• اخر تحديث : 2024-09-25 18:05
news-details
ندوات وحلقات نقاش

الاستهداف الصهيو-أميركي للضاحية وطهران والعراق: سيناريوهات الردّ، وتحديات المرحلة المقبلة


اتخذ الكيان المؤقت من حادثة مجدل شمس في هضبة الجولان السورية المحتلة التي وقعت نهار السبت الماضي (27تموز 2024) ذريعة كي ينفذ من ضمن سلسلة عملياته العدوانية التي تحصد المدنيين عدونًا اجراميًا جديدًا على العاصمة اللبنانية بيروت مساء أمس الثلاثاء مستهدفًا مبنى سكنيًا مجاورًا لمستشفى بهمن في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت؛ وبعد منتصف الليل استهدف العاصمة الإيرانية طهران باعتداء اجرامي مستهدفًا رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية.

طرح تجاوز العدو الخطوط الحمراء، وقواعد الاشتباك عددًا من التساؤلات: ما هي المعادلة التي يعمل العدو لإرسائها في المرحلة المقبلة؟، وهل إن هذه السلسلة من الاعتداءات للهروب من واقعه الداخلي المأزوم جرّاء تشظي جبهته الداخلية، وعجزه عن الخروج من مأزق الحرب على غزة وحسم المعركة لصالحه، أم لتغيير قواعد الاشتباك التي أرستها جبهة الاسناد الشمالية، وجبهة اليمن والعراق وإيران؟، وما هي قدرة العدو على تحقيق مراميه؟؛ في المقابل ما هي الخيارات المتاحة أمام المقاومة، وطبيعة التحديات التي تفرضها عليها حركة الاعتداءات الصهيونية المتسارعة .

أسئلة ناقشتها ندوة نظمتها الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين مواكبةً للتطورات المتسارعة تحت عنوان: "الاستهداف الصهيو-أميركي للضاحية وطهران والعراق: سيناريوهات الردّ، وتحديات المرحلة المقبلة".

أولاً: معطيات أولية حول اللقاء:

الزمان

نهار الأربعاء 31\7\2024

الحادية عشرة صباحًا والنصف بتوقيت بيروت.

المكان

مكتب الرابطة: لبنان- بيروت - حي معوض – بناية الروضة 3 – ط 1

 

المشاركون السادة

1

رئيس الرابطة د. محسن صالح

2

عضو الرابطة الأستاذ رياض عيد

3

عضو الرابطة د. عماد رزق

4

عضو الرابطة العميد الركن المتقاعد بهاء حلال

5

 أمينة سر الرابطة د. وفاء حطيط.

 

ثانيًا: مجريات اللقاء

 بداية رحّب رئيس الرّابطة د. محسن صالح بالمشاركين؛ وهذا أبرز ما جاء في المداخلات. 

المداخلات:

د. محسن صالح:

 لا بد من التعامل مع استهداف الكيان الصهيوني لضاحية بيروت الجنوبية واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران بعقل جديد من حيث الأدوات والاليات والأفكار القديمة؛ ويجب أن تتغير من الناحية الاستخبارية الأمنية، ولناحية عدم الاتكال لإمكانية وجود هدنة؛ بمعنى أن يصبح هناك نوع من هدوء النار، والأهم أن يتغير الخطاب الإعلامي؛ فالأميركي والصهيوني يخططان لضرب محور المقاومة والأركان القائم عليها؛  لذا أعتقد أن اغتيال هنية في طهران ليس ضربة للمقاومة الفلسطينية؛ بل ضربة لإيران، وربما رسالة الى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

اليوم تعامل الصهيوني مع محور المقاومة بلا سقوف، وبلا حدود، وبلا ضوابط، وبلا قوانين، وبلا إحساس بالقوانين العالمية للحروب، والحرب التي يشنها الصهيوني كعصابة خارجة عن القانون والولايات المتحدة التي ترعى هذا الكيان ترعى هذه العصابة؛ وبالتالي تسعى اميركا عند أي فرصة الى اضعاف حركات الشعوب خاصة في المنطقة، وبرأيي طالما اميركا بهذه القوة ان تفرض أي شكل من اشكال القوانين في المنطقة، او التعاطي مع شعوب هذه المنطقة فإنها لن تتورع عن ارتكاب  أي جريمة: من قتل رئيس وصولاً إلى قتل أصغر مسؤول، والأهم أن اميركا عندما تجد الوضع الاقتصاد العالمي يتجه شرقًا، فهي تتحرك وفق عقل العصابة، وعقل المافيات، وعقل القتل من دون أي رادع طالما القوانين بين يديها.

ولأننا نعتقد أنه لا بد من مقاومة، ولا بد من حرية، ولا بد من تحرير تام فيجب أن نبحث عما يعيننا في استمرار هذه المواجهة، وكيفية تغيير الأفكار والمفاهيم والطرق الأمنية، او التعاطي مع عقل الشعوب ونفسياتها، وهذه المرحلة هي مرحلة تجديد عميق وجذري للأمن أولًا، وكيفية الرد بذكاء عالٍ وقساوة عالية ثانيًا، وأن نفكر في السيناريوهات كافة التي تؤذي الوجود الأميركي والصهيوني في هذه المنطقة. فنحن أمام لحظة مفصلية تاريخية استراتيجية تحتاج الى إعادة النظر في عناصر القوة التي نمتلكها، وكيف نستخدمها في اللحظة والزمان والمكان. يجب أن أعيد عنصر القوة الى ذاتي لأعيد السيطرة، خاصة أن كل الفترة الماضية أكسبتني القوة والوعود الصادقة، وممنوع أن نشعر، أو أن يشعر شعبنا في لحظة من اللحظات بالإحباط أو التعب؛ وبالتالي هذه معركة ستستكمل حتى النهاية، وكل معادلة جديدة يجب أن نبادر لتغييرها، أو تطويرها بما يخدم قدراتنا.

د. عماد رزق:

بعد عشرة أشهر من الاستمرار بقواعد اشتباك معينة، يريد الإسرائيلي اليوم الذهاب إلى قواعد اشتباك جديدة انطلاقًا من عدم قدرته على الاستمرار في حالة الاستنزاف، إذ  لا إمكانية للبقاء في المتراس وإطلاق النار على الخصم ويقوم الأخير بالرد؛ فوظيفة الاستنزاف إما التمهيد لهجوم، أو التراجع لعدم الإمكانية من القيام بهجوم؛ وميدانيًا يسعى أي طرف في لعبة الاستنزاف للتحضير لشيء أخر؛ وبالتالي هناك طرف بالتأكيد يريد كسر هذه القواعد؛ من جهة المقاومة، أو محور المقاومة لم يكن هناك بالتأكيد قرار بكسر قواعد الاشتباك على الرغم  من كل ما حدث، فقد كانت الأمور لاتزال مضبوطة .

 لكن لابد من استعراض موجز لواقع الحال: فشل زيارة نتنياهو الى مجدل شمس، وموقف النائب وليد جنبلاط المشرف، وعدم وجود هامش واسع لدى الشيخ موفق طريف للتأثير بالدروز، وبالتالي كان التقدير أن نتنياهو غير مضطر للمغامرة وكسر السقوف الموضوعة، وهذا ما اعتبرنا أنه قد يغير قواعد الاشتباك من دون تجاوز السقوف، ومع ذلك كان المعطى الوحيد وهو الحاضر دومًا في تاريخ العدو الإسرائيلي، أقصد أن العدو عند مواجهة مأزق داخلي يلجأ إلى خيار الذهاب إلى الخارج لشد العصب الداخلي.

وهنا تستوقفني نقاط عديدة، بينها: أن المفاوضات مفتوحة مع العدو الإسرائيلي بوساطة الاماراتي، وأسأل هل إنه تم استدعاء الرئيس السوري د. بشار الأسد إلى لقاء في موسكو، أم كان في زيارة؟، ووفقًا للإجابة عن هذا السؤال يمكن أن نبني عليه؛ خصوصًا بعد كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن المقبل على المنطقة وسوريا... يمكن ربطه بحادثة مجدل شمس، أو افتعالها؛ فالإسرائيلي يرتكز على مشهد مهما كان صغيرًا ويقوم بالعملية.

إن قرار الإسرائيلي استهداف القيادات العسكرية والسياسية في حماس، يعني في الوقت نفسه أن القرار اتخذ أيضًا بالنسبة إلى حزب الله، وأن قرار تغيير قواعد الاشتباك قد اتخذ، وبالتالي، فقرار عملية الاستهداف اتخذ مع تحديد الهدف، ولا نعلم ما إذا كان هدفًا واحدًا فقط؛ وهنا أود الإشارة إلى معلومة مررها لي صديق لديه علاقة مع جماعة وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو تقول: الخطة أميركية والتنفيذ إسرائيلي في ثلاث نقاط:

- استهداف مخازن الصواريخ الدقيقة ومخازن المسيرات.

- استهداف البنية التحتية وطرق الامداد.

- الاغتيالات قد تشمل الجناح السياسي.

يعني بدأ العدو الإسرائيلي تنفيذ الخطة الأميركية، وذهب في اتجاه تغيير قواعد الاشتباك بالقوة لخلق قواعد اشتباك جديدة. فهل نحن ذاهبون إلى تسوية أمنية بقواعد الاشتباك أبعد من الحدود؟، إن الإسرائيلي يريد خلق معادلة ردع جديدة، ومن خلال ضرباته الأخيرة يود القول إنه لايزال يملك زمام المبادرة وعنصر القوة والامر له على كل الساحات في المنطقة الأميركية الوسطى.   ويبدو أننا ذاهبون إلى قواعد اشتباك إقليمية دولية جديدة لا تتطور إلى حرب، ولكن بأهداف دقيقة محكمة، وقد تستمر لأشهر من الآن حتى الربيع تسفر عن تفاهم ما، لأن الأميركي حاليًا غير جاهز، ولا الروسي؛ وبالتالي سيعمل الجميع على تحسين شروطه عبر الميدان. وما حدث اليوم يؤكد أن المواجهة قائمة على مستوى: نحن محور وهم محور، ولم يعد هناك منطقة رمادية. مع الإشارة إلى أن روسيا يهمها بقاء حزب الله قويًا، وهي ذاهبة للشراكة الكاملة الاستراتيجية مع إيران، وهذا يعطي إشارة إلى أنه ليس هناك مناورة، أو تلاعب، أو سوء نية بين الأطراف، ولكن ربما هناك توزيع أدوار. وبعد قواعد الاشتباك الجديدة هذه سيتم فرض سقف التفاوض وخلق واقع جديد، إما يكون لمصلحة العدو باستعادة قوة ردع وهيبة الجيش الإسرائيلي، أو الحفاظ على التوازن، أو يختل هذا التوازن وعندها يستمر بمواجهتنا. وتعد الجبهة اليمنية أهم الجبهات لأنها تؤثر على الاقتصاد العالمي، وفي استطاعة اليمنيين تغيير المعادلة.

الأستاذ رياض عيد:

يقول نتنياهو في خطابه أمام الكونغرس: إسرائيل تحمي اميركا، ونحن نخوض معركة الأميركيين في الشرق الأوسط، وكان تركيزه في الكونغرس على إيران، وأكبر انجاز حققه نتنياهو بعد اجتماعاته التي عقدت مع الإدارة الأميركية انه استعاد ثقة الأميركي بدوره، وتجديده بأن يبقى حامي المصالح الأميركية و(البعبع) الذي يرعب الجميع بمن فيهم إيران، وهذه الضربة أتت في هذا السياق لإعادة تعديل قواعد الاشتباك، فضرب في لبنان وإيران، واتوقع أن يعلن نتنياهو وقف إطلاق نار من جانب واحد ليحمّل محور المقاومة مسؤولية الرد.

لقد بات اللعب على حافة الهاوية من قبل الإسرائيليين والأميركيين، وإذا أرادوها حربًا كبيرة فنحن مستعدون لها، ولكن التحدي كبير أمام محور المقاوم إذا ما قرأنا الضربة في إيران أنها أكثر خطورة من ضربة القنصلية الإيرانية في سوريا، وهذه ضربة معنوية كبيرة لإيران لا يمكن ان تحتملها، وبالتالي هرب الاميركيين والإسرائيليين الى الامام هو لرمي الكرة في ملعب محور المقاومة، وتحديدًا إيران وحزب الله. فكيف سيكون الرد؟؛ لا اعتقد أنه في مقدور حزب الله وإيران الرد بأقل من هذا التحدي، أما حدوده فتبقى رهن طبيعة الرد.

لكن أشير إلى مجموعة معطيات لابد من الالتفات إليها عند أي قراءة:

أولًا ـ الواقع الأميركي الداخلي حاليًا غير قادر على خوض حرب عسكريًا، ولا خوض حرب على جبهتين: أوكرانيا والشرق الأوسط.

 ثانيًا ـ هناك ازمة ذخائر في اميركا وأوروبا وإسرائيل.

 ثالثًا ـ الواقع الاقتصادي في اميركا صعب.

 رابعًا ـ أميركا امام انتخابات قد تؤدي الى حرب أهلية داخلية في أميركا، والتقارير الاقتصادية وتقارير الخبراء الاقتصاديين كلها تشير الى ان أميركا مقبلة على فقاعة اقتصادية هائلة عام 2025 قد تصيب النظام الرأسمالي العالمي، وفي ظل هذا الوضع فأميركا غير قادرة على خوض حرب في رأيي.

أما من جهة واقع إسرائيل، فهناك أزمة في الجيش الإسرائيلي الذي لا يريد خوض حرب، وعنده نقص في الذخائر والدبابات، والواقع الاقتصادي في إسرائيل صعب جدًا، وهناك انقسام في المجتمع الإسرائيلي عامودي خطير، وفي ظل هذا الوضع فإسرائيل غير قادرة على خوض معركة طويلة على الجبهة الشمالية الشرقية من لبنان، إلى إيران، إلى العراق. 

من هنا أقول، هذه فرصة لمحور المقاومة في ظل المعطيات الداخلية الأميركية الإسرائيلية، وهذه فرصة لمحور المقاومة للتحاور والاتفاق مع روسيا والصين لخوض هذه المعركة، وهي فرصة لروسيا والصين أيضًا.

اما على ضوء الاعتداء الذي نفذته إسرائيل، وما إذا كان يثبت النظام العالمي الأميركي وبقاء الهيمنة الأميركية على المنطقة، أو أن الرد من إيران وحزب الله يكسر هذه المعادلة، وما إذا كانت الأمور متجهة نحو مواجهة شاملة، فأنا أشك بأن اميركا ستذهب الى مواجهة شاملة، ولكن المطلوب إعادة كسر قواعد الردع التي حاولت إسرائيل فرضها لفرض قواعد ردع جديدة من قبلنا، وان لا نخاف من تدحرج الى حرب شاملة فإن تدحرجت نحن الاقوى.    

العميد الركن المتقاعد الأستاذ بهاء حلّال:

إن كل المشاكل التي تعانيها اميركا، وإذا كانت تود المحافظة على قواعدها في الشرق الأوسط عوامل ستحفزها للذهاب إلى مواجهة شاملة تصنع لها الحل، خصوصًا بعد شعورها بأن وضعها في خطر.  وأميركا اعتمدت بعد الازمة الأوكرانية على الغاز والبترول الموجود في هذه المنطقة ولذلك تريد المحافظة على هذا الامر.

منذ 2011 اعتبر بوتين ان المياه الدافئة هي حاجة استراتيجية ملحة واتى اليها، ولكن الأميركي يعتبر صراعه مع الروسي هنا كصراعه معه في أوكرانيا، وبالتالي لن يتخلى عن المنطقة ولا يمكنه أن يتراجع؛ لذا رأينا أن الأميركي هو من ضرب الحشد الشعبي؛ وبالتالي هو جاهز لما سيحدث وما سيصيبه.

علينا ان ندرس الواقع الأميركي في الانتخابات الرئاسية بعد انسحاب بايدن، وبعد محاولة اغتيال ترامب، لنسأل ماذا تغير في الواقع الأميركي حتى أزال تحفظاته عن كبح جماح وحشية نتنياهو وإسرائيل؟، أعتقد أن الدولة العميقة اخذت قرار استثمار النجاحات التي يجب أن يحققها نتنياهو، بمعنى اعادة الثقة بإسرائيل كقاعدة أساسية من أجل تنفيذ مشاريع اميركا في المنطقة، وبالتالي إعادة الثقة لهذا الموضوع يعيد الثقة للأطراف الأخرى التي طبّعت.

على مقلب محور المقاومة، لابد من رد متوازٍ ومتناسب من كل المحور، فنحن أمام حالة تثبت أن فائض القوة الموجود يجب أن يستخدم في المكان المناسب لإيجاد التوازن الصحيح، وإعادة الاعتبار الى قواعد الاشتباك.

هناك كلام عن شريط حدودي بعد معركة كبيرة واسعة بتهجير جزء كبير من المنطقة الجنوبية في لبنان، وهناك دروز فلسطين ودروز سوريا، وما جرى في مجدل شمس هو انتقام من الجيل الجديد الذي تربى على رفضه للعدو الإسرائيلي، واعتقد أن لدى الإسرائيلي مشروع إقامة دولة درزية ممتدة من السويداء والجولان لتصل إلى شبعا وكفرشوبا، ويكون معها حتى الشوف. لذا يجب أن يكون رد محور المقاومة متوازنًا من حيث التوقيت، ومن حيث القوة والقدرة ونوعية الاهداف.