجعة نتائج إجراءات الانضمام التي أجرتها جمعية الدول الأطراف".

وأكدت الدائرة أن فلسطين وافقت حكماً على إخضاع نفسها لشروط نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وأن لها الحق في أن تُعامل مثل أي دولة طرف أخرى في الأمور المتعلقة بتنفيذ النظام الأساسي. فقد انضمت فلسطين إلى المحكمة في العام 2015، فيما الكيان الصهيوني ليس عضوًا فيها.

في المواقف، اعترضت واشنطن على قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن اختصاصها بقضايا جرائم الحرب المحتملة على الأراضي الفلسطينية، وكتب المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس على تويتر "الولايات المتحدة تعترض على قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن الوضع الفلسطيني... سنستمر بدعم التزام الرئيس بايدن القوي بأمن إسرائيل، بما في ذلك مواجهة المساعي لاستهداف إسرائيل بشكل غير عادل".

وأعرب المتحدث باسم الوزارة عن مخاوف واشنطن من محاولة المحكمة ممارسة اختصاصها على العسكريين الإسرائيليين، وقال "لقد تبنينا دائما موقفا مفاده أن اختصاص المحكمة يجب أن يشمل حصرًا البلدان التي تقبله أو القضايا التي يحيلها مجلس الأمن الدولي إلى المحكمة. وقال برايس في بيان :"لا نعتقد أن الفلسطينيين مؤهلون كدولة ذات سيادة، وبالتالي ليسوا مؤهلين للحصول على العضوية كدولة أو المشاركة كدولة في المنظمات أو الكيانات أو المؤتمرات الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية".

وفي الجانب الصهيوني، قال رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في بيان نشر على نطاق واسع مساء يوم السبت 06 / 02 / 2021: "إذا كانت المحكمة الجنائية الدولية تحقق ضد إسرائيل في جرائم حرب ملفقة، فسيكون ذلك معاداة للسامية... المحكمة التي تأسست لتمنع فظائع مثل المحرقة تنقلب الآن ضد اليهود، فهي تزعم أن من بين جرائم الحرب أن تدافع إسرائيل الديمقراطية عن نفسها ضد الإرهابيين الذين يقتلون أطفالنا ويطلقون الصواريخ على مدننا... إسرائيل ستحارب هذا "الانحراف في العدالة". وقال نتنياهو في البيان "عندما تحقق المحكمة الجنائية الدولية مع إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب وهمية، فإن ذلك يعد معاداة للسامية".

وكشفت وسائل اعلام العدو عن محاولات يبذلها الكيان من أجل الضغط على لمنعها من فتح تحقيق في ارتكابه جرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني.

وفي هذا السياق، كشف موقع ويللا الاخباري نقلًا عن مسؤولين صهاينة أن "إسرائيل تنوي خلال الأيام المقبلة التوجه إلى عشرات الدول في العالم، ومطالبتها بتوجيه رسالة سرية إلى المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، لمطالبتها بعدم المضي قدمًا بفتح التحقيق ضد إسرائيل للاشتباه بقيامها بتنفيذ جرائم حرب" ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.  كما ذكر موقع "i24" الصهيوني أن وزارة خارجية الاحتلال أرسلت نهار الأحد الماضي "رسالة سرية إلى عشرات السفارات الإسرائيلية في أنحاء العالم، تتضمن تعليمات يجب تنفيذها في ما خص قرار محكمة الجنايات الصادر الجمعة الماضي"؛ مشيرًا  إلى أن "البرقية عرفت على أنها مستعجلة، وبموجب ذلك فإنه يجب فتح السفارات بشكل استثنائي، واستدعاء المسؤولين عن الممثليات الديبلوماسية واطلاعهم على مضمون التعليمات بشكل فوري أمام المستويات السياسية العليا في الدول التي ينشطون بها". كما طالبت البرقية سفراء الاحتلال المطالبة من وزراء الخارجية أو رؤساء الحكومات في هذه الدول نشر بيانات علنية، يوضحون خلالها معارضتهم قرار المحكمة في لاهاي ورفض إقرارها أن فلسطين تعتبر دولة.

كما كشف الموقع عن رسالة إضافية مفادها أنه في حال فتح تحقيق من هذا القبيل ضد إسرائيل فإن الأمر سيخلق أزمة دبلوماسية مع السلطة الفلسطينية التي لن تسمح بأي تقدم بالعلاقات بين الجانبين.

ونقلت الإذاعة العامة الصهيونية عن مسؤولين أمنيين صهاينة أن الكيان اتفق مع دول مشاركة في عضوية محكمة لاهاي على منحه إنذارًا مسبقًا في حال قررت اعتقال قادة إسرائيليين فور وصولهم إلى هذه الدول، والتبليغ عن تقديم طلب لاستصدار أمر اعتقال ضدهم. واشارت الإذاعة إلى أن سلطات الإحتلال بلورت قائمة أشخاص قد تشملهم قائمة المطلوبين للعدالة الدولية لتحاشي السفر ، وتحاشي توريط الكيان باعتقالهم أو محاكمتهم.

ونقلت الإذاعة عن مصادر في وزارة القضاء الصهيونية قولها "هناك استعداد لتوفير حماية كاملة لكل إسرائيلي تحاول المحكمة ملاحقته قضائيًا في حال فتح تحقيق لاحقًا"، وفي حال فتح تحقيق، فإن الاهتمام الخاص سينحصر في كبار المسؤولين الإسرائيليين في المستويين السياسي والأمني.

وتحت عنوان: هكذا يكون الرد الإسرائيلي على الجنايات الدولية" كتبت صحيفة إسرائيل اليوم الصهيونية

كما كان متوقعاً، الجمعة ليل السبت حسب التوقيت الإسرائيلي قرر مكتب المحاكمات الأولية في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بأن ثمة دولة فلسطين ذات سيادة على يهودا والسامرة وقطاع غزة وشرقي القدس. وهكذا خولت المدعية العامة في المحكمة بفتح تحقيق في الجرائم التي يزعم أنها ارتكبت في أراضي فلسطين.

وسرعان ما جاء الرد على القرار، وكان هو الآخر متوقعاً. فقد احتفل المجرمون الفلسطينيون، ومنظمات الإرهاب الفلسطينية مثل حماس وغيرهم من المحافل الفلسطينية والمؤيدة لهم. أما اليهود الإسرائيليون، بمن فيهم الضحايا المحتملون للمجرمين الفلسطينيين، فقد نددوا بالقرار.

وبالنسبة لمن هو مقتنع بأن محكمة الجنايات الدولية ستعمل وفقاً للقانون، فهذه الردود غريبة. فمنذ متى يحتفل القتلة والمجرمون الآخرون بفتح تحقيق جنائي قد يؤدي إلى لوائح اتهام ضدهم؟ منذ متى يعارض الضحايا المحتملون إجراءات جنائية ضد المجرمين الذين استهدفوهم؟

واضح أن لزعماء السلطة الفلسطينية وحماس ما هو واضح لزعماء إسرائيل المنتخبين: محكمة الجنايات الدولية ليست مؤسسة تعمل وفقاً للقضاء بل وفقاً لدوافع سياسية. ولهذا، فقد كان واضحاً بأن المحكمة ستخول المدعية العامة بالتحقيق، رغم أن القانون نفسه يقول صراحة بأن ليس لها صلاحيات كهذه بدون موافقة الدولة، وحسب القانون، فإن فلسطين ليست دولة. ولذات السبب، واضح بأن تحقيق المدعية العامة (وللدقة من سيحل محلها في الأيام القريبة المقبلة) سيؤدي إلى لوائح اتهام وأوامر اعتقال ضد إسرائيليين على ارتكاب جرائم استيطان يهودي وكذا دفاع قانوني عن مواطني إسرائيل ضد هجمات الإرهابيين الفلسطينيين. وواضح أيضاً أن حماس محقة في أنه لن يقدم إلى المحاكمة أي إرهابي فلسطيني.

ما الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله؟ الفعل في كل مستوى للمس بشرعية المحكمة، وفرض المصاعب على التحقيق بكل سبيل ممكن واستغلال الفرص للتعاون الدولي ضد محكمة الجنايات الدولية.

هذا يعني أن إسرائيل ملزمة بأن تحظر وبالقانون تعاون أي جهة إسرائيلية مع المحكمة، مثل الحظر القائم في القانون الأمريكي، والإلغاء الفوري للتعاون “غير الرسمي” لرجال القانون في الدولة مع طواقم المدعية العامة ومنع كل أفعال المستشار القانوني للحكومة وغيره من رجال القانون الكبار الذين يتعاطون مع محكمة الجنايات الدولية كجسم قضائي (مثل رفع وثائق قانونية بشكل “غير رسمي” بل والتعاطي مع المحكمة في الموقع الرسمي لوزارة العدل). كما أن إسرائيل ملزمة بتعميق التعاون مع الولايات المتحدة التي فرضت العقوبات على طواقم محكمة الجنايات الدولية.

وحده الضغط السياسي الدولي يمكنه أن يمنع لوائح الاتهام ضد الإسرائيليين والمحاكم الميدانية. كل محاولة للتعاطي مع محكمة الجنايات الدولية كجسم قضائي تميد مجال المناورة لدى هذه المؤسسة غير الشرعية.

وفي مقابلة مع مجلة يسرائيل ديفينس حددت العميد احتياط والرقيبة العسكرية الرئيسة السابقة، وعضو حركة قادة من أجل أمن اسرائيل راحيل دولف القضايا التي يمكن أن تطال الكيان، وقالت إن "صناع القرار الإسرائيلي في كل مستوياته يجب أن يكونوا قلقين من قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي عقب إعلانها أن لها اختصاص التحقيق في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس... إعلان المحكمة الجنائية الدولية ظهر مثل رقصة شيطانية في وسائل الإعلام الإسرائيلية، لأن القرار يعنى بثلاث تحقيقات محتملة على المحك: أولها ممارسات الجيش الإسرائيلي في حرب غزة الأخيرة 2014، وثانيها سلوك إسرائيل في مواجهة التظاهرات على حدود غزة، وثالثها الموافقة على مشاريع البناء الاستيطاني في الضفة الغربية... سيظل سلوك الجيش الإسرائيلي وفقًا للقانون الدولي ملتزمًا به خلال العامين الأولين، لكن في سياق المستوطنات قد تكون إسرائيل في مأزق، وإذا حرص الجيش على أن تكون إجراءاته خلال حرب غزة ومسيراتها الحدودية متوافقة مع النظام القانوني الإسرائيلي، وتوفر مبدأ التكامل، فإنه في حالة المستوطنات ليس هذا هو الحال... ومبدأ التكامل لا ينطبق بالنسبة إلى لمستوطنات، لأن إسرائيل تدعي أن الوضع في الضفة الغربية تم الاتفاق عليه في إطار اتفاقيات أوسلو مع السلطة الفلسطينية، وبموجب هذه الاتفاقيات سيتم تحديد الحدود المستقبلية من خلال المفاوضات بينهما، لكن إقدام إسرائيل على تنفيذ خطة الضم الزاحف من خلال نقل المستوطنين إلى الضفة الغربية، استنادا لقوانين الاستيطان، والبناء في مستوطنة جفعات هاماتوس سيضر بها".

وأوضحت راحيل أن "محكمة العدل الدولية هي جنائية لمحاكمة الأفراد الذين نفذوا إجراءات تنتهك القانون، وفي هذه الحالة فإن صانعي القرار الإسرائيلي الذين وافقوا على إقامة مستوطنة في الضفة الغربية انتهكوا اتفاقية جنيف، وفي هذه الحالة يكون رئيس الوزراء أو ضباط الجيش الإسرائيلي أو قادة المستوطنين أو أي هيئة أخرى أصدرت تعليمات في هذا الصدد عرضة للمساءلة والملاحقة... قرار السماح لمحكمة العدل الدولية بالتحقيق في السلوكيات الإسرائيلية يعتبر قرارا سياسيا، وبدلا من الانتباه لما يحدث في سوريا أو إيران أو فنزويلا، التي تنتهك حقوق الإنسان، فإن المحكمة تعبث مع إسرائيل، إنه عمل سياسي مهما نظرت إليه، لذلك يجب على تل أبيب أن تستغل الوضع لفتح مفاوضات مع المحكمة، وأن يكون ذلك مقدمة لفتح مسار مستقل في تصرفات الحكومة الإسرائيلية تجاه المحكمة التي تأسست بعد مذابح الهولوكوست للتعامل مع جرائم الحرب التي شهدتها الحرب العالمية الثانية، وفي هذه الحالة سيكون من الصعب على إسرائيل انتقاد المحكمة، أما إذا أردنا في المستقبل أن يحقق أحدهم في جرائم الحرب، فلن يكون معنا الكثير من الأدوات المقنعة، لذلك يجب أن يكون النقد ضد تسييس المحكمة، وليس ضد جوهرها القانوني".

وقد شملت اجراءات الاحتلال لمواجهة  القرار سلسلة تدابير على المستوى العسكري، فقد أعلن جيش الاحتلال عن تعيين الجنرال إيتاي وياروف لقيادة طاقم لمواجهة قرار المحكمة. فيما أشارت المحللة العسكرية  الصهيونية ليلاخ شوفال في تقرير نشرته صحيفة إسرائيل اليوم إلى  أنه "بعد صدور قرار المحكمة، بدأت إسرائيل تتحرك على المستوى السياسي من خلال وزارة الخارجية التي شرعت في دراسة القرار، والخيارات المختلفة للرد، فيما استنفر الملحقون العسكريون للجيش الإسرائيلي في الخارج، إضافة إلى ممثلين آخرين عنه تم إطلاعهم على تأثير هذا التحرك عليهم، إن وجد، فيما تستعد وزارة القضاء لمواجهة القرار الدولي داخل حدود الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس". وقالت في تقريرها : "الجيش الإسرائيلي يقوم بإجراء استجواب عملي وقانوني من خلال تشكيل فريق برئاسة خبير في القانون الدولي، ومن المقرر أن يستعد للتعامل مع قرار المحكمة، ولدى الجيش بالفعل خطط طوارئ لمواجهة القرار".

فيما رأت معلقة الشؤون القانونية في التلفزيون الصهيوني الرسمي تمار ألموغ   في تقريره بثه موقع هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني-كان أن "سلاح الدفاع الأول ضد قرار محكمة لاهاي سيكون اللجوء للنظام القانوني الإسرائيلي، حتى ولو فتح تحقيق في المحكمة الجنائية الدولية، فإن نطاقه سيكون أضيق مما يطلبه الفلسطينيون، ما قد يقلل من احتمالات تدخل الهيئات الدولية، وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار".

وأشارت إلى أن "المحافل السياسية الإسرائيلية قدّرت أن يكون صدور القرار في الصيف، وإلا فإن الفرصة المواتية هي بعد تغيير الإدارة في الولايات المتحدة، وقبل اختيار المدعي العام الجديد لتولي منصبه في حزيران \يونيو المقبل، ومع ذلك فإن من المعتاد إعطاء إشعار مسبق، لكن ذلك لم يحصل، وإمكانية الشروع بتنفيذ قرار المحكمة يعني حدوث وقوع زلزال سياسي في إسرائيل، لأنه قرار غاضب للغاية، وتحيط به جوانب إشكالية من نواح كثيرة، ليس فقط داخل إسرائيل، بل ستتأثر به نشاطات المسؤولين الإسرائيليين طوال الفترة المقبلة، وحينها يمكن أن يكون الوضع أسوأ بالنسبة لهم".