أشعل الإعلان المفاجئ لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، بتعيين نائب رئيس الموساد الملقب بـ (د) رئيسا للجهاز الاستخباراتي خلفا للرئيس الحالي يوسي كوهين، الذي من المفترض أن ينهي مهامه في الأول من يونيو/حزيران المقبل، سجالا على الساحة السياسية الصهيونية.
وقرر نتنياهو تعيين (د) رئيسا للموساد دون استشارة وزير الدفاع بيني غانتس، في مؤشر على عمق الشرخ بين قطبي الائتلاف الحكومي والذهاب إلى الأمام نحو إجراء انتخابات جديدة عام 2021.
وفي حين التزم نتنياهو الصمت وامتنع عن التعليق على الانتقادات لقراره الانفرادي بتعيين (د) رئيسا للموساد خلفا لكوهين، حوّل ديوان رئيس الوزراء طلبا إلى اللجنة الاستشارية لتعيين كبار الموظفين للمصادقة على تعيين (د) رئيسا للموساد، وعندئذ سيكون بالإمكان الكشف عن اسمه وهويته علما أنه متزوج وأب لأربعة أطفال، ويبلغ من العمر 55 عاما.
ووفقا للمعلومات المتوفرة عن (د)، فقد عمل في بداية حياته ضابطا في الوحدة القتالية "سييرت متكال" التي تعد الوحدة الخاصة الأكثر قتالية ونخبوية في الجيش الصهيوني، قبل أن ينتقل إلى العمل في جهاز الموساد مدة 25 عاما، تتلمذ خلالها على يد الرئيس الحالي للجهاز، الذي أوصى نتنياهو باختياره ليكون ورثيه وخلفا له بالمنصب.
وقالت مصادر إسرائيلية إن (د) انضم إلى الموساد في سن الـ 30، والتحق بقسم "تسومت"، وهو القسم الذي يشرف على تجنيد العملاء لجهاز الموساد للاستخبارات والمهمات الخاصة من جميع أنحاء العالم، وهناك تعرف على معلمه كوهين الذي كان يشغل منصب رئيس القسم، كما كان يتولى أيضا إلى جانب التجنيد تنفيذ العمليات السرية المعقدة.
وتدرج نائب رئيس الموساد على مدى سنوات طويلة بالجهاز، وأشرف على إدارة العمليات المركبة والمعقدة التي قام بها الموساد حول العالم.
مدرسة الاشتباك الدائم
وفي إشارة إلى جدية ومهارات وميزات رئيس الموساد المنتظر، كتب الصحافي الخبير بالشؤون الأمنية والعسكرية والمخابرات الصهيونية رونين بيرغمان مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية بعنوان: "سكين بين الأسنان"، في إشارة إلى أنه ينتمي إلى مدرسة الرئيس السابق للموساد مائير دغان ورئيسه الحالي كوهين الذي يتبنى ثقافة الاشتباك وترك البصمات.
ويعتقد بيرغمان أن اختيار نتنياهو (د) رئيسا للموساد يمثل نوعا من الدعم لواحدة من أهم مدرستين في الموساد، هي التي تؤمن بضرورة تبني أكبر عدد ممكن من العمليات التي توجد لها نهاية واضحة وتترك آثارها وتنتهي بخسائر وبضرر جوهري للخصم، حتى في حال عدو وجود حالة طوارئ.
وأضاف الصحافي الخبير بالشؤون الأمنية والعسكرية والمخابرات الصهيونية أن المدرسة الثانية تتبنى سياسة العمل الهادئ والمتواصل من وراء الكواليس، والنشاط بضبابيه وتكتم للحصول على المعلومات الاستخباراتية، وتجهيز البنية التحتية لحالة الطوارئ التي قد تجبر إسرائيل على إلحاق الضرر والخسائر بالخصم والعدو، وهو النهج التقليدي للموساد منذ عقود عدة.
ولفهم مدرسة وطبيعة ودلالات النهج الذي يتبناه الرئيس المستقبلي للموساد، يعتقد بيرغمان أنه لا بد من مراجعة سلسلة العمليات التي نفذها الموساد في السنوات الأخيرة، أو نسبت له في وسائل الإعلام الأجنبية، ولعل المثال الأبرز الذي يمكن استعراضه والحديث عنه هو قرصنة وسرقة وكلاء الموساد الأرشيف النووي الإيراني.
تحديات
وتواجه الرئيس المتنظر للموساد (د)، وفقا للصحافي الخبير بالشؤون الأمنية والعسكرية والمخابرات الصهيونية، الكثير من التحديات، ولعل أبرزها وأولها مواصلة الحرب ضد إيران وأذرعها المختلفة في المنطقة.
ولكن ما يقلق الموساد، وفقا للصحافي، أنه على الأرجح لن يحصل في ولاية الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن على يد حرة للمناورة وتنفيذ العمليات، خلافا لعهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
أما المهمة الثانية التي تواجه (د) ولا تقل أهمية عن النووي الإيراني، وفقا لبيرغمان، فهي الحفاظ على آفاق منظومة علاقات الموساد في الشرق الأوسط، حيث أسهم الموساد بدور كبير في اتفاقات السلام بين "إسرائيل" وعدد من الدول العربية.