في إطار تعزيز التّفاعل والتّواصل بين الخبراء والمحلّلين السّياسيّين، نظّمت الرّابطة الدّوليّة للخبراء والمحلّلين السّياسيّين صباح يوم الجمعة 23/8/2019 لقاءًا سياسيًا اعلاميًا للسادة الأعضاء في لبنان.
كان اللقاء فرصة لمناقشة مقترحات الأعضاء المشاركين، وملاحظاتهم ما خصّ تطوير عمل الرّابطة وتفعيل اليات التواصل؛ بالإضافة الى مناقشة بعض التطورات والأحداث المستجدة.
مجريات اللقاء:
بداية رحّبت أمينة سرّ الرّابطة وفاء حطيط بالحضور، وقدّمت تعريفًا مختصرًا لكلّ واحد منهم؛ ثمّ جرى عرض فيدو يوجز أبرز النشاطات التي قامت بها الرابطة خلال العامين 2017-2018.
بعد ذلك قدم رئيس الرّابطة د. طلال عتريسي مطالعة مختصرة لأهم التطورات السياسية في ما يتعلق بلبنان والمنطقة، وتحديدًا في اليمن. ووضع النقاش في عنوانين رئيسين:مقترحات المشاركين في اللقاء وملاحظاتهم ما خصّ تطوير عمل الرّابطة وتفعيل آليات التواصل بين الأعضاء، ومناقشة أبرز التطورات المستجدة في لبنان والحرب السعودية الأميركية الإماراتية على اليمن.
ثالثا: في موضوع لبنان:
بداية تساءل د.عتريسي عن أسباب طرح ملفات الحدود، وسلاح المقاومة، والإشتباك الداخلي؛ معتبرًا أن هذه الطروحات تلغي الأولويات الإقتصادية الاجتماعية، ومحاربة الفساد.
ثم تحدث د.أمين حطيط راسمًا علامات استفهام حول إعادة طرح موضوع الإستراتيجية الدفاعية في هذا التوقيت المرتبط بمفاوضات ترسيم الحدود وسعي الولايات المتحدة لتنفيذ "صفقة القرن"، وبالتزامن مع طرح رئيس الحكومة سعد الحريري أثناء زيارته أميركا الإستعداد للانتقال نحو تنفيذ البند العاشر من القرار 1701، وترسيم الحدود. كما طرح تساؤلات عن الأسباب والأهداف السايسية والاعلامية التي تقف خلف استحضار موضوع المعابر الشرعية.
بدوره أكد النائب الوليد سكرية ارتباط الملف بالصراع مع العدو الصهيوني؛ وقال: إن مجمل الوضع في لبنان مرتبط بالصراع مع العدو في الدرجة الاولى.
واستحضر سكرية الوضع في لبنان قبل حرب تموز عام 2006 وبعدها؛ مشيرًا إلى تعاظم قوة المقاومة بكل المستويات، وأصبحت المقاومة هي من يكبل "اسرائيل" ويردعها عن اعتداءاتها. وقال: لو انتصرت القوى المعادية للمقاومة في الانتخابات النيابية، وشكلت حكومة من لون واحد لطرحت الاستراتيجية الدفاعية الخاصة بها بدعم اميركي.
وقال: اميركا ممسكة بالدولة، فرئاسة الحكومة في يدها ولا تُصدر أي قرارفي معزل عن التوجه الأميركي، والجيش كذلك ممسوك من أميركا التي وضعت له معادلة: دورك هو حفظ السلام الداخلي والبديل لنزع سلاح المقاومة إما بتفاهم سياسي أو بحرب؛ فأميركا تهيء الجيش اللبناني ليحل مكان المقاومة بعد نزع سلاحها؛ لكن حاليًا لا يوجد مجال لفتح إشكال في لبنان يستجلب تدخل أميركا لنزع سلاح المقاومة.
وأشار النائب سكرية إلى وجود مبنى للاميركيين في مطار رياق، ومحظّر على اللبنانيين الدخول اليه، ولا احد يدري ماذا يوجد فيه.
وعلى الرغم من سوء الوضع الاقتصادي، فقد لفت سكرية إلى حرص أميركي على الاستمرار في الامساك بلبنان، والمحافظة على الوضع بما يحول دون انهيار الدولة اللبنانية؛ وقال: القرار الاميركي هو أن لا ينها ر الاقتصاد؛ وبالتالي لا يزالون يحافظون على سعر صرف الدولار ليوحوا بأن الوضع تحت السيطرة.
أما الأستاذ جهاد سعد فقد اعتبر أن هذه الإنشغالات في لبنان لا يوجد لها أدوات تنفيذية على الأرض؛ وقال: كل الكلام عن إحياء الأفكار القديمة في ما يتعلق بالحدود مع سوريا وغيرها ضعيفة، لأن الارادة السياسية في سوريا ولبنان قوية... في الجانب العسكري خسروا المعركة، لكن في الجانب الاقتصادي لديهم امكانياتهم.
هنا حذّر سعد من بدء بعض الأطراف المحلية والخارجية بتهيئة الأجواء لتغيير قيمة صرف الدولار في لبنان؛ وبالتالي فإن التشكيك في القيمة الفعلية للدولار من أبسط الامور التي يجب إثارتها والتركيز عليها في هذه الفترة.
في حين شدد العميد المتقاعد شارل أبي نادر على ضرورة متابعة موضوع اللعب بسعر صرف الدولار، واحتمالات الحرب.
رابعًا: في موضوع اليمن:
قدّم الأستاذ عبد الحسن شبيب قراءة موجزة لطبيعة التطورات المتعلقة بالحرب على اليمن، وأفق الحل السياسي في ضوء التقارب الاماراتي الايراني ، واعادة تموضع الامارات في اليمن، وانهيار التحالف السعودي الاماراتي، فأشار إلى تباين الرؤى والخيارات الإماراتية ـ السعودية بشأن الحرب على اليمن خاصة لجهة تقسيم اليمن، فالإمارات تدعم الانفصال بخلاف السعودية.
واعتبر أن التحالف انتهى عمليّا، ما وضع السعودية في مأزق بعد غياب الشريك الاساسي، أي الامارات، وطرح عليها أسئلة حول جدوى الإستمرار في الحرب، وقدرتها على ادارتها بمفردها في ضوء انهيار التحالف.
ولم يستبعد الأستاذ شبيب جنوح السعودية إلى فتح قنوات التفاوض مع الجمهورية الاسلامية واليمنيين للتوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الحرب، حيث قال: عندما تجد السعودية أنها خالية الوفاض عمليًا، وغير قادرة على القيام بالمهمة العسكرية لوحدها، سوف تذهب إلى التفاوض وانهاء الحرب من خلال اعادة فتح قنوات التواصل مع اليمنيين؛ وربما تسبق الإمارات من خلال التواصل مع حركة أنصار الله؛ خاصة مع وجود دعم ايراني لهذه الخطوة من موقع القوة؛ فالوضع الميداني هو لصالح أنصار الله، والإنتصارات العسكرية التي حققتها، وتظهر تباعًا تؤكد فشل الحرب والحصار في تقويض قدراتها.
من جهة ثانية، كشف شبيب عن رسالة أميركية حملها الوفد الاماراتي إلى المسؤولين الإيرانيين تتعلق باستعداد الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق النووي مقابل الخروج من اليمن؛ وقال: سريعًا جاء الجواب الايراني باستقبال قائد الثورة الاسلامية السيد علي الخامنئي وفد حركة أنصار الله.
وختم شبيب بالقول: إن المخاوف من تقسيم اليمن لاتزال قائمة على الرغم من كل التطورات السياسية والعسكرية.
من جهته، أشار العميد شارل ابي نادر إلى أن عدم قدرة الامارات على الضغط على الحراك الجنوبي الداعي إلى انفصال جنوب اليمن عن شماله أقلق الامارات والسعودية؛ وقال: لو انتصرت السعودية التي كانت ذاهبة باتجاه التقسيم لارتفعت حظوظ التقسيم.
أما د.اسكندر كفوري فقد أشار إلى جانب آخر من التطورات ضرورة متابعة ما يجري على مستوى السعي الصهيوني الحثيث لتطوير العلاقات مع جمهورية أذربيجان التي تقع في منطقة القوقاز ، وتقع في مفترق الطرق بين جنوب غرب آسيا وجنوب شرق أوروبا ، ويحدها بحر قزوين من الشرق وروسيا من الشمال وجورجيا من الشمال الغربي وأرمينيا إلى الغرب وإيران في الجنوب، وإيران إلى الجنوب والغرب.
وقال: تحاول اسرائيل جعل هذه المنطقة منطقة اقتصادية وعسكرية وسياسية تصب في مصلحتها؛ أصبحت تسيطر على فضاء أذربيجان الخارجي، وهناك قاعدة كبيرة للموساد؛ لافتًا إلى أن الطائرات المسيرة الصهيونية التي قصفت مواقع للحشد الشعبي في العراق انطلقت من اذريبجان.
خامسًا ـ في التوصيات
اقترح المشاركون عددًا من الأفكار ما خص الخطاب الإعلامي، بينها:
1ـ الانتقال بالإعلام من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم من خلال تنظيم الحملات الاعلامية بشأن موقف محدد.
2ـ التركيز على الحرب الاقتصادية، لاسيما موضوع الدولار.
3ـ ضرورة رصد الأحداث التي ينبغي أن تكون في سلم الأولويات، ومتابعتها.