خلافًا للاعراف والقوانين الدولية، تواصل السلطات السعودية إعدام المعتقلين في السجون رغم عدم وجود أدلّة تثبت صحّة الاتهامات الموجّهة إليهم، وهو الأمر الذي يتضارب بشدّة مع التوجّه السعودي الحالي نحو الانفتاح ومحاربة التشدّد والوهابيّة، فرغم التأكيد المستمر من الجانب السعودي على سياسة الاعتدال، تبرهن أرقام الإعدامات المتصاعدة أن الرياض لا تزال بعيدة عن ذلك النهج، أضف إلى أن إجراءات كهذه من شأنها زعزعة مسار التقارب السعودي الإيراني كونها تأخذ بعدًا طائفيًا له ارتدادات إقليمية.
إعدام شابين بحرينيين:
أقدم النظام السعودي اليوم الاثنين على تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بحق المعتقلين البحرينيين جعفر سلطان وصادق ثامر. ووفق بيان وزارة الداخلية السعودية، جرى إعدام الشابين على خلفية "انضمامهما إلى خلية إرهابية يتزّعمها مطلوب أمني لدى مملكة البحرين، تابعة لكيان إرهابي وتلقت تدريبات في معسكرات تابعة لجهات إرهابية تهدف إلى زعزعة أمن السعودية ومملكة البحرين وإشاعة الفوضى فيهما والتواصل مع إرهابيين داخل السعودية ودعمهم للقيام بأعمال إرهابية وتهريب مواد وكبسولات تستخدم في التفجير إلى المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وما يقومون به من مخططات وأعمال إرهابية تستهدف أمن السعودية والبحرين".
الشابان من منطقة دار كليب اعتقلا في 8 أيار 2015 من منفذ جسر الملك فهد، ووجهت لهما السلطات السعودية لاحقًا تهمة التحضير لتفجير الجسر الذي يربطها بالبحرين.
وينفي سلطان وثامر التهم الموجهة لهما ويرونها ذات دوافع سياسية، ووثقت منظمات حقوقية تعرضهما للتعذيب على يد قوات الأمن السعودية لانتزاع الاعترافات أثناء الاعتقال.
ارتفاع عدد الإعدامات في السعودية:
بحسب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، "الإعدامان رفعا عدد إعدامات 2023، إلى 41، بينها 19 حكم قتل تعزيري، وهي الأحكام التي تعتمد على رأي القاضي، والتي كانت السعودية قد وعدت بالحد منها".
وكانت المنظمة الأوروبية السعودية قد وثقت سلسلة من الانتهاكات، التي واجهها كل من سلطان وثامر، "إذ تعرضا للإخفاء القسري وسوء المعاملة والتعذيب لانتزاع الاعترافات منهما. كما أكد تتبع القضيتين أنهما لم يواجها تهما من الأشد خطورة بحسب القانون الدولي، والتي تقتصر على القتل العمد".
المنظمة الحقوقية وجدت أن الإعدامات الأخيرة تظهر "إصرار السعودية على المضي في عمليات القتل، ما يزيد المخاوف على حياة المهددين بالإعدام وبينهم 61 معتقلا رصدت المنظمة قضاياهم، ووثقت انطوائها على انتهاكات جسيمة، ومن بين المعتقلين المهددين 9 قاصرين".
وترى المنظمة الأوروبية السعودية أن "إعدام كل من صادق ثامر وجعفر سلطان، هو تأكيد للنهج التصاعدي للاستخفاف بأرواح الناس والاستخدام السياسي لعقوبة القتل. كما تعتبر المنظمة أن الاستهتار بالرأي الحقوقي الدولي، يؤكد حقيقة التعامل الرسمي مع الآليات الدولية، بعيدا عن الترويج للتعاون معها، وترى أن الانسياق وراء الدعاية الرسمية السعودية في ظل استمرار عمليات القتل أصبح شراكة في الجريمة".
إعدام 3 شبان من القطيف:
في 22 أيار 2023، أصدرت وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية بيانا أشارت فيه إلى قتل 3 أشخاص في المنطقة الشرقية بشكل جماعي بموجب أحكام إعدام تعزيرية، ليصبح مجموع الأحكام المنفذة من بداية العام 35 حكماً.
البيان بيّن انتهاك السعودية للقوانين الدولية التي تُلزم الدول التي لا زالت تطبق عقوبة الإعدام، بتنفيذها على أشد الجرائم خطورة حصراً، وهي القتل العمد. فبحسب البيان، "تم تنفيذ الحكم بحق كل من حسن عيسى آل مهنا، وحيدر حسن مويس، ومحمد إبراهيم مويس، بتهم لا تتضمن قتلا أو محاولة قتل".
من بين التهم التي واجهوها أمام المحكمة الجزائية المتخصصة: "الالتحاق بمعسكر خارج المملكة تابع لأحد التنظيمات الإرهابية، والتدرب على الأسلحة والقنابل، والاشتراك في شراء قارب بحري بغرض تهريب المطلوبين أمنيا، وعدم الإبلاغ عمن شارك في شرائه. إلى جانب استلام مبلغ مالي لتحديد موقع في البحر من أجل التهريب".
تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إلى أنه "لم يتم رصد القضايا الثلاثة، في أي من المراحل القضائية، حيث لم تنشر الحكومة السعودية أي خبر رسمي عن الاعتقال أو كونهم مطلوبين".
وتوضح المنظمة أن هذه الإعدامات، "تؤكد زيف الادعاءات السعودية الرسمية التي تكررها في المحافل الدولية، فيما يتعلق باقتصار العقوبة على الجرائم الأشد خطورة".
وترى المنظمة أن الإعدام الجماعي لثلاثة أفراد سوية، "يثير مخاوف جدية على حياة المعتقلين المهددين، حيث تتابع المنظمة قضايا 63 معتقلا بينهم 9 قاصرين يواجهون عقوبة الإعدام في مراحل قضائية مختلفة". كما تعتبر أن "الإعدامات المتكررة لأفراد لم يتم رصد قضاياهم، يؤكد التوقعات من كون أرقام الإعدامات أعلى بكثير مما تم رصده".