• اخر تحديث : 2024-10-11 16:02
news-details
ميديا

قصة وحدة الاغتـ.ـيالات الإسرائيلية 9900 واستغلالها لمرضى "التوحّد" وعلاقتها باستهداف المقـ.ـاومين في لبنان


لطالما أبدع الكيان الصهيوني الغاصب في عسكرة مجتمعه. فمنذ نشأته، لم يفوت أي فرصة لتحويل مواطنيه، حتى المرضى منهم، إلى قتلة محترفين يتفننون في تدمير الحجر والبشر، كما يفعل حاليًا، حيث يستغل الشباب والفتيات الصهاينة المصابين بمرض "التوحّد"، ويعمل على الاستفادة من قدراتهم على الصبر والانعزال لفترات طويلة في حروبه، لا سيما في غزة ولبنان.

 

وكيف يستفيد جيش الاحتلال من مرضى "التوحد

في عام 2018، أطلق الاحتلال برنامجًا مصممًا لدمج الشباب الذين يعانون من التوحد في الجيش، لاسيما في المجالات التي يمتلكون فيها ميزة نسبية. بدأت الفكرة بثلاثة مؤسسين هم: رانان هارتمان، الرئيس التنفيذي لكلية أونو الأكاديمية، الفيزيائية ليورا سال، والموظف السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية تال فاردين، بعدما قاموا جميعا بالتوجه إلى قائد وحدة 9900 في عام 2013، وطرحوا عليه فكرة وضع المتطوعين المصابين بالتوحد ذوي القدرات العالية في الوحدة، وقد لاقت الفكرة قبولاً سريعًا.

 

البرنامج، الذي يُدعى "رؤية عن بُعد"، ويديره بشكل مشترك الجيش الصهيوني وكلية أونو الأكاديمية (وقد بلغ عامه السادس الآن)، يتضمن دورة تدريبية تعلم هؤلاء كيفية تحليل الصور البصرية الجوية والفضائية، بناءً على قدرتهم البصرية المحسنة وميولهم نحو الصبر، مما يسمح لهم بالبحث في أدق التفاصيل - وهي صفة أساسية لهذه الوظيفة، بحسب ضابط من وحدة استخبارات تعنى بهذه الحالات.

 

المفاجأة الكبرى هي أن الوحدة 9900 السرية والحساسة، المتخصصة في الاستخبارات البصرية والتي تلعب دوراً أساسياً في الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل في كل من غزة ولبنان والضفة الغربية، قد استقبلت حتى العام 2024 أكثر من 100 جندي متطوع مصاب بالتوحد.

 

ومن هي الوحدة 9900 وعلاقتها بمرضى التوحد؟

 

غني عن التعريف أن الجيش الإسرائيلي يتألف من وحدات وفرق مختلفة تُصنّف على أنها شديدة السرية ومتخصصة، وأبرزها وحدة الاستخبارات 9900، التي تضم جنود النخبة الأكثر قيمة بالجيش. والأهم أنها، تختلف عن أي وحدة أخرى، كون أفرادها يتمتعون بقدرات مذهلة، على تحليل وتفسير وفهم الصور الفضائية والخرائط الجوية والأرضية. إضافة إلى أن عملهم يساعد بشكل كبير في تأمين الحماية لسكان إسرائيل، وفقًا لقيادات في المؤسسة العسكرية.

 

يخضع جميع الجنود لعملية دقيقة وشديدة الانتقاء للقبول في وحدة 9900، وبرنامج "رؤية عن بُعد" ليس استثناءً. فالجميع في هذه الوحدة يتحملون مسؤولية هائلة، ويستخدمون مهاراتهم المتميزة، لجمع معلومات استخباراتية قيمة لخدمة أمن الكيان الصهيوني.

 

تُعدّ مجموعة الجنود النخبة والسرية الذين يخدمون ضمن البرنامج المذكور أعلاه "رؤية عن بعد) مختلفة بالفعل عن أي مجموعة في الجيش الإسرائيلي، ليس فقط لأنهم يعانون جميعًا من التوحد، ولكن لأنهم متطوعون. إذ كان بإمكانهم أن يُعفوا من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، ولكنهم أصروا على المساهمة في المشاركة بأعمال القتل التي يكلفون بها، بذريعة الرغبة في الدفاع عن بلدهم ليصبحوا جزءاً فعالاً من المجتمع الذي يعيشون فيه.

 

أحد الجنود القتلة، ويدعى ع (يُمنع من كشف الأسماء الحقيقية لعناصر الوحدة)، قال لموقع JNS Jewish News Syndicate ـــ وهو منفذ أخباري يهودي يركز على تغطية الأخبار والمواضيع المتعلقة بإسرائيل والشؤون اليهودية ـــ إنه قضى 10 أشهر في تحليل الصور الاستخباراتية البصرية، مساعدًا الجيش الإسرائيلي في تتبع حركات العدو المريبة (أي المقاومة في لبنان وفلسطين)، قبل أن يعمل على تدريب آخرين مثله للقيام بنفس الدور.

 

علاوة على ذلك، وصف هذا الجندي كيف كان الأمر عند قيامه بالتدقيق وفحص الصور الاستخباراتية، باحثًا عن الإبرة (أي الهدف) في كومة القش فقال: "تبحث وتبحث، ولا تجدها في البداية. أحيانًا، يبدو أن الأمر يستغرق وقتًا طويلاً حتى تجدها. ولكن عندما تجدها، فإنك تشعر بالرضا بالتأكيد."

 

وأضاف: "كانت هناك أيام كاملة لا أستطيع العثور على ما كنت أبحث عنه. وفي أيام أخرى، كنت أكتشفها في كل صورة - ست صور على التوالي. في تلك الأيام، كنت أرغب في البحث عن المزيد! أحيانًا، يكون الأمر فارغًا؛ وتارةً، مليئًا. كل ما وجدته منحني الرضا. كان خطوة إلى الأمام قادتنا جميعًا نحو الهدف."

 

وعند سؤاله عما يلزم لإتقان هذا العمل غير المعتاد، والذي يعد حاسمًا للأمن الإسرائيلي، أكد الجندي عُ: "تحليل الصور الجوية مثل أي شيء آخر. تحتاج إلى الخبرة والتحمل. لم يولد أحد وهو يعرف كيفية تحليل الصور الجوية. نحن أيضًا تدربنا، ثم بدأنا العمل، وتعرفنا على هذا العمل. يستغرق الأمر وقتًا حتى تصبح محترفًا - وقتًا طويلاً."

 

إلى جانب ذلك، شرحت النقيب ل. [تحفظت عن ذكر اسمها أيضًا]، وهي الضابطة المسؤولة عن الجندي عُ، أن قسمها في وحدة 9900 لا يقتصر على تأهيل العاملين فقط، بل يوفر لهم أيضًا مجموعة كاملة من الدعم، في ضوء ظروفهم المتفاوتة، و يشمل ذلك مقدمي الرعاية المتخصصين، والمعالجين المهنيين وضباط القيادة أنفسهم، الذين أصبحوا مؤهلين لدعم الجنود المصابين بالتوحد.

 

وأضافت: "يتعلمون من الصفر. فكرة هذا البرنامج تتعلق بخلق وضع رابح ــ رابح، أي كيف نأخذ أشخاصًا ذوي قدرات عالية جدًا، ومصابين بالتوحد، ونعطيهم أدوارًا عالية جدًا، ونمكنهم من المساهمة في الجيش؟"

 

وتابعت: "هكذا بدأ 'الزواج كمشروع'، الذي مر بدورتين. الآن أصبح برنامجًا، وقد امتد ليشمل تحليل الصور القادمة من استخبارات المصادر المفتوحة، وتقييم جودة البرمجيات."

 

وفي السياق ذاته، أوضح قائد الوحدة 9900 أنه في السنوات العشرين المقبلة، لن تتمكن الآلات من استبدال البشر في مثل هذه الوظائف، وبالتالي، ستظل هناك دائمًا حاجة. كل من يمكنه المساهمة في هذا مرحب به.

 

وما هو دور الوحدة 9900 في الحرب على الجنوب؟

 

كانت الوحدة 9900، خلال فترة الحرب مع حزب الله، مسؤولة عن جمع المعلومات الاستخباراتية البصرية بما في ذلك البيانات الجغرافية من الأقمار الصناعية وطائرات الأواكس (القيادة والسيطرة)، بالإضافة إلى رسم الخرائط ثلاثية الأبعاد. ثم يقوم عناصرها، بتحليل وتفسير هذه المعلومات ، وإرسالها للقوات في ساحة المعركة، وكذلك لصناع القرار في تل أبيب.

 

أكثر من ذلك، سمحت الخرائط ثلاثية الأبعاد التي وضعتها قوات الوحدة 9900 - 58% من عناصرها هم من النساء - للقوات على الأرض وكذلك للطيارين المقاتلين وللطائرات المسيرة، بالحصول على الصورة الكاملة لمساحة غزة وأراضي الجنوب اللبناني، حتى قبل التوجه إلى ساحة المعركة.

 

ليس هذا فحسب، أتاحت جودة هذه الصور والخرائط، للقوات الاحتلال رؤية جميع المعلومات الاستخباراتية المجمعة على أجهزتهم اللوحية في الوقت الفعلي. ولهذا قال ضابط كبير في الوحدة 9900: "يسمح لنا الذكاء البصري المستمر برؤية الحالات الشاذة والتغييرات"، مضيفًا أنه يتم بعد ذلك تحليل هذه التغييرات لتقديم صورة استخباراتية حديثة.

 

وعند الانتهاء من التحليل والتدقيق بالمعلومات والصور، يتم تحفيظ الهدف المراد تدميره (كالعمارات والبنى التحتية) أو بشريًا (كعناصر المقاومة) بواسطة الذكاء الاصطناعي في أجهزة الطائرات المسيرة، التي تعمد بدورها إلى البحث عن الهدف وملاحقته سواء كان عبر بصمة الصوت، أو بصمة العين، أو البصمة الحرارية، إضافة الى القيام بالتحديث الفوري لصورة الهدف، ومقارنتها بالمعلومات التي تختزنها هذه المسيرات، وهو ما نشهده عبر الاغتيالات اليومية خصوصًا في جنوب لبنان.

 

في المحصلة، من المؤسف القول إن العدو الصهيوني نجح في الاستفادة بشكل كبير من هذه الفئة المهمشة، وتحويلهم إلى وحوش بشرية يلتذذون بالقتل ويجدون فيه متعة لا يتورعون عن المجاهرة بشغفهم لها.