• اخر تحديث : 2025-12-23 11:32
news-details
ملفات

الفجوة الجيلية: "التحولات الصامتة" في المجتمع الروسي بعد حرب أوكرانيا


تشهد الساحة الداخلية الروسية منذ الحرب مع أوكرانيا في فبراير عام 2022 تحولات اجتماعية عميقة تعكس أبعاداً جديدة في العلاقة بين الدولة والمجتمع، فبينما تركز الاهتمام العالمي على التغيرات العسكرية والجيوسياسية، كان المجتمع الروسي يمر بسلسلة من "التحولات الصامتة"؛ امتدت إلى بنية القيم والمواقف والهوية، في ظل تعبئة إعلامية مكثفة، وضغوط اقتصادية، وانقسامات ديمغرافية ظهرت على شكل موجات هجرة واختلافات جيلية واضحة، وقد أسهمت هذه المتغيرات في إعادة إنتاج أنماط من التكيّف الاجتماعي، تتراوح بين الامتثال الجماعي، والقبول الصامت، والنزوع الفردي للانسحاب أو المعارضة الرمزية.
 
وفي هذا السياق، رصدت مراكز البحث الروسية، وعلى رأسها ليفادا سنتر وفيتسيوم وفوم مجموعة من المؤشرات اللافتة التي تعكس تغيرات تدريجية، ولكن عميقة في وعي المواطنين الروس، سواء فيما يتعلق بمواقفهم تجاه الحرب، أم درجة ثقتهم في مؤسسات الدولة، أم تفاوت نظرتهم إلى الهوية الوطنية. كما كشفت استطلاعات الرأي عن تمايز حاد بين الأجيال في فهمها للحرب، وموقفها من الدولة، ومدى انخراطها في الفضاء العام، بالإضافة إلى تحولات في أنماط الهجرة الداخلية والخارجية، التي باتت لا تعكس فقط دوافع اقتصادية، بل أيضاً سياسية وأخلاقية.
 
وينطلق هذا العدد من رؤى عالمية من محاولة لفهم هذه التحولات الاجتماعية في سياقها الروسي الداخلي، معتمداً على مصادر وتحليلات روسية أولية؛ بهدف تحليل ملامح التغير في القيم والمواقف العامة في فترة الحرب وما بعدها، تجاه عدد من القضايا المجتمعية والسياسية، والتي جاء أبرزها: اختلاف المواقف والأجيال تجاه الصراع مع أوكرانيا، والعلاقة مع السلطة في ظل الحرب، والاتجاه نحو الهجرة، والرؤية الداخلية نحو العقوبات الدولية ودور الخطاب الإعلامي، حيث تشكل تلك القضايا ديناميكيات العلاقة بين الدولة بالمجتمع منذ الحرب. وتكمن أهمية ذلك ليس فقط في فهم أثر حرب أوكرانيا على المجتمع الروسي، بل أيضاً لتوقع مآلات الاستقرار السياسي والاجتماعي في روسيا كدولة محورية داخل النظام الدولي المعاصر.