• اخر تحديث : 2024-04-22 16:34
news-details
تقارير

هل ستتم محاكمة ترامب بعد انتهاء حكمه؟


يزور أكثر من نصف مليون أميركي يوميا موقع مؤسسة مركز الدستور الوطني على الإنترنت، وهو من أكثر المراكز المتخصصة في الشؤون الدستورية احتراما؛ كي يستعلموا عن إمكانية عزل الرئيس دونالد ترامب، أو فرض حظر على توليه مناصب حكومية مستقبلية.

وأيد 232 نائبا في مجلس النواب -بينهم 10 جمهوريين- تشريع مساءلة ترامب، مقابل 197 نائبا أعلنوا رفضهم، وبذلك يصبح ترامب أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة يواجه الاتهامات الداعية للعزل مرتين.

واعتبر مشروع القرار أن ترامب حرّض أنصاره على اقتحام الكونغرس، وممارسة النهب والدمار والقتل فيه، وأظهر بذلك أنه "سيكون مصدر تهديد للأمن القومي والديمقراطية والدستور في حال السماح له بالبقاء في منصبه".

وعقب موافقة مجلس النواب، أصبح السؤال الشاغل في دوائر واشنطن يتعلق بدستورية الإقدام على محاكمة رئيس بعد انتهاء فترة حكمه رسميا.

معضلة غياب سوابق تاريخية

من جانبه، ترك زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل الباب مفتوحا أمام إمكانية محاكمة الرئيس، وذكر أنه سينظر في التصويت، لكن ليس قبل عودة المجلس للانعقاد يوم 19 من الشهر الجاري، أي قبل يوم واحد من تنصيب جو بايدن رئيسا جديدا.

ويعتقد السيناتور الجمهوري من ولاية أركانس توم كوتون أن مجلس الشيوخ يفتقر إلى سلطة محاكمة رئيس عقب انتهاء ولايته، كما جاء في بيان على موقعه الإلكتروني.

وتعتقد خبيرة قانونية -رفضت ذكر اسمها بسبب قيود وظيفية- أنه "لا يمكن لمجلس الشيوخ إجراء محاكمة العزل بمجرد أن يترك الرئيس منصبه، لأنه لا يمكن عزله من منصبه، كما ينص على ذلك بند العزل في المادة الثانية، القسم الرابع".

وهناك رأي قانوني مخالف يرى أن المحاكمة لا تتعلق فقط بالعزل، بل الأهم في هذه الحالة بالنسبة لرئيس سابق تمت إدانته في مجلس النواب ألا يكون قادرا على تجنب عقوبة عدم الأهلية، التي تمنعه من تولي منصب في المستقبل.

وهناك سابقة تاريخية تتعلق بمحاكمة مجلس الشيوخ لوزير الدفاع السابق وليام بيلكناب عام 1876 بعد استقالته من منصبه قبل تصويت مجلس النواب بإدانته.

وبرّأ مجلس الشيوخ بيلكناب، لكن المحاكمة خلصت إلى القول إنه "يمكن محاكمته على أفعال قام بها كوزير للحرب، رغم استقالته من منصبه المذكور".

المحكمة الدستورية العليا

ولا تلعب المحكمة العليا دورا في عمليات العزل والمحاكمات التشريعية، لأن المادة 3 من الدستور تنص على أن "مجلس الشيوخ ستكون له السلطة الوحيدة لمحاكمة جميع حالات العزل".

ويمكن للمحكمة التدخل في 3 حالات فقط تتعلق بانتهاك مجلس الشيوخ القواعد المنظمة للمحاكمة، كما جاء في الدستور، وهي:

  • أن يقوم أعضاء مجلس الشيوخ بأداء اليمين قبل بدء المحاكمة.
  • أن يتم التصويت بالإدانة بأغلبية الثلثين.
  • أن يدير إجراءات المحاكمة رئيس المحكمة العليا الدستورية.

بديل العزل

لا ترتبط معضلة النصوص الدستورية فقط "بعزل ترامب"، ويرى بعض أساتذة القانون الدستوري أن القسم الثالث من التعديل 14 غامض؛ إذ يقدم أساسًا أسلم من محاكمة العزل، يتمثل في استبعاد ترامب من تولي مناصب حكومية في المستقبل، بما فيها منصب الرئاسة.

وجاء في نص القسم 3، والذي استعان به قرار اتهام مجلس النواب، أنه "لا يجوز لأي شخص أن يشغل أي منصب، مدني أو عسكري، يكون قد انخرط في تمرد أو انقلاب".

ويقول خبراء إن المادة الثالثة يمكن تطبيقها ضد ترامب بأغلبية بسيطة من قبل كل مجلسي النواب والشيوخ، في حين أن العزل يتطلب تصويت الثلثين في مجلس الشيوخ، ويمكن لترامب الطعن في عدم أهليته إذا أقره مجلسا النواب والشيوخ الديمقراطيان الجديدان بأغلبية بسيطة.

ويعني ذلك أنه يمكن للكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون أن يتصرف من جانب واحد لمنع ترامب من تولي مناصب حكومية في المستقبل، وهذا يعني أيضًا أنه إذا رفض مجلس الشيوخ إدانة ترامب في محاكمة العزل، فإن مصيره قد يحدده الكونغرس بعيدا عن فكرة العزل.

ولكن في كلتا الحالتين من غير المرجح -مرة أخرى- أن تتدخل المحكمة العليا، بل تعتبرها مسألة سياسية يمكن للكونغرس وحده أن يقررها.

هل يمكن لترامب العفو عن نفسه؟

لم يسبق لأي رئيس أميركي العفو عن نفسه، وهناك انقسام واسع بين خبراء القانون الدستوري بشأن أحقية الرئيس في ممارسة هذا الحق.

وكرر ترامب في خضم تحقيقات التدخل الروسي منتصف عام 2018 تأكيد أن لديه "الحق المطلق" في القيام بذلك طبقا للدستور.

ويميل مؤيدو الرأي القائل إن الرئيس قد يعفو عن نفسه إلى تأكيد عدم وجود قيود أمام ذلك في نص الدستور، فضلاً عن بعض الآراء والتصريحات التاريخية للمحكمة العليا في ما يتعلق باتساع سلطة الرئيس في إصدار العفو عموما.

وعلى النقيض من ذلك، فإن الذين يؤكدون أن الرئيس يفتقر إلى سلطة العفو الذاتي يثيرون حججا قانونية مفادها أن العفو الذاتي لا يتفق مع الأحكام الدستورية الأخرى.

ومع عدم وضوح دستورية حق الرئيس في العفو عن نفسه، يبقى السؤال: هل يقدم ترامب على تعيين مايك بنس نائبه رئيسا بالإنابة حتى يعفو عنه وعما قد يتعرض له بعد خروجه من البيت الأبيض؟

أم سيتم ترك تلك المهمة للرئيس المنتحب الديمقراطي جو بايدن كي يتخذ هذه الخطوة التي قد تساعده في ردم الهوة الكبيرة مع الجمهوريين؟ أسئلة كثيرة ستجاوب عنها الأيام المقبلة.