• اخر تحديث : 2024-05-15 19:58
news-details
تقارير

القبض على الأدميرالات وشبح انقلاب جديد في تركيا


‏ وقّع نحو 103 من ضباط البحرية المتقاعدين في البحرية التركية مساء السبت الماضي بيانًا تحذيريًا باسم "104" طالب الحكومة التركية والحزب الحاكم بالتراجع عن قرار الانسحاب من اتفاقية إسطنبول وعن حفر قناة إسطنبول. وقالت مجموعة الأدميرالات في البيان: إن "التشكيك في مستقبل ما يسمى باتفاقية مونترو يعد سياسة حكومية مضللة"؛ معتبرين أن معاهدة 1936 ضمانة للسلام في البحر الأسود الذي تحده تركيا مع روسيا وأوكرانيا.

وقال البيان: "من المثير للقلق أن تُفتح اتفاقية مونترو للنقاش في إطار الحديث عن قناة اسطنبول والمعاهدات الدولية، فالاتفاقية حمت حقوق تركيا بأفضل طريقة، ويجب على تركيا أن تحافظ على التزامها باتفاقية مونترو التي مكنتها من سلوك دور حيادي في الحرب العالمية الثانية".

وأكد البيان ضرورة حفاظ الجيش التركي على قيم الدستور الأساسية التي "لا يمكن تغييرها"؛ محذرًا من "ابتعاد القوات البحرية التركية عن المسار المعاصر الذي رسمه أتاتورك".

وقد شنت فرق مكافحة الإرهاب التركية حملة اعتقال بحق أميرالات متقاعدين على خلفية البيان الذي أثار غضب المسؤولين في تركيا الذين اعتبروه تمهيدًا لعمل انقلابي.

في هذا السياق، وتحت عنوان: "العشرات من ضباط البحرية المتقاعدين يضعون أردوغان أمام الحقيقة" نشر موقع أحوال تركية أمس مقالًا جاء فيه: في موقف مفاجئ وصادم في مؤسسة عسكرية اعتادت على الطاعة المطلقة والصارمة لحكومة العدالة والتنمية وللرئيس التركي رجب طيب أردوغان خرج العشرات من ضباط القوات البحرية الأتراك المتقاعدين عن صمتهم ليضعوا أردوغان أمام الحقيقة. ومن ذلك الموقف الصارم والرافض تجاه قضيتين أساسيتين هما ضرورة عدم المساس باتفاقية مونترو ورفض إكمال مشروع قناة اسطنبول.

موقف كهذا ما لبث أن تم تقييمه في الأوساط المقربة من أردوغان على أنه بمثابة انقلاب فيما شنت وكالة انباء الأناضول هجوما لاذعا على عشرات الضباط المتقاعدين من القوات البحرية التركية الموقّعين على البيان واتهمتهم باستخدام الجيش لتحقيق اطماع شخصية.

103 من الضباط المتقاعدون الموقعين على البيان الجماعي، أوضحوا أن اتفاقية مونترو حمت حقوق تركيا بأفضل طريقة، مؤكدين أنه يجب على تركيا أن تحافظ على التزامها باتفاقية مونترو التي مكنتها من سلوك دور حيادي في الحرب العالمية الثانية.

كما أدان البيان ابتعاد القوات البحرية التركية عن القيم الأساسية للدستور، والتي لا يمكن تغييرها ولا يمكن اقتراح تغييرها، وعن المسار المعاصر الذي رسمه أتاتورك.

الضباط طالبوا أردوغان خلاله بالتراجع عن تنفيذ مشروع قناة إسطنبول، وحذروا في الوقت نفسه من المساس باتفاقية مونترو الخاصة بحركة المرور في البحر الأسود.

كما دعا البيان إلى أن "يحافظ الجيش التركي على القيم الأساسية للدستور، والتي لا يمكن تغييرها ولا يمكن اقتراح تغييرها".

الأدميرالات البحريون قالوا في بيانهم المنشور على شبكة الأخبار العلمانية القومية أنهم يشعرون بقلق بالغ من خطوات أردوغان من المساس باتفاقية مونترو بشكل خاص زبما يعد خطوة للتنصل من اتفاقيات دولية بالغة الأهمية حفظت لتركيا كيانها الجغرافي ومكانتها بين دول العالم كدولة تحترم المواثيق الدولية وعدم التعدّي على حقوق الآخرين.

وكانت اتفاقية مونترو الموقعة في سويسرا عام 1936 قد منحت تركيا حقوق السيطرة على مضيقيها، مضيق البوسفور والدردنيل، مع قصر مرور السفن الحربية من المضيق على الدول التي لها حدود على البحر الأسود فقط.

ووصف الأدميرالات الاتفاقية بأنها "أكبر انتصار دبلوماسي منفرد أكمل معاهدة لوزان للسلام" ، التي حددت معظم حدود تركيا الحديثة في عام 1923، وقالوا إن المضائق التركية كانت "من بين أهم الممرات المائية في العالم"؛ وأضافوا أن الاتفاقية سمحت لتركيا بالبقاء على الحياد خلال الحرب العالمية الثانية ، وتضمن السلام في البحر الأسود بشكل عام.

ولاقى البيان ردود فعل غاضبة من قبل العديد من المسؤولين الأتراك، الذين عبروا عن رفضهم له.

رئيس البرلمان التركي مصطفى شنتوب، أكد أن الشعب التركي دفن جميع عشاق الانقلاب، وأضاف: "لسنوات عديدة، المتقاعدون، الذين لم يظهروا في الجبهة ضد أعداء الوطن ومع الأمة، يتعاملون مع سماسرة الفوضى بأجنداتهم الخاصة، لقد دفنت أمتنا جميع عشاق الانقلاب".

وكان شنتوب أثار الجدل بسبب حديثه، عن حق تركيا في الانسحاب من أي اتفاقية دولية حتى ولو كانت اتفاقية مونترو، وذلك في معرض دفاعه عن انسحاب الرئيس أردوغان من اتفاقية إسطنبول، وتأكيده أن القرار الرئاسي لا يخالف الدستور.

كما علق رئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، على البيان، قائلا: " لقد أظهرت هذه الأمة للصديق والعدو كيف تغلبت على الانقلابات الطموحة في 15 يوليو 2016. اعرفوا مكانكم! من أنتم؟ بأي حق تشيرون بإصبعكم إلى الممثلين الشرعيين للإرادة الوطنية؟ تركيا دولة قانون. لا تنسوا هذا أبدا.. الوصاية لن تتمكن من ديمقراطيتنا مرة أخر".

أما وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، فقال مهددا الضباط بالاعتقال إن "الأمة التركية العظيمة تعشق الزي الرسمي، وإنه لشرف كبير أن يرتدي الزي الرسمي، وإنه لشرف أكبر أن يحملوا هذا الشرف بعد التقاعد، ودائما يتذكرون بامتنان أولئك الموالين للديمقراطية والدولة والأمة، والذين لا يجعلون زيهم مادة سياسية".

مصطفى شنطوب، رئيس البرلمان من أشد المدافعين عن نوايا أردوغان الانسحاب من الإتفاقيات الدولية واتهام المعترضين بمحاولة الإنقلاب

وكان الأدميرالات قالوا: "إن أهم درس يمكن استخلاصه من هذه المؤامرات هو أن القوات المسلحة التركية يجب أن تتمسك بدقة بالقيم الأساسية غير القابلة للتغيير والمرتبطة بالدستور"، في إشارة إلى المادة التي تعرف تركيا كدولة علمانية وديمقراطية في ظل سيادة القانون.

 وتابع البيان:

"لهذه الأسباب، ندين محاولات جعل الأمر يبدو وكأن القوات المسلحة التركية والقوات البحرية لدينا قد تركت حدود هذه القيم، مبتعدة عن المسار المعاصر الذي رسمه أتاتورك، ونعارضها بكل ما لدينا. خلاف ذلك، قد تواجه جمهورية تركيا خطرا وتهديدا حقيقيا قد يشكل خطورة على بقائها".

ودعا البيان المذكور إلى تجنب جميع أنواع الإجراءات والأعمال التي قد تجعل اتفاقية "مونترو" (الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية) موضوعًا للنقاش. وأشار إلى أن بعض الصور "غير المقبولة" في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي شكلت مصدر قلق.

أما وزارة الدفاع التركية فقد اصدرت بيانا، أكدت فيه إنه لا يمكن استخدام الجيش كوسيلة لتحقيق الغايات الشخصية لأولئك الذين ليس لديهم أي مهمة أو مسؤولية. وانتقدت الوزارة بيان ادميرالت البحرية التركية المتقاعدين وأضافت: "من الواضح أن نشر مثل هذا البيان لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بديمقراطيتنا". وشدّدت على أنه لا يمكن استخدام القوات المسلحة كوسيلة لتحقيق الغايات والأطماع والآمال الشخصية لمن ليس لديهم أي مهمة أو مسؤولية.

وفي إجراء عاجل وردا على البيان المذكور فتحت النيابة العامة بأنقرة تحقيقا حول بيان الضباط المتقاعدين.

ويعد هذا البيان أحدث تطور جدي في موقف القوات المسلحة من مساعي اردوغان زعزعة التزامات تركيا الدولية والاقليمية والتلاعب بها كيفما شاء بعدما أوجد لنفسه غطاءًا كاملًا من الناحية الدستورية في ظل النظام الرئاسي والسعي للتنصل من دستور تركيا الحالي الى دستور جديد يروّج له اردوغان قبيل انتخابات 2023.

ويُخشى على نطاق واسع ان يتعرض اولئك الأدميرالات الى ما تعرض له زملاؤهم من ملاحقة واتهامات بالخيانة واتهامات كيدية أخرى تنال من وطنيتهم وانتماءهم لبلادهم وذلك تمهيدا لمحاكمات طالت عشرات الوف الجنود والضباط الأتراك الذين تغص بهم السجون الآن.

واليوم وفي مقال بعنوان: "ليلة القبض على الأدميرالات وشبح انقلاب جديد" نشر موقع أحوال تركية الآتي: لا شكّ أن حكومة العدالة والتنمية والرئيس التركي أردوغان شخصياً يعانون بشدّة من فوبيا الانقلاب، إنه مثل شبح يلاحقهم في بلد عُرِف على أنه مهد الانقلابات بامتياز. لكنّ أردوغان ومن معه أوجدوا على مرّ عقدين من الزمن كل الوسائل التي تحول دون وجود أدنى احتمال لانقلاب مستقبلي.

أما المشكل الحقيقي فيكمن في أنّ أي رأي خاصة إذا كان صادراً من عسكريين فإنه سرعان ما يفسّر من طرف اردوغان وحكومته على أنها محاولة انقلابية وهكذا جرى التعامل مع بيان أدميرالات البحرية التركية المتقاعدين؛ فخلال 24 ساعة الماضية قامت قيامة حكومة العدالة والتنمية، ولم يبق مسؤول منهم من دون أن يدلي بدلوه محذّراً من وجود انقلاب على الأبواب، ثم اختتم الموقف بما كنا توقّعناه ليلة اعتقال الأدميرالات.

فقد أصدر القضاء التركي اليوم الاثنين مذكرات توقيف في حق عشرة أدميرالات متقاعدين بسبب الرسالة المفتوحة التي وقعها مئات من الضباط السابقين تنتقد مشروع قناة اسطنبول المدعوم من اردوغان، وأفاد مكتب المدعي العام في أنقرة أن الأدميرالات العشرة المتقاعدين وُضعوا في الحبس على ذمة التحقيق. ولم يوقف أربعة ضباط سابقين آخرين بسبب سنهم، لكن طُلب منهم المثول أمام شرطة أنقرة في الأيام الثلاثة المقبلة.

آخر المروّجين لفوبيا الإنقلاب كان وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو الذي قال في بيان له إن البيان الصادر عن الضباط المتقاعدين برتبة أدميرال من القوات البحرية أسلوب يستحضر انقلابًا.

ونقلت وكالة الأناضول التركية اليوم الاثنين عنه القول في مقابلة إعلامية أن قناة إسطنبول التي تعتزم تركيا فتحها، لا تؤثر على اتفاقية مونترو الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية، وأن الاتفاقية ليس لها تأثير كذلك على مشروع القناة.

وقال جاويش أوغلو عن بيان الضباط المتقاعدين: "إنه جاء بأسلوب استحضار الانقلابات كما كان في السابق". وأكد دفاع أردوغان والحكومة عن الوطن الأزرق (المياه الواقعة تحت السيادة التركية)، وعن مصالح البلاد. وأضاف أن الذين يقفون وراء البيان لا يعنون منه اتفاقية مونترو،وإنما يستهدفون الرئيس أردوغان وحكومته وتحالف الشعب (يضم حزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية).

تحذيرات جاويش أوغلو من شبح الإنقلاب كان قد ردّدها زملاؤه من طاقم الحزب الحاكم ومن بينهم رئيس البرلمان مصطفى شنطوب، ونائب رئيس الجمهورية فؤاد أوقطاي، والمتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، وعدد من الوزراء.

وقال المتحدث باسم الرئاسة ابراهيم قالن "إن البيان يحمل سمات مؤامرة عسكرية للإطاحة بالحكومة... مجموعة من الجنود المتقاعدين يضعون أنفسهم في وضع مضحك وبائس ببيانهم الذي يردد أصداء زمن الانقلابات".

وتحكم اتفاقية مونترو الموقعة عام 1936 استخدام سفن الشحن من الدول الموقعة عليها لمضيقي البوسفور والدردنيل. وتعطي الاتفاقية تركيا السيطرة على المضيقين داخل حدودها وتضمن دخول السفن المدنية في أوقات السلم كما تقيد دخول السفن الحربية. وتخطط تركيا لشق قناة ضخمة تربط البحر الأسود شمالي اسطنبول ببحر مرمرة في الجنوب قال مسؤول تركي إن الاتفاقية لن تشملها.

وبحسب وكالة نوفوستي الروسية للأنباء، فإن "ما أثار الانتقادات هو نشر مثل هذه الرسالة باسم الأميرالات بغض النظر عن مضمونها حتى وإن كانت بريئة تماما. ذلك أن كاتبيها لم يتصرفوا بصفتهم أشخاص عاديين بل بصفتهم عسكريين متقاعدين كبارًا"؛ وأوضحت الوكالة أن "هذه الرسالة يُنظر إليها على أنها تدخل الجيش في السياسة وهذا أمر تنظر السلطات إليها نظرة سيئة جدا، مع الأخذ بعين الاعتبار تجربة سلسلة من الانقلابات العسكرية في تركيا".

وكان بيان الأميرالات المتقاعدين دعا إلى تجنب كل أنواع الخطابات والأعمال التي قد تجعل اتفاقية مونترو الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية موضوعًا للنقاش. وأشار إلى أن بعض الصور "غير المقبولة" في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي شكلت مصدر قلق. وأدان البيان ذاته الجهود الرامية إلى إظهار الجيش التركي وقوات البحرية "بعيدين عن المسار المعاصر الذي رسمه أتاتورك (مؤسس الجمهورية)".

أردوغان دعا اركان حكومته واجهزته الأمنية الى اجتماع عاجل هذا اليوم خوفًا من وقوع انقلاب، وتابع: "وإلا فإن الجمهورية التركية يمكن أن تواجه مخاطر وتهديد التعرض لأحداث يشوبها الاكتئاب وهي الأخطر بالنسبة إلى وجودها، وهناك أمثلة عليها في التاريخ".

وردت وزارة الدفاع التركية على بيان الضباط المتقاعدين ببيان أكدت فيه أنّ هذا البيان لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بديمقراطيتنا والتأثير سلبا على معنويات ودوافع أفراد القوات المسلحة التركية وإسعاد أعدائنا".

وكرد فعل عاجل أصدرت النيابة العامة في العاصمة التركية أنقرة، تحقيقا حول بيان صادر عن 103 جنرال متقاعد تركي بخصوص اتفاقية مونترو الدولية. وأوضحت النيابة في بيان، الأحد، أنه سيتم التحقيق مع الموقعين على البيان ومن يقف وراء إعداد هذا البيان. بينما دعا اردوغان الى اجتماع عاجل لحكومته ومساعديه واجهزته الأمنية ظهر هذا اليوم لتدارك تداعيات بيان الأدميرالات.

حالة الهلع التي انتابت أركان حكم اردوغان والخوف من شبح الانقلاب تثبت هشاشة اركان هذا النظام وعدم استعداده أن يكون ديموقراطيا بما فيه الكفاية فيتقبل الرأي والرأي الآخر.

بدورها أكدت صحيفة صباح التركية أن فرق مكافحة الإرهاب داهمت منازل 14 من الموقعين على البيان وعددهم 104، وجرى اعتقال 10 منهم في أنقرة وإسطنبول وكوجالي؛ مشيرةً إلى أن نائب المدعي العام في مكتب التحقيق بالجرائم الإرهابية فيسيل كاتشماز حدد المشاركين كافة في البيان في الدعوى التي فتحت، والأشخاص الذين على صلة بهم، وأمر بوضع المعتقلين حتى الآن رهن التوقيف.

ولفتت إلى أن 4 من المطلوبين تم تفتيش منازلهم والتحفظ على الأدلة كافة لمنع إتلافها، وطلب منهم المثول خلال 3 أيام أمام الشرطة بسبب وضعهم الصحي.