يبدو أن الانحياز المصري لقائد القوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، والإماراتي لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، جعل السعودية وسيطًا مقبولًا لدى طرفي الأزمة حتى الآن من خلال استضافتها محادثات جدة لبحث وقف العنف ضد المدنيين، وكذلك بحث وقف دائم لإطلاق النار.
إن التطورات الدراماتيكية الأخيرة التي شهدها السودان منذ الخامس عشر من أبريل/نيسان 2023 جرَّاء المواجهة المسلحة بين قوات البرهان، و"حميدتي"، ستكون لها آثار كبيرة ليس على الصعيد الداخلي فحسب، وإنما على الصعيد الإقليمي أيضًا، في ظل مجاورة السودان لسبع دول عربية وإفريقية، ومن بينها الجارة الشمالية مصر التي اهتمت -ولا تزال- بالشأن السوداني على مدى العصور المختلفة لاعتبارات عدة ترتبط ليس فقط بمفهوم الأمن القومي بمعناه الضيق، وإنما بمعناه الواسع. لذا قد يكون من المهم أولًا معرفة أهمية السودان بالنسبة لمصر وفق المنظور الحديث للأمن القومي، وما يرتبط بذلك من محددات، ثم بيان موقف مصر من التطورات السودانية في المراحل المفصلية سواء في عهد البشير أو بعد الإطاحة به، وكذلك في الأزمة الأخيرة، وأخيرًا وليس آخرًا مدى تأثر مصر بالأحداث الأخيرة في السودان.
أولًا: محددات العلاقة مع السودان وفق منظور الأمن القومي المصري
شهد مفهوم الأمن القومي الذي برز بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تطورات مهمة ارتبطت بسياق البيئة الدولية آنذاك وبروز فكرة الحرب الباردة؛ حيث ركز في البداية على حماية الدولة من الأخطار الخارجية "العسكرية" تحديدًا، ثم اتسع نطاقه ليشمل الحماية من الأخطار الداخلية والخارجية معًا، لكن هذه النظرة الضيقة تغيرت مع انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي أواخر ثمانينات القرن الماضي، ليظهر مفهوم الأمن الإنساني والذي يتضمن مجموعة من الأبعاد التي تهدد الإنسان ومنها الأبعاد العسكرية والأمنية "المفهوم الضيق"، والأبعاد الاقتصادية، والبيئية، والأبعاد المائية. وكان من أوائل من أدخلوا هذه التعديلات تقريرا التنمية البشرية للأمم المتحدة لعامي 1994، و2006 اللذان أشارا إلى ضرورة النظر إلى ما وراء التصورات الضيقة للأمن القومي من حيث التهديدات العسكرية وحماية أهداف السياسة الخارجية الإستراتيجية، إلى رؤية للأمن مرتبطة بحياة الناس؛ واعتبرا الأمن المائي Water Security جزءًا لا يتجزأ من هذا المفهوم الأوسع للأمن الإنساني.
وفي هذا السياق، يمكن القول: إن أبعاد الأمن القومي المصري بمفهومه العسكري والأمني الضيق يرتبط بالسودان تحديدًا كونه يشكل حدود مصر الجنوبية (تبلغ الحدود بينهما حوالي 1200 مليون متر مربع).
أما بالنسبة للأمن المائي، فإن السودان رغم كونه دول الممر لمصر بنسبة 100%، إلا أنه لا يشكل أي تهديد مائي لها لوجود اتفاقية مائية "1959" تحدد حصة كل منهما، فضلًا عن وجود وفرة مائية سودانية؛ إذ تقدر الإحصاءات الرسمية السودانية الموارد المائية التقليدية بـ30 مليار متر مكعب، لا يتم استغلالها بالكامل، ونفس الأمر بالنسبة لحصته النيلية، بل إن جانبًا من حصة السودان "تقدر بحوالي 6 مليارات" تذهب لمصر سنويًّا بسبب عدم قدرة السدود السودانية على تخزينها.. وربما هذه الجزئية هي ما تلعب عليها إثيوبيا في أن سد النهضة، عبر تنظيم مرور المياه طيلة العام، سيجعل السودان يستغل كامل حصته التي يذهب جزء منها إلى مصر. ومن هذا المنظور فإن السودان مهم بالنسبة لمصر في مواجهة أي تعنت إثيوبي بشأن السد أو المياه عمومًا.
ما سبق يشير إلى أن المحدد الأمني المصري صوب السودان "الأمن القومي بمفهومه الواسع" يتضمن كلًّا من أمن الحدود خاصة ما يتعلق بملف حلايب وشلاتين، واللاجئين، وملف الإخوان، والأمن المائي (موضوع المياه وسد النهضة)، هذا فضلًا عن المحدد الاقتصادي الذي يأتي في مرتبة أقل.
ملف حلايب وشلاتين
ترى القاهرة أن هذه القضية محسومة من وجهة نظرها منذ عام 1958، ثم تأكد الأمر أواسط تسعينات القرن الماضي بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري، آنذاك، حسني مبارك، في أديس أبابا واتهام السودان بذلك، وقيام مصر بإرسال وحدة عسكرية قامت بطرد القوات السودانية الموجودة هناك، وبالتالي، فهي ترى أن النظام السوداني يسعى من حين لآخر لإثارتها لكسب الرأي العام، ومن ذلك محاولته إجراء الانتخابات بها عام 2010 باعتبارها دائرة انتخابية؛ مما حدا بالقاهرة إلى إدراج حلايب وشلاتين في الانتخابات البرلمانية 2015 تأكيدًا للسيادة عليها.
ملف المياه وسد النهضة
تسعى القاهرة دائمًا إلى جذب السودان في صفها في أية مفاوضات خاصة بسد النهضة، باعتبارهما دولتي مصب في مواجهة إثيوبيا التي توجد بها وفرة مائية، ومع ذلك تتعنت معهما فيما يتعلق بحصصهما التاريخية التي نظمتها كل من اتفاقيتي 1929، 1959. وبصفة عامة، يتسم موقف السودان بالتذبذب بشأن السد منذ حكم البشير وحتى الآن، وكان لطبيعة العلاقات المصرية-السودانية من ناحية، والسودانية-الإثيوبية من ناحية ثانية، دور مهم في هذا الشأن. فالبشير، رفض في البداية بناء إثيوبيا السد بدون تشاور، لكن مع بروز التباينات مع النظام المصري لاسيما بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب، محمد مرسي، في 3 يوليو/تموز 2013، بدأ يُعدِّل موقفه، ويميل صوب الجانب الاثيوبي، خاصة بعد التقارب السوداني-الإثيوبي إثر تعاونهما المشترك في مواجهة إريتريا المدعومة من القاهرة، وتأييد الخرطوم لأديس أبابا في حربها ضد أسمرة بين عامي 1998-2000، كما قامت إثيوبيا بدور في الوساطة في مفاوضات نيفاشا الكينية بين الحكومة السودانية وحركة جارانغ، والتي أسفرت عن التوقيع على اتفاق تقرير مصير جنوب السودان، 2005، بعد فترة انتقالية مدتها 6 سنوات.
وربما كان هذا أحد أسباب إعلان البشير، في ديسمبر/كانون الأول 2013، تأييده الموقف الإثيوبي بشأن بناء سد النهضة بعدما كان مؤيدًا للتحفظات المصرية، بل والتعاون مع أديس أبابا في قضايا عدة بشأنه؛ حيث قال: "ساندنا سد النهضة لقناعتنا الراسخة أن فيه فائدة لكل الإقليم بما فيه مصر... نرغب في تطوير العلاقات بين الشعبين السوداني والإثيوبي، وإلغاء الحدود التي وضعها المستعمر.. اتفقنا على إقامة منطقة حرة على الحدود تمتد من منطقة "القلابات" على الجانب السوداني إلى منطقة "المتمة" على الجانب الإثيوبي تكون تحت "إدارة واحدة مشتركة".
ملف الإخوان
تتهم القاهرة الخرطوم بإيواء قيادات من جماعة الإخوان المسلمين الذين فروا من البلاد بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، بل إن بعضهم اعتبر الخرطوم نقطة انطلاق لغيرها من الدول كقطر وتركيا، فضلًا عن وجود فريق داخل الحزب الحاكم في السودان آنذاك يرفض الانقلاب العسكري في مصر. وبالرغم من أن البشير اعترف بشرعية السيسي، إلا أن القاهرة ترى في هذا الاعتراف مناورة من رئيس يفتخر بميوله الإسلامية رغم أنه جاء أيضًا بانقلاب عسكري عام 1989. ويلاحظ أن مصر تخشى بصفة عامة من خطر حكم "إسلامي" على حدودها. وربما هذا يفسر سبب التوتر الذي سيطر من حين لآخر على العلاقات منذ وصول الإنقاذ للحكم عام 1989.
المهاجرون واللاجئون السودانيون في مصر
تقدر المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين تعداد اللاجئين السودانيين بمصر، بنحو 58 ألفًا إلى 60 ألف شخص، حسب إحصائية صادرة في أغسطس/آب الماضي (2022)، كثاني أكبر تعداد للاجئين الأجانب في مصر بعد السوريين. ووفق القانون المصري، يلتزم كل أجنبي -بمن في ذلك اللاجئون وطالبو اللجوء الذين يقيمون بها- بالحصول على تصريح إقامة سار، وبدونه يكون مخالفًا لقواعد الإقامة بالبلاد. كما يتراوح عدد الجالية السودانية في مصر ما بين 3 إلى 5 ملايين سوداني، يعيشون بشكل دائم أو مؤقت. ويلاحظ أن ثلث المهاجرين الموجودين في مصر يعملون في وظائف وشركات مستقرة؛ ما يشير إلى إسهامهم بشكل إيجابي في سوق العمل ونمو الاقتصاد المصري، وفق تقرير منظمة الهجرة الدولية الصادر في 2022. كما يتداخل هؤلاء بصورة كبيرة في المجتمع المصري، وينتشرون في أماكن عدة سواء في قلب القاهرة، حي عابدين وسط القاهرة حيث الأقلية النوبية، أو محافظات مصر خاصة القريبة من الحدود مثل أسوان وغيرها.
ومعنى هذا أنهم لا يشكِّلون خطرًا حقيقيًّا على الأمن القومي لمصر التي تسيطر أيضًا بصورة كبيرة على المعابر البرية والبحرية والجوية، بحيث يصبح تسلل بعض العناصر الخارجة عن النظام، أو التي ترغب في الإقامة بصورة غير شرعية صعبًا، بل مستحيلًا، حتى في أوقات الأزمات التي شهدها السودان مثل حرب الجنوب 1983، أو دارفور 2003، أو حتى في الأحداث الأخيرة كما سنرى.
2. المحدد الاقتصادي
تهتم مصر بزيادة حجم تجارتها الخارجية مع الدول القارة الإفريقية بصفة عامة، ودول الجوار بصفة خاصة. وتمتلك مصر والسودان العديد من المقومات الاقتصادية التي تسمح بزيادة حجم التجارة البينية لهم، كما أن تحليل هيكل التجارة بين البلدين يوضح أنها علاقة تكاملية وليست تنافسية؛ حيث تستورد مصر من السودان اللحوم الحية والسمسم ودقيق القمح والمواد الخام، بينما يستورد السودان المنتجات الغذائية ومواد البناء والمنسوجات والأدوية، كما يتوافر بالسودان العديد من الخامات التعدينية المهمة التي يمكن التعاون لاستغلالها صناعيًّا، فضلًا عن توافر طرق النقل البرية والنهرية والبحرية، فضلًا عن الجوية.
وقد شهدت العلاقات التجارية المصرية-السودانية نموًّا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة وبصفة خاصة في ظل عضوية البلدين بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وبتجمع "الكوميسا"، وتسعى كل من مصر والسودان لتوطيد العلاقات التجارية فيما بينهما، من خلال إنشاء مشروعات حيوية اقتصادية مشتركة في كافة القطاعات (صناعية، زراعية، كهرباء، مياه، ثروة حيوانية، عمالة فنية مدربة).
ثانيًا: مجالات الدور المصري في السودان خلال حكم البشير
شهدت العلاقات بين مصر والسودان حالة من المد والجزر في عهد مبارك، لاسيما بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا 1995، وتوجيه اتهامات لنظام الإنقاذ بالضلوع في ذلك. وقد بلغ التوتر مداه خلال 2017 في عدد من الملفات الأمنية:
1. تأييد البشير بناء سد النهضة وتوطيد العلاقات مع إثيوبيا بصفة عامة، وهو ما برز في مؤتمره الصحفي مع رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، هايلاماريام ديسالين، في أبريل/نيسان 2017، حيث أكد أنه "لا يوجد حد للعلاقة بين البلدين، سياسيًّا واقتصاديًّا وتجاريًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا وأمنيًّا"، وتأكيده على أن الأمن القومي الإثيوبي هو بمنزلة أمن قومي للسودان.
2. مطالبة السودان بتدويل ملف حلايب، أو الدخول في مفاوضات مباشرة مع مصر بشأنه، على غرار ما حدث في تيران وصنافير، كما قام السودان برفع مذكرة لمجلس الأمن بشأن هذا الأمر. ووفق مصادر دبلوماسية مصرية، ربط السودان قيامه بدور إستراتيجي لمصلحة القاهرة في أزمة سد النهضة، بحل ملف حلايب.
3. توطيد البشير علاقته مع تركيا، ومنحها منفذًا لها على البحر الأحمر، بما قد يهدد الأمن القومي المصري، حيث قام، في ديسمبر/كانون الأول 2017، بمنح تركيا عقد إيجار مدته 99 عامًا على جزيرة سواكن الساحلية "لتجديدها". وهو تحرك فُسِّر في حينها بأنه تهديد يكاد يكون مستترًا للأمن القومي المصري في البحر الأحمر نظرًا للتوتر حينها بين السيسي وأردوغان.
4. قيام السودان في مارس/آذار 2017، بحظر استيراد مختلف السلع المصرية، بما في ذلك المنتجات الزراعية والأسماك المعلبة، وتوقفت واردات المنتجات بسبب المخاوف على سلامة الأغذية.
ورغم كل هذه الملفات الشائكة، إلا أن مصر عملت على التقارب مع البشير ودعمه في مواجهة حركات الاحتجاج الداخلي التي يواجهها خشية انتقالها إلى القاهرة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية منذ تولي السيسي الحكم 2014، كما أن استمرار خلافات القاهرة مع إثيوبيا بشأن الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل، دفعها للتقارب مع الخرطوم، وفي المقابل وجد البشير نفسه بحاجة للدعم المصري بعد بروز احتجاجات ديسمبر/كانون الأول 2018 ضده.
وقد قدمت مصر الدعم للبشير في الفترة الأخيرة من حكمه، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وخلال زيارة البشير لمصر، يناير/كانون الثاني 2019، " أي قبل الانقلاب عليه بحوالي 3 أشهر"، تم الاتفاق على إطار للتعاون الأمني لمنع تهريب الأسلحة والمسلحين والمواد المحظورة عبر الحدود.
كما تم توقيع اتفاق ميثـاق الشرف الإعلامي لوقف التراشق الإعلامي بين الجانبين، والاتفاق على برنامج تنفيذي لمدة ثلاث سنوات في مجال الإذاعة والتليفزيون بـيـن الهيئة الوطنية للإعلام المصري والهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون بجمهورية السودان.
وفي المجال الاقتصادي، ووفقًا لحجم التبادل التجاري المصري عامي 2017، 2018 مع دول حوض النيل، جاء السودان في المرتبة الأولى مقارنة بإثيوبيا على سبيل المثال، حيث بلغ حجم المبادلات التجارية مع السودان 558.7 مليون دولار عام 2017، وارتفعت لـ604 ملايين دولار عام 2018، مقابل 125.7 مليون دولار مع إثيوبيا عام 2017. ويميل الميزان التجاري لصالح مصر في التعامل مع السودان أو إثيوبيا خلال تلك الفترة.
حجم التبادل التجاري بين مصر وكل من السودان وإثيوبيا 2017-2018 بالمليون دولار*
* مصر، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، التبادل التجاري بين مصر وحوض النيل 2018، النشرة السنوية، أكتوبر/تشرين الأول 2019، ص 5.
ثالثًا -الموقف المصري من المجلس العسكري بعد الإطاحة بالبشير 2019
شكَّل التقارب المصري مع البشير أواخر حكمه، مشكلة لمصر بعد سقوط نظامه، في أبريل/نيسان 2019، لاسيما لدى الفصائل الثورية والحركات المدنية التي قادت الثورة مثل الحرية والتغيير قبل انقسامها وتجمع المدنيين وغيرها.. لذا وُجِّهت نصائح للسيسي الذي كان يرأس الاتحاد الإفريقي حينها، بعدم الذهاب للسودان لتفقد الأوضاع على الأرض بسبب حالة الاعتراض على الموقف المصري. لذا حرصت مصر على أمرين:
الأول: التأكيد على أن دعمها للبشير انطلق من اعتبارات أمنها القومي المرتبطة باستقرار السودان، والخشية من حدوث فوضى أو حرب أهلية هناك، قد تنعكس سلبًا عليها.
الثاني: تأييد خطوة الإطاحة بالبشير، ومحاولة دعم المجلس العسكري بصفة خاصة، عبر الدعوة لعقد قمة إفريقية مصغرة ( 23 أبريل/نيسان 2019)، أي بعد 12 يومًا فقط من الإطاحة بالبشير، لمناقشة الأوضاع في السودان، وعدم الضغط على المجلس العسكري لتسليم الحكم لمدنيين، وتمديد مهلة الاتحاد الإفريقي في ذات الشأن من 15 يومًا إلى 3 أشهر، وكان أحد أسباب نجاح مصر في مساعيها خلال القمة، قناعة عدد من القادة المشاركين بها بعدم وجود مشكلة في بقاء المؤسسة العسكرية في صدارة المشهد لفترة، على أن تقوم بتسليم السلطة في نهاية المطاف(16).
لقد استهدفت مصر الحصول على تأييد المجلس العسكري السوداني في موقفها بشأن سد النهضة، لاسيما أن إثيوبيا دخلت على خط الأزمة السودانية بعد الإطاحة بالبشير؛ حيث لعب رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، دورًا في الوساطة بين المجلس العسكري والقوى المدنية التي قادت الثورة، والتوصل لاتفاق سياسي بينهما بخصوص المرحلة الانتقالية "الوثيقة الدستورية-أغسطس/آب 2019"؛ ما جعل الموقف السوداني أكثر قربًا من الموقف الإثيوبي... هذا التقارب السوداني-الإثيوبي يمكن الاستدلال عليه من خلال موقفين أساسيين:
1. رفض السودان التوقيع على مسودة الاتفاق الأميركي بخصوص قواعد الملء الأول والتشغيل "فبراير/شباط 2020" التي وقَّعتها مصر بالأحرف الأولى، وغابت عنها إثيوبيا، وتعلل السودان حينها بأن رفضه يهدف لضرورة التوصل لاتفاق يوقع عليه الأطراف الثلاثة.
2. رفض السودان إدراج اسمه في مشروع قرار وزراء الخارجية العرب "مارس/آذار 2020" الداعم لدولتي المصب في مواجهة إثيوبيا بعد فشل التوقيع على الوثيقة الأميركية نهاية فبراير/شباط، معللًا ذلك بعدم الرغبة في حدوث مواجهة عربية-إثيوبية، رغم أن المشروع يشير إلى التأثيرات السلبية للسد على مصر والسودان.
الرغبة المصرية في جذب المجلس العسكري إليها في ملف السد، تبدَّت من خلال جملة من المواقف، منها: التغاضي عن أية خلافات حدودية أو سياسية بين البلدين. وقد كشفت مصادر مصرية مطلعة عن صدور تعليمات من المخابرات العامة المصرية لوسائل الإعلام المصرية وللمؤسسات السياسية والدبلوماسية المعنية، بعدم التعليق على التصريحات الصادرة من رئيس المفوضية القومية للحدود في السودان، في 18 فبراير/شباط 2021، حول احتجاج بلاده رسميًّا، ضدَّ مفوضية الاتحاد الإفريقي، لاعتمادها خريطة تضع مثلث "حلايب وشلاتين" ضمن حدود مصر الجنوبية، وأن الدائرة المقربة من السيسي تعتبر مثل هذه التصريحات "محاولات من جهات داخل السودان لاستغلال حالة السيولة السياسية هناك، لضرب التنسيق القائم بين السيسي والمجلس السيادي، ضد آبي أحمد، سواء في ملف سد النهضة أو الصراع الحدودي المتصاعد بين إثيوبيا والسودان نهاية 2020 في منطقة الفشقة، ومن ثم ووفق الدائرة المقربة من السيسي، يجب تفويت الفرصة على إدخال القاهرة والخرطوم في خلافات قديمة مثل حلايب وشلاتين، أو هامشية مثل مشاكل المعابر الحدودية. وبدلًا من الدخول في سجالات حول الخلافات الحدودية، أوفدت القاهرة رئيس الأركان المصري إلى الخرطوم؛ حيث وقَّع اتفاقية للتعاون العسكري مطلع مارس/آذار 2021، دون توضيح تفاصيلها، لكنها كانت في مجملها رسالة رمزية مباشرة لإثيوبيا.
هذه الأزمة الحدودية السودانية-الإثيوبية، والتقارب المصري من المجلس العسكري، انسحب بسرعة على الموقف من سد النهضة؛ حيث جعل السودان لا يطالب فقط بضرورة التوسط الإفريقي في أزمة السد، بل بضرورة تدويلها عبر مشاركة الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لعدم قدرة الاتحاد الإفريقي بمفرده على الوساطة. كما تبنى السودان الموقف المصري بضرورة التوصل لاتفاق ملزم قبل قيام إثيوبيا بملء المرحلة الثانية، في يوليو/تموز 2021، مبررًا ذلك بخطورة هذه العملية على تشغيل سدِّ الروصيرص السوداني، وعلى حياة 20 مليون نسمة يقطنون أسفله، ويعيشون على ضفاف النيل الأزرق وحتى منطقة عطبرة. وربما هذا ما أدى لتوقف مفاوضات السد حتى الآن. كما حرصت مصر أيضًا على استغلال تقاربها من المجلس العسكري لتجفيف منابع الإخوان، وإغلاق ملفهم بصورة كاملة عبر خطوتين أساسيتين:
أولًا: التعاون الأمني عبر التنسيق بشأن تسليم أعضاء جماعة الإخوان في السودان الذين لجؤوا إليها بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، عبر سحب جنسيتهم، ثم تسليمهم، وكان هذا أحد المحاور التي تضمنتها زيارة البرهان، للقاهرة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2020. وقد ترتب على ذلك إعلان الداخلية السودانية، في 9 ديسمبر/كانون الأول 2020، أي بعد أقل من شهرين من الزيارة، سحب الجنسية السودانية من 3000 أجنبي حصلوا عليها إبان البشير بينهم أعضاء من الجماعة.
ثانيًا: مطالبة السلطات السودانية بغلق المراكز الدعوية والاجتماعية التابعة لإخوان السودان بدعوى نشرها للتطرف، وهو ما دفع السلطات السودانية إلى إغلاق 131 جمعية مرتبطة بالإخوان في جنوب دارفور، في 23 يناير/كانون الثاني 2021، بدعوى تلقيها أموالًا أجنبية لدعم الأنشطة الإرهابية والتحريض على العنف ونشر الفكر المتطرف في المنطقة.
وبالنسبة لملف تأمين الحدود، تم إجراء تدريبات مشتركة مع سلاح حرس الحدود السوداني لمنع تسلل اللاجئين أو عصابات التهريب، أو أية عناصر يمكن أن تهدد الأمن القومي للبلدين، فقد انطلقت فعاليات التدريب المصري السوداني المشترك (حارس الجنوب-1) والذي نفذته عناصر حرس الحدود المصرية وعناصر المشاة السودانية المدربة على مهام تأمين الحدود على مدار عدة أيام بقاعدة محمد نجيب العسكرية "أكتوبر/تشرين الأول 2021"، في إطار خطة التدريبات المشترك للقوات المسلحة لكلا البلدين.
أما بالنسبة للتعاون الاقتصادي، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بصورة ملحوظة عام 2021 مسجلًا نحو مليار و165 مليون دولار مقارنة بنحو 725 مليون دولار، عام 2020، بنسبة زيادة بلغت 60% وبفارق 440 مليون دولار، وقفزت قيمة الصادرات المصرية للسودان إلى 826.8 مليون دولار خلال العــام 2021، مقابل 498.9 مليون دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 65.7%، في حين بلغت قيمة الواردات المصرية من السودان 336.7 مليون دولار، مقابل 212.5 مليون دولار بنسبة ارتفاع قدرها 58.5%.
وهكذا نجحت مصر في تحقيق مجموعة من أهداف أمنها القومي عبر دعمها للمؤسسة العسكرية السودانية، وإن كان هذا تسبب لها في مشاكل عدة في الأحداث الأخيرة سواء مع القوى المدنية التي اتهمتها بالانحياز للعسكر، أو حتى من قبل حميدتي باعتبارها تميل فعليًّا لدعم البرهان؛ حيث انبنت وجهة النظر المصرية على أن الجيوش القومية، وليست الجهات الفاعلة غير الحكومية، في إشارة إلى حميدتي، هي الأولى بالدعم.
رابعًا: مصر والأحداث الأخيرة في السوان
لقد كان واضحًا وجود حالة من الرفض للوساطة المصرية لدى القوى المدنية، لذا فإن الاتفاق الإطاري الذي تم التوصل إليه، في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، بين "قوى الحرية والتغيير- المركز المركزي"، مع مجلس السيادة، تم من خلال جهود قادتها الآلية الثلاثية الخاصة بالسودان (الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة إيغاد) إضافة للرباعية المكونة من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والسعودية والإمارات، وفي ظل غياب ملحوظ لمصر، التي أعلنت تأييدها له، باعتباره خطوة مهمة ومحورية لإرساء المبادئ المتعلقة بهياكل الحكم في السودان.
ورغم ما بدا سابقًا، من انحياز النظام المصري للمؤسسة العسكرية بقيادة البرهان، والتدريبات المشتركة بين الجانبين في مطار مروي شمال الخرطوم، إلا أن السيسي أعلن بعد يومين من أسر بعض الجنود والضباط المصريين في مروي، 17 أبريل/نيسان 2023، عدم الانحياز لأي من طرفي الصراع، عارضًا الوساطة من أجل تسوية الأزمة؛ حيث أشار إلى "خطورة التداعيات السلبية لتلك التطورات على استقرار السودان، ومطالبًا الأطراف السودانية بتغليب لغة الحوار والتوافق الوطني، وإعلاء المصالح العليا للشعب السوداني الشقيق". كما أكد خلال لقائه بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة في البلاد، في 18 أبريل/نيسان، أن "القوات المصرية موجودة في السودان بهدف التدريب فقط وليست لدعم طرف على حساب آخر"، كما قام وزير الخارجية المصري بإجراء اتصالين، في 4 مايو/أيار، بكل من البرهان وحميدتي للمطالبة بضبط النفس والوقف الفوري لإطلاق النار، كما أيدت مصر ما تم التوصل إليه في اتفاق جدة، 12 مايو/أيار، بشأن تعهد الطرفين بعدم استهداف المدنيين، واعتبار ذلك خطوة للتوصل عبر الوسطاء والشركاء الإقليميين والدوليين، لوقف شامل ودائم لإطلاق النار واستئناف الحوار، بما يسهم في إخراج السودان من محنته، واستعادة الشعب السوداني الشقيق لحقه في أن ينعم بالسلم والأمن والاستقرار.
هذا الموقف المصري "المحايد" من الأزمة الأخيرة، ربما يرجع لعدة أسباب، منها أنه في ظل تكافؤ القوى النسبي بين الطرفين المتحاربين في السودان، فإن الانحياز لطرف ما "الجيش"، سيؤدي بالضرورة لعداوة الطرف الآخر "حميدتي"، وبالتالي ستكون هناك إشكالية حقيقية حال التوسط لاتفاق شراكة بين الجانبين المتحاربين؛ حيث سيصبح حميدتي في حالة عداء مع النظام المصري، كما أن الأمور ستزداد تعقيدًا حال نجاحه في السيطرة على المشهد السياسي برمته، ويبدو أن مصر قد استفادت من سابق خبرتها في ليبيا؛ حيث أدى انحيازها لحفتر، لعداء الطرف الآخر "الحكومي" في طرابلس، وعدم حلحلة الأمور حتى الآن. علاوة على ذلك، فإن الاتجاه للحياد في الأزمة هو السائد لدى معظم دول العالم والمنظمات الدولية، التي لا تنظر إلى حميدتي والدعم السريع على أنه ميليشيا متمردة، ولكن تنظر إليه على أنه أحد مكونات المؤسسة العسكرية، ومن ثم فإن الصراع يدور بين جناحين داخل هذه المؤسسة يحظى كل منهما بشرعية دولية.
وكما يبدو أن النظام المصري يحاول تحسين الصورة الذهنية "السلبية" السائدة عنه عند القوى المدنية، التي تراه ينحاز دائما للعسكر سواء خلال حكم البشير أو بعده، وهو ما تمثل جليًّا في دعم مصر الانقلاب على حمدوك، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، ما حدا بهذه القوى إلى رفض أي تدخل مصري في الوساطة، أو أي أنشطة تقوم بها مصر في هذا الشأن. ومن ذلك رفض قوى الحرية والتغيير (كبرى المكونات المدنية في البلاد) ولجان المقاومة الثورية، فضلًا عن أطراف مدنية أخرى، توصيات ورشة العمل التي استضافتها مصر في فبراير/شباط 2022 بعنوان "آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع"، لإيجاد منبر لحوار يؤدي إلى توافق سوداني-سوداني. ويبدو أن قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي القريبة من حميدتي الآن، لا تزال ترفض أي جهود مصرية للوساطة، وتتهم القاهرة بالانحياز للبرهان.
خامسًا: مصر وحدود التأثر بالأحداث الأخيرة
يمكن رصد حدود تأثر مصر بالأحداث الأخيرة من خلال مجموعة من المؤشرات:
1. تراجع الدور المصري كوسيط في الأزمة لصالح قوى إقليمية أخرى أبرزها السعودية التي هي عضو في الرباعية الدولية المعنية بالأزمة السودانية والتي تضم أيضًا الإمارات، فضلًا عن الولايات المتحدة وبريطانيا. ويبدو أن الانحياز المصري للبرهان، والإماراتي لحميدتي، جعل السعودية وسيطًا مقبولًا لدى طرفي الأزمة حتى الآن من خلال استضافتها محادثات جدة لبحث وقف العنف ضد المدنيين، وكذلك بحث وقف دائم لإطلاق النار.
2. أن إطالة أمد الأزمة، وعدم وجود حكومة مركزية واحدة في السودان، سيكون له أثر سلبي على الأمن القومي المصري بمنظوره الأمني الضيق، خاصة حال سيطرة حميدتي على مقاليد الأمور وحسم معركة الخرطوم، أو حتى حال فشله في هذه المعركة، وانفراده بالسيطرة على دارفور مقابل سيطرة الجيش على العاصمة وما حولها؛ إذ سيجعل ذلك مصر أكثر انشغالًا بتطورات الأوضاع في السودان الذي سيصبح في هذه الحال مفتتًا أو منقسمًا لإقليمين، كل منهما تسيطر عليها حكومة تناصب الأخرى العداء. وربما هذا التفتيت الممنهج للسودان يذكِّرنا بإستراتيجية إسرائيل التي دشَّنها بن غوريون وطورها شارون أوائل ثمانينات القرن الماضي، ودعمها برنارد لويس، والتي تعرف بشد الأطراف ثم بترها، عبر تفتيت الدول العربية من خلال إثارة النعرات الأيديولوجية أو العرقية أو الدينية بها، وكان السودان أحد المستهدفين من خلال إثارة حرب الجنوب، 1983، وتقسيمه إلى شمال مسلم وجنوب مسيحي، ثم ظهرت بعد ذلك أحداث دارفور غرب البلاد منذ عام 2003، وها هي قد تعود للواجهة مرة أخرى، كما أن الأحداث الأخيرة ربما تدفع النوبيين في شمال السودان للمطالبة بالاستقلال والانضمام لنظرائهم في مصر وتكوين دولة قوش النوبية المستقلة عن البلدين.
3. أما بالنسبة لموضوع حلايب وشلاتين.. فهو غير مثار، ولن يؤثر على الوضع الراهن للمثلث، لكن ربما يثار لاحقًا حال حسم حميدتي الأمر لصالحه، أو عند وصول قوى مدنية مناوئة لمصر لسدة الحكم وفق اتفاق سياسي. وإن كان الأمر لن يخرج في هذا الحال عن المناكفات السياسية لصعوبة حسمه عسكريًّا.
4. بالنسبة لموضوع اللاجئين والفارين من الأزمة عبر المعابر، فإن الأمر لا يزال تحت السيطرة المصرية حتى هذه اللحظة، ولا يشكل أي مشكلة أمنية، إنما المشكلة في الاعتبارات الإنسانية، والتدابير اللوجستية على معبري أشكيت وأرقين البريين. وبحسب الخارجية المصرية تم استقبال ستة عشر ألف شخص من غير المصريين عبر المنافذ الحدودية مع السودان حتى 27 أبريل/نيسان الماضي.
5. بالنسبة للأثر المتعلق بسد النهضة، يمكن القول بصعوبة استئناف المفاوضات الثلاثية قبل الملء الرابع في يوليو/تموز المقبل، كما أن القاهرة باتت لا تعوِّل كثيرًا على آلية التفاوض لعدم جدواها على مدار أكثر من 11 عامًا، ناهيك عن قيام أديس أبابا بعمليتي الملء الثاني، يوليو/تموز 2021، والثالثـ يوليو/تموز 2022، في ظل توقف المفاوضات بسبب التباينات بين الأطراف الثلاثة. ومن ثم فإن أهمية السودان لمصر ليس في موضوع المفاوضات فقط، وإنما في حال اللجوء للخيارات الأخرى سواء القانونية أو العسكرية. وهنا، فإن نجاح البرهان قد يعطي دفعة لمصر في هذا الشأن، أما في حال حسم حميدتي الأمر، فإن الأمور ستزداد تعقيدًا في ظل علاقاته الوطيدة بإثيوبيا.
6. بالنسبة لملف الإخوان؛ فإن تراجع دور الجماعة بصفة عامة، كما أن خروج الكثير من قيادتها إلى تركيا وغيرها، لا يجعل هذا الملف له تأثير على مصر، خاصة بعد الخطوات التي اتخذتها السلطات في 2021 بسحب الجنسيات والتضييق عليهم بطرق عدة.
7. التأثير الاقتصادي: يمكن أن تتأثر مصر اقتصاديًّا بالأزمة في السودان من عدة أوجه، منها إمكانية خفض تصنيفها الائتماني باعتبارها دولة ذات مخاطر عالية، لارتباط الأمن القومي المصري بالسوداني، كما سيدفع ذلك المؤسسات المالية الدولية إلى زيادة تكلفة الإقراض والفوائد على القروض التي تمنحها لمصر، كما سيحدث تراجع، وإن كان محدودًا، في حجم المبادلات التجارية بين البلدين لتوقف حركة الاستيراد والتصدير، كما سيتأثر الأمن الغذائي في مصر أيضًا بصورة جزئية بسبب نقص كل من اللحوم المستوردة من السودان، وكذلك الحبوب التي تعاني منها مصر بالفعل جرَّاء الحرب الروسية على أوكرانيا.
وفق تعريف UN-Water لعام 2013، فإن الأمن المائي يعني قدرة السكان على ضمان الوصول المستدام إلى كميات كافية من المياه ذات جودة مقبولة للحفاظ على الحياة وسبل العيش وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك الحماية من تلوث المياه، مع الحفاظ على النظم البيئية في إطار مناخ من السلام والاستقرار السياسي. وتبرز مشكلة الأمن المائي، فيما يتعلق بالمياه العابرة للحدود؛ إذ قد يؤثر استخدام دول المنبع على سبيل المثال على المياه القادمة لدول المنبع؛ ما يعني تهديد أمنها المائي من حيث الكم أو حتى الكيف (تلوث المياه).