• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
تقارير

رغم زعمها بشن حروب على "الإرهاب" الخارجي.. لماذا لا تعترف أميركا بـ "الإرهاب الداخلي"؟


أشار تقرير صدر عن خدمة أبحاث الكونغرس في أغسطس/آب الماضي إلى أن مسألتي زيادة عمليات إطلاق النار الجماعي والحوادث التي تتصف بالطبيعة العنصرية تتطلبان لمواجهتهما ضرورة النظر في مقترحات تتعلق بنقاط ثلاث أساسية هي:

- تصنيف الإرهاب المحلي جريمة فدرالية منفصلة.

- منح وكالات إنفاذ القانون سلطة مماثلة لتلك التي تتمتع بها في حالات الإرهاب الخارجي.

- تعديل الأولويات الحكومية المرتبطة بإنفاذ القانون من أجل زيادة التركيز على الإرهاب المحلي.

وحتى الآن لم يتخذ الكونغرس أي مبادرة لسنّ قوانين تتعلق بالإرهاب المحلي. وصدرت التوصيات عقب زيادة كبرى في حوادث جرائم الكراهية والعنصرية التي يرتكب أغلبها جماعات محلية تؤمن بسمو العرق الأبيض وتعادي الأقليات والمسلمين واليهود والمهاجرين.

ومن أمثلة الحوادث الشهيرة ما شهدته مدينة تشارلوتسفيل بولاية فرجينيا في أغسطس/آب 2017 حيث قتلت سيدة، وحادثة إطلاق النار على المصلين في كنيس يهودي في أكتوبر/تشرين الأول 2018 بمدينة بيتسبرج بولاية بنسلفانيا حيث قتل 5 أشخاص، والهجوم على متجر وول مارت في مدينة الباسو بولاية تكساس في أغسطس/ آب 2019 وقتل فيه 20 شخصا.

وفي الحالات الثلاث كانت الدوافع عنصرية معادية للسود في الحالة الأولى، ولليهود في الحالة الثانية، وللمهاجرين الهيسبانيك في الثالثة.

وأعادت أحداث يوم السادس من يناير/كانون الثاني الجاري ضخّ دماء جديدة في جهود سنّ تشريعات تتعلق بالإرهاب المحلي خاصة التي يرتكبها متطرفون من البيض.

وكان مئات من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب اقتحموا مبنى الكابيتول لعرقلة تصديق أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب على نتائج الانتخابات، وهو ما أسفر عن سقوط 5 قتلى وتعطيل عمل الكونغرس 5 ساعات.

بايدن .. المواجهة مبكرا

وعلى غير المتوقع في خطاب تنصيب الرئيس الأميركي، شنّ جو بايدن هجوما كبيرا على الجماعات المتطرفة المؤمنة بتفوق العرق الأبيض وجماعات الإرهاب المحلي التي شهدت تناميا كبيرا أثناء سنوات حكم الرئيس السابق دونالد ترامب.

كما ندّد بايدن بالعنصرية القومية التي دفعت حشدا من البيض من مؤيدي ترامب إلى الهجوم على مبنى الكابيتول، حيث رفعوا رموز الكراهية، بما في ذلك علم المعركة الكونفدرالية.

ونقلت شبكة "سي إن إن" (CNN) عن مصادر مطلعة أن الإرهاب المحلي سيكون محور تركيز كبير لمجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، وتوقعت أن تصدر الإدارة الجديدة سلسلة من التعاميم إلى موظفي مجلس الأمن القومي تركز على هذا التهديد.

ودفع اقتحام الكونغرس إلى بدء نقاش أوسع نطاقا بشأن أفضل سبل مكافحة الإرهاب المحلي اليميني، خاصة مع وجود قوانين جنائية بالفعل يراها البعض مناسبة.

من ناحية أخرى يدعو بعض أعضاء الكونغرس إلى ضرورة سن تشريعات على غرار تلك التي صيغت لمكافحة الإرهاب الخارجي بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، أو مزيج من الاثنين.

إلا أن هذا الطرح يثير مخاوف جديدة بين المدافعين عن حقوق الإنسان من أن الحريات المدنية التي تآكلت بالفعل بعد القوانين التي فرضت عقب حوادث 11 سبتمبر/أيلول سوف تتضاءل أكثر.

الإرهاب المحلي موجود.. والقانون مفقود

وكانت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أثناء تقديمها مشروع قرار إدانة الرئيس السابق دونالد ترامب بهدف محاكمته وصفت مثيري الشغب ممن اقتحموا مباني الكونغرس بـ "الإرهابيين المحليين"، وهي العبارة التي استخدمها الرئيس جو بايدن لوصفهم أيضًا.

ودعا زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر من جانبه إلى إدراج المتهمين والمشتبه فيهم من هذه الجماعات في قوائم "حظر الطيران".

وفي تعليق لها على الأحداث الأخيرة، أكدت إليزابيث نيومان المسؤولة السابقة بوزارة الأمن الداخلي، التي تشرف على مكافحة الإرهاب ومنع التهديدات أن "ذلك سيكون تحديًا جليا بالنسبة لنا"، وأضافت "علينا أن نلاحق الأشخاص المحرّضين والمشتبهين بالحدة نفسها التي نتبنّاها مع أعضاء تنظيم القاعدة".

ترامب.. الزعيم الروحي

وأكدت نيومان -في مقابلة مع مجلة تايم- أنه "وبالنسبة لأعضاء جماعات الغوغاء الذين اقتحموا مبنى الكابيتول، فإن الرئيس ترامب كان بمنزلة الزعيم الروحي لهم".

ويحذّر داريل جونسون الذي كان يعمل في وزارة الأمن الداخلي من أن ما شاهدناه يوم السادس من يناير/كانون الثاني ليس "حدثًا معزولا.. إنها ليست نهاية العرض، إنها بداية إذا جاز التعبير".

ويؤكد جونسون أن الجندية آشلي بابيت التي قُتلت أثناء اختراقها أحد مداخل مبنى الكابيتول، "بدأت تتحول إلى شهيدة بين أعضاء الجماعات اليمينية المتطرفة، وأنهم يستخدمون قتلها على نطاق واسع بوصفه أداة تجنيد لجذب وتعبئة الآخرين نحو العنف".

أكثر خطورة

ومنذ أن شُكلت جماعة "كو كللوكس كلان" (KKK) لأول مرة عام 1865 لم تنجح الجهود في القضاء على هذه الجماعات.

وفي تقييم لوزارة الأمن الداخلي في أكتوبر/تشرين الأول 2020 أعلن وزير الأمن الداخلي أمام الكونغرس بالإنابة، تشاد وولف، أن "المتطرفين العنيفين من ذوي التفوق العنصري الأبيض أصبحوا أكثر خطورة كما ظهر في هجماتهم أثناء السنوات الأخيرة".

ويُعقّد من تشابكات قضية الإرهاب المحلي توفر تقارير تشير إلى وجود آلاف من أعضاء هذه الجماعات، خاصة المؤمنة بتفوق العرق البيض، بين كوادر القوات المسلحة وأجهزة الشرطة الأميركية.

ويرى بعض المعلقين أنه ولوقت طويل، اعتمدت الجهات الحكومية على حجة حماية حرية التعبير بموجب التعديل الدستوري الأول، فرأى البعض أن هؤلاء الناس لديهم الحق الدستوري في التصرف بهذه الطريقة وحتى الإيمان بمبادئ هذه الجماعات.

حقوق دستورية

ويرى بعض المعلقين أن التعديلين الدستوريين الأول والثاني يعرقلان ويعقّدان من سبل مواجهة هذه الجماعات المتطرفة.

ويشير التعديل الأول إلى حقوق حرية التعبير وحرية التجمع وتبادل الآراء دون قيود، والتعديل الثاني يؤكد حق امتلاك الأسلحة النارية.

وتدعم بيانات لمكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" (FBI) المخاوف من الجماعات البيض العنصرية، وتشير إحصاءاته الرسمية إلى أن الأشخاص الذي لقوا مصرعهم بأميركا في السنوات القليلة الماضية أكثر من ضحايا الهجمات التي ارتكبت على يد إرهابيين أجانب.

وأمام الكونغرس، أكد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، كريس راي، أخيرا أن أغلب الهجمات الإرهابية المحلية لها دوافع عنصرية، وشنّ معظمها دعاة تفوق العرق الأبيض.

ويرى كثير من المعلقين أن الرئيس السابق دونالد ترامب دعم الجماعات اليمينية المحلية عن طريق الترويج لتزوير الانتخابات، ونشر شائعات عن قوة الجماعات اليسارية الراديكالية مثل "أنتيفا " (ANTIFA)، وحركات دعم حقوق السود.

ورفض ترامب أثناء المناظرة الرئاسية الأولى في سبتمبر/أيلول الماضي مع منافسه جو بايدن إدانة جماعات عنصرية تؤمن بتفوق العرق الأبيض.