تقليديا تتمتع إسرائيل بدعم واسع من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ولم تكن نصرتها أو اتخاذ مواقف مؤيدة لها في المحافل الدولية عنصر خلاف بين مرشحي الحزبين للانتخابات الرئاسية على مر العقود الماضية.
ومع ضمان دعم الحزبين لإسرائيل، انتقل اليهود الأميركيون للتركيز على قضايا داخلية تهمهم في تحديد هوية المرشح الذي ينال أغلبية أصواتهم.
عادة يصوت أغلب اليهود الأميركيين لصالح الحزب الديمقراطي ومرشحه للبيت الأبيض، ويعود ذلك بالأساس لمواقفهم الليبرالية من القضايا الداخلية مثل الإجهاض أو حق حمل السلاح أو الرعاية الصحية وحقوق المثليين.
ومع أن ترامب يعد أكثر الرؤساء الأميركيين انحيازا لإسرائيل، تبين كل المؤشرات أن أغلبية اليهود الأميركيين سيصوتون لصالح منافسه الديمقراطي جو بايدن.
وطبقا لتلك الاستطلاعات فإن ترامب، ورغم تطرفه في دعم إسرائيل، كما ظهر في صفقته لسلام الشرق الأوسط والتي تم على أثرها قطع العلاقات والدعم المالي عن الفلسطينيين، ونقل سفارة بلاده للقدس المحتلة، والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان ودعم التطبيع الخليجي الإسرائيلي، فإن ذلك لم يغير من نمط تصويت اليهود الأميركيين.
وفي المقابل عبر بايدن عن رفضه لطريقة تعامل ترامب في الصراع العربي الإسرائيلي، وعبر عن معارضته "لأي خطوات أحادية الجانب -بما في ذلك ضم أجزاء من الضفة الغربية الذي يقوّض أفق حل الدولتين، وأكد أن الديمقراطيين سيواصلون الوقوف ضد التحريض والإرهاب، ومعارضة التوسع الاستيطاني، وعلى أن تكون القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، لارتباطها بترتيبات الوضع النهائي للمفاوضات، على أن تبقى متاحة لأتباع كل الأديان".
وسيعيد الديمقراطيون العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والفلسطينيين، وإعادة المساعدات إلى الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة بما يتفق مع القانون الأميركي، كما أشار البرنامج.
الصوت اليهودي في ولايات متأرجحة
يُعرف عن اليهود الأميركيين كثافة مشاركتهم السياسية سواء من خلال التصويت أو الحرص على شغل العديد من المناصب السياسية والقضائية والتشريعية.
ويبلغ عدد اليهود الأميركيين 6.3 ملايين شخص بما نسبته 1.9% من إجمالي الأميركيين، إلا أنهم يملكون 36 من أعضاء الكونغرس (بنسبة 7%) و9 من أعضاء مجلس الشيوخ المئة، وكلهم يتبعون الحزب الديمقراطي، و27 نائبا بمجلس النواب، 25 منهم ديمقراطيون، وعضوان فقط ينتمون للحزب الجمهوري.
وينتشر اليهود الأميركيون في كل الولايات الخمسين، ولا تتعدى نسبتهم 1% من سكان الولاية إلا في حالات نادرة.
ويبلغ عدد سكان ولاية نيويورك اليهود 7% من أجمالي سكانها، ويمثلون 6% من سكان ولاية نيوجيرسي المجاورة، كما تبلغ نسبتهم 3% من ولاية ميريلاند المجاورة للعاصمة واشنطن.
ولا تعد تلك الولايات الثلاث متأرجحة، إذ إنها مضمونة التصويت للديمقراطيين، من هنا لا يقضي أي من المرشحين وقته في المشاركة بفعاليات انتخابية بها، وليس لأصوات اليهود أهمية في هذه الولايات.
يهود ديمقراطيون من أجل بايدن
يعد المجلس الديمقراطي اليهودي الأميركي، أهم مؤسسة يهودية قريبة من الحزب الديمقراطي. ويهدف إلى تعزيز السياسة التي تتماشى مع القيم التقدمية الاجتماعية والمؤيدة لإسرائيل والمجتمع اليهودي بالولايات المتحدة.
ويشجع هذا المجلس الناخبين اليهود للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ويقوده مجموعة من زعماء الجالية اليهودية من جميع أنحاء الولايات المتحدة.
كما يعمل عن قرب مع حملة بايدن، وعقد هذا المجلس مؤخرا فعاليات في ولايات متأرجحة مثل بنسلفانيا وفلوريدا وأوهايو دعا خلالها اليهود للتصويت لبايدن.
واستعان المجلس اليهودي الديمقراطي بمشاركة المحامي اليهودي غلاس إيمهوف، زوج كامالا هاريس مرشحة بايدن نائبة للرئيس، في كل تلك الفعاليات.
كما بث المجلس إعلانا انتخابيا يصف فيه ترامب بأنه "أكبر تهديد على اليهود الأميركيين". ويظهر مقاطع للمتطرفين من أنصار جماعات تفوق العرق الأبيض العنصرية والمعادية لليهود، وهم يهتفون "اليهود لن يحلوا محلنا" خلال مسيرة نظمت منتصف عام 2017 بمدينة تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا.
وعلى العكس، تعد فلوريدا ولاية متأرجحة، وتبلغ نسبة اليهود فيها 3% أو ما يقرب من 650 ألف شخص من إجمالي سكانها البالغ 21.5 مليون نسمة. وهناك أهمية كبيرة لناخبيها اليهود في حسم الاقتراع خاصة مع اقتراب أعداد الناخبين المسجلين المنتمين للحزبين الديمقراطي والجمهوري من 5 ملايين ناخب لكل حزب.
وينطبق نفس الأمر على ولايات بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، ورغم أن نسبة اليهود في أي منهما لا تتعدى 1%، فإن للصوت اليهودي أهميته فيها بسبب تأرجحها الشديد.
وخلال انتخابات 2016 حسمت بنسلفانيا وويسكونسن وميشيغان السباق الرئاسي بأقل من 200 ألف صوت مجمعا، ومن هنا قد يلعب الصوت اليهودي دورا هاما رغم محدوديته العددية.
ويضاعف من أهمية الناخبين اليهود بهذه الولاية المتأرجحة، خاصة كون اليهود عادة يشاركون في التصويت بنسب أكبر من الجاليات الأخرى، ومع أ، معدلات التصويت تبلغ نحو 55% على المستوي القومي، فإن معدل تصويت اليهود يبلغ نحو 85%.
الائتلاف اليهودي الجمهوري
يمثل الائتلاف اليهودي الجمهوري أهم المؤسسات اليهودية المؤيدة للحزب الجمهوري ولانتخاب الرئيس ترامب، ويسعى هذا التحالف إلى "تعزيز العلاقات" بين الجالية اليهودية الأميركية وصناع القرار الجمهوريين.
ويعمل الائتلاف على توعية المسؤولين الجمهوريين بالإدارات الاميركية، وداخل الحزب الجمهوري، بمخاوف المجتمع اليهودي وقضاياه، مع الترويج للأفكار الجمهورية داخل المجتمع اليهودي، كما يذكر موقعه الإلكتروني.
تأسس عام 1985، ويرأس مجلس إدارته الملياردير شيلدون أديلسون والذي تبرع بنحو 28 مليون دولار من ماله الخاص دعما لحملة ترامب.
وقال مات بروكس، المدير التنفيذي للائتلاف إن مؤسسته تركز على الولايات المتأرجحة لتعزيز فرص فوز ترامب فيها، وقال "يحب الديمقراطيون أن يقولوا إنهم يتمتعون بأغلبية الأصوات اليهودية، ولكن هذا ليس ما تعنيه معركة انتخابات 2020".
وقد أطلق التحالف الجمهوري اليهودي حملة إعلانية أخرى على شبكات التواصل الاجتماعي بلغت قيمتها 10 ملايين دولار تصور المرشحين الديمقراطيين للرئاسة على أنهم عار على أميركا وخطر على إسرائيل.
أغلبية أصوات اليهود إلى بايدن.. لكن
طبقا لمركز بيو، فقد صوت 71% من يهود أميركا لهيلاري كلينتون بانتخابات 2016، وصوت لترامب 24%، ثم ارتفعت نسبة تصويت اليهود للمرشحين الديمقراطيين بانتخابات الكونغرس عام 2018، أي بعد عامين من حكم ترامب، لتصل إلى 79%.
ويشير استطلاع معهد الانتخابات اليهودي، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن 60% من اليهود الأميركيين عبروا عن ثقتهم في بايدن للتعامل مع مخاطر العداء للسامية والمتطرفين البيض، في حين عبر 26% منهم عن ثقتهم في ترامب.
وأظهر الاستطلاع -الذي شارك فيه 800 يهودي أميركي- إلى نية 67% من الناخبين اليهود الذين شملهم الاستطلاع التصويت لبايدن، في حين قال 30% إنهم يعتزمون التصويت لترامب، و3% لم يقرروا بعد.
وتعد هذه النسبة أقل من نسبة المصوتين لصالح هيلاري كلينتون قبل أربعة أعوام بـ 4%، ويمكن أن يكون لهذه النسبة القليلة وسط الناخبين اليهود تأثير كبير في ولاية متأرجحة واحدة أو أكثر.