• اخر تحديث : 2024-05-03 21:39
news-details
ندوات وحلقات نقاش

زيارة رئيسي إلى سوريا والنظام الدولي الجديد؟


اكتسبت زيارة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد إبراهيم رئيسي إلى سوريا  يومي 3/4 أيار 2023 دلالات  كثيرة أقلقت الإدارة الأميركية والكيان المؤقت الذي وصفها عبر وسائل إعلامه (القناة الـ13) بأنها "استثنائية جداً، ويجب أن تُقلق إسرائيل، خصوصًا أن هذه أول زيارة منذ العام 2011، أي منذ بداية الحرب في سوريا"؛ وقد تزامنت مع عدد من التحولات والتطورات السياسية، في مقدمتها الاتفاق الإيراني السعودي، وتبدّل المشهد الذي يُنذر عمومًا أن المنطقة ذاهبة إلى غرب آسيا جديد في مواجهة الشرق الأوسط الجديد الذي طرحه الأميركي 2006.

وهو ما ناقشته حلقة نقاش نظّمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين عبر الفضاء الافتراضي بعنوان: "زيارة رئيسي إلى سوريا والنظام الدولي الجديد؟" على هامش اجتماع الهيئة الإدارية الثاني لهذا العام. مع الإشارة إلى طرح التطورات في فلسطين المحتلة، وإطلاق النار في معبد يهودي في جزيرة جربة التونسية.

أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

الزمان

الخميس 11\5\ 2023

المكان

Zoom Meeting

 

المشاركون السادة

1

رئيس الرابطة د. محسن صالح.

2

عضو الهيئة الإدارية في فلسطين د. حسن عبدو.

3

عضو الهيئة الإدارية في سوريا د. مصطفى المقداد.

4

عضو الهيئة الإدارية في العراق د. محمود الهاشمي.

5

عضو الهيئة الإدارية في المغرب د. ادريس الهاني.

6

عضو الهيئة الإدارية في الجزائر د. جمال تراكة.

7

عضو الهيئة الإدارية تونس د. فوزي العلوي.

8

عضو الهيئة الإدارية في الأردن د. ضرار البستنجي.

9

عضو الهيئة الإدارية في البحرين الأستاذ إبراهيم المدهون.

10

عضو الهيئة الإدارية في اليمن حمدي الرازحي.

11

أمينة سر الرابطة د. وفاء حطيط.

 

ثانيًا: مجريات اللقاء

بداية رحب رئيس الرّابطة د. محسن صالح بالمشاركين، ثم قدّم مداخلته.

المداخلات:

د. محسن صالح

جاء في مداخلة د. محسن صالح:

إن لقاء رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران السيد إبراهيم رئيسي بالرئيس السوري بشار الأسد هو لقاء المنتصرين، وهذه الانتصارات التي تحققت في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وما يحصل في فلسطين هو مدعاة لقاء من أجل تعميق العلاقة على قاعدة اكتمال عقد القوة على الرغم من محاولات العدو الصهيو- أميركي لفك العلاقات بين الأقطاب العالمية الأساسية والإقليمية الأساسية، وهو فشل لأنه فعليًا غالى كثيرًا في عدوانه بحيث أقرب حلفائه شعروا بأن هذا التوجه سيقودهم الى الدمار، وبالتالي وجود إحساس صيني، روسي، وإيراني، وبرازيلي، وفنزويلي، وصولًا الى سوريا واليمن ولبنان بأن هذه الدول التي تسعى الى جعل العالم أكثر امنًا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا واستراتيجياً كي تمارس الشعوب حقوقها في الوجود والتعاطي مع بعضها البعض.  لقد وُلِد من رحم الثورة الإسلامية في إيران عالم جديد في سوريا وإيران والمنطقة ككل، ووجود روسيا اليوم في الخط الامامي في مواجهة العدوان الأميركي و"الناتوي" هو اضعاف للمشروع الصهيو أميركي وتقوية للمحور الاقتصادي العالمي الجديد.

بدأت اميركا والغرب تشعر ان هذا العالم الجديد أصبح قاب قوسين او أدنى، وهناك شعور اقتصادي وسياسي وعسكري لدى الولايات المتحدة والناتو أنها خسروا هذه الحرب بشتى مستوياتها، سواء الفتنة التي حصلت في سوريا، أو لبنان أو العراق أو محاصرة إيران سياسيًا واقتصاديًا عبر العقوبات.

 لقد تغير العالم فعليًا وهناك وضع جديد بعد الاتفاقيات الاستراتيجية والاقتصادية والأمنية الإيرانية السورية التي ستنعكس على صورة المنطقة والعالم؛ وبالتالي نحن نخوض معركة وجود ثقافي، واقتصادي في هذا العالم، وهذه الزيارة هي لقاء المنتصرين في كل المجالات.

د. حسن عبدو:

 سوريا هذه الدولة العظيمة الصابرة التي انتصرت على الحرب العالمية التي شاركت فيها ما يزيد عن 80 دولة على الأراضي السورية، ونجحت القيادة السورية الانتصار على منطق التفتيت والتقسيم لهذه الدولة.  وسوريا من الناحية المكانية والاستراتيجية هي قيمة عليا وهي مدركة لدى اعدائنا والعراق أيضا، وهذه المكانة للأسف هي غير مدركة لدينا نحن ولا بد ان يتعزز الفهم والمعنى القيمي للمكانة الاستراتيجية من الناحية المكانية لهذا المشرق وغرب اسيا.

اذاً التطور الذي يحصل في سوريا بعودتها الى الجامعة العربية، وتعود سوريا للتأثير في المنطقة بقوة هذا امر هو تحول في بنية المنطقة، واشير الى محاولات إيران لتصفير مشاكلها مع الإقليم هي أيضا تحول كبير في المنطقة يأتي على غير الرغبة الإسرائيلية والاميركية ويعطي تفرغ لإيران بالكامل في المرحلة القادمة للوجود الإسرائيلي في المنطقة وطرد الهيمنة الأميركية من المنطقة.

لقد حاول الاحتلال عن وعي كامل بالتاريخ والجغرافيا السياسية وجيوبولتيك المنطقة تفتيت الدولة السورية والدولة العراقية واعادتهما الى عصر ما قبل الدولة تحكمهما القبيلة والأثنية والعشائرية والمذهبية...  لذلك بناء مشروع القوة التي تقف عليه إيران وحائط الصواريخ حول دولة الاحتلال هي استراتيجية ناجحة.  واليوم غزة من خلال الجهاد الإسلامي تبني بلاءًا حسنًا، واعتقد ان ما يملكه لبنان وسوريا وإيران إذا ما تقاطعت في قلب دولة الاحتلال فإنه سيحقق الهزيمة بشكل كامل. 

وفي سياق مجريات الاحداث التي تجري في غزة، سرايا القدس والجهاد الإسلامي تمسك بزمام الميدان بالكامل وهي ترد باقتدار وتكتيك جديد وتستخدم أدوات وصواريخ جديدة كان اخرها الصاروخ السوري تشرين خيبر، حيث استطاعت سرايا القدس ان توصل هذا الصاروخ الى قلب تل ابيب، وبالتالي نحن نشهد ردا قويا، واليوم مقاتلي سرايا القدس هم من يحدد من سيدخل الى الملاجئ تل ابيب ام غيرها من المدن.

سيناريو تدخل وسيط إقليمي والعودة الى مربع التهدئة لم يكن هذه المرة موجودا، وهناك تكتيك جديد اتبعه المقاومين في الميدان، وبالمناسبة سرايا القدس لوحدها في الميدان، وهي تدرك ان الهجوم والجريمة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي منزوع الشرعية حتى على الساحة الدولية وهناك ضغوط أميركية وأوروبية على الاحتلال الإسرائيلي وحتى داخليا من المعارضة للعودة الى مربع التهدئة تخوفا من اتساع المواجهة لتشمل ساحات جديدة، وبالتالي هناك اشتراطات لم تقبل الجهاد الإسلامي وقف الرد قبل ان تحقق وتملي ارادتها على الاحتلال ولديها ثلاثة شروط:

الشرط الأول هو الرجوع عن قرار الاحتلال بالعودة الى سياسة الاغتيالات.

الشرط الثاني هو تسليم جثمان الشهيد خضر عدنان ارضاءًا للحركة الاسيرة الفلسطينية.

الشرط الثالث وقف مسيرة الاعلام وتغيير مسارها من الحي الإسلامي ووقف الاستفزازات.

د. محمود الهاشمي:

إن زيارة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي الى سوريا هي زيارة الانتصار، ويجب ان نقرأها في مرحلتين، الاولى هي ما قبل الزيارة وما هي اهم الاحداث التي أدت لها، واللاحقة ما بعد الزيارة وتجلياتها واهميتها. وللجمهورية الإسلامية في إيران الدور الكبير في ان تسمى هذه الزيارة بزيارة الانتصار لان هذه الزيارة جاءت بسلسلة طويلة من انتصارات على الهيمنة الأميركية والتفرد الأميركي.

في العام 1979 عندما انطلقت الثورة الإسلامية رفعت شعار لا شرقية ولا غربية، وهذا الشعار طبقته بكل حرفية، بمعنى هي من أسست للقطب الجديد بحيث لم تلحق نفسها لا بالقطب الغربي ولا بالقطب الشرقي المتمثل بالاتحاد السوفياتي، وفعلا نجحت في هذا المجال خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبالتالي هي أسست لهذه المرحلة الخطيرة من التاريخ وتحملت وزر هذا الشعار. والعقوبات على الجمهورية الإسلامية في إيران حولتها الى تحديات وانتصارات وبناء دولة، اذاً عندما ذهب السيد رئيسي الى سوريا فهو ذهب ويشهد هذا التحول الكبير على مستوى العالم.

المرحلة الأخرى هي دعم المقاومة، فالجمهورية الإسلامية دعمت المقاومة وشكلت محور المقاومة أسس لهذه الزيارة ودعمها. وثبات الجمهورية الإسلامية وقوتها وعقيدتها الثابتة ونوع السياسة التي اعتمدتها هي التي أضعفت الجهات اتي كانت قد وضعت أمالها في خدمة المشروع الصهيوني، وأخرجت هذه الدول من الرهان الأميركي.

د. مصطفى مقداد:

 زيارة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي الى سوريا أتت في ظروف غاية بالأهمية ودقة ونتائج، وكان مخططا لها ان تحدث قبل 4 أشهر لكن يبدو ان ما كنا نعتقد ان تأخيرها سبب لخلافات او عدم الاتفاق والتوافق على نقاط محددة انما ظهر في النهاية بالعكس انه يحمل مشروع توافق دولي ما تؤكد فيه إيران حضورها على الساحة الدولية بقوة، وبالتالي فإن زيارة رئيسي الى دمشق ترتكز الى هذه القوة الدولية والمكانة الدولية الكبيرة التي فرضتها إيران لنفسها على المستوى العالمي نتيجة ثباتها والتحول الإقليمي الذي احدثته باتفاقها مع السعودية ضمن الرعاية الصينية الكبيرة.

الاتفاقات الاقتصادية التي وقعت في سوريا تعكس جوهر هذه الزيارة المستند الى قوة وامكانية كبيرتين جدا، وكان واضحا ان رئيس بعثة الشرف في سوريا المرافق للسيد رئيسي كان وزير الاقتصاد السوري بمعنى التأكيد الكبير على هذه الحال.

بعد أكثر من 14 عاما من انقطاع الزيارات الإيرانية الى سوريا لم يحصل زيارة لرئيس إيراني لسوريا، وهذه الزيارة على المستوى الشعبي السوري تركت تأثيرات كبيرة جدا، فربما خلال السنوات الماضية خاصة السنتين الاخيرتين في ظل كورونا كان هناك اتجاه في سوريا وعمل دؤوب باتجاه تكريس حالة العداء لإيران بشكل ما حتى من جانب الفريق المؤيد لإيران وفريق المؤيدين للدولة في سوريا، وفي أحد الاجتماعات مع سيادة الرئيس بشار الأسد قبل أشهر كان هناك امنية من مقام الرئاسة ان يعمل المحللون والإعلام على ابعاد هذه الصورة، فلا يجوز ابدا لمن يرتبط عضويا واستراتيجيا مع سوريا منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة الإسلامية في ايران ان يكون جزاه بشكل سلبي،  وتم التنبيه الى الطابور الذي يعمل على الإساءة لهذه العلاقة، ولكن زيارة السيد رئيسي كسرت هذا الحاجز.

العمل الإعلامي الذي يستهدف بنية الشعب السوري والية وتفكير وذهنية الشعب السوري هي الية مستمرة ويتم العمل من خلال عشرات الاف المواقع الالكترونية والحسابات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي التي تحاول ان تؤثر في الذهنية السورية وبالتالي موقف الشعب السوري.

بعد هذه السنوات الطويلة من اعتقدوا انهم في يوم من الأيام كانوا يمثلون حالة معارضة في سوريا انما كانوا عملاء واجراء يعملون بتوجيهات الاستخبارات الأميركية وغيرها من أجهزة الاستخبارات، وفي عمليات التوافق والاتفاقات التي حصلت انما أظهرت ان كل أولئك الأشخاص انما كانوا مجرد ادوات يتم استخدامهم في المشروع العدواني، واما اليوم وقد التقت المصالح وتبدلت الظروف كليا فيتم لفظهم في الخارج. اعتقد ان ملجأهم لن يكون لا قطر ولا تركيا ولا أوروبا انما في الولايات المتحدة الاميركية ليتم اخراجهم وصياغة الية جديدة للمعارضة.

هذه الزيارة كان لها مفاعيل ليست فقط على المستوى الداخلي السوري ولكن أيضا على المستوى الإقليمي، وما الاجتماع الرباعي في موسكو الا واحدة من هذه النتائج المهمة جدا التي ستترك اثاراً في المرحلة المقبلة.

د. فوزي العلوي:

ما حدث من زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لسوريا الحبيبة يحمل اكثر من عنوان ويشير الى اكثر من دلالة ويؤسس الى اكثر من مسار، وما حدث هو بداية لمرحلة تشكلت وتم الإعلان عنها وتمثل ليس بمجرد استدارة القوى المتمثلة بالأنظمة الاداتية  التي تقوم بأعمال بالوكالة عن اسيادهم، فهذه الاستدارة اقل ما يقال عنها انها تشير الى تحول استراتيجي كبير، عنوانه الأساسي هو ان ما كان يشار اليهم بانهم في حالة ضعف وحصار وعقوبات صارمة، تمثلت في عودة هؤلاء المغرر بهم وعودتها الى نقطة البداية، وهذه الإشارة تدل على ثبات محور تشكل وتكون ايران هي سيدة هذا المحور وهذا التحول الاستراتيجي وقمته، وهي إشارة الى بداية مرحلة أساسية عمليا وليس نظريا، في تراجع المنهزم واستسلامه واقراره بالهزيمة وتقديم كامل ترسانة الاعتذارات الرسمية وغير الرسمية.

نلمح في تشكل ميداني عملي حقيقي لمحور الدول المقاومة التي تقوده إيران الثورة والموقف والاستراتيجية وليست إيران الدولة بقدر إيران الخيار والمستقبل الذي يرسم ملامح مرحلة جديدة لعالمية حقيقية وضعت حد للهيمنة والعولمة المتوحشة بمرجعتيها الرأسمالية المتوحشة والاشتراكية الشيوعية المترهلة.

والشعار الذي رفع لا شرقية ولا غربية تمثل اليوم في عالمية حقيقية عالمية شعبية وعالمية عادلية تكون فيها الشعوب والأنظمة الوطنية بالمبادرة في إطار عملية بناء لكلمة سواء وارضية مشتركة قوامها الكرامة والاستقلال والسيادة والحرية المتمثلة بالكرامة والتحرر. فإيران هي إيران القيادة ومحور كامل تشكل من خلال حضور رئيسي الى سوريا، وهذا المحور انما هو يعتبر ان ما تحقق في هذه الزيارة هو اننا بتنا على مشارف عالمية جديدة تقودها إيران وتنخرط فيها الدول العربية والمسلمة وتنضم اليها طوعا روسيا والصين.

وفي خص عملية إطلاق النار في معبد يهودي في جزيرة جربة التونسية فقد صنفت في الدوائر الحكومية الرسمية على انها جريمة وليس عملية إرهابية، ولهذا دلالة مهمة جدا أي إخراجها من دائرة التجاذبات الدولية التي تريد القفز عن هذا الحدث المعزول للدفع بالحكومة التونسية وتحديدا بالرئاسة لزيادة الضغوط على الرئيس للقبول بكل الاملاءات، ولهذه اللحظة هناك موقف من الرئيس الرافض لسائر اشكال التطبيع ويعتبر التطبيع خيانة عظمة.

هناك موقف مبدئي سيادي لهذه الحكومة. إذا ما حدث في جربا من خلال ما يسمى "بزيارة الموت" او "حج اليهود" لثاني أكبر معهد يهودي في العالم في تونس، وجرت العادة ان تتم زيارة اليهود من العالم الى هذا المعبد في سياق قانوني ومقبول، وما تم رفضه هو تتمة دخول لأي شخص حامل لجواز سفر صهيوني، والحكومة التونسية غير متسامحة مع هذا الامر وكان ذلك مسموحا في الحكومات السابقة، ومع الرئيس والحكومة الراهنة تم منع أي زيارة لأي شخصية صهيونية لتونس، اما ان يأتي يهودي حامل لجواز سفر أوروبي او أميركي فمن حقه ان يأتي ويزور، وهناك محاولة للضغط على الحكومة التونسية وفي سياق استكمال العامل الاقتصادي وحاجة تونس الى قرض من صندوق النقد الدولي، هناك ضغط كبير عليها للتطبيع والتنازل والقبول بالشروط الغربية.

د. جمال تراكة:

لقد هزمت سوريا سابقًا الامبراطوريات من بيزنطية الى الصليبيين فالمغول فالاستعمار العثماني والفرنسي الى الانتصار الكبير على التكفير وعلى الحرب العالمية التي فرضت عليها. وكلنا يقين انها ستتجاوز الازمات وستعيد البناء، وعندما نتكلم عن العلاقات السورية الإيرانية، فنحن نتكلم على علاقات تاريخية بدأت منذ فجر الثورة الإسلامية في إيران والموقف البطولي لسوريا الذي كان دائما الى جانب الجمهورية الإسلامية، وكانت سوريا بمثابة المتنفس والرئة التي كانت تتنفس منها إيران على العالم العربي بالإضافة الجزائر التي رفضت أيضا العدوان.

وعندما قيل أن عودة سوريا الى جامعة الدول العربية فسرت على ان ثمنها هو فك الارتباط بين سوريا وإيران، وجاءت زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لسوريا لترد ردًا حازمًا جازمًا كبيراً ان المسألة لا هي رفع اعلام في منطقة وانزالها في منطقة أخرى، انما هناك تحالف استراتيجي كبير وقع بالدم للدفاع عن سوريا، وان هذه المحور لا يمكن ان يكون ثمن لعودة سوريا الى الجامعة العربية بقدر ما أقول عود الجامعة العربية الى سوريا، وعليه الزيارة جاءت في وقت مناسب جدا ودقيق لتقديم إجابة استراتيجية ان العلاقات السورية مع محيطها العربي لن تكون على حساب العلاقة الاستراتيجية مع الجمهورية الإسلامية الايرانية،  فإيران عمق استراتيجي للعمق العربي.

اليوم سواء كان الاخوة في الخليج يقفزون من قارب اميركا الذي بدأ يغرق وتعيش وضعًا لا تحسد عليه، وممكن الاخوة في الخليج لاسيما السعودية أدركت هذا الامر مبكرا وأردوا ان يقفزوا من هذا القارب، وكل هذه الأجواء ستكون في صالح المنطقة وصراعنا مع العدو الصهيوني. وبالتالي الزيارة حدث استراتيجي كبير لتقديم إجابات واسكات من يروج بأن هذا التقارب بين الدول العربية ثمنه فصل العلاقة بين سوريا وإيران. وإيران لم تعد رقما إقليميا بل رقما عالميا، وهي قوة عالمية وقوة مسلمة وقوة ثورية والعالم يتغير وسنشهد المزيد من الانجازات.

د. ضرار البستنجي:

زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لسوريا هي زيارة المنتصر وتدل على صوابية موقف محور المقاومة، وأكدت ان المنطلقات التي بني عليها هذا التحالف والذي ينطلق منها محور المقاومة مازالت ثابتة ولم تتغير، وأكدت ان محاولة فك عرى محور المقاومة او على الأقل سوريا وإيران كصخرتين أساسيتين ليس واردا، أيضا هذه الزيارة اتت في وقت يعتقد البعض انه يمكن ان يسمح الانفتاح على سوريا باحتوائها بعيدا عن إيران فجاءت الزيارة ما بين اجتماع عمان التشاوري الذي جاء في هذا السياق وإلغاء تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ثم دعوتها الى الجامعة العربية، فجاءت في توقيت مهم جدا يثبت بأن الاعتقاد بأن الانفتاح على سوريا يمكن ان يدخل في اطار احتوائها هو اعتقاد خاطئ، سيما وان هناك اعتقاد بأن المرحلة القادمة في سوريا عنوانها اقتصادي وايران منهكة وبالتالي يمكن ان يشغل غير ايران هذا العبء. 

هناك اليوم العالم يتجه نحو تغير حقيقي والمنطقة تتجه نحو تغير حقيقي. تاريخيا تغير العالم او الخروج من حقبة والدخول في حقبة جديدة عادة نحن في هذه المنطقة للأسف الشديد نذهب من مازق الى اخر، ولكن هذه المرة بالذات لا يصح ان ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها وخاصة ان المنطقة أيضا ذاهبة الى تحول.

الكيان الصهيوني لن يصمت رغم اننا منتصرين والأميركي لن يصمت رغم انه متقهقر في المنطقة وبالتالي تبدل العالم والمنطقة يفرض محاذير جديدة ويفرض قواعد جديدة وبالتالي يفرض مهام جديدة على محور المقاومة. واحدة من تجليات ذلك الالتفات الى إعادة بناء الدولة المحصنة من الداخل ضد أي عدوان من الخارج، الدولة بالمفاهيم العصرية ومفاهيم المواطنة والتنوع وهذا للأسف الشديد حتى في الأقطار العربية التي نمتلك فيها فائض القوة ينخرها الفساد والكثير من الاختلالات الاجتماعية.  والمهم ان يتمسك محور المقاومة بمنطق السيادة وبمنطق تمتين هذا المحور في هذه المرحلة الحرجة، وهذا الكلام اول استحقاق له هو ما يحدث اليوم في غزة.

ونحن نعلم ان العدوان الصهيوني في غزة جاء في وقت ليخلط الأوراق وليحدث خلاف او شقاق في محور المقاومة وجاء للانقلاب على المكاسب السياسية التي يحققها محور المقاومة وللهروب نحو الامام في الازمة التي تعيشها حكومة نتنياهو ويعيشها الكيان بشكل عام، وهو ليس في وقته والمحور لا يتمنى لكن لم يكن هناك بد من الرد.

لا زلنا نعيش وعي شعبي لا يميز بين السياسي والعاطفي وبالتالي هذا الرد كان يجب ولازال يجب ان يكون نوعيا وليس كما في كل مرة وبالتالي يثبت قواعد اشتباك جديدة، وبرسم أصحاب القرار في محور المقاومة امام كل الاستحقاقات المهمة ان يجيبوا على سؤال موقف وموقع حماس من المعادلة اليوم، ومهم الإجابة على هذا السؤال لان المؤشرات إذا كانت ستبقى كما هي اليوم هي مؤشرات سلبية ولا اعتقد ان السكوت عنها منطق.

والتبدل الذي يسود العالم والمنطقة يؤكد أننا ذاهبون الى غرب آسيا جديد، لكن يجب مواكبته بالحذر من الكثير من المحاذير على رأسها التوقف عند بعض المهام الأساسية جدًا على رأسها بناء الدولة التي تستطيع بقوتها ومكانتها الداخلية بكل مفردات لتكون محصنة من أي اعتداء.

د. ادريس هاني:

زيارة السيد رئيسي الى سوريا تحمل الكثير من الدلالات واليوم الذي فاز فيه السيد رئيسي في الانتخابات الكثير من الأطراف والخبراء في العالم اعتقدوا ان هذا سيكون عنصر تأزيم في المنطقة، والعلاقات بين سوريا وإيران هي علاقات قوية وهما حلفاء استراتيجيين في أحلك الظروف والحصار. كان انتصار سوريا واضحًا، واليوم تأسست القوة الحقيقية التي اوقفت الحركة الظالمة والعدوانية على سوريا، وانتصروا لأنهم أدركوا ان قوى الممانعة هم عنصر أساسي في السلام وهم وحدهم يستطيعون ان يحموا المنطقة. وإيران ابرزت المصلحة للأخرين واقنعتهم أن مصلحتهم هنا وليس هناك، ونقاشها مع السعودية بدأ بطريقة عفوية.

وما خص فلسطين فإن المقاومة في فلسطين تطورت تطورًا كبيرًا على مستوى الصراع مع العدو الصهيوني، وأصبحت الطرف المبادر أيضًا.

الأستاذ إبراهيم المدهون:

أبدأ من صمود اليمن الذي أدى الى التقارب الإيراني السعودي، ومن خلال الدور اليمني استطاعت الجمهورية الإسلامية بحِرَفيتها السياسية أن تركع الأنظمة الخليجية بعد أن تخلت عنها اميركا، وسقط الكثير من الأنظمة؛ واعتقد ان التورط السعودي في اليمن هو الذي دفع بهذه التغيرات المحورية التي قادتها الجمهورية بامتياز، كما ساهم العراق في هذه الحوارات، وسلطنة عمان التي كان لها دور في هذا التقارب، ولذلك خلال هذه التقارب قطعت الطريق على الكيان الصهيوني في التغلغل في التطبيع الذي بدأته الامارات والبحرين وكان في طريقه الى السعودية؛ لكنني لا أرى أن السعودية ستتغير، لأن هذه الأنظمة تابعة ووظيفية، وليس لها دور خارج وظيفتها، واقدام السعودية على اعدام شهيدين في خلال أسبوع واحد فقط رسالة سلبية في ما يخص التقارب الإيراني السعودي، وهذه رسائل لا تطمئن حيال الدور السعودي؛ ولكن الثمرة هو عودة العرب الى سوريا، وقد توج كل هذا الدور بزيارة رئيسي الى سوريا الذي أراد من خلالها توجيه رسائل عديدة.  

دور شعوب الخليج اليوم يتكرس وراء محور المقاومة ويجب ان نعطيها هذا الحق خصوصًا البحرين اليوم، وكل الشعوب الخليجية هي مع محور المقاومة، ولكن ما تحتاجه هي أنظمة تأخذ هذه الشعوب الى حيث يمكن ان تكون.  خاصة أن التغير في المحور، والانتصارات التي تحققت على ايدي أنصار الله غير الكثير من المفاهيم وساهم في هذا التقارب والعودة الى سوريا. وفي السياق نؤمن أن الصمود والشهادة والدماء الزاكية في غزة ستثمر نصرًا.