• اخر تحديث : 2024-04-22 16:34
news-details
ندوات وحلقات نقاش

حلقة نقاش: "الانتخابات النيابية اللبنانية 2022: نتائج ودلالات".


انتهت الانتخابات النيابية اللبنانية 2022 وسط الكثير من الكلام والتحليلات  عن نتائجها ودلالاتها على مستوى إحداث التغيير في المشهد السياسي اللبناني، وتبدل موازين القوى والرهانات الإقليمية والدولية على الانتخابات في احداث هذا التغيير

وهو ما ناقشته حلقة نقاش نظمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين بمشاركة عدد من أعضائها بعنوان"الانتخابات النيابية اللبنانية 2022: نتائج ودلالات".

أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

الزمان

الاثنين 23\5\2022

المكان

منصّة Zoom Cloud Meeting

مدة اللقاء

الثانية عشرة  لغاية الواحدة والنصف ظهرًا

 

المشاركون

 

1

رئيس الرابطة د. محسن صالح 

2

عضو الرابطة د. أمين حطيط

3

عضو الرابطة د. عماد رزق

4

عضو الرابطة د. عادل يمين

5

عضو الرابطة الأستاذ علي ناصر الدين 

 

ثانياً: مجريات اللقاء:

 افتتح رئيس الرّابطة د. محسن صالح بالترحيب بالمشاركين، ثم قدّم لحلقة النقاش بالإشارة إلى أن الانتخابات النيابية في لبنان كانت موضع هندسات سياسية في لبنان والمنطقة، ووقال: كان للأميركي والسعودي الدور الفعال في محاولة قلب موازين القوى في الداخل اللبناني لانعكاس ذلك على مواضيع إقليمية.

تصريحات مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد شينكر كانت واضحة لجهة يأس الأميركي من الطبقة السياسية الجديدة خاصة الذين عملوا تحت إمرتهم لفترة طويلة، كما أشار دييفيد هيل الى أوهام سياسية كانت لدى الأميركي والسعودي، خاصة موضوع المقاومة والمراهنة على المستقلين كانت من باب الوهم الثالث.

لا بد من تهنئة حزب الله والتيار الوطني الحر والحلفاء على قدرتهم على الرد والاستجابة لكل التحديات التي حصلت ما قبل الانتخابات، وان كان هناك استحقاقات داهمة، من قبيل الخلافات او التباينات حول مواضيع لها علاقة برئاسة مجلس الوزراء وبالنسبة للحكومة والاستراتيجية الدفاعية ومستقبل حركة التشريع والتنفيذ في الدولة اللبنانية.

وردت الانتخابات على هذه الحرب وصمدت المقاومة وحلفائه تمامًا كما في عدوان تموز 2006 الذي دمر لبنان وبقيت المقاومة وبقيت البندقية وبقيت البيئة وبقي التحالف، ولم تستطع اميركا ولا العدو الصهيوني خلق شرق أوسط جديد، ولن تستطيع في هذه الحرب خلق لبنان كما تريد.

موضوع بناء الدولة وبالتالي مسألة النظام والحكم، هم لا يريدون ان تكون المقاومة وحلفاؤها فكيف سيسمحون لهم ببناء دولة، فهذا واحد من التحديدات التي نحاول في هذه المعركة ان نكون متوازيين مع الطرف المعادي والعدواني. هذا الصمود سيفرز شيئًا جديدًا في لبنان.

فعليا هناك تحديدات مستجدة، وربما توزّع هذه القوى واثبات فشل ما راهن عليه الأميركي والسعودي من خلال هذه الأموال التي دفعت، هذا سيوصل الى اسكات الخصم في مسائل كثيرة ولعلها في المسألة الاجتماعية والاقتصادية، هناك تحديات كبيرة بعد مجيء البرلمان الجديد أشار اليها سماحة السيد حسن نصرالله عندما قال "هناك تحديدات كبيرة امام لبنان في المرحلة القادمة"، فهل نذهب الى انتخابات جديدة؟ هل نذهب الى فراغ؟

في المنطقة هناك حالة من اللاتوازن بالقوة، وجاءت المقاومة وخلقت شكلًا من اشكال التوازن في بعض الحقول الحربية والعسكرية وحتى الإعلامية والدفاعية.

في المنطقة ككل وليس في لبنان فقط، ليس زمن بناء الدول، بل زمن بناء ثقافة بناء الذات من اجل الوصول الى بناء الدول وكيفية هذه الدول.  لبنان اليوم ليس لبنان العام 1943 ولا الطائف ولا الدوحة، بل إن لبنان في مرحلة جديدة يعيد صياغة نفسه ولكن في ظل وجود فريق يشكل عامل خطر بالنسبة لأمن لبنان ومضطرون للتصدي له، وليس هناك ما يوحي بأن الطرف الاخر يريد بناء دولة، والفريق الوطني الذي يريد بناء الدولة غير مسموح له بذلك.

مداخلة د. أمين حطيط

ما نناقشه اليوم هو موضوع هام يعتبر محطة رئيسية من محطات الصراع والمواجهة ليس في لبنان، انما في الإقليم برمته؛ فالانتخابات التي عنونت بأنها انتخابات نيابية، نحن ننظر اليها على حقيقتها وبشكل موضوعي بأنها في حقيقة الامر معركة في إطار حرب ولم تكن انتخابات عادية، هذه الانتخابات العادية تهدف من اجل وصول فئة منها (السياسيين) الى الحكم، ولكن هذه الفئة دائما تكون ضمن إطار وطني عام شامل تلتقي معه حول الكينونة والمصير والمسار مع الاخرين، لكن هذه الانتخابات لم تكن كذلك بل كانت تدور حول هوية لبنان وموقعه وحول دور لبنان في الصراع الإقليمي والصراع الدولي العام.

لذلك ليس غريبًا القول إن هذه الانتخابات هي جزء من حرب ومعركة في حرب، ولهذا السبب العناوين الأساسية التي توجهت اليها الأطراف التي شاركت في هذه الانتخابات سواء كانت الأدوات الداخلية او الأطراف الخارجية، عناوين ابعد بكثير من السياسة فكان شعارهم مثلا "الاحتلال الإيراني" وهو كلام محرف عن الحقيقية أو شعارهم عن سلاح المقاومة، أو التطبيع أو ما يخفى من مواقف كلها كانت ذات طبيعة استراتيجية تلامس السياسة لكنها تبتعد عنها في جوهرها، تلامس الإدارة والقانون ولكن تبتعد عنه في جوهره، لتصب في المسار الاستراتيجي العام. ولذلك نتوقف في هذه الانتخابات عند أسئلة ثلاثة:

1. ما الذي نتج عن هذه الانتخابات (طبيعة نتائج هذه الانتخابات)؟

2. وضع لبنان على ضوء هذه الانتخابات؟ وكيف سيكون في مسيرته بعد هذه الانتخابات؟

3. علاقة لبنان بالإقليم وبالمنظومة الداخلية بعد هذه الانتخابات؟

أبدأ بالسؤال الأول وأقول، فشلت هذه الانتخابات والاطراف المعادية للمقاومة التي تعمل ضد المشروع الاستراتيجي العام المعنون بعنوان: "شرق أوسط لأهله" في إعطاء الفريق المناهض للمقاومة الأغلبية الشعبية، ثانيًا الأغلبية النيابية، ثالثًا القدرة على تشكيل اغلبية ميثاقية، وبالتالي مهما قيل ومهما صرخ هؤلاء وأولئك من حيث النتائج العددية أو من حيث الكتلة الشعبية التي تؤيدهم، نستطيع القول إنهم لم يحققوا ما ابتغوه، وهذه النقطة سيكون لها انعكاس في السؤالين الثاني والثالث على موقف اميركا وتعاطيها مع نتائج هذه الانتخابات.

يخطئ من يظن أن اميركا مرتاحة لنتائج هذه الانتخابات وأن الأدوات الأميركية في الداخل مرتاحة لما حققت أو حصدت من نتائج هذه الانتخابات، لقد عولوا كثيرًا على هذه الانتخابات وشاؤها انتخابات مبكرة، ولكن تبين لهم أن هذه الانتخابات لم تأت بما يريدون؛ ولذلك نستطيع القول من ناحية النتائج إن هذه الانتخابات لم تعط الفريق المناهض للمقاومة السلطة والقدرة على تحقيق ما يريد.

وعلى ضوء ذلك، فإن المقاومة المستهدفة بشكل أساسي ودور لبنان مباشرة بعد هذه الانتخابات لن يكون كما تشاء اميركا أو كما رغب به أطراف اقليميون أو داخليون.

وفي ما يتعلق بالسؤال الثاني، فإن من جميل الصدف أن المقاومة وفريقها وحلفاءها لم يحصلوا على الأكثرية التي تمكنهم من الاستفراد بالحكم، وأن يكونوا أكثرية عددية يقابلها اقلية تعارض، ونقول هذا الكلام لأنه لو حازت المقاومة على الأكثرية وتحملت مسؤولية الحكم فإنها ستواجه الحرب الاقتصادية الظالمة التي تشنها اميركا منذ ثلاث سنوات، وهذه الحرب ستُفعّل أكثر فأكثر في الاشهر المقبلة، وبالصيغة التي ظهرت عليها نقول إن الفريق الاخر لا يملك الأكثرية والفريق المقاوم لا يملك أكثرية، والحكم مع وجود الاقليتين يفرض اللقاء الذي سيهدد القرار الأميركي بالحرب الاقتصادية، فاذا امتنع الفريق عن اللقاء كما يدعي فانه لا يملك الأكثرية، فخريطة مجلس النواب القائم حاليًا كتلة تؤيد المقاومة تصل الى 61 -62 وأخرى تعارض المقاومة تصل الى 37-39 وكتلة جديدة من عنوانين : المستقلين والمجتمع المدني، وهؤلاء في الحد الأدنى عند الخيار الاستراتيجي هناك من 8 الى 10 يؤيدون المقاومة، لذا لا يمكن لهذا المجلس عند الخيار الاستراتيجي اتخاذ قرار ضد المقاومة، لان الذين يحتضنون المقاومة كليًا أو استراتيجيًا يصل عددهم الى 70-72، وبالنسبة للفريق الاخر لا يستطيع أن يملك أكثرية نيابية عادية تتجاوز الأربعين، وبالتالي فإن قدراته على التحرك الدستوري معدومة؛ ولهذا السبب لن يتصدى هذا الفريق لمسألة الحكم منفردًا والفريق الاخر أيضًا لا يمكنه أن يحكم منفردًا.

 نحن أمام خيارين: إما اللقاء وعند ذلك يعطل على اميركا سلاحها في الحرب الاقتصادي، وإما الخلاف أي الشلل الكامل؛ وعند ذلك يتحمل الجميع المسؤولية، ويسحب من الفريق الاخر ورقة التعطيل والعجز والفعل ويستفيد بذلك حزب الله والتيار الوطني الحر بشكل أساسي المتهمون بالتعطيل والسكوت على الفساد، فإما يتحمل الجميع المسؤولية، وإما تعطيل لا ينفرد في تحمل المسؤولية فريق واحد.

بالنسبة للعلاقة والملفات الاستراتيجية الإقليمية، سيعطل الوضع الذي نحن فيه على لبنان اتخاذ مواقف مع هذا او ذاك الفريق إقليميًا، وسيحفظ بالأمر الواقع للقوى المشاركة في الإقليم بدورها وهذا يناسب المقاومة وحلفاءها، فلا يستطيع أحد اخذ قرار استراتيجي لمصلحة العلاقة مع سوريا، ولكن سيجد الأطراف الاخرون أن علاقتهم بسوريا ممر اجباري للاستنهاض الاقتصادي، وحل مسألة النازحين.

 لهذا نرى الوضع الذي نحن فيه أنه لمصلحة المقاومة وحلفائها أيضًا في العلاقات الإقليمية، وهذا سيعطل على دول الخليج الاقتدار في الحرب الاقتصادية وعزل لبنان، لانهم يدعون بأنهم حققوا نتائج؛ فهل يعرقلون انفسهم وهم منتصرون! وتسحب من يدهم هذه الورقة أيضا.

وعلى هذا الأساس نقول: في العلاقة مع سوريا ستكون في جزء منها واقعية، ولن تكون هناك إمكانية لاتخاذ قرارات استراتيجية تعادي سوريا، وفي العلاقة مع الخليج ستُسحب من يد دول الخليج أوراق هامة كانوا يحاصرون بها لبنان، وأيضًا في العلاقة مع اميركا التي ادارت اللعبة ووصلت الى هذه النتيجة وهي التي عجزت.

 يبقى أمر واحد يجب أن نلتفت اليه هو أن أخطر ما سنواجه في الأيام المقبلة ليس الانهيار بسعر الدولار ولا مسألة الاقتصاد فحسب، ولا العلاقات بين الأطراف الداخلية، وانما الوضع الأمني، لأن الشخص المكلف بقيادة هذه الحرب لم يحقق ما يبتغون؛ ولذلك قد يلجا الى الموضوع الأمني وهو اختصاصه في هذا الموضوع، وأنموذج الطيونة ينبغي أن يكون في الاذهان ويمكن أن يستعاد.

لذلك نوصي مع هذا الوضع بما يلي:

أولًا. مغادرة التواضع ومغادرة التحدي، عدم التواضع بما يغري الاخر وعدم الاستفزاز والتحدي بما يبرر للأخر فعله.

ثانيًا. الانتباه الى أن الاخر فقد أسلحته برمتها تحت العنوان السياسي لذلك بقي سلاحه الأمني.

ثالثًا. نستطيع أن نتحرك بشكل مرن ولين لمساكنة مع جزء كبير من قوى المجتمع المدني والمستقلين، فهم عددهم 28 ونحن باستطاعتنا ضم 12 منهم.

رابعًا. حذاري التصدي للحكم منفردين، لأن ما يريدونه هو البقاء على رأس التل، وأن يرتاحوا ويستفيدون من الواقع، وبالتالي إما الحكم شراكة وإما الجمود وهم يتحملون المسؤولية، وينبغي أن تكون مسالة الامن في البال والذهن لحظة بلحظة وكل وقت يمكن قد ينذر باحتكاك أو انفجار.

أود ذكر قاعدة نلتزمها دائمًا على المستوى الاستراتيجي وفي قوانين الاستطلاعات العسكرية التي تعرف النصر المستقر، وتقول القاعدة: "إن النصر الدائم أو المستمر هو أن تصنع لخصمك هزيمة يستطيع أن يتقبلها"، وما حصل أننا صنعنا لخصمنا هزيمة جعلته يظن نفسه منتصرًا وهذا اهم أنواع الانتصارات، وعند ذلك يتخفف عنك في الهجوم. هناك اقلية كبرى قابلة لتصبح 70 في أي لحظة، ففي أي لحظة يحصل ضغط شعبي وجماهيري هناك كتل جاهزة للالتحاق بك.

في حين أن سمير جعجع لا يستطيع أن يقود أكثر من 26 نائبًا وهذا الحد الأقصى، والباقون جميعهم على خلاف معه، أما فريقنا السياسي فإنه يملك القدرة انطلاقًا من 61 نائبا وأن يضيف 9 نواب فيصبح 70 نائبًا.

هل لا نريد أكثرية؟، الجواب هو لا، ولكن تحتاج في بعض المناطق الزمنية لتظهر اقل من حجمك الطبيعي حتى يكون الخصم مستهدفك بأقل من قدراته.

قوى 14 اذار لا تمتلك لا اغلبية حاضرة ولا اغلبية مقنعة، بينما فريقنا السياسي ليس في موقع الأغلبية الجاهزة انما لدينا القدرة على الأغلبية المقنعة.

هناك نظامان للحياة: نظام للحرب ونظام للسلم، نظام الحرب هدفه دائما حفظ الوجود واقامة الردع، ونظام السلم هدفه الارتقاء والتنمية والنمو والبناء، ونحن في هذه الانتخابات صحيح أن حزب الله رفع شعار "نحمي ونبني"، ولكن الحقيقة أن معركته كانت نحمي الوجود، ونبني فتكون في مرحلة أخرى، والنظام الذي ينبغي أن نتمسك به بعد هذه الانتخابات هو نظام حماية الوجود، لان الفريق لو انتصر وحصل على 65 نائب لكانوا شكلوا حكومة وإعادة انتاج لحكومة فؤاد السنيورة، ويأخذوننا الى نقطة يهددون بها وجودنا، واليوم أهمية ما حصل أننا ربحنا معركة الوجود، وربحنا معركة التحدي ومعركة الردع واثبتنا قدرتنا.

الأميركي كونه براغماتي سوف ينظر الى خطة بومبيو التي أطلقها في اذار 2019 انها فاشلة، وهذه أهمية كبرى لما حصل، واعتقد أننا بعد انتصارنا بمعركة الوجود ينبغي أن نلتقط الأنفاس ورص صفوفنا الداخلية وننطلق الى معركة البناء.

مداخلة د. عماد رزق

في المشهدية السياسية نقرأ انعكاسات ايجابية لتصويت المغتربين اللبنانيين، وأن الانتخابات اقفلت صفحة ما بدأ في 17 تشرين تحت عنوان " ثورة"، وأنه من غير الصحيح القول بأن حلفاء سورية خارج المجلس النيابي والجميع يدرك ان الكثير مع خط المقاوم. لقد فشلت قوى التغيير في رسم سياسة مستقلة عن الكتل الحزبية الكبرى في لبنان، كما أن تقدم جعجع الانتخابي لن يخوله التأثير في عملية التكليف والتشكيل والصياغة بمعنى أنه لن يستطيع ان ينقله الى التوظيف.

وفي القراءة أيضًا تؤكد النتائج أن العدد لم يعد اساس المعادلة في ظل التغييرات الدولية وانعكاساتها على الإقليم. لكن اشكالية العلاقة بين حركة امل والتيار الوطني الحر مستمرة. الانتخابات كانت فرصة لالتقاط الانفاس بعد الهجوم المركز على التيار الوطني الحر، فالتيار استطاع العبور للمرحلة المقبلة بأقل الاضرار والوزير جبران باسيل ثبّت زعامته في الحزب والشارع المسيحي.

ما بعد انتخاب رئيس مجلس سوف تنتقل الازمة على تثبيت زعامة حركة امل وتنظيم العلاقة مع حزب الله والاتجاهات تتحدث عن مرحلة تشبه انحدار الكتلة الشعبية لحزب الكتائب باتجاه قوى اقوى.

الانتخابات النيابية 2022 اسست لمرحلة العقود القادمة بخروج رموز مرحلة التغييرات الاقليمية التي بدأت منذ العام 2011 في المنطقة وبدأت طلائعها بالتشكل الحسي والملموس في لبنان.

ما بعد الانتخابات سوف تتطور العلاقة بين القوى التغييرية والحزبين الاقوى (التيار الوطني الحر وحزب الله) في البعد الوطني والمطلوب من القوى ضبط اي خطاب طائفي يغذي القوى المتطرفة وتشجيع مزيد من الانفتاح داخل بيئته عبر تعزيز الحضور المسيحي في قرى الاطراف لمصلحة التيار الوطني ومشاريع التنمية المشتركة مع التخفيف من الخطاب والمفردات العسكرية والتحريضية وبخاصة المرتبطة بفكرة الخوف، لأنها تنعكس سلبًا.

في المشهد التكتيكي وبعد خروج سعد الحريري وتفكك كتلته يمكن الإشارة إلى الآتي:

- اتخذ بهاء الحريري قراراً بوقف كل السياسي في لبنان بعد نتائج الانتخابات المخيبة

- انخفاض معدلّ الأعمار في البرلمان اللبنانيّ الجديد؛ فمعدّل الأعمار في البرلمان الجديد من 58 عاماً إلى 52 عاماً، وأكبر النواب المنتخبين سناً هو الرئيس نبيه بري وعمره 84 عاماً، وأصغرهم هو ميشال الياس المر ذو الـ 28 عاماً

ويمكن قراءة تحديات المرحلة المقبلة على الشكل التالي:

1ـ فرنسا مكلفة بكبح الغضب الشعبي وحماية لبنان من الفشل السياسي في ظل الازمة الاقتصادية المستعصية، وبالتالي منع لبنان من الزوال لذلك فإن ادارة المرحلة سوف تكون بالنقاط التالية:

- فصل المسار السياسي الاقليمي عن الملف الاجتماعي والمالي.

- فصل مسار الازمة في لبنان عن مسارات التفاوض الاقليمية لان تعقيدات المشهد الاقليمي مستمرة وسوف تنعكس على مسار التقدم السياسي والاقتصادي سلباً او ايجاباً بشكل حساس في الاشهر القادمة.

2- التحديات التي ستواجه حكومة تصريف الاعمال ستكون كثيرة:

-لا تستطيع اتخاذ القرارات

-لا تستطيع ان تعقد الاجتماعات مع صندوق النقد

-لا تستطيع الضغط على المجلس النيابي لتسريع المشاريع والقوانين وغيرها

- التحدي الاساس هو تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن وعدم انتظار موعد الاستحقاق الرئاسي والبقاء على حكومة تصريف الاعمال

- تحدٍّ آخر يتعلق بدور المجلس النيابي الجديد وكيف سيتحرك هذا المجلس.

- ستضطر الدولة الى استيفاء الأسعار شبه الحقيقية لهذه الخدمات ما قد يؤشر إلى قدرة المواطن الشرائية التي سوف تتراجع بشكل حاد جدًا.

مداخلة د. عادل يمين

نحن امام مشهد جديد في الانتخابات النيابية التي حصلت يستحق التقييم الهادئ ويمكن قراءته من أكثر من زاوية:          

- المخاوف من أن ينعكس التشنج ما بين الحلفاء في الخط الوطني نكسات وهو ما حصل في الانتخابات جزئيًا، ولولا هذا التشنج وهذا الإخفاق ببعض الملفات لكانت النتائج على مستوى الأرقام أفضل.

- هناك تراجع في الأرقام حصل خصوصًا في الشارع المسيحي والتيار الوطني الحر انجز صمودًا اسطوريًا بعد حرب شعواء شنت عليه من بداية العهد، وكان اوجها ابتداءًا من 17 تشرين، استعملت فيها كل أسلحة الدمار الشامل بالمعنى السياسي من مال وتشويه سمعة واغتيال سياسي ومحاولة عزل سياسي وحملات إعلامية مكثفة، ومن حصار في الإدارات والوزرات وشلل في الحكم وتعطيل للعهد بجوانب كبيرة.

وعلى الرغم من ذلك نجا التيار،  ولكن هذا لا يلغي حصول تراجع في الأرقام وإن كان  ما حققه التيار الوطني الحر في ظل الحملة التي حصلت انتصارًا كبيرًا، وربما أي حزب غيره بالإمكانات التي يملكها لما استطاع بسهولة الصمود،  حزب الله أيضًا صمد صمودًا اسطوريًا ولكن بإمكانات أكبر.

هذا الانتصار المزدوج لحزب الله والتيار الوطني الحر لا يلغي حقائق حصلت انعكست سلبًا على الخط عمومًا وعلى العهد والتيار الوطني الحر، وحمّل التيار بالإعلام ظلمًا مسؤولية ما حصل، وهذا أدى الى انتقال جزء من الناخبين من ضفة التيار الوطني الحر الى ضفاف أخرى، عدا عن المال السياسي الذي شهدته الانتخابات بشكل كبير، كما انعكس تراجعًا في الكتلة الوطنية (كتلة الفريق الوطني).

وأود طرح عددًا من الأسئلة: هل كنا نسعى لنيل الأغلبية وأخفقنا أم أننا سعينا لأقلية كبرى؟ ، ماذا على مستوى موضوع بناء الدولة ومواجهة التحديات الاقتصادية؟، وماذا عن تقديم نموذج لسياسات حوكمة رشيدة واصلاح اقتصادي واجتماعي وسياسي وبناء بنى تحتية وخدمات صحيحة؟، ماذا عن مصير البلد ومصير الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي في ظل تبعثر الكتل في البرلمان وغياب قاطرة قادرة على قيادة القرار في البرلمان؟، ماذا عن تسمية رئيس حكومة مكلف وتأليف حكومة؟ وماذا عن انتخاب رئيس جمهورية؟ وماذا عن الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي؟.

ومع عدم نيل الفريق الوطني الأغلبية فإنهم لن يوقفوا الضغط الا إذا حصلوا على المطالب التي يريدونها من لبنان وهي متنوعة، بدءًا من سلاح المقاومة، وترسيم الحدود كما يرغبون، وتوطين الفلسطينيين والتطبيع وربما توطين اللاجئين السوريين للي ذراع لبنان.

كنت أتمنى أن ينال الفريق الوطني الأكثرية ومن موقع الأكثرية يستطيع أن يفاوض ويقوم بشراكة مع الجميع وحكومة وحدة وطنية مع الجميع ومن لا يرضى فليتحمل المسؤولية.

فهل نحن غير جديرين بالحكم الا معهم؟ نحن نريدهم، ولكن إذا لم يرضوا بالمشاركة معنا فماذا نفعل؟، من هنا يجب أن يكون لدينا خطط بديلة، وثقة بأنفسنا على الرغم من الحصار وتحويله بقدرتنا الى فرص للتقدم والنهوض. يجب أن تؤخذ العبر مما حصل ،فهناك أخطاء تكتيكية واستراتيجية في الصف الواحد، فهناك للأسف موضوع الانانيات والحزازيات الحزبية والشخصانية، وللأسف كل الهجمة العالمية والإقليمية على الفريق الوطني لم تستطع ان تلغي بعض الحزازيات والحساسيات الصغيرة.

إن الأغلبية لاتزال موجودة ولكنها ليست مطلقة وهي اغلبية نسبية بيد الفريق الوطني، وأتمنى أربع نقاط:

1. وقف التجريح والتفتيت والانقسام داخل الفريق الوطني.

2.ان لم يكن هناك برنامج مشترك في الاقتصاد والاجتماع فما أهمية اغلبية الـ 61.

3. لا بد من وضع خطة للتعامل مع الأغلبية القائمة.

4. لا بد من وضع خطة للاحتمالات كافة، فاذا كانت الكتل الأخرى ستتعاون مع الفريق الوطني فماذا نفعل، وإذا كانت لا تريد التعاون أيضا ماذا نفعل.

اللعب على حافة الهاوية بمسألة الأكثرية مسألة خطرة، خصوصًا في ظل الاغراءات الدولية والإقليمية والمالية والخوف من العقوبات، فبقدر خطورة مسألة انتقال الأغلبية الى ضفة أخرى، بقدر خطورة اللعب على حافة الأغلبية. صحيح ان هناك مسألة وجود، ولكن لماذا نكتفي بما يحدده لنا خصومنا بالنضال من اجل البقاء، ولكن لا نريد ان نكتفي بهذا الامر، بل نود النضال للبقاء وبناء الدولة.

مداخلة الأستاذ علي ناصر الدين

جرى الترويج قبل الانتخابات بأن نسبة الاقتراع ستكون متدنية، ولكن بعد التدقيق تبين من خلال الأرقام بأن نسبة الاقتراع زادت بنسبة واحد في المئة، وأن نسبة الاقتراع عند الطائفة السنية انخفضت ثلاثة  في المئة، اما عند باقي الطوائف فقد ارتفعت، وبالمعدل العام زادت نسبة الاقتراع من 48.6 في المئة الى 49.2 في المئة ، وبالطبع بنسب متفاوتة بين الدوائر، فهناك دوائر زادت فيها نسبة الاقتراع وأخرى انخفضت خصوصًا الدوائر ذات الاغلبية السنية، وهذا انعكاس لانسحاب الرئيس سعد الحريري من العملية الانتخابية، ونسبة اقتراع المغتربين واحدة من الأسباب التي ادت الى ارتفاع نسبة الاقتراع.

والكتل الواضحة هي كتلة القوات اللبنانية (19 نائب) وكتلة اللقاء الديمقراطي (9 نواب).

وبالنسبة للأحجام الشعبية، فقد اثبت التيار الوطني الحر لا يزال موجود على الساحة المسيحية على الرغم من كل الهجوم الذي تعرض له من 17 تشرين وتحميله مسؤولية كل الانهيار الحاصل، وحصول فريق الثنائي الوطني حركة امل وحزب الله على ما يقارب 600 ألف صوت ضمن البيئة الشيعية، فقد أفرزت أقلام الاقتراع ضمن هذه البيئة ما بين 90 الى 95 في المئة من المقترعين من الشيعة صوتوا للثنائي في الدوائر التي فيها مرشحين شيعية، وفي الدوائر التي لا يوجد فيها مرشحين شيعة لامست 90 الى 95 في المئة للحلفاء، وهنا نرى مدى الالتزام لدى هذه الطائفة بالثنائي والحلفاء. وتبين الأرقام أن الأغلبية الساحقة في المجتمع اللبناني هي مع خيار المقاومة.

على الرغم من كل ما حدث فإن الفريق الوطني كان قادرًا على الوصول الى حوالي السبعين مقعدا، ولكن الحملة على محور المقاومة أدت الى انخفاض الاقتراع لهذا المحور وتحديدًا ضمن البيئة المسيحية، والدعم المالي الدولي لفريق فلول 14 اذار والـ NGO’s.

وفي ما يتعلق بالأسباب الداخلية، فقد كان هناك ضعف في تشكيل اللوائح والتحالفات، ففي دائرة جزين- صيدا فإن عدم تحالف حركة امل والتيار الوطني الحر خسر الفريقين مقعدين بالحد الأدنى، وفي بعض الأماكن كان هناك عدم اختيار الشخصية المناسبة او اختيار شخصيات غير مرغوب فيها شعبيًا كالمرشح الدرزي في دائرة مرجعيون – حاصبيا مروان خير الدين الذي كان عليه نقمة كونه رئيس مجلس إدارة في أحد المصارف، بالإضافة إلى  ضعف وخلل في بعض الماكينات الانتخابية للحلفاء الذي أدى الى خسارة بعض المقاعد منها مقعدين في الشوف وعاليه، ودائرة بعبدا ودائرة البقاع الغربي – راشيا، ودائرة الشمال الثانية؛ ففي هذه الدوائر الثلاثة مجموع 800 صوت فقط كان سيعطينا ثلاث مقاعد، بالإضافة الى دائرة الجنوب الثالثة بـ 200 صوت كنا حصلنا على مقعد، في المحصلة 1000 صوت كان سيعطينا 7 مقاعد.

هل الخير في ما وقع؟، بتقديري نعم، لأنه لا غالبية 14 اذار ولا غالبية قوى 8 اذار استطاعت أن تحكم، واي فريق سيحكم لوحده سيتحمل مسؤولية الفشل والانهيار، ونحن ذاهبون الى انهيار اكبر لأنه لا يوجد رؤية اقتصادية واجتماعية واضحة للفريق الوطني.