• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
تقدير موقف

تفجيرات بيروت: الكيان الصهيوني في دائرة الاتهام تهشيم البيت الزجاجي


وضعت مجموعة تحليل الأزمات من مستشاري وخبراء المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية قراءة أولية بعنوان: "تقدير موقف: تفجيرات بيروت: تهشيم البيت الزجاجي " حول انفجار مرفأ بيروت في إطار مائدة مستديرة للحوار تناولت عددًا من المحاور حول مختلف أبعاد الحدث، وبرز فيها أن الكيان الصهيوني في دائرة الاتهام، والمستفيد الأول.

تصدرت تفجيرات بيروت المشهد الإقليمي اليوم، فالحدث أعاد للوهلة الأولى الذكريات الصعبة التي شهدتها بيروت لاسيما أحداث 14 فبراير 2005 عندما جرى تفجير موكب الرئيس رفيق الحريري. وفى حين لا يزال تناول الحدث بالتحليل من جانب المراقبين في دائرة التخمينات، حيث لا يزال من المبكر القول إن هناك رواية متكاملة حول الحادث. 
 
د. خالد عكاشة – المدير العام للمركز
بداية، للوهلة الأولى كمتابعين للمشهد الآن في بيروت، نقف على أعتاب محطة جديدة من المحطات التاريخية الفارقة في تاريخ لبنان، تنذر بتوتر إضافي في إقليم مضطرب بطبيعة الحال أصبحت معادلاته الأمنية داخل جدران من الزجاج، فبيروت رقم مهم في معادلة توازن المشرق العربي، قُدّر لها منذ عقود أن تقع في بؤرة صراع المحاور الإقليمية، وتوظف كساحة حرب لتصفية حسابات تلك القوى الإقليمية المختلفة، وتسدد فاتورة من دماء أبنائها. اليوم لسنا فقط أمام انفجار في مرفأ هشم ضواحي بيروت، بل أمام انفجار طال البنية السياسية قبل بنيتها التحتية.
أميل في هذا السياق إلى أن  تفجيرات بيروت أطلقت سحبًا كثيفة من الدخان، ربما لتحجب كل المشاكل في لبنان، وحتي يختبئ وراءها كل الأطراف، وكأن الكل كان ينتظر وقوع هذا الانفجار كي يدفن مشاكله تحت ركام الانفجار، فالكل بدا فاقدًا للرؤية، والكل مدان بصورة أو بأخرى، نخشي في هذه اللحظة أمام هول هذا الحدث أن يهشم التفجير زجاج المنطقة برمتها مثلما تهشم زجاج بيروت.
 
إسرائيل في دائرة الاتهام
اللواء / محمد ابراهيم – نائب المدير العام للمركز
هناك عدد من المؤشرات الأولية التي يمكن قراءتها في إطار المقاربة الإسرائيلية وتفجيرات بيروت ومنها على سبيل المثال:
أولًاـ  لا شك أن لبنان يمثل بالنسبة لإسرائيل أحد أهم مهددات الأمن القومي على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي ومن ثم تبدي إسرائيل اهتمامًا خاصًا بكافة جوانب الوضع الداخلي اللبناني.
ثانياـ تزداد هذه الأهمية انطلاقًا من تواجد حزب الله السياسي والعسكري كأحد المكونات الرئيسية في التركيبة اللبنانية الداخلية، وما يؤكده ذلك من العداء المستحكم بين الجانبين وتاريخ الصراع بين إسرائيل وحزب الله وخاصة حرب ٢٠٠٦ وما تلاها من تفاهمات، لازالت تحكم العلاقة بينهما إلى حد كبير في الأراضي اللبنانية.
ثالثًاـ بالرغم من أية تفاهمات إسرائيلية مع حزب الله إلا أن ذلك لم يمنع إسرائيل في أي وقت من القيام بعمليات وقائية إجهاضية ضد أية تحركات عسكرية لحزب الله، من شأنها التأثير على الأمن القومي الإسرائيلي.
رابعًاـ من الواضح أن هذه السياسة الإسرائيلية تتجلى بصورة واضحة على الأراضي السورية، حيث تقوم إسرائيل منذ حوالي خمس سنوات بتوجيه ضربات قوية لمخازن الأسلحة الإيرانية، أو المصانع أو لشخصيات إيرانية أو تابعة لحزب الله في سوريا، وهو أمر تقوم به إسرائيل على فترات متقاربة وتعلن في كثير من الأحيان مسؤوليتها عن تنفيذ هذه العمليات.
خامسًاـ  في ضوء الوضع الداخلي المتدهور في لبنان ليس من المستبعد أن تكون إسرائيل وراء هذه التفجيرات، إذا ما تأكدت أن هناك أسلحة متطورة لحزب الله في هذه المواقع، ولا تتورع إسرائيل عن القيام بهذه العملية دون مراعاة لأية اعتبارات سوي عامل الأمن.
سادسًاـ  هناك غطاء يمكن لإسرائيل أن تتستر وراءه، من جراء هذه العملية وهو أن توتر الوضع الداخلي في لبنان يساعد على وجود أطراف أخرى لها مصلحة في هذا التفجير من بينها حزب الله.
سابعًاـ  لا يوجد سبب مباشر لإسرائيل للقيام بهذا العمل بمعني الرد على إطلاق صاروخ من هنا أو هناك ولكن الذي يحكم موقف إسرائيل هو أن يكون هناك خطر محتمل عليها، من جراء تطوير حزب الله لنوعيات جديدة من السلاح بما يستدعي توجيه هذه الضربة.
ثامنًاـ  إسراع نتنياهو الحديث للإعلام يتعلق بالرسائل التي يبعث بها إلى الداخل والخارج، في ظل أن أحداث من هذا النوع تضع اسرائيل في دائرة الضوء، وأن أي تطور في المنطقة أو قريب منها ستكون جزء منه أو في دائرة الاتهام، هناك مؤشرات تصعيد في الفترة الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، وبالإضافة إلى الضغوط الداخلية التي يواجهها نتنياهو، وبالتالي تعليق نتنياهو لا يشير إلى مسؤولية إسرائيل عن العملية، لكنه لا ينفى قطعًا تورطها في العملية.
إذن يمكن القول إن المحصلة الأولى لقراءة الحدث تشير إلى أن الساحة اللبنانية مهيأة لمثل هذه العمليات داخليًا، وأيضًا عرضه لها من الجانب الإسرائيلي. كذلك تعودنا من إسرائيل هناك عمليات فيها درجة من الغموض لم تتكشف ملامحها إلا بعد فترة طويلة، وبالتالي تبقى إسرائيل في دائرة الاتهام في الحدث.
 
المشكلات عندما تترك لتنفجر
د. عبد المنعم سعيد – رئيس الهيئة الاستشارية للمركز
التفجيرات الواقعة في لبنان، ولبنان موجود فيه تقاطعات مركبة لأزمات متعددة منها أزمة الواقع اللبناني الداخلي الراهن، وتداعيات الأزمة السورية، وتقاطعات حزب الله وإسرائيل وإيران، ونحن كمراقبون كنا نرجح أو ننتظر حدث ما في بيروت بسبب كل هذه الأزمات القابلة للانفجار في ظل غياب كوابح للحد منها أو مبادرات لتسويتها.
بالنظر إلى المشهد، والخبرة اللبنانية، ما نعرفه في السياقات الطبيعية أن تحدث تفجيرات بعضها ينسب لحزب الله، أو تقع حوادث اغتيالات لشخصيات سياسية، هذه أمور يمكن معرفتها مباشرة، وبعضها نتيجة حادث عرضي أو توترات ما، لكن الواقعة التي أمامنا بحسب المشاهد المصورة تشير إلى وقوع انفجار متسلسل، بدأ بتفجر تلته تفجيرات، ولا توجد إشارة أنه ناتج عن قصف وهو ما يتضح من مشهد صعود النيران، نحن أمام تفجير كبير حدث لموقع يبدو أنه مخازن لمتفجرات ربما لا يقل وزنها عن طن من مواد شديدة الانفجار. بيروت مدينة حضارية حديثة، ووقوع الحدث في تلك المنطقة طبيعي أن تمتد آثاره لمسافات بعيدة، هو بالفعل أشبه بزلزال، فمن الطبيعي سقوط عدد كبير من الضحايا، جراء حجم الدمار الهائل في ميناء بيروت.
كل ما يمكن أن يقال في هذا المجال هو نوع من التخمين، كذلك من المعروف أن ضاحية بيروت تقع تحت النفوذ المباشر لحزب الله. ربما كان هذا الانفجار الهائل نتيجة عملية مخابراتية إسرائيلية، أو ارتفاع درجة الحرارة، في الأخير نحن لا نزال في مرحلة التخمين.
من المرجح أن الموقف سينعكس على الواقع السياسي، لدينا مشهد زيارة من كمال جنبلاط إلى سعد الحريري وهي مشاهد يعرفها من عايش أو تابع الحروب الأهلية، وطبيعة الاستقطابات التي تتشكل في تلك المراحل، هناك اهتزاز للحياة اللبنانية كبير جدا. فالوضع الاقتصادي اللبناني بالغ الهشاشة والآن سوف يكون أكثر هشاشة من أي وقت مضى، هناك أزمة حكومية، بدأت باستقالة وزير الخارجية ناصيف حتي، والحكومة عاجزة عن التعامل مع المشاكل اللبنانية، وليس لدينا أي بيان رسمي لأى جهة، في هذا الموقف أثمن البيان الذى أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، فلبنان بلد عزيز علينا جميعا، لكن هذا التطور الذى حدث في المرفأ سيكون له تداعياته في الدوائر المتعددة داخل منطقة الشام على وجه التحديد، و لا يزال الوقت مبكرًا للقول أكثر من ذلك.
 
عملية استخبارية نظيفة استهدفت خلط الأوراق وتأزيم الموقف الداخلي
د. محمد مجاهد الزيات – المستشار الأكاديمي للمركز
نحن أمام انفجارين متتالين في عنبر في مرفأ بيروت بقوة تدمير كبيرة جدا تضرر بسببها نصف مباني العاصمة وفقاً لمحافظ بيروت كما تضرر منزل سعد الحريري رئيس الوزراء السابق بصورة كبيرة لكنه نجا من الحادث، لدينا تصريحات من وزير الداخلية اللبناني: قال إن الانفجارين وقعا في عنبر فيه متفجرات ومواد كيماوية شديدة الخطورة مصادرة، وقد أسفر الانفجاران عن استشهاد أكثر من ثلاثين شخصًا وآلاف الجرحى حسب التقديرات الأولية. كما تأخرت البيانات الرسمية اللبنانية للكشف عن حقيقة ما جرى ومن وراء الحادث وتفاصيله وهل هو انفجار أم قصف جوى .
في إطار هذه المعطيات الأولية لدينا عدد من المؤشرات منها:
التوقيت: الحادث تزامن مع عدد من التطورات شديدة الأهمية، منها الأزمة الحكومية المتصاعدة واستقالة وزير الخارجية والحديث عن استقالات تالية لعدد من الوزراء، وهو ما يمكن أن يسقط الحكومة التي يهيمن عليها تيار 8 آذار الذي يعد واجهة سياسية لحزب الله. إضافة إلى مطالبة قوى سياسية لبنانية بما فيها البطريرك الماروني بضرورة حياد لبنان وهو ما يستهدف حزب الله أساسًا، كذلك يتزامن مع القرار المتوقع صدوره من المحكمة الدولية في قضية اغتيال رفيق الحريري الأسبوع القادم، والمتهم فيها أربع شخصيات تنتمي لحزب الله وما يستتبعه ذلك من عقوبات دولية عليه.
إسرائيل المستفيد الأول: في تقديري هي إسرائيل المستفيد الأول حيث سيواجه حزب الله مزيدًا من المواجهة والرفض والتحدي وهدف إسرائيل والولايات المتحدة لمحاصرة إيران وأذرعها الاقليمية. لكن لا توجد مخازن لحزب الله في المرفأ على الأرجح، بل يمكن القول إن حزب الله أصبحت مواقعه العسكرية الرئيسية في سوريا وليس لبنان بالدرجة الأولى، وجارى استهدفها من الجانب الإسرائيلي خصوصًا بعد توقيع الاتفاقية العسكرية الأخيرة قبل نحو أسبوعين ما بين سوريا وإيران، والتي استفزت من جانب أخر إسرائيل، وأعلنت الأخيرة بدورها آنذاك أنها لن تسمح بوجود إيران على حدوها، وآخرها الاستهداف كان صباح اليوم في المواقع الإيرانية حول مدينة دمشق. لكن لا يزال أن كلا الطرفين – إسرائيل وحزب الله – ليس لديهما استعداد للحرب.
ضربة استخبارية: وفى تقديري أيضا َأن الحادث عملية استخبارية نظيفة، استهدفت خلط الأوراق وتأزيم الموقف الداخلي وتوجيه الاتهام والمسئولية لحزب الله، خاصة وأن الحادث كان يمكن أن يسفر عن اغتيال سعد الحريري وتكون بذلك رسالة أن حكم المحكمة إذا أدان حزب الله فسيكون الثمن الاستقرار والأمن في كل لبنان.
تفجيرات بيروت تدفع الولايات المتحدة لإعادة ترتيب التحالفات في لبنان
عزت إبراهيم – الخبير ورئيس وحدة الدراسات الإعلامية
تمثل واقعة الانفجار المروع في مرفأ بيروت، فرصة كبيرة أمام الولايات المتحدة لاستعادة زمام المبادرة تجاه الشأن اللبناني بعد أن وصلت الدولة اللبنانية إلى حالة من الضعف الشديد والتفسخ السياسي وتدهور كفاءة الأداء الحكومي في ظل هيمنة حزب الله على مفاصل صناعة القرار.
إن الولايات المتحدة تدرك اليوم أن لبنان الاقرب إلى الدولة الفاشلة، لن يدخل في حرب أهلية حيث لم تعد الدول الراعية للجماعات والأحزاب الطائفية في هذا البلد قادرة على تمويل حرب أهلية في ظل انخراطها في صراعات أخرى، أو انشغالها في العقوبات المشددة التي فرضتها واشنطن كما في الحالة الإيرانية. ومن ثم يمثل الحادث الاخير فرصة لإعادة ترتيب تحالفات الولايات المتحدة في لبنان، عبر فتح حوار مع القوي السنية والشيعية المعتدلة بعيدا عن تحالفات حزب الله التي ترفضها واشنطن.
ويمكن أن يدفع ذلك إلى صياغة رؤية جديدة للعلاقات الأمريكية اللبنانية تقوم على دعم النخب المستقلة، في ظل مطالبات بإعادة بناء اقتصاد البلاد. في هذا الخصوص، لن يكون خيار فرض مزيد من القيود او العقوبات أو حتى تجاهل الوضع الداخلي اللبناني خيارا أمريكيا صائبا. ومن هنا، جاء الإعلان الأمريكي مد يد العون للبنان بعد كارثة مرفأ بيروت وبشكل سريع، نقطة بداية لمنهج تخفيف الضغوطات وترك شعبية حزب الله تتهاوى في الشارع اللبناني، حتى لو بقيت على حالها في معاقله التقليدية، لن تعود أوضاع لبنان بعد الكارثة مثلما كانت في السابق، ومن المفترض أن تصبح قبضة عون- نصر الله أقل قدرة على رفض المساومات الأمريكية في الفترة المقبلة.
 
لعبة شد أطراف داخل الدائرة الأوروبية الأمريكية
د. توفيق أكلميندوس – الخبير ورئيس وحدة الدراسات الأوروبية في المركز
لم تفلح النصائح التي أسدتها باريس إلى واشنطن بشأن احتواء الأزمة اللبنانية لتجنيب بيروت الخروج عن السيطرة والوصول إلى مشهد حافة الهاوية، فباريس وازنت بين توجيه نصائح للقوى الداخلية لخصها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في عبارة "ساعدوا أنفسكم نساعدكم" في إطار حث الحكومة على إجراء إصلاحات فورية وعاجلة، وعلى الجانب الآخر كشفت تقارير محلية لبنانية أن باريس سعت أيضًا لطمأنة حزب الله تجاه قرار المحكمة الدولية الخاصة بالرئيس الحريري في خطوة استباقية لنزع فتيل أزمة محتملة. وفى الوقت ذاته نصحت واشنطن بتخفيف الضغط على حزب الله بالنظر إلى تخفيف الأحمال على الوضع الداخلي.
لكن في المقابل تبدو واشنطن مصرة على مواصلة سياسة الضغوط القصوى على إيران ووكلائها الإقليميين وفي المقدمة حزب الله، وهي السياسات التي أضرت بالوضع الاقتصادي لحزب الله. وفى هذا السياق جاءت الزيارة الأخيرة للجنرال ماكينزي قائد القيادة المركزية الوسطي الأمريكية التي ركزت حول تقدير واشنطن للجيش اللبناني والتأكيد على دعمه في ظل الأزمة الاقتصادية لاسيما توفير الاحتياجات الأساسية والعاجلة.
ثمة تفسير آخر يتعلق بعملية شد الأطراف، فباريس تقف على أرضية مختلفة عن كل من واشنطن وبرلين ولندن، فباريس تفرق بين الجناح السياسي والعسكري لحزب الله كمنظمة إرهابية، على عكس القوى الأخرى التي تدرج حزب الله بشكل عام كمنظمة إرهابية دون تميز، وبالتالي هناك تباينات واسعة حول الموقف من حزب الله على الجانبين انعكست في عدم القدرة على ضبط التصعيد الذي كان متوقعًا.
 
مشهد متكرر.. الحقاق تحتجب خلف سباق الروايات المتضاربة
أحمد عليبة – الخبير ورئيس وحدة التسلح في المركز
دأبت بيروت حيال هذه المشاهد على تكرار السلوك ذاته ، وهو صعوبة الوصول إلى رواية قاطعة ، وهناك سيل من الروايات التي يحاول كل طرف من الاطراف تصديرها إعلاميا بشكل استباقي، إما في محاولة للإشارة إلى توريط طرف ما أو ابعاده عن الشبهات، والحكومة اللبنانية نفسها يبدو أنها على نفس المسار ، ورطت في رواية لا يزال من المبكر القبول بها ، حيث قطع رئيس الوزراء بأن التفجيرات ناجمة عن تخزين مواد متفجرة مصادره منذ العام 2014 ، وبالتالي يحيل مسؤولية الاهمال فيها المسؤولين أنداك، وبالتالي تبني رواية اللواء عباس إبراهيم مدير الأمن العام اللبناني أن انفجار بيروت ناتج عن "مواد شديدة الانفجار مصادرة منذ سنوات". في الوقت الذي كان إبراهيم فيه يحاول استبعاد رواية العمل الارهابي بالقول "لا يمكن استباق التحقيقات والقول بأن هناك عملا ارهابيا، وكلمة مفرقعات تثير السخرية". على حد قوله.
هناك روايات يتم تناقلها إعلاميًا أيضا ونسبتها إلى شهود عيان على الرغم من صعوبة إثبات ذلك بالنظر لهول الحدث، بعضها تبني نظرية الماس الكهربائي، وأخرى تبنت روايات افتراضية حول تفاعلات كيمائية، وصواريخ أطلقت من البحر إلخ .. ويعتقد أن خلف هذا الركام الهائل من الروايات تحتجب الحقيقة أو غالباً ما تكون هناك الرواية المنقوصة في الأخير، وخير دليل على ذلك قضية اغتيال الرئيس الحريري أخذت 15 عاما في انتظار رواية أخيرة من المحكمة الدولية سبقها الكثير من الروايات التي أخذت كل منها الصبغة السياسية لمن يرويها.
كذلك من الضروري القول إن الروايات الاستباقية تعتمد على تحليل الصورة من زاوية المشاهدة، وليس على مستوى التفاصيل والابعاد التي يحب أن تحكمها الأدلة الدامغة التي يقوم عليها فريق تحقيق متخصص، وهو أمر يعكس مدى صعوبة بناء رواية في لبنان في ظل التقاطعات السياسية الحادة، وتراجع الثقة والمصداقية بين الجميع ومردودها على الجميع أيضا، ولكن هذه الروايات غالباً ما تترك الانطباعات الاولى لدى الرأي العام حول تفسير الحدث.