قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية إن جنوح الحكومة الفرنسية نحو اليمين يقض مضاجع المدافعين عن الحريات المدنية في البلاد، ويثير تساؤلات عن وضعية الرئيس إيمانويل ماكرون قبل المواجهة المنتظرة في انتخابات 2022 مع غلاة التيار اليميني.
وأشارت الصحيفة في تقرير لمدير مكتبها في باريس آدم نوسيتر إلى أن الحكومة طرحت أمام البرلمان مشروعي قانونين جديدين يؤكدان ما اعتبره النقاد "تحولا مزعجا" في سياسة الدولة نحو القمع.
وأقدمت الحكومة الفرنسية على هذه الخطوة -بحسب التقرير- تجاوبا مع موجة من القلق عمت البلاد عقب الهجمات "الإرهابية" الأخيرة التي شنها "متطرفون إسلاميون".
ويحظر أحد هذين القانونين، الذي أُجيز في الجمعية الوطنية (البرلمان) يوم الثلاثاء، نشر صور رجال الأمن أثناء أدائهم واجبهم، ويعاقب المخالفون بالسجن لمدة سنة ودفع غرامة مالية قدرها 45 ألف يورو (54 ألف دولار أميركي).
واعتبرته جماعات الحقوق المدنية "واقيا لوحشية" الشرطة في وقت تخضع فيه عمليات إنفاذ القانون -التي تنتهج أساليب عدوانية- لمزيد من الرصد والمتابعة من قبل مواطنين مزودين بكاميرات هواتف محمولة.
أما مشروع القانون الآخر الذي لا يزال قيد نظر البرلمان، فيهدف إلى فرض مزيد من القيود على "التطرف الإسلامي"، حسب تعريف الحكومة الفرنسية، بما يطال بعض أنماط حياة المسلمين في فرنسا.
ويحظر القانون تعليم الأطفال في المنازل، ويضع علامة في قاعدة بيانات أولئك الذين يبررون الأعمال "الإرهابية"، ويخضع المنظمات التي تتلقى دعما حكوميا لاختبار "ولاء للقيم الجمهورية"، ويفرض مزيدا من التضييق على مسألة تعدد الزوجات "التي يحرمها القانون" الفرنسي أصلا.
ويأتي التشريع الجديد الهادف -بحسب نيويورك تايمز- إلى كبح التطرف الإسلامي بعد سلسلة من الهجمات "الإرهابية"، وتحديدا الهجوم الذي وقع أواخر الشهر الماضي في محيط كنيسة بمدينة نيس وخلف 3 قتلى وعدة جرحى، وجريمة قطع رأس مدرس في إحدى ضواحي العاصمة باريس.
وبجنوحه نحو اليمين، يكون ماكرون قد اتخذ خطوة تتسق إلى حد كبير مع رغبة الرأي العام الفرنسي، على حد تعبير الصحيفة الأميركية، التي ترى أنه بذلك لن يخسر سياسيا كثيرا، بل على العكس فهو سيربح كل شيء تقريبا.
وعاب النقاد على حكومة ماكرون "لهجتها القمعية والتوبيخية" إزاء المسلمين الذين ربما يشكلون 10% من سكان فرنسا.
ونقلت الصحيفة عن عضو الجمعية الوطنية الفرنسية أوريلين تاشي القول إن القانون الجديد لا يعزز العلمانية، "ومن يدَّعون أنهم يريدون ذلك، فإنهم في حقيقة الأمر يريدون إقصاء المسلمين".
ووفقا للصحيفة، فإن قانون "الأمن الشامل" الذي يحظر تصوير أفراد الشرطة أثناء تأدية أعمالهم، ينذر بإثارة انتقادات واسعة نظرا لأن عباراته التي صيغ بها "قابلة للتكيف على أي وضع".
وحتى المفوضية الأوروبية أثارت من جانبها شكوكا بشأن التشريعيْن الجديدين، إلى جانب عاصفة من الاحتجاجات من قبل الصحفيين والسياسيين ذي الميول اليسارية.