• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23
news-details
تقارير

كيف علق باحثو مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي على العملية الروسية في أوكرانيا؟


الأزمة الأوكرانية خلقت شرخًا كبيرًا بين إسرائيل وروسيا، حيث اختارت إسرائيل أن تقف "مكرهة" في الخندق الأمريكي، فكيف علق الباحثون في مركز دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب على العملية الروسية في أوكرانيا؟

ما الذي يجعل زعيمًا محترمًا ينتقل للجانب المظلم من التاريخ؟

أودي ديكل، رئيس المركز، كتب "في الماضي، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه زعيم برغماتي وتكتيكي من الدرجة الأولى. اختيار بوتين السيطرة العسكرية على أوكرانيا تنبع من دافع أيديولوجي أكثر من كونه خطوة من التخطيط الاستراتيجي، الذي يدرس سلسلة الانعكاسات المقصودة وغير المقصودة.

في جميع الصور والعمليات الدبلوماسية التي سبقت الاجتياح العسكري لأوكرانيا، ظهر بوتين كـ (زعيم منعزل في القيادة الروسية)، حاول أن يظهر أنه لوحده يتخذ القرارات، وبلور وعيًا أمنيا تامًا في استخدام القوة بدفع أهدافه من الداخل والخارج، مستوحيًا نموذج الاتحاد السوفيتي بقيادة جوزيف ستالين. إنها ظاهرة متكررة في التاريخ أن يفقد الزعيم الذي يمكث على كرسي الحكم سنوات طويلة القدرة على التمييز بين تطلعاته الشخصية وبين احتياجات مواطنيه.

وفي منشور آخر، كتب ديكل "علينا أن نكون مستعدين لانعكاسات الوضع في أوكرانيا على منطقتنا، ولأن تعمل روسيا على تغيير قواعد اللعب على الساحة الشمالية والتقرب أكثر من إيران. الأمر الواضح هو انه في الشرق الأوسط يقدّرون من يستخدم القوة، بإفراط كبير، وليس الدبلوماسية، والعقوبات والتصريحات فارغة المحتوى العملية.

لذلك، على إسرائيل أن تظهر أنها لا ترتدع عن العمل في سوريا ضد التواجد الإيراني، إذ أن الإيرانيين عمليًا يستغلون الفرصة لتبعث إرساليات الأسلحة إلى سوريا في طريقها إلى لبنان. حتى بوتين سيحترمنا إذا لم نتردد ونظهر أننا لا نخشى العمل".

لاعب هامشي

من جانبه، كتب السفير الإسرائيلي السابق عوديد عران "يجب أن تنذكر أن إسرائيل هي لاعب هامشي لا يجب أن ينحاز. ربما يطلب منا في أوروبا والولايات المتحدة أن نخرج بتصريح أكثر وضوحًا وقطعًا باتجاه الغرب، لكن على إسرائيل ألا تتخذ خطًا واضحًا للغاية؛ فمنظومة الاعتبارات الإسرائيلية معقدة، ويجب أن تأخذ بالحسبان التواجد الروسي في المنطقة، وسيما في سوريا، كذلك العلاقة بين روسيا وإيران واليهود الروس.

وأضاف: "لا يوجد لدى الغرب رد عسكري على الوضع؛ وصرح بذلك علانية. كإسرائيليين، نعرف ان هناك أوضاع لا يُمكن فيها مواجهة تهديد دون رد عسكري، ومن المهم التأكيد على ذلك".

في ذات السياق، كتب الجنرال احتياط الداد سبيط "بالنسبة لإسرائيل، أعتقد بأنه ليس على إسرائيل أن تتنحى جانبًا. تاريخيًا، قيميًا وسياسيًا، لا يُمكننا أن نكون على الجانب غير الصحيح من التاريخ".

تحدٍ كبير

الباحث الكبير في المركز، العقيد احتياط آساف اوريون قال "حسب خطاب بوتين الذي بث هذا الصباح، يُمكن أن نفهم ان هدف العملية المعلن هو إخضاع الجيش الأوكراني واستبدال نظام الحكم فيها".

وأردف: "لدينا هنا تحدٍ كبير للغرب، وهو عدم النجاح في ثني روسيا عن الاجتياح من خلال التهديدات الاقتصادية. كما انه أيضًا تحدٍ للناتو وأمن أوروبا واقتصادها".

وتابع بالقول "المطلوب أيضًا الانتباه لما يجري في سوريا ولإمكانية أن السياسة الروسية هناك من شأنها أن تتغير إثر الحرب في أوكرانيا، وحدوث تغييرات على اعتباراتها في المنطقة".

بدورها، أشارت الباحثة كرميت فلنسي أن "هذا التصعيد يعتبر اختبارًا مهمًا للمحافظة على العلاقات بين إسرائيل وروسيا، وخصوصًا في ظل التدخل الروسي في سوريا. مصلحة إسرائيل المركزية (الابقاء على حرية التحركات الجوية في سوريا) يستوجب منها أن تنتهج سياسة حذرة جدًا تجاه موسكو. هكذا، يُمكن أن نشرح الإدانة الضعيفة من إسرائيل والقرار الذي سبقها بالامتناع عن بيع أوكرانيا بطاريات القبة الحديدية".

ثقة متآكلة

أشار أودي ديكل إلى أن "الدول السنية تتميز بهشاشتها، إنهم يفقدون الثقة (المتآكلة منذ وقت طويل) بأن بالإمكان الاعتماد على الولايات المتحدة".

أما يوئيل جوزنسكي فأوضح أن "حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يدرسون الاحداث في أوكرانيا، ويتخوفون من أنه في حال حدوث تهديدات مستقبلية لهم، فإن الولايات المتحدة لن تقف إلى جانبهم".

تركيا، إيران، سوريا، والصين

غالية لندن شتراوس ورامي دنيائيل أكدا على أن "الحرب في أوكرانيا تضع تركيا أمام وضع معقد. فمن جهة، تركيا تدعم الحفاظ على السيادة الجغرافية في أوكرانيا ويوجد بين البلدين علاقات أمنية مهمة؛ وعلى النقيض روسيا لديها روافع ضغط كبيرة عليها. روسيا هي واحدة من المزودين المركزيين لتركيا بالطاقة؛ بل إن تركيا تعتبر مستوردة كبيرة للقمح، سواء من روسيا أو من أوكرانيا. كذلك السياحة الروسية مهمة، كما ان الدور الروسي المركزي في سوريا هو عامل حاسم آخر".

وأضاف الباحثان "كون تركيا في الناتو يشكل قيودًا ثقيلة. أوكرانيا طلبت إغلاق المضائق بين البحر الأسود والبحر المتوسط أمام مرور السفن الحربية، ووفق ميثاق مونترو، وفي ظل الظروف الراهنة؛ تركيا بالفعل يجب أن تتخذ القرار.

وفيما يتعلق بتأثير الوضع على المحادثات النووية، قالت سيما شاين "حتى الآن، لم نر الروس يضعون العراقيل في المفاوضات مع إيران. وعليه، يبدو أنه ليس لروسيا مصلحة في أن تسمح لبايدن بتحقيق إنجاز على هيئة التوصل إلى اتفاق، لذلك فربما لدينا هنا ما هو مخفي عن العين ويحتمل كثيرًا أن نرى هنا عراقيل. تجدر الإشارة إلى أن الوضع أيضًا يمنح إيران حافزًا لاستغلال الوقت".

في ذات السياق، علقت كرميت فلنسي أنه "ما زال من المبكر أن نقرر كيف يبدو أن روسيا ستستغل جيدًا الرافعة السورية أمام إسرائيل؛ بل في وجه الولايات المتحدة لدفع سياستها في ساحة أكثر بعدًا مثل أوكرانيا".

آساف اوريون أوضح أن "الوضع في روسيا سيحدث الكثير من موجات الصدى في منطقتنا؛ من بين الكثير في كل ما يتعلق بأسعار الطاقة، كذلك موضوع الغذاء (على سبيل المثال الحبوب القادمة من أوكرانيا) ستؤثر على لبنان، ومصر، وعلى إسرائيل بعض الشيء أيضًا. الأهم من ذلك إهمال الولايات المتحدة المتزايد للشرق الأوسط وإيران وتهديداتها؛ والتي من المفترض أن تتشجع وتزيد من نشاطاتها.

وفيما يتعلق بالصين، ذكر عوديد عيران أن "الصين تمنح روسيا الدعم الاقتصادي. من المهم القول بأن العقوبات الغربية تمس بشراء النفط والغاز، ربما تكون الصين مستعدة لأن تشتري كل منتجات روسيا من الطاقة".

كيف ستنتهي العملية؟

من جهته، كتب الداد شبيط "هناك رواية تقول بأن بوتين هو الأقوى الآن وأن الغرب هو الضعيف، لكن يُمكن التشكيك في ذلك؛ بوتين انجر إلى هذه العملية، في الواقع حُشر في زاوية العملية العسكرية التي لا يعرف أحد كيف ستنتهي.

الغرب يتعاطى مع الوضع بطريقة غاية في الخطورة؛ ليست هذه خطوة صغيرة أخرى، هذه ليست القرم. لا يتوقف بوتين إلا إذا جثى الغرب على ركبتيه أو إذا فرض نظام حكم يكون لعبة في يده في أوكرانيا. بايدن ينظر إلى الحدث على أنه اختبار لقيادته".

الولايات المتحدة قالت مسبقًا بأنها لن ترسل قوات أمريكية إلى أوكرانيا، هي بالفعل تزيد من استعداداتها العسكرية في دول الناتو، والروس يفهمون انه إذا ما تدحرجت العملية إلى دول البلطيق فستتحول إلى حرب مباشرة في مواجهة الولايات المتحدة.