نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الصهيونية تقريراً فندت فيه عوامل القلق الإسرائيلي من العودة إلى مفاوضات النووي بين طهران وواشنطن، وفيما يلي النص المنقول إلى العربية:
قاذفة أميركية B-52، حلّقت أول أمس فوق "إسرائيل"، بمواكبة طائرات F-15 لسلاح الجو الإسرائيلي. دلالة على تعاون؟ لا زال من المبكر الاحتفال.
عندما حلّقت الـB-52 فوق "إسرائيل"، قصف الإيرانيون، بواسطة الحوثيين الذين يسيطرون على غالبية أراضي اليمن، مطار رأس التنورة في شرق السعودية.
قبلها بقليل، في 27 شباط/فبراير الماضي، ارتعبت الرياض، عاصمة السعودية، من سلسلة انفجارات، نتيجة إطلاق 15 طائرة مسيّرة محمّلة بقنابل وصاروخٍ باليستي واحد.
في 10 شباط/فبراير هاجم الحوثيون مطار أبها الدولي في جنوب السعودية. فرنسا وألمانيا وبريطانيا أصدرت إدانة. في الوقت نفسه تقريباً قُصفت سفينة إسرائيلية في خليج عُمان.
قبل أيامٍ معدودة من مغادرته وزارة الخارجية، أعلن مايك بومبيو أن الحوثيين هم منظمة إرهابية. بعد يومين على الهجوم في أبها أعلن خلفه، أنطوني بلينكن، عن إلغاء قرار بومبيو، لمبررات إنسانية.
وعلى أمرٍ واحدٍ لا خلاف: الولايات المتحدة تغيّر وُجهتها. في إطار السياسة الجديدة، كشفت الإدارة الجديدة تورّط القيادة السعودية عموماً، وولي العهد محمد بن سلمان على وجه الخصوص، في قتل الصحفي جمال الخاشقجي. جريمة القتل، التي تعترف السعودية أيضاً بأن عناصرها ارتكبوها، هي قصة بغيضة.
المسألة هي أن الأمر يتعلق بجريمة قتل واحدة. فقط واحدة. طالما تعلّق الأمر بإيران، إنها الجهة الأساسية لسفك الدماء في الشرق الأوسط.
في الشرق الأوسط يتبلور في العامين الأخيرين محوران. الأول يضم غالبية الدول السنّية، وعلى رأسها السعودية، بمشاركة "إسرائيل". الثاني يضم إيران، التي تسيطر أو تتدخل بمستوى ما في اليمن، في العراق، في سوريا وفي لبنان.
قبل شهر عُقد اجتماع عمل في موسكو بين السفير الإيراني وبين مسؤول حماس، موسى أبو مرزوق، وأمين عام الجهاد الإسلامي في غزة، زياد النخالة. لم يبحثوا سبل "إرساء سلام" في المنطقة. وكيف ردّت الولايات المتحدة؟ تعود إلى الطريق الفاشلة.
في ذروة محادثات الاتفاق النووي، في آذار/مارس 2015، انضم المرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، إلى حشد كان يصرخ "الموت لأميركا". قائد البسيج محمد رضا نقدي، أعلن في التلفزيون الإيراني في تلك الأيام عن أن "محو إسرائيل ليس موضوعاً للتفاوض". هذا لم يؤثر على المفاوضين.
في حزيران/يونيو 2015 وُقّع الاتفاق النووي، الذي منح إيران نفوذّا أكبر بكثير. والنتائج بما يتناسب. في تلك الأيام كان روبرت مالي واحداً من قادة المفاوضات. مؤخراً عيّنه بايدن مبعوثاً خاصاً لشؤون إيران. ما كان سيكون؟ بالتأكيد ممكن. وهذا أكثر أهمية من B-52 في أجواء "إسرائيل".
هل هناك سبيل لهزيمة النظام الإيراني؟ العقوبات التي أعادها ترامب ألحقت الضرر بإيران. في سنة 2018 عانت الجمهورية الإسلامية من انخفاض أكثر بقليل من 6% من الناتج المحلي، وفي سنة 2019 وصل إلى ما يقرب من 7%.
فيما البرنامج النووي الإيراني لن يوقف التعاظم العسكري والتآمر الإقليمي، وسيجعل إيران أكثر خطورة بكثير.
"إسرائيل" في وضعٍ غير سهل. إيران هي بحق على رأس اهتمامات نتنياهو، لكن لم يكن هناك أي حاجة لانتظار مقابلة مع النائب المتقاعد لرئيس الموساد كي نعلم أنه على الرغم من كل العمليات الناجحة لـ"إسرائيل" في البُعد التكتيكي، البُعد الاستراتيجي إنه فشل ذريع.
الإيرانيون يعملون مثلما يعرفون العمل. إنهم لا يتنازلون، إنهم يضربون. فها أنهم لديهم دائماً في شباك العرض وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، الذي سيشن هجمة ابتسامات، والأوروبيون يذوبون فوراً. هناك خشية من أن الأميركيين أيضاً.
كيف نتعامل مع هذا؟ رغم العقوبات التي تُلحق الضرر بإيران، يمكن التقدير أن أوروبا والولايات المتحدة سيرمش جفنهما أولاً. وهكذا، هناك حاجة للخروج من الصندوق. لا حاجة لرفض السعي إلى اتفاقٍ مُحسّن، وبشرط أن يتناول أيضاً المشكلة الأساسية: دعم الإرهاب والسعي إلى هيمنة إقليمية والقضاء على "إسرائيل".
هل هذا ممكن؟ ممكن. الشرط الأول هو اعترافٌ أميركي بالمشكلة وحجم الخطر. هذه ستكون إحدى المهام المُهمة، وربما الأكثر أهمية، للحكومة التي ستقوم بعد الانتخابات.