• اخر تحديث : 2024-03-28 03:17
news-details
ندوات وحلقات نقاش

حلقة نقاش: "مجازر آل سعود وأزمة النظام السعودي"..


مقدمة

نفذت السعودية أكبر عملية قتل جماعي في يوم واحد (السبت 12\3\2022) بحق 81 شخصًا من المحتجزين في سجونها، بينهم 73 سعوديًا و7 يمنيين وسوري؛ متجاوزةً بذلك إجمالي 67 عملية إعدام نفذتها العام الماضي 2021، وشملت 69 شخصًا.  

وقد أثارت هذه الجريمة الجديدة في سجل النظام السعودي العديد من التساؤلات:

- هل إن النظام السعودي استغلّ انشغال المجتمع الدولي والرأي العام العالمي بالحرب الروسية الأوكرانية، أم إن توقيت تنفيذ عمليات الإعدام بحق معارضين محض صدفة؟.

-  هل إنّ الجريمة تأكيد على استمرار التّحالف القائم بين النّظام والوهّابيّة الحاكمة التي تُصدّر الفكر التّكفيري، بخلاف ما ؟.

- هل إنّ ارتدادات الجريمة داخليًا وخارجيًا ستمهد لبداية نهاية النظام السعودي؟.

وهو ما ناقشته حلقة نقاش نظمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين بعنوان: "مجازر آل سعود وأزمة النظام".

أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

الزمان

نهار الخميس 17\3\2022

المكان

Zoom Meeting

مدة اللقاء

من العاشرة والنصف صباحًا لغاية الثانية عشرة ظهرًا

 

 

المشاركون السادة:

1

رئيس الرابطة د. محسن صالح

2

عضو الهيئة الإدارية للرابطة د. فؤاد إبراهيم

3

عضو الهيئة الإدارية في البحرين الأستاذ إبراهيم المدهون

 

 

 

ثانياً: مجريات اللقاء:

افتتح رئيس الرّابطة د. محسن صالح الحلقة بالترحيب بالمشاركين، ثم أشار إلى أن المجزرة السعودية الأخيرة التي ذهب ضحيتها حوالي 81 شهيدًا من المنطقة الشرقية، خاصة العوامية ومنطقة القطيف، وتحت ستار هذا الامر تبجحت السعودية وتحدثت عن "دواعش" وخارجين عن القانون وعن العقيدة وإرهاب والخ، ولكن اعتقد ان هذا ديدن النظام السعودي، فهم لم يخجلوا أيضا في تقطيع اوصال جمال الخاشقجي رغم كل الاحتجاجات الأميركية والبريطانية والاوروبية (إذا جاز التعبير) وما يسمى المجتمعات المدنية ومنظمة حقوق الانسان.

كلنا يعلم ان هذا النظام بني على ان يكون له وظيفة، وهذه الوظيفة هي الإرهاب وتشويه صورة الإسلام وإرهاب المسلمين والفلسطينيين وكل العرب، وبالتالي تقطيع اوصال الامة، فهؤلاء أدوات للانغلوساكسون (بريطانيا واميركا لاحقًا)، وهم أدوات أيضًا للصهيونية، وبالتالي ارتبط مصيره بمصير الكيان الصهيوني الغاصب الزائل، لذلك استمرار هذه الوهابية السعودية هو استمرار للمرض في جسد الامة، وهو يقوم بأبشع الاعمال منذ بدايات القرن التاسع عشر وصولًا الى بدايات القرن العشرين في العراق وفلسطين والمنطقة كلها.

السؤال الأساسي: هل انتهى دور هذا النظام ام أن هذا النظام لازال قويًا؟، هل باستطاعته أن يستمر؟، ما حال الامة إذا جاز التعبير أن هناك أمة عربية أو دول عربية أو شعوب عربية تستطيع أن تقف في وجه هذه الأنظمة لتلتحق بمحور المقاومة الذي ينتهج نهج الخلاص الوطني التحرري، وبالتالي هل هذا الامر ممكن؟، هل بدأ وال سعود بالتخلص من الوهابية أم أن الوهابية ـ خاصة بعد هذه المجزرة ـ لاتزال تتحكم بالعقل أو ما يسمى الفقه لديهم؟ وهذا أيضًا أداة من أجل تفرقة المسلمين.

هذا النظام هل هو فعليًا في ازمة؟ لطالما كانت هناك اعدامات ومشكلة مع أهالي المنطقة الشرقية، وبالتالي كان النظام يتعزز دوره دائمًا عند الأوروبيين والأميركيين ومستمر في علاقاته ضد قضايا الامة الأساسية، خاصة الوضع العربي في ما يتعلق بفلسطين والعراق وسوريا والبحرين ولبنان.

اعتقد أننا بحاجة الى مناقشة كيفية التضييق على هذا النظام ومحاربته، لأنه لم يبرز الى الواجهة لغاية الآن ما يمكن أن يؤثر على هذا النظام، لاسيما في الموضوع العربي.

كيف يمكن الالتقاء مع جماعات ومجموعات من أجل مواجهة هذه السلطة، لأننا في مرحلة تحول عالمي؟، كيف يمكن لمحور المقاومة أن يتعامل مع هذا النظام المستمر في غيه ومجازره وتأمره؟، ونرى ذلك في لبنان والعراق تحديدا وسوريا والبحرين، وهذا امر في غاية الخطورة، خاصة في البحرين ولا ننسى الموضوع اليمني.

السعودية خربت التاريخ العربي منذ قرنين ودورها تهديمي وأكثر من رجعي وأكثر من رأسمالي، وهي من داخل البيت تسحب الحجارة من الأساس بشكل تدريجي حتى تقيم صرحها.

هل إن اضعاف الكيان الصهيوني الغاصب سيؤدي الى اضعاف هذه المحميات؟ وبالتالي هل سيؤدي زوال الكيان المؤقت الى ازالتها؟، لأن الرابطة العضوية ما بين هذه الأنظمة وخاصة بعد التطبيع هو المسار التاريخي المقاوم الذي يمكن ان يؤدي الى زوال هذه الأنظمة وبنائها من جديد، فوجود هذه الأنظمة وهذا الكيان هو الذي يمنع إعادة بناء هذه الامة.

مداخلة د. فؤاد إبراهيم

حينما نؤسس نظريًا لهذا الموضوع اعتقد أن هناك اتفاق على أن العنف خاصية اصيلة في كل الدول، وأن الدول ما قامت الا على العنف، وبالتالي هناك علاقة حميمية بين العنف والدولة، وأن احتكار واستعمال العنف بحسب احدى الرؤى أصبحت محسومة، لذلك إذا كانت الحرب هي اقصى وأقسى صور العنف فإن كل الدول تقريبا نشأت على أساس حروب

هذه المقدمة صالحة لان تنطبق على الدولة السعودية منذ نشأتها، بل قبل نشأتها الرسمية حتى اليوم، فهذه الدولة ما قامت على أساس الحرب، والاستعمال المفرط للعنف، وليس على أساس توافق داخلي، أو عقد اجتماعي؛ لذلك حينما نؤصل لهذه الدولة والعهود السعودية منذ عبد العزيز حتى اليوم نجد أن العنف كان الوسيلة الوحيدة لفرض السلطة، وأن تبدل اللهجة في كل عهد لا يبدل الوسيلة؛ بل كان يحافظ عليها دائمًا، فمستوى العنف في عهد فيصل مثلًا الذي حكم في فترة ما بين 1964 الى 1975 كان عاليًا جدًا.

ربما كان عهد سلمان متميزًا عن بقية العهود، وكنا نقارن في لحظة ما بين عهد سلمان وعهد فيصل على مستوى وتيرة العنف ومستواه، ولكن سلمان تجاوز العهود السابقة وعهد فيصل بمراحل كبيرة، سواء على مستوى اعداد المعتقلين وانتماءاتهم الاجتماعية والأيديولوجية، او على مستوى اعداد الضحايا داخل السجون أو القتل في الشوارع أو الاعدامات.

إن تصاعد العنف في عهد سلمان كان لافتًا منذ البداية وهناك نقطة جديرة بالاهتمام والانتباه، ان غياب عبدالله في كانون الثاني/يناير العام 2015 احدث فراغًا قياديًا داخل الاسرة بسبب السياسات شبه الشعبوية التي قام بها عبدالله على مستوى الحوار الوطني الداخلي والتمكين النسبي للمرأة واجراء بعض الإصلاحات الشكلية في مجلس الشورى، فهو اول من أضاف وادخل المرأة في مجلس الشورى، وفي عهده جرت اول انتخابات لنصف أعضاء المجالس البلدية، وفي الواقع كان عهدًا متميزًا الى حد ما وأكثر ما يقوم به بن سلمان اليوم جرى التمهيد له في عهد عبدالله، لذلك كان الفراغ بحاجة الى عمل استثنائي لإعادة ضبط السلطة.

هذا النظام كان يعيش مرحلة انتقالية من عهد الى اخر فعاشت البلاد حالة ترقب في بداية عهد سلمان، فالأوامر الملكية التي صدرت قبل ان يدفن عبدالله في قبره بدأنا نشهد هذه التغيرات السريعة في تركيبة السلطة المتواصلة والمفاجأة، لم تتم بصورة هادئة بل كان يصاحبها اجراءات عنيفة في الكثير من المناطق.

وإذا كان العنف قد بدأ في عهد عبدالله ضد الشيعة خصوصًا في القطيف وبدرجة اقل في الاحساء على خلفية الحراك السلمي الذي تزايد بصورة غير مسبوقة في عهد سلمان، وهذا لا ينفي ان في عهد عبدالله لم يكن هناك ظاهرة العنف، بل هي في الواقع تأسست في عهده.

في العام 2008 نشأت المحكمة الجنائية الخاصة للنظر في قضايا الإرهاب وكان ذلك تصعيدًا لعنف الدولة وشرعنته ليكون مقبولًا عالميًا، والاعدامات على خلفية قضايا سياسية لصيقة بالنظام السعودي، ولكن اخذت شكلا جديدًا في عهد سلمان، حيث أصبح جماعيًا بعد ان كان فرديًا، وهذا تطور خطير جدًا، ففي كل العهود السابقة كان الإعدام جزءًا من ممارسة السلطة بصرف النظر عن الخلفيات جنائية او سياسية، لكن هذه الاعدامات كانت تجري في أيام متفرقة وموزعة على سنة كاملة، وفي قضايا جنائية قتل او الاتجار بالمخدرات وغيرها، ولكن ما يهمنا هنا هو الإعدام على خلفية سياسية الذي تميز به عهد سلمان حصرًا، حيث نفذ اول اعدام على خلفية سياسية مطلع العام 2016 بقطع رؤوس 47 شخصًا في قضايا الحراك الشعبي في الاحساء والقطيف، وكان من بينهم الشيخ المجاهد الشهيد نمر باقر النمر، وكانت تلك اكبر عملية اعدام جماعي منذ العام 1980 بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أسست تلك المجزرة لمرحلة جديدة في الاعدامات الجماعية على خلفية سياسية، ويمكن القول انها مؤشر بان النظام السعودي شعر بخطورة انفلات السلطة وقرر خوض معركة مع المجتمع لإعادة ضبط السلطة وفرضها.

وفي العام 2019 نفذ سلمان مجزرة أخرى بإعدام 36 شخصًا والأغلبية الساحقة منهم من الطائفة الشيعية، وعلى خلفية سياسية.

تصاعدت مستويات عنف الدولة خلال هذه السنوات بطريقة لافتة، وكان التلطي وراء غمامة الترفيه وخلف الأضواء كان التوحش والاجرام والدموية، هي سمات العالم الخفي الذي يديره بن سلمان عبر معتقلات يحتجز فيها الاف المعتقلين والناشطين وطالبي الحرية والعدالة وأنصار الإصلاح، وبعضهم خسر حياته داخل السجون.

المجزرة الأخيرة في 12 اذار الحالي هي أكبر عملية اعدام على خلفية سياسية بتاريخ السعودية على الاطلاق من بينهم 41 شخصا من الطائفة الشيعية.

الصدمة التي احدثتها المجزرة ليس بعدد الرؤوس التي قطعت فحسب، ولكن في وقت التنفيذ الذي جاء بعد تعهد بن سلمان بأن زمن الإعدام على خلفية سياسية قد ولى، وان الإعدام سوف يقتصر على القضايا الجنائية المرتبطة بالحق الخاص.

تصاعد وتيرة العنف في السعودية مرتبط في سياق ازمة النظام السياسي، وهذا ما أشار اليه محمد بن سلمان نفسه في مقابلة "ذا اتلنتيك"، حين قال حرفيًا: "لدينا التطرف اليساري والتطرف اليميني وإذا منحت العفو في مجال ما فإنك ستعفو حينها عن اشخاص سيئين وهذا الامر من شانه ان يعيد الأمور الى الوراء في السعودية".

ما يريد قوله بن سلمان ان من يشكلون مصدر تهديد للنظام السعودي لا طريقة أخرى للتعاطي معهم سوى العنف، وهذا يشي بعمق الازمة التي يعيشها النظام، لان النظام في لجوئه الى الخيار الأقصى في التعاطي مع قضايا عام سياسية او دينية او فكرية يعني انه لم يعد لديه من المرونة ما يكفي او الشعور بالثقة.

استمرار النظام في اعتماد هذا النمط وهذه الوسيلة في مواجهة المجتمع يعني أننا ندخل فصلًا جديدًا من العنف الذي يرتبط بالعلاقة المتوترة بين الدولة والمجتمع.

يريد محمد بن سلمان أن يؤسس لدولة للمرحلة المقبلة من خلال توجيه ضربة لكل الخصوم في الداخل، واعتقد أن استخدام العنف هو أحد الاستخدامات السياسية التي يراهن عليها بن سلمان من أجل تأمين وصول سلس أو على الأقل ضمان وصول امن للسلطة وللعرش.

لا اعتقد أننا سنشهد وقفًا للإعدام في هذا العهد؛ بل هناك ما يفيد بأن هذه الوتيرة ستتصاعد أو على الأقل ستستمر الى أمد غير محدود، لأنه طالما شعر بن سلمان بأن سلطته مهددة يعني أن العنف سوف يستمر، وهذه قاعدة يجب أن تبقى حاضرة في اذهاننا.

لا شك أن النظام السعودي يحظى بتأييد النظام الدولي الذي هو بقيادة اميركا وأوروبا، وبالتالي إذا كان هناك من جريمة سواء على مستوى الاعدامات او على مستوى انتهاك حقوق الانسان وعلى كل المستويات المتعلقة بالوضع الداخلي، اعتقد أن النظام الدولي بشراكة هذه الدول هو شريك كامل في أي جريمة تقع مرتبطة بحقوق الانسان في هذا البلد.

وهذه اللعبة التي يخوضها محمد بن سلمان لاستدراج الدعم الغربي عن طريق استغلال ورقة النفط أصبح واضحا، فعندما لم نسمع ادانة من إدارة بايدن إزاء جريمة الاعدامات في السعودية ولا من حكومة جونسون او من غيرهم، فهذا يدلل على وجود غطاء سواء في الصمت أو بمباركة العملية لهذه الجرائم، واعتقد أن النظام السعودي لم يقدم على هذه الجريمة الا بعد شعوره بالاطمئنان الى أن هناك غطاء بالصمت او المباركة.

إن الذي دفع بوريس جونسون لزيارة الرياض بدلًا من دعوة محمد بن سلمان الى بريطانيا هو إدراك جونسون بأن زيارة محمد بن سلمان الى لندن مكلفة لبريطانيا بدرجة أساسي لأنها لن تمر بهدوء، وهناك متربصون كثر في بريطانيا لأي محاولة لبن سلمان بزيارة المملكة المتحدة على مستوى الصحافة والمجتمع الأهلي والأحزاب السياسية، هناك غاضبون كثر في بريطانيا وفي انحاء العالم عمومًا على الجرائم التي ارتكبها ضد حقوق الانسان، بالتالي قرار جونسون بأن يزور الرياض هو جريمة بحق ذاتها لأنه يغطي جرائم محمد بن سلمان.

اعتقد أن محمد بن سلمان يريد أن يقول للعالم خصوصا الغربي بأنه الخيار الوحيد بالنسبة لهم، وهذا الخيار بمنزلة جريمة مجسدة. الورقة التي يحتفظ بها محمد بن سلمان لا يعني أنها ستبقى الى الابد، ولو أراد الغربيون الضغط على السعودية فودائعها كلها موجودة في المصارف الأميركية والاوروبية، ولو مارسوا العقوبة ضد هذا النظام بنسبة 10 في المئة لسقط هذا النظام خلال أسبوعين كما قال ترامب وكان واضحًا في ذلك.

النظام السعودية هو محمية غربية في الشرق الأوسط وفي منطقة الخليج ولايزال دولة وظيفية بالنسبة للولايات المتحدة، لذلك استخدام العنف بالنسبة لمحمد بن سلمان هو لتأكيد بأن هذا النظام يريد أن يستقر ويحتفظ بوحدته الداخلية حتى يتمكن من تلبية المتطلبات الأميركية في المنطقة.

مداخلة الأستاذ إبراهيم المدهون

لا بد من الرجوع الى أصل تأسيس هذه الدولة، ونحن نعلم أن البريطانيين هم الذين انشأوا الممالك والدول والامارات في الخليج، والبريطانيون جاؤوا بهذا النظام السعودي لخدمة أهداف الاستعمار البريطاني آنذاك، والقضاء على الدولة العثمانية، ثم إعطاء السعودية الدور الكبير حيث أن الحرمين الشريفين في هذه المنطقة اللذان يُداران من قبل المسلمين في بداية تكوين الدولة السعودية بعد سقوط الشريف حسين والحرمين الشريفين، ولايزال هذا البند ساريًا مع تقادم الزمن، لكن السعودية الغته بتقادم الزمن، والبريطانيون كانوا داعمين لهذه الأنظمة تمهيدًا لتحقيق وعد بلفور وقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، فلا بد من أدوات  وهي هذه الدول التي انشأتها بريطانيا، ولكن عندما انجلت بريطانيا وما سمي باستقلال هذه الدول لم تغادر بريطانيا، بل قامت بوضع هذه الأنظمة  لخدمة أهداف الاستعمار البريطاني آنذاك، وتحول بعد الحرب العالمية الثانية الى أمريكا، لذلك نعتقد جازمين بأن النظام السعودي هو صنيعة بريطانيا من اجل اهداف وهو نظام وظيفي، لذلك قام هذا النظام على الكثير من المجازر والشيعة الذين كان لهم الرصيد الأكبر من الجرائم الانتهاكات.

اقتطعت السعودية الكثير من دول الجوار ولديها مشاكل حدودية مع كل الدول، وحاولت هذه الدولة ضم البحرين اليها لكن فشل الامر نتيجة عدم رضا البريطانيين، وهناك مشاكل مع قطر والامارات وعمان واليمن التي ضمت السعودية اجزاء كبيرة من أراضيه، خصوصًا هذه الأراضي اليوم التي تدار رحى الحرب عليها، ومن هنا نعلم بأن تكوين هذه الدولة واعطاءها هذه الهالة الكبيرة للسيطرة على العرب والمسلمين.

لماذا لا يكون دور لهذه الدول؟ لأنه تم تمكين السعودية بحيث انها تسيطر على القرارات في كثير من الدول الخليجية نتيجة المال سواء بالمال او بالوسائل الأخرى كالجرائم التي ارتكبتها سواء في البحرين او في اليمن.

اليوم هذه الدول ومعظمها في محور اخر ليس محور المقاومة، اما الدول التي تنساق في المحور الأميركي فنتيجة الهالة والدور الذي اعطي للسعودية لا يمكن هذه الدول من ان تقف، ولكن اعتقد بعد وصول سلمان الى سدة الحكم أصبحت الدولة مترهلة وهي قريبة من الافول.

اللافت ان محور المقاومة أصبح يتعرض الى السعودية خصوصًا عندما غزت اليمن حيث رأينا هذا المحور يتكلم عن السعودية، وبدأت تتغير سمعة هذه الدولة لدى الكثير من الشعوب الموالية لها سابقًا.

هل اقبلت السعودية على الافول؟، انا أقول نعم، وهذه بعض النقاط:

- سرعة وتيرة التغيرات الجذرية التي حلت بالنظام السعودي، خصوصا ان هناك ازمة حقيقية داخل الاسرة الحاكمة، وهذا يضعف هذه الدولة.

- سرعة وتيرة التغيرات الجذرية التي حلت في نظام ال سعود تحدث على شقوقا عميقة في حيطان هذا النظام على المستوى الشعبي والثقافي والديني والأخلاقي والاقتصادي.

- نهاية النظام تتسارع بخطى حثيثة من حضورهم للأسباب التي ذكرناها.

- عجز في الموازنة والتي هي من أكبر المصدرين للنفط ولديها موارد الحج والعمرة ولكن مع ذلك هناك عجز في موازنة الدولة.

- فرض الضرائب على المواطنين وهذا مؤشر اخر يؤشر على ضعف هذا النظام.

- الغاء المساعدات المالية للعائلات والجنود والموظفين.

- تعليق مشاريع البنى التحتية الكبرى.

- العزلة السياسية على بن سلمان لان لديه هوس في اعتلاء العرش، ونرى اليوم العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية (وهي الداعم الرئيسي لهذه الدولة) والسعودية ليست على أحسن احوالها.

- تفكك الاسرى الداخلي واضح وجلي وهذا لا يمكن لاحد ان لا يراه.

- الخلاف بين السعودية وبين كل دول الخليج موجود ما عدا البحرين.

فيما يتعلق باستمرار التحالف بين الوهابية والنظام، اعتقد أن هذا النظام أنشئ على أساس التخطيط البريطاني الذي أتى بمحمد بن عبد الوهاب ليقود الجانب الديني، ولكن الجانب السياسي والديني متلازمين، وهما من عقيدة هذا النظام.

هناك شرخ كبير بين المؤسسة الدينية والمؤسسة السياسية، وهي تمهد لضعف هذا النظام، وربما سقوطه في القريب العاجل، وأيضًا اقدامه على الجرائم البشعة وغير المبررة، خصوصًا الجريمة الأخيرة، وعلى الرغم من انشغال العالم بالحرب الأوكرانية – الروسية الا أن هذه الجريمة لا يمكن أن تغيب، خصوصًا أن المعارضة في شبه الجزيرة العربية وفي دول الخليج والبحرين تولي هذه الجريمة النكراء الاهتمام، وهي من النقاط التي تضاف الى ضعف هذه الدولة وزوالها.

عودتنا الشعوب في الخليج والشعوب العربية على أنها لا تتحرك الا إذا وصل السكين الى عظم، واعتقد بأن السكين وصلت الى العظم؛ لذلك هناك تحركات كثيرة، والبحرين سباقة في هذه التحركات والمنطقة الشرقية أيضًا، ودفعت اثمانًا باهظة ولكنها تتحرك، ولا يوجد قاعدة شعبية لهذه الحكومات؛ ولذلك نراها اليوم تهرول نحو الشرق والغرب وإقامة علاقات مباشرة مع الكيان الصهيوني، وان كانت هذه العلاقات موجودة منذ النشأة الا أنها اليوم تتنامى على المستوى العلني الرسمي، ووصول ضباط لإدارة الامن في البحرين والامارات مؤشر خطير جدًا ويؤكد أن هناك فراق بين هذه الأنظمة وشعوبها.

لا اعتقد أن النظام السعودي يحظى بشعبية سواء من الشيعة أو حتى من السنة، ورأينا بعض الأصوات التي تم اخباؤها بالقوة، ولكن هذه الأصوات تبقى نار متوقدة وتؤدي الى اندلاع مظاهرات، ولكن المظاهرات في شبه الجزيرة العربية غير مسموحة وتلاقي قمعًا شديدًا، وهذا ما حصل في القطيف خصوصا في منطقة العوامية التي استبيحت.

إن الأنظمة الخليجية لا تحظى بقاعدة شعبية، فهناك سخط على سبيل المثال من الشعب في البحرين حتى من الموالاة نتيجة سياسات النظام وارتمائه في حضن الامارات والسعودية، واليوم في ظل إقامة علاقات لا يقبلها حتى المقربين من النظام، هذه الأنظمة تستقوي اليوم بالخارج وبقاؤها مرهون بدعم اميركا او الدول الغربية. وأرى أن الدول الخليجية غير قادرة على خدمة الوكلاء، لذلك عندما تضعف هذه الدول فإن محور مقاومة يقوى.

انكفاء الدور الأميركي في هذه المنطقة ليس بالشكل المتسارع، ولكن اليوم هناك مقاومة في العراق لإخراج الأميركي، وفي الخليج الشعوب لا تقبل بوجود قواعد أميركية تهدد أمن المنطقة، أو بوجود الكيان الصهيوني الذي يهدد أمن المنطقة، وعلى رأس أمن هذه المنطقة هي دول محور المقاومة التي تلتف حولها هذه الشعوب.