• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
تقارير

"فورين بوليسي": اقتصاد أوكرانيا يسير نحو الهاوية


تسعى أوكرانيا جاهدة للنهوض باقتصادها في خضم الحرب الروسية، والغرب لديه مصلحة حيوية في الحفاظ على استمرارية اقتصاد هذه الدولة في زمن الحرب.

في تقريره، نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، يقول الكاتب بارت زيوتشيك إن العنصر الذي غالبًا ما يتم تجاهله في تمكين أوكرانيا من الانتصار في صراعها ضد روسيا هو الحفاظ على استمرارية اقتصادها في زمن الحرب، ورغم أن عشرات الآلاف من الأوكرانيين يقاتلون على الجبهة بينما اضطر ملايين الأشخاص إلى الفرار، فإن البلاد لا تزال بحاجة إلى دعم حوالي 38 مليون مواطن بالطعام والوظائف، والحفاظ على مستقبل مستدام لبنيتها التحتية، وتمويل الخدمات العامة.

وأوضح الكاتب أن الاقتصاد الأوكراني يسير نحو الهاوية وبحاجة إلى مساعدة عاجلة، فقد منعت روسيا الموانئ الأوكرانية من تصدير البضائع، واستهدفت المصانع والبنية التحتية الأساسية بوابل من الصواريخ، وسرقت ما يقدر بنحو 400 ألف طن من الحبوب لنقلها إلى روسيا.

وقال إن حجم الانهيار الاقتصادي في أوكرانيا يعتبر هائلًا؛ حيث يتوقع البنك الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 45% هذا العام.

ويبين الكاتب أنه على مدار الأيام القليلة الماضية؛ بدأ الغرب في توفير شريان الحياة الاقتصادي الذي تشتد الحاجة إليه في أوكرانيا من خلال تحرير الإمدادات التجارية، إضافة إلى ضخ مليارات الدولارات للمعدات العسكرية ومساعدات اللاجئين ودعم الميزانية، ومثلما أصبح الغرب ترسانة للديمقراطية الأوكرانية، سيحتاج أيضا إلى تقديم الدعم المالي لأوكرانيا، كما زعم الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي أن الأوكرانيين بحاجة إلى هذا الدعم الضخم "حتى يتمكنوا من مواصلة هذه المعركة".

وضع اقتصادي مروع

يؤكد الكاتب أن الوضع الاقتصادي في أوكرانيا مروع، فقد تجاوزت خسائرها في البنية التحتية بالفعل 100 مليار دولار، وذلك وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.

وبناء على ذلك، قد تحتاج أوكرانيا إلى 600 مليار دولار لإعادة الإعمار بعد الحرب، وربما تحتاج إلى المزيد كلما طال أمد الحرب، كما أن الآفاق الاقتصادية طويلة الأجل لأوكرانيا مشروطة بنتائج الحرب، بما في ذلك مقدار أراضيها ومواردها التي ستسيطر عليها، ومستوى الاستقرار والأمن النسبي الذي يمكن تحقيقه بعد الحرب.

ويكشف الكاتب عن أن الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الأوروبية قدموا حوالي 18 مليار دولار في شكل منح وقروض لأوكرانيا بين عام 2014 وبدء الحرب الروسية الأخيرة في 24 فبراير/ شباط.

وخلال الفترة نفسها، التزمت الولايات المتحدة بتقديم مساعدات اقتصادية تقدر قيمتها بملياري دولار. وكان إجمالي المساعدات الاقتصادية التي تلقتها أوكرانيا خلال هذه الأعوام الثمانية يمثل عُشر ما خسرته البلاد بالفعل هذا العام وحده، ناهيك عن احتياجاتها طويلة الأجل، يضيف التقرير.

وبحسب الكاتب؛ يمتلك الغرب موارد كثيرة لتمويل الاقتصاد الأوكراني في زمن الحرب من خلال المنح والقروض والامتيازات التجارية؛ حيث إن النهوض بالاقتصاد الأوكراني يصب في مصلحة الغرب وخاصة أوروبا.

وفي الواقع -يقول الكاتب- لا يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى بناء حصن فعال ضد روسيا فحسب، لكنه يعتبر أيضا الشريك التجاري الرئيسي لأوكرانيا، بيد أن انهيار اقتصادها قد يؤدي إلى تدفق ملايين اللاجئين إلى أوروبا.

ويرى الكاتب أن صانعي السياسة الأوروبيين يدركون ذلك، ففي الأسبوع الماضي فتح كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا أسواقهما أمام الصادرات الأوكرانية من خلال إلغاء جميع الرسوم الجمركية، وكما أشار المفوض الأوروبي للتجارة فالديس دومبروفسكيس فإنه "لم يسبق للاتحاد الأوروبي أن قام بمثل هذه الإجراءات لتحرير التجارة".

ومع تجاوز إجمالي صادرات أوكرانيا إلى أوروبا عتبة 30 مليار دولار العام الماضي -يتابع الكاتب- يمكن حتى للزيادة الطفيفة أن توفر السيولة التي هي في أمس الحاجة إليها. وفي الوقت نفسه، يمكن للحكومة الأوكرانية تحديد السلع التي سيتم تصديرها وأيها ذات أولوية للاستهلاك المحلي.

ممرات آمنة

ويقول الكاتب إنه في ظل إغلاق الموانئ الأوكرانية من قبل البحرية الروسية، فإن الصادرات إلى الأسواق غير الأوروبية، مثل الحبوب، بحاجة إلى ممر آمن وسريع عبر أوروبا بواسطة ما يسمى الممرات الخضراء، منبها إلى أن الجزء الأصعب سيكمن في جمع قدر كبير من الأموال لتمويل الاقتصاد الأوكراني.

ويعتقد الكاتب أنه بمرور الوقت؛ ربما يمكن إقناع الصين بدعم الاقتصاد الأوكراني، بالنظر إلى قروضها واستثماراتها في البلاد وحصتها الأوسع في الحفاظ على شريان حياتها الاقتصادي والمالي إلى أوروبا والغرب.

ويشير الكاتب إلى أنه قبل الحرب؛ كان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد نسقا بالفعل مساعدتهما الاقتصادية والتقنية لأوكرانيا في مجموعة دعم أوكرانيا لمجموعة السبع، والتي ساعدت في إطلاقها في قمة مجموعة السبع 2015.

ومع ذلك، فإن هذه المجموعة متدنية المستوى وغير رسمية بالنسبة للمقياس الموسع كثيرا لما هو مطلوب، والتي تشمل فقط السفراء المحليين المقيمين في كييف الذين يجتمعون بشكل دوري لتبادل وجهات النظر وأفضل الممارسات. وفي الوقت الراهن؛ سيتعين على أي مجموعة أن تكون أكثر طموحا، وأن تقدم وتنسق الالتزامات المالية بعشرات المليارات من الدولارات.

ويشدد الكاتب على أن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية -الذي استثمر أكثر من 150 مليار دولار في جميع أنحاء أوروبا الوسطى والشرقية منذ تأسيسه في عام 1991- سيكون لاعبا رئيسيا في تحفيز هذه الجهود، مشيرا إلى أن البنك قام بالفعل بتسهيل الاستثمارات في أوكرانيا التي تتجاوز قيمتها 16 مليار دولار، وأعلن مؤخرا عن حزمة جديدة بقيمة ملياري دولار.

ويقول الكاتب إنه في الأسابيع المقبلة يجب أن تلتزم الاقتصادات الرائدة التي أعيد تنظيمها في مجموعة العشرين الجديدة بتعزيز المساعدة المقدمة لأوكرانيا وتنظيم مؤتمر أوسع للمانحين. وعلى المدى الطويل، يتعين على أوروبا أن تقود الانتعاش الاقتصادي في أوكرانيا.

ويضيف الكاتب أنه بعد أن أصبح الاستمرار الاقتصادي لأوكرانيا أمرا حاسما لنتيجة الحرب وأمن أوروبا نفسها، فسوف يتطلب الأمر استجابة جادة ومكثفة وسريعة لضمان الانتعاش النهائي لأوكرانيا.