• اخر تحديث : 2024-04-30 13:50
news-details
أبحاث

تحطم "نظرية الأمن الإسرائيلية" على صخور الضفة الغربية


 

توطئة:

تخضع عملية تطور نظريات الأمن للدول والكيانات السياسية إلى مجموعة من الاعتبارات السياسية والأمنية والاقتصادية والديموغرافية، فكلما زاد تطور التهديد الذي تشعر به هذه الوحدات السياسية أو الحزبية أو الحركية؛ تغيرت نظرياتها الأمنية التي تحكم وتصوغ إجراءاتها للحفاظ على أمنها وسلامة أبنائها، كما وتخضع هذه النظريات في تطورها أيضاً للتغير الحاصل في رؤية الدول لمصالحها الحيوية، والمدى الذي يتسع فيه قوس هذا الفهم للمصالح؛ موضوعياً وجغرافياً؛ فكلما زادت المساحات الجغرافية أو تعددت الموضوعات المصلحية؛ كلما تطورت مفاهيم الأمن ونظرياته لتغطي هذه المساحات، وتلك الموضوعات.

لذلك ومن أجل المحافظة على المصالح القومية، والموضوعات الأمنية للدول والكيانات السياسية والحزبية والحركية، من أجل ذلك تقوم هذه الهياكل والأطر بإسناد أمر متابعة تطور التهديدات أو المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها مصالحها الحيوية، تسند أمر متابعتها إلى جهات شغلها الشاغل فقط هذه المواضيع وتلك المضامين، واقتراح أنجع السبل للحفاظ عليها والدفاع عنها، وتطلق على هذه الأطر والهياكل مسميات شتى؛ فدولة تسميها “مجلس الأمن القومي”، وأخرى ترفع من شأنها فتجعل منها وزارة، وثالثة يناسبها أن يكون هذا الإطار؛ إطارٌ ظرفي يجتمع فيه جميع أهل الاختصاص لمعالجة موضوع معين في ظرف معين، ثم ينحل بانقضاء مهمته.

وبعيداً عن الخوض في أصل عمل وصلاحيات ومساحات حركة هذه الأطر الوظيفية، وحتى لا تتشعب بنا الدروب، فلا نصل إلى ما هو مطلوب؛ فإن هذه الورقة تأتي لتبين كيف أن تصاعد المقاومة في الضفة الغربية خصوصاً، وفي فلسطين عموماً، وفي المنطقة شمولاً، حطم نظرية أمن العدو، ويكاد (ينعفها نعفاً)، مسلطة – الورقة – الضوء على مؤشرات وقرائن هذا التحطم والتهالك، فقط في ساحة الضفة الغربية.

حيث ستبحث هذه الورقة هذا العنوان المهم في عجالة عبر مجموعة من العناوين، تبدأ بتعريف مهمة مقاومة – مطلق مقاومة – المحتلين، ثم ستتعرض إلى عناصر” نظرية الأمن الإسرائيلية” بشيء من التفصيل غير الممل، ثم تسرد أهم القرائن والشواهد الدالة على ما نقول وندعي، ثم تختم الورقة هذا البحث بمجموعة من التوصيات الفنية التي تساعد المقاومة في (تنعيم) طحنها لنظرية العدو الأمنية.

علّنا بذلك نكون قد أضأنا على مساحة جدلية، نجيب فيها على بعض التساؤلات القائلة: ما هي جدوى المقاومة في الضفة الغربية، أمام ما تقدمه البيئة الحاضنة من تضحيات بشرية ومادية؟

مهمة المقاومة عموماً والفلسطينية خصوصاً

إن أي مقاومة لمحتل أو غازٍ لها مهمة رئيسية، تعبئ قدراتها، وتحشد طاقاتها من أجل تحقيقها، هذه المهمة يمكن تلخيصها بـ “فرض حالة مِن الّلا أمن على العدو المحتل عبر مجموعة من المواقف التي تفرضها عليه المقاومة” والتي من أهمها:

فرض حالة مِن الّلا استقرار على قواته:

إن أول المواقف التي تفضي إلى شعور العدو بحالة من اللا أمن هو فرض نوع من اللا استقرار عليه وعلى وجوده، حيثما حل أو ارتحل، إن الهدف من إشعار العدو أنه غير آمن في أي مكان يمكن أن يصل له أو يتموضع فيه، الهدف هو منع العدو من التفكير المنظم المطلوب من أجل التعامل مع المواقف القتالية أو الأمنية التي تضعه المقاومة في مواجهتها، حيث أن أول متطلبات التعامل مع الأزمات والمواقف القتالية الطارئة وغير الطارئة في ميادين القتال ومسارح العمليات، أول المتطلبات؛ القدرة على استجماع النفس، والتفكير المنظم المبني على الوقائع لا على الرغائب، وكلها أمور يمكن أن تحرم المقاومة عدوها منها إن هي نجحت في فرض حالة من اللا استقرار عليه.

فرض حالة من الاستنفار المفضية إلى استنزاف القدرات:

المهمة الثانية الرئيسية من مهام أية مقاومة هي: فرض حالة من الاستنفار والانشغال على العدو، تستنزف فيه قدراته البشرية والمادية، فالاستنفار يعني تشغيل مزيد من القوات، وطلب مزيد من القدرات والإمكانيات، فما يمكن القيام به عبر شخص واحد أو إطار عمل معين في حالة السلم؛ يطلب تشغيل مزيدٍ من الكوادر، وكثير من الهياكل والتشكيلات في حالة الاستنفار لعلاجه والتعامل معه؛ فجزء من القدرات مطلوبٌ للتعامل مع الموقف، وأخرى مطلوبة من أجل تأمين الحماية لقوات الواجب الرئيسية، وهذه مهمة – فرض الاستنفار على العدو – نجاح المقاوم فيها يعني، حرمان العدو من تحرير قدرات لتشغيلها في العديد من الجبهات والمزيد من المهمات.

إيقاع أكبر كم من الخسائر البشرية المادية في قوات العدو:

وهذه المهمة هي أصل هدف أي مقاومة، خاصة ما هو متعلق منها بالبعد البشري، فإلحاق الخسائر البشرية بالعدو تأتي على رأس مهام المقاومة، وإن جاءت في الترتيب متأخرة، إن إفقاد العدو ما يمكن من عناصر وكوادر ومرتبات عمل، يعني فتح جبهة داخلية عليه تطارده بسيل من الأسئلة عن جدوى ما يقوم به، والهدف الذي يخسر الناس فيه أبناءهم وذويهم لأجله، فضلاً عن أن خسارة الكوادر البشرية؛ يعني خسارة الكفاءة القتالية حكماً، فمن سيُزج بهم في المعارك تعويضاً عمن تمت خسارتهم، لن تكون كفاءتهم القتالية ككفاءة من سبقهم، لاعتبارات تعبوية مرتبطة بقلة المعرفة بساحة المعركة والعدو الذي يواجهونه، كما أن انخفاض كفاءة القوات الجديدة مرتبط بشكل رئيسي بالعامل النفسي والمعنوي والذي يكون في أسوأ حالاته، عندما تعبأ قوات لساحة القتال، لتملأ فراغاً تركته أخرى خرجت على صورة قتلى أو جرحى.

فرض الانسحاب الكلي أو الجزئي على قوات العدو مما تحتله من جغرافيات:

أما المهمة الأخيرة التي تعمل حركات المقاومة والتحرير على تحقيقها فهي: فرض انسحاب ولو جزئي على العدو من جغرافيات معينة، تتخذها بعد ذلك حركة التحرر كنقطة ارتكاز لعملياتها، أو رأس جسر تنفتح منه قواتها بعد حشدها وتأمين متطلبات توسيع وضعيتها القتالية انطلاقاً منها، لتحرير ما يمكن من مساحات وجغرافيات، أو السيطرة على النقاط الحساسة والاستراتيجية في ساحة المعركة.

هذه هي أهم المهام التفصيلية التي تفضي إلى إيصال العدو إلى حالة من اللا أمن المطلوب إيصاله لها، حتى يقتنع أن أكلاف بقائه محتلاً أكبر بكثير مما لو انحسب أو انكفأ عن الأرض التي احتلها أو سيطر عليها.

أما عن عناصر النظرية الأمنية الإسرائيلية؛ فإننا سنأتي عليها في العنوان الآتي.

"عناصر نظرية الأمن الإسرائيلية":

الردع:

إن أول مرتكزات نظرية “الأمن الإسرائيلية” التي وضعها مؤسسو هذا الكيان المؤقت، وعلى رأسهم “بن غوريون” هو الردع، الردع بمعنى الدخول إلى عقول أعدائهم وإيصالهم إلى قناعة بأن ما سيكسبونه من شن أية حرب عليهم – على الكيان المؤقت – أقل بكثير مما سيتكبدونه من خسائر، فيحجموا عن التفكير في محاولة تحرير ما احتل من أرض، وما اغتصب من أملاك. إن الردع يعني امتلاك القدرة المثبتة الجدوى، والعزم الصادق على التشغيل إذا اجتيزت الخطوط الحمر المُعرّفة والواضحة، وخط اتصال – مباشر أو غير مباشر – بين طرفي المعادلة، ومصداق واضح على مدى أثر عقوبة تجاوز الحدود، وانتهاك المحرمات الوطنية والقومية. فإن توفرت هذه الشروط؛ رُدِعَ العدو، وامتنع عن العدوان.

الإنذار:

الركيزة الثانية من ركائز نظرية الأمن الصهيونية هي الإنذار؛ فعندما لا يرتدع خصوم العدو وأعداؤه عن التحرش به، والتعرض له؛ فإنه – العدو – يحرص على أن يلوح لهم ببعض قدراته القتالية، على قاعدة الإنذار ودفع الأعداء إلى مراجعة حساباتهم والكف عن التفكير في التعرض له، وهذا الإنذار قد يكون على عدة صور، وأشكال وطرق عمل مختلفة؛ فمرة يرسل رسائله عبر القنوات الدبلوماسية المباشرة أو غير المباشرة، ومرة عبر وسيط من الوسطاء الدوليين الذين يملك هو وأعداؤه صلات معه، كما يمكن أن يكون هذا الإنذار عبر مناورة قتالية يحرص فيها العدو أن يقرأ خصومُه مجرياتها على أنها إنذار من نوع ما، فضلاً عن القنوات والتصريحات والبيانات الإعلامية التي يقوم العدو عبر ساسته بإصدارها بين الفينة والأخرى.

الحسم:

قاعدة الارتكاز الثالثة في نظرية أمن العدو، هي الحسم، فإن لم يرتدع خصوم العدو وأعداؤه، أو لم يقرؤا رسائل الإنذار المرسلة؛ فإنه يخرج في عملية عسكرية يحرص أن تكون قصيرة المدة، مؤكدة النصر، كونه – العدو – لا يخوض حروبه مالم يكن متأكداً من حتمية النصر، وسرعته، وعدم تضرر جبهته الداخلية، فإن تحققت له هذه المعطيات عبر ما قام به من تقديرات؛ خرج في عمله العسكري الذي يحرص على أن يكون حاسماً قاصماً للتهديد وأدواته.

الدفاع:

لقد أضاف العدو بعد تطور المقاومة في داخل فلسطين المحتلة وخارجها، عنصراً رابعاً لنظرية أمنه هذه، ألا وهو عنصر الدفاع؛ فبعد حربه ضد حزب الله في لبنان في تموز 2006، ومجمل حروبه التي خاضها ضد المقاومة في غزة، وبدء وصول تهديد نار المقاومة إلى (جبهته) الداخلية، تيقن العدو أن زمن الإضرار بالآخرين وبقاءه بعيداً عن الضرر قد ولت، لذلك بدأ بعمل إجراءاته الدفاعية – السلبية والإيجابية- علّه بذلك يحمي أصوله الاستراتيجية؛ البشرية والمادية، وما الضربات الاستباقية، واستراتيجية المعركة بين الحروب إلا أحد تجليات عمليات الدفاع الاستباقي وعدم انتظار تبلور التهديد، ومنعه من الخروج إلى حيز التنفيذ.

قرائن وشواهد تحطم النظرية:

بعد استعراض مهام المقاومة، ونقاط ارتكاز “نظرية الأمن الإسرائيلية”، نصل إلى محور هذه الورقة، والتي نستدل من خلالها على الشواهد التي تدلل على تحطم نظرية أمن العدو على صخور الضفة الغربية، وبين قراها وخِرَبها ومدنها – وفي هذا الجزء من الورقة لن نطيل الحديث، ففعل الميدان يدل على ذاته – حيث تعد النقاط الآتية من أهم قرائن وشواهد تحطم هذه النظرية.

استمرار عمليات المقاومة:

إن أهم قرينة وشاهد على تحطم نظرية أمن العدو، وعدم جدواها في ردع المقاومين ومنعهم من التصدي له، والاحتكاك به، أهم قرينة ما نراه من الفعل المقاوم اليومي، فلا يكاد يمر يوم دون أن تقع فيه عملية هنا أو هناك، فمرة تطلق النار على حواجز الجيش ونقاطه، وأخرى يرجم المستوطنون بالنار وبالأحجار، ويكمن لقطعان المغتصبين على الطرق والممرات، فضلاً عن العمليات التي تتم في داخل أرضنا المحتلة عام الثمانية والأربعين، فإن لم يكن استمرار المقاومة على هذا النحو، وبهذه الوتيرة، من أدلة تحطم نظرية العدو الأمنية، فماذا تكون؟

استمرار عمليات التوغل واجتياح المدن والقرى:

كما يعد استمرار العدو في الدخول إلى مدننا وقرانا، وتوغله فيها دليلاً آخر على عدم جدوى توعده و(إنذاره) بالويل والثبور وعظائم الأمور لمقاومينا وبيئتهم الحاضنة إن بقيت حالهم على ما هي عليه من مراكمة القوة، والتجهيز والإعداد للتعرض له، أو بقي أهلنا وناسنا حاضنين للمقاومة، فإنه سينزل بهم العقاب تلو العقاب، وسيقتل ويدمر ما تصل له آلة بطشه، ومع ذلك يخرج المقاومون من المدن ليتعرضوا له ويحتكوا به، وتُخرج له حاضنتنا الشعبية خيرة أبنائها، فتدفعهم في صدره، فينزلوا به الخسائر، ويكوون وعيه، فلا التوغل والاجتياح منع مقاوم من فعل يريد القيام به، ولا أخاف الحاضنة الشعبية فلفظت أبناءها، وهذا عين عدم جدوى إنذار العدو وتهديده في فرض ما يريده.

ضعف ضرباته الانتقامية:

لقد بلغ الوهن من العدو مبلغه، فكلما وقعت عملية فدائية، أرغى وأزبد، وهدد وتوعد، ثم عند الفعل؛ ترى جبلاً يتمخض والداً فأراً، طبعاً هذا التوصيف لا يراد منه القول أن العدو لا يؤذي المقاومة، أو أن ضرباته وردات فعله لا تؤثر فيها، أو أنه بلغ من الضعف ما يمكن أن ينهار معه غداً أو بعد غد، إن الهدف من قول هذا هو أن مراجعة بسيطة لسلوك العدو في الماضي يرينا مدى رد فعله على عمليات المقاومة، وكيف كان يجبي منا أثماناً غالية، واليوم بعد العمليات الفدائية ترى منه جعجعة ولا ترى طحناً حقيقياً، وجل ما يقوله ويصرح به أن اجتماعاً لمجلس الوزراء سيعقد، أو أن تقييماً للوضع الأمني سيتم، فننتظر ما تبلور في هذه اللقاءات، وتلك الاجتماعات، فنراها لا تشبه ما كان يفعله في السابق من انتقام ومحاسبة، وهذا أيضاً دليلٌ على تحطم نظرية أمنه على صخور ضفتنا، وفي قراها ومدنها.

حالة الخروج العكسي من فلسطين إلى خارجها:

إن مركز ثقل مشروع هذا المحتل الغاصب هو العنصر البشري، وجمعه في أرضنا، وتوفير أفضل سبل الحياة له، وأن لا أمن لهم في العالم كله ما عدا في (دولتهم) المؤقتة، وقد بذل وما زال يبذل قادة هذا العدو كل ما يملكون في سبيل مضاعفة كتلتهم البشرية في أرضنا المحتلة، ولكن خاب فألهم، وطاش سهمهم، فها هي حركة الخروج العكسي من فلسطين المحتلة تقارب إن لم تتفوق على نسبة القادمين لها من الخارج.

لقد أصبحت بيئة فلسطين عموماً، والضفة الغربية خصوصاً، بيئة طاردة لا يطيق العدو البقاء فيها، وهذا كله بفضل الله أولاً وأخيراً، ثم بفضل جهود المقاومين والمجاهدين الذين أحالوا نهار هذا العدو ليلاً، وبمقاومتهم وتعرضهم له واحتكاكهم به، وهذا أيضاً دليلٌ قاطع لكل ذي لب على أن نظرية أمن العدو قد طُحنت في الضفة الغربية، والمدن الفلسطينية.

حالة اللا أمن التي يشعر بها المحتلون:

وهنا سندع الأرقام تتحدث عن نفسها، وتوصّف ما وصل له العدو ومغتصبوه من حالة شعور باللا أمن التي ستدفعه صاغراً – وإن طال الزمن – على الخروج من أراضينا ومدننا، فـ 55 % من المحتلين يشعرون بضعف أمنهم الشخصي، 52 % من مغتصبي بلادنا يقولون أنهم لن يتنقلوا عبر طرق النقب والجليل، و 18 % من هؤلاء المحتلين صرحوا بأنهم لن يخرجوا من بيوتهم في الليل لشعورهم بعدم الأمن في مناطقهم. فإن لم يكن هذا قرينة ودليل على التحطم والطحن والتهشيم، فماذا يكون؟

كانت هذه بعض أهم القرائن والشواهد الدالة على تحطم نظرية العدو الأمنية على صخور سناسل (حواجير) الضفة الغربية، وما خفي – الأثر النفسي على العدو – أعظم مما ظهر، والقادم لنا أفضل، ولعدونا سيكون الأسوأ. وحتى يساء وجه هذا العدو المحتل، ويُزاد في (تنعيم) عملية طحن نظريته فإننا نوصي بالآتي:

1- المعلومات ثم المعلومات ثم المعلومات، عن هذا العدو، فلا تترك شاردة ولا ورادة عنه إلا وتجمع.

2- التفكير والعمل الجماعي الذي يشارك فيه جميع أبناء فصائل المقاومة وتنظيماتهم في الداخل والخارج، فأعداؤنا يفكرون ويعملون بشكل جمعي، ولا ينكث غزلهم سوى الفعل الجمعي والجماعي.

3- الصبر الصبر، وطول النفس، وبرودة الرأس، وعدم التهور، والابتعاد عن العمل وفق شروط العدو أو اللعب في ملعبه، بل نحن من يجب أن يفرض على العدو المكان والزمان والظرف الذي يناسبنا للعمل ضده والاحتكاك به.

4- الحفاظ على البيئة الحاضنة، وعدم تحميلها أكثر مما تطيق، وتجشيمها الصعاب في غير طائل، فالله الله بها – الحاضنة – لا تنفض عنا.

5- تقسيم الأحمال، وتوزيع الأعمال وعلى رأي كبارنا و (ختياريتنا) الحمل إذا (توزع) بنشال، فما لا نقدر عليه منفردين؛ حتماً سنقدر عليه مجتمعين.

إن عدونا يشهد أسوأ أوضاعه وأوقاته، ويفقد الثقة بنفسه يوماً بعد يوم، وقد أصبح أقرب حلفائه له يناقشون جدوى بقاء تحالفهم معه، بل إن بعضهم أصبح يرى أن أكلاف العلاقة معه أصبحت عالية، وجدوى هذه الصداقة مشكوك فيها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن أثر المقاومة بدأ يُرى ويُحس، وأن منحنى تطورها في صعود – وإن اعتراه بعض النزول أحياناً – ولكن هذا لا يجب أن يجعلنا ننام على حرير، أو نخطئ التقدير، أو نغفل عن طبيعة هذا المسير المليء بالأكلاف والتضحيات، ولكننا بكل ثقة نقول أننا قد وضعنا قدمنا على مسار التحرير، وأن رحلة العودة إلى بلادنا بدأنا نسمع قرقعة التحضير لها، والتجهيز لبدئها.