• اخر تحديث : 2024-10-11 16:02
news-details
ميديا

المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الأمريكي (أزمة الهوية وتآكل الدولة)


ينعقد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الاميركي من الفترة 
١٩-٢٢ من الشهر الجاري  بشيكاغو الأمريكية وبحضور متميز سواء على مستوى الانصار او مستوى الشخصيات القيادية للحزب ،ورغم ان انعقاد مثل هذه المؤتمرات بالنسبة للحزب الديمقراطي مألوفة كل أربعة أعوام وأنها تنعقد منذ عام ١٨٢٨
وحتى اليوم لكن (الجلبة) التي رافقت الحفل  تجعلنا امام تساؤلات كثيرة عن واقع الديمقراطي الداخلي والخارجي 
واهم التحديات التي تواجهه،
تجعله يجري مثل هذه الاستعدادات بحفل تماثله مؤتمرات جرت قبل قرنين

وباعتقادنا ان الذي دفعه إلى ذلك تحديات داخلية في الحزب نفسه وأخرى في الداخل الاميركي وأخرى خارجية
وكما يقول الرئيس بايدن بخطابه بالمؤتمر (إننا نمر بظروف مفصلية ).
اولاً:-التحديات  داخل الحزب 
١-يعاني الحزب من تشظيات وانقسامات حادة بين صفوفه بين يمين متطرف ويسار متطرف وصراع دفع بالكثير من القيادات بالاستقالة او الانسحاب .
٢-فقدان الهوية ،حيث ان إدارة بايدن افقدت الحزب هويته وجعلته امام جمهوره مجرد تاريخ وليس حزبا عريقا رافق التجربة السياسية باميركا منذ الاستقلال وحتى اللحظة ،وعليه ان يواجه يمينا متطرفا يقوده (ترامب )الذي يتهم الديمقراطي 
بالدفع إلى اليسار المهدد للتجربة الديمقراطية بامريكا .
ثم  كيف يفهم المواطن 
الاميركي هوية حزب يدعي الديمقراطية 
ثم يتبنى دعم كيان غارق في الدماء ويعلن ستة من مسؤوليه أنهم (يهود )قبل ان يكونوا مسؤولين، ليجعلوا الحرب بين اسرائيل والعرب  حربا دينية وليست سياسية !!
٢-العجز في اختيار مرشحين بأعمار مقبولة للرئاسة ،وماحدث مع الرئيس الحالي بايدن شاهد حيث أزيح من الترشيح (اكراها)بعد اصراره البقاء في الترشيح 
وبعد ان ظهر فاقدا للكثير من مؤهلات القيادة .
٣-ان يتم ترشيح امرأة (ملونة)
بقوميتين (الأفريقية والهندية)
في وقت ستكون هي الاولى في تاريخ امريكا ،وكيف ستنجح في مهمتها .
٤-ان انصار الديمقراطي اغلبهم من الملونين (الفقراء)في وقت اغلب رؤوس الأموال وأصحاب الشركات هم من الجنس الأبيض المناصر لخصمهم الجمهوري .
٥-كيف لهم ان يتحكموا في خارطة مجلس الكونكرس الذي 
قد تكون الغالبية فيه من الجمهورين -كما هو عليه الآن -
وصعوبة إدارة السلطة .
٦-كيف لهم ان يواجهوا خصما مثل (ترامب )الذي سوف يستخدم العنف والتشكيك بنتائج الانتخابات مسبقا وقد يرقى الأمر الى المواجهة وربما الانقسام المجتمعي (الخطير )!
٧-ماذا لو خسر (الديمقراطي)
الانتخابات عندها (وكما ألمح ترامب لمرات )بانه سيزيح الديمقراطي من اي منصب 
ويجري تطهيرا (للدولة العميقة)
٨-سترث المرشحة (هاريس)
تركة من بايدن اسمها (أزمة غزة ) وتصاعد عدد المناصرين للقضية الفلسطينية داخل الحزب نفسه ؟
٩-قد يكون الاحتفال بالمؤتمر 
ناجحا في التحشيد الإعلامي 
والخطب الرنانة وتسويق هاريس ولكن كيف للحزب ان يديم هذا الزخم إلى يوم الانتخابات وماعرف عن المزاج المتغير للناخب الاميركي ؟
١٠-حتى الآن المرشحة هاريس لم تخضع لاختبار المناظرة الإعلامية مع ترامب فكيف لامرأة 
ان تواجه شخصية سليطة اللسان ومافيه من بذاءة وغيرها ؟
١١-أزمة المناصرين للقضية الفلسطينية وهم يحاصرون 
مكان انعقاد الموتمر ويحملون إدارة الحزب الديمقراطي مسؤولية سفك الدماء بغزة 
ويدعون لوقف إطلاق النار بغزة 
وهؤلاء يشكلون رقما في معادلة الانتخابات المقبلة .
ثانيا الأزمات الداخلية لأمريكا 
١-أزمة الديون الخارجية التي تجاوزت ال٣٤ ترليون دولار وهو الأكبر في تاريخ امريكا ،وصعوبة سداده برأي اغلب خبراء الاقتصاد .
٢-الأزمة الاجتماعية بين أهل الشمال والجنوب الاميركي والانقسام الذي يذكر بالانقسام الذي تسبب بالحرب الاهلية وسقوط ٧٠٠٠ قتيل من الطرفين 
وكما يقول الرئيس الأسبق الاميركي اوباما ( "نحن منقسمون للغاية الآن) وقد تحول الانقسام المجتمعي إلى سياسي حيث مناصرو الديمقراطي من الملونين ومناصرو الجمهوري من البيض .
٣-أزمة العنف التي لم يسلم منها حتى الرؤوساء وآخرها ماكان مع المرشح الجمهوري ترامب ومحاولة اغتياله ،وانتشار الأسلحة الشخصية بالشكل الذي سهل عمليات القتل اليومية او الأسبوعية وصولا لمهاجمة المدارس والأسواق العامة ،وصعوبة معالجتها بسبب شركات الأسلحة وشخصيات من أعضاء الكونكرس داعمة لها .
٤-أزمة الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك ،ودخول 
أعداد كبيرة من المكسيكيين الى داخل الأراضي الاميركية 
وانزعاج الجمهوريين من ورودهم لأنهم سيغيرون التركيبة الاجتماعية والسياسية 
بالداخل الاميركي .
ثالثأ التحديات الخارجية :-

١-الأزمة التايلندية ووقوف الولايات المتحدة الى جانب تايلند في استقلالها فيما ترى الصين ان تايلند جزء من أراضيها .
٢-صعود الصين كقوة اقتصادية ومنافس قوي للولايات المتحدة .
وكذلك باتت الصين تظهر كقوة عسكرية ايضا ،لدرجة ان كلا المرشحين الجمهوري والديمقراطي منشغلان بملف الصين وأمن المحيط الهادي ،
وصراع العملة .
٣-الحرب الاوكرانية الروسية وتداعياتها على الأمن والاقتصاد والطاقة .
٤-صعود اليسار في اميركا اللاتينية على حساب اليمين 
والنفوذ الصيني الاقتصادي داخل هذه القارة وهيمنة الشركات الصينية ووصول الميزان التجاري للصين مع قارة اميركا اللاتينية ، وفي تقرير نشرته مجلة "أتالايار" الإسبانية، يقول الكاتب جوديث بيرغمان إن قيمة المبادلات التجارية بين الصين ودول أميركا اللاتينية ارتفعت من 12 مليار دولار عام 2000، إلى 330 مليار دولار بحلول عام 2019،وحتما اصبح الآن اكثر في عام ٢٠٢٤ خاصة وان مزاج القارة يميل إلى اليسار الصيني ،في اعتماد منهجها في حروب التحرر ،وهذا الارتفاع في الميزان التجاري جاء على حساب الولايات المتحدة التي ترى بهذه القارة (حديقة خلفية )لها .
٥-حرب غزة(معركة طوفان الأقصى )تعد الأزمة الأخطر على امريكا بعد ان تبنت عقيدة اسرائيل بالإبادة الجماعية ونقلت العشرات من آلتها العسكرية الى منطقة الشرق الأوسط ،ووجدت نفسها الآن 
في موضع الحرج باستهداف تواجدها العسكري وغياب رؤية مستقبلية للمنطقة ،وصعوبة ترويض إيران عسكريا او اقتصاديا او سياسيا .
٦-تمدد النفوذ الروسي الصيني بقارة أفريقيا بعد ان كانت أفريقيا حكرا على امريكا والغرب .
٧-فقدان الشخصية الأخلاقية الاميركية بالعالم حيث بات يرى العالم باميركا دولة مارقة لاتحترم قيم الشعوب وناهبة لثرواتها ،كما أنها باتت ضعيفة وتتلقى الهزائم  من حرب فيتنام إلى العراق فافغانستان .
في الختام نقول ان انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الاميركي في مثل هذا الوقت وما رافقته من موسيقى صاخبة ومؤثرات ضوئية وخطب قصيرة وهتافات حماسية،دليل على القلق الكبير 
لدى قيادات الحزب سواء على مصير الحزب نفسه او فيما يخص الولايات المتحدة كدولة كبرى تفردت بإدارة العالم لعقود بدأت تتآكل من الداخل والخارج وتشهد هزائم وانكسارات ..الحزب الديمقراطي اختار في مؤتمره مرشحه (كمالا هاريس)للانتخابات المقبلة في الخامس من تشرين الثاني من هذا العام ،لكنه عاجز ان يختار طريق ادارته للحزب او الدولة 
فيما بعد .