• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
تقارير

متفوقة على الولايات المتحدة.. الصين الأولى في الاستثمارات الأجنبية المباشرة


تراجعت الاستثمارات الجديدة للشركات الأجنبية في الولايات المتحدة -التي احتلت لعقود الصدارة- بنسبة 49% في 2020، في الوقت الذي تكافح فيه البلاد للحد من انتشار فيروس كورونا وسط الركود الاقتصادي، وذلك وفقا لأرقام الأمم المتحدة الصادرة يوم الأحد الماضي.

وقال الكاتبان بول هانون وأون يونغ جونغ في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن الصين -التي احتلت المرتبة الثانية منذ فترة طويلة- سجلت زيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 4%، حسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.

ولجأت بكين إلى عمليات الإغلاق الصارمة لاحتواء كوفيد-19 بعد ظهور الفيروس لأول مرة في ووهان، ونما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، في وقت كانت فيه معظم الاقتصادات الكبرى الأخرى تكافح خلال العام الماضي.

وتؤكد أرقام الاستثمار لعام 2020 تحول الصين إلى مركز الاقتصاد العالمي الذي لطالما هيمنت عليه الولايات المتحدة، وهو تحول تسارع خلال الجائحة بتعزيز الصين مكانتها باعتبارها مصنع العالم، وتوسيع حصتها في التجارة العالمية.

وحتى مع استقطاب الصين المزيد من تدفقات الاستثمار الجديدة في العام الماضي فإن إجمالي احتياطي الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة لا يزال أكبر بكثير، وهو ما يعكس عقودا من احتلالها المركز الأول على قائمة الوجهات الأكثر جاذبية بالنسبة للشركات الأجنبية التي تتطلع إلى التوسع خارج أسواقها المحلية.

وشجعت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الشركات الأميركية على مغادرة الصين والعودة إلى الولايات المتحدة، كما أن تعريض عمليات الاستحواذ التي تجريها الشركات الصينية في الولايات المتحدة للتدقيق لأسباب تتعلق بالأمن القومي قلل اهتمام المستثمرين الصينيين بعقد الصفقات الأميركية.

تراجع الاستثمارات في الولايات المتحدة

وحسب دانييل روزن الشريك المؤسس لمجموعة "روديوم غروب" (Rhodium Group) للأبحاث المستقلة التي يقع مقرها في نيويورك، فإن الانخفاض الحاد في الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة خلال العام الماضي يعكس الانكماش الاقتصادي الأوسع نطاقا لتداعيات جائحة فيروس كورونا.

ويشمل الاستثمار الأجنبي المباشر بناء الشركات الأجنبية مصانع جديدة، أو توسيع العمليات الحالية في بلد ما، أو استحواذها على شركات محلية.

وفي الصين، استمر تدفق الاستثمارات من قبل الشركات متعددة الجنسيات رغم الاضطرابات الناجمة عن الوباء، مع قيام شركات -مثل "هانيويل" (Honeywell) الأميركية العملاقة وشركة "أديداس" (adidas) الألمانية- بتوسيع عملياتها على أراضيها.

من جهته، يعتقد جوزيف جويس أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد في كلية ويلسلي أن الانخفاض الحاد في الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة كان بسبب الوباء، بيد أنه يدفع الشركات أيضا إلى إعادة التفكير في الاستثمارات المستقبلية، حيث تعيد الشركات تقييم سياساتها بشأن سلاسل الإمداد العالمية، والأسواق الخارجية، وكيفية توظيف التكنولوجيا.

وتظهر أرقام مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية تفاوتا واضحا بين الشرق والغرب في الاقتصاد العالمي، ففي 2020 جذبت منطقة شرق آسيا ثلث الاستثمارات الأجنبية على مستوى العالم، وهي أكبر حصة لها منذ الثمانينيات، وشهدت الهند زيادة بنسبة 13% في الاستثمار الأجنبي، وكانت مدفوعة إلى حد كبير بارتفاع الطلب على الخدمات الرقمية.

وفي الجانب الغربي، شهد الاتحاد الأوروبي تراجعا في الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 71%، ولم تستقطب المملكة المتحدة وإيطاليا -اللتان سجلتا معدلات وفيات عالية ونسب انكماش اقتصادي مرتفعة- أي استثمارات جديدة، وشهدت ألمانيا -التي يعتبر أداؤها أفضل من نظيراتها- تراجعا في الاستثمارات الأجنبية بنسبة 61%.

وعندما انتشر الوباء لأول مرة في بداية العام الماضي توقع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أن الصين ستشهد تراجعا ملحوظا في الاستثمار الأجنبي، وأن الولايات المتحدة لن تتأثر بشكل كبير.

في المقابل، بدأ الاقتصاد الصيني يستعيد نشاطه في أبريل/نيسان الماضي، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة وأوروبا عن سلسلة من عمليات الإغلاق وتزايد الاضطرابات.

الصين تجذب الشركات الأجنبية

يعود انتعاش اقتصاد الصين بسرعة وتزايد جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية إلى قدرة بكين على السيطرة على فيروس كورونا داخل حدودها بشكل سريع، وبعد تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين خلال الأشهر القليلة الأولى من عام 2020 سارع المسؤولون الصينيون إلى طمأنة المستثمرين الأجانب.

وقد دعا رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ مجلس الوزراء في مارس/آذار الماضي إلى ضرورة اتباع سياسات هادفة لوقف تراجع التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي.

ومع تعافي الصين من تداعيات الوباء سارعت الشركات الأجنبية إلى ضخ المزيد من أموالها في الصين، باعتبارها قاعدة إنتاج وسوقا مهما لنمو منتجاتها.

بدورها، أعلنت شركة "وول مارت" (Walmart) في مؤتمر استثماري استضافته حكومة المدينة في ووهان عن استثمار ما يعادل 460 مليون دولار في المدينة على مدى السنوات الخمس المقبلة.

ومن المقرر أن تستثمر شركة "ستاربكس" (Starbucks) مليون دولار لبناء مصنع تحميص ومتنزه في مدينة كونشان الواقعة شرقي الصين.

من جانبها، تقوم شركة "تسلا" (Tesla) بتوسيع أعمالها في مصنعها الذي يقع في شنغهاي من خلال إضافة منشأة بحثية.

وساهم انتشار فيروس كورونا في تعزيز نشاط الاستثمارات الطبية والصيدلانية بشكل خاص، وأفاد التلفزيون المركزي الصيني الحكومي في أبريل/نيسان الماضي بأن العديد من شركات الأدوية العالمية تمضي قدما نحو توسيع أعمالها في الصين، بما في ذلك شركة "أسترازينيكا" (AstraZeneca)، وهي بصدد إقامة مقرات إقليمية في 5 مدن صينية على الأقل.

وأشار الكاتبان إلى أن مرونة الاستثمار الأجنبي في الصين تتعارض مع التوقعات السابقة بشأن سعي الشركات الأجنبية إلى تقليل اعتمادها الشديد على الصين باعتبارها جزءا أساسيا من سلاسل التوريد الخاصة بها، وذلك بعد أن شهدت بعض الاضطرابات جراء التعريفات الجمركية في خضم الحرب التجارية بينها وبين الولايات المتحدة.