• اخر تحديث : 2024-04-26 21:42
news-details
تقارير

"نيويورك تايمز": صورة الأردن تتصدع بسبب الانقسام بين الملك وأخيه


قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في تقرير لها عن التطورات الأخيرة في الأردن إن المملكة الأردنية اعتُبرت دائماً واحة للاستقرار النسبي في الشرق الأوسط. وبينما اندلعت الحروب وحركات التمرد في الجارتين، سوريا والعراق، كان الأردن على مدى عقود يعتبر حليفاً مضموناً للولايات المتحدة يمكن الاعتماد عليه، ومنطقة عازلة ضد الهجمات على "إسرائيل"، ومحاوراً رئيسياً مع الفلسطينيين.

وأضاف التقرير: لكن في نهاية الأسبوع الماضي، انقلبت تلك الصورة الهادئة رأساً على عقب مع اقتراب الخلاف الذي طال أمده بين الملك عبد الله الثاني وولي العهد السابق حمزة بن حسين. فيوم الأحد، اتهمت الحكومة الأمير حمزة، الأخ الأصغر غير الشقيق للملك، بـ "زعزعة استقرار الأمن الأردني"، وقدمت مزاعم أكثر وضوحاً حول تورطه المزعوم في المؤامرة المفترضة.

واتهم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في كلمة ألقاها الأحد، الأمير حمزة مباشرة بالعمل مع وزير المالية السابق باسم عوض الله، والعضو الأصغر في العائلة المالكة، الشريف حسن بن زيد، لاستهداف أمن واستقرار البلاد. ولمح الصفدي إلى أن الثلاثة متورطون في محاولة انقلاب فاشلة في القصر حظيت بدعم أجنبي. وقدم تفاصيل حول الاتصالات التي تم اعتراضها بين الأمير وعوض الله، وأعلن اعتقال ما لا يقل عن 14 شخصاً آخر.

وزعم الصفدي أن الأمير حمزة أجرى اتصالات مع عوض الله طيلة يوم السبت متهما إياه بـ "التحريض والقيام بجهود لتعبئة المواطنين ضد الدولة بما يهدد الأمن القومي".

وقالت الصحيفة إن الأزمة التي حدثت في نهاية الأسبوع دفعت الولايات المتحدة وحلفاء أردنيين آخرين، الذين ينظرون إلى الملك عبد الله كشريك حاسم في مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، إلى الإعراب عن دعمهم له. وأوضحت أنه بسبب موقع الأردن "على حدود سوريا والعراق و"إسرائيل" والضفة الغربية التي تحتلها "إسرائيل"، تُعتبر البلاد ركيزة أساسية للأمن الإقليمي. وباعتبارها موطناً لملايين الفلسطينيين المنفيين، والمشرف الرسمي على المسجد الأقصى في القدس، فهو مهم لأي اتفاق سلام مستقبلي بين إسرائيل والفلسطينيين".

وأضافت أن الولايات المتحدة تحافظ على قواتها وطائراتها في البلاد، وتحافظ على علاقات وثيقة مع الاستخبارات الأردنية، وقدمت العام الماضي أكثر من 1.5 مليار دولار من المساعدات للحكومة الأردنية، بحسب وزارة الخارجية الأميركية.

وأشارت إلى أن الخلاف بين الملك عبد الله والأمير حمزة بدا أنه موجهاً ليس فقط بالنسبة للجمهور الأردني، ولكن كحرب علاقات عامة موجهة إلى واشنطن أيضاً. فقد صنع الأمير حمزة مقطع فيديو باللغة العربية، لكنه حرص كذلك على إصدار مقطع فيديو باللغة الإنجليزية.

وقالت إنه بالنسبة للعديد من المراقبين الدوليين، فإن المواجهة بين الملك وأخيه الأمير أبرزت هشاشة الهياكل الاجتماعية الكامنة تحت واجهة الأردن الهادئة. فالبلاد في منتصف موجة تفشي كبيرة لفيروس كورونا، واقتصادها يكافح. ومع وجود 600 ألف لاجئ من سوريا، فهي من أكثر البلدان تضرراً من تداعيات الحرب السورية.

وتابعت الصحيفة أن جزءاً كبيراً من المواطنين الأردنيين البالغ عددهم تسعة ملايين نسمة، هم من الفلسطينيين الذين فروا إلى الأردن بعد حربي عامي 1948 و1967 بين العرب و"إسرائيل". أما بقية السكان فهم من الأردنيين الأصليين، الذين اندمجت قبائلهم في هيكل الدولة، والذين تم دعمهم. ويقول المحللون إن العشائر حاسمة لشرعية الملك عبد الله. وجاء هذا المأزق الذي حدث في عطلة نهاية الأسبوع على خلفية المحاولات الأخيرة والعلنية للغاية التي قام بها الأمير حمزة لبناء علاقات أوثق مع تلك العشائر.

ونقلت الصحيفة عن جواد عناني، وزير الخارجية والاقتصاد الأردني السابق، في مقابلة هاتفية يوم الأحد: "الطريقة التي تم بها الكشف عن الاعتقالات ومقاطع الفيديو كانت مثيرة. على الرغم من التوترات، لطالما قدمت العائلة المالكة صورة الجبهة الموحدة. لكن أحداث الأمس حطمت تلك الصورة، واندلعت الخلافات في وضح النهار".

وحكم الملك حسين والد الأمير حمزة الأردن لمدة أربعة عقود وأبرم اتفاق سلام مع "إسرائيل". وخلال حياته، غالباً ما كان أبناؤه وزوجاته الأربع يتنافسون على النفوذ. ولكن منذ أن خلف الملك عبد الله والده الراحل في عام 1999، لم تكن سيطرته محل نزاع علني على الإطلاق، بحسب "نيويورك تايمز".

وأشارت الصحيفة إلى أنه كانت للملك عبد الله والأمير حمزة نشأة مماثلة، وتعلما في مدارس النخبة والكليات العسكرية البريطانية والأميركية. لكن في شبابه، كان الأمير حمزة يُعتبر أكاديمياً بدرجة أكبر إذ تخرج من جامعة هارفارد في عام 2006، وكان يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه ملك المستقبل المحتمل. وقالت إنه لم يتم تعيين الأمير عبد الله ملكاً خليفة للملك الحسين إلا في الأسابيع الأخيرة من حكم الملك.

ويمثل الرجلان فرعين مختلفين من عائلة الملك حسين. فعبدالله هو نجل الأميرة منى زوجة الحسين الثانية. بينما كانت والدة حمزة، الملكة نور الأميركية المولد، الزوجة الرابعة لحسين.

وبحسب موقعه على الإنترنت، فإن الأمير حمزة، العميد في الجيش الأردني، يقدم نفسه على أنه ناشط في مكافحة الفساد وأن من شأنه أن يأخذ البلاد في اتجاه أكثر ديناميكية واستقلالية.

وعين الملك عبد الله البالغ من العمر 59 عاماً حمزة وليا للعهد عام 1999 لكنه جرده من اللقب عام 2004 ونقله إلى نجله الأمير حسين البالغ من العمر الآن 26 عاماً.

وفي السنوات الأخيرة، بدا أن الأمير حمزة يحاول إعادة بناء نفوذ واسم له. وأثار حمزة ضجة في المملكة باجتماعاته الأخيرة مع زعماء العشائر الأردنية. وقد أثار الدهشة بانتقاده العلني للحكومة في عام 2018، عندما دعا إلى "اتخاذ إجراءات حقيقية ضد الفساد المستشري، ومحاسبة الفاسدين وإعادة بناء الثقة بين الدولة والشعب".

بالنسبة للمنزل الملكي الذي عادةً ما يُبقي الخلافات سرية، كان الأمر بمثابة مواجهة ذات كثافة غير متوقعة وغير عادية.

ونادرًا ما تتحرك العائلة المالكة علناً ضد بعضها البعض. لكن الحكومة أعلنت السبت أن مسؤولين أردنيين تحدثوا إلى الأمير حمزة وسط تلميحات عن محاولة انقلاب فاشلة.

وقال العناني، الوزير السابق، إن الأردنيين أصيبوا بالصدمة. قال: "أي شخص يخبرك أنه لم يتفاجأ بما حدث في الأردن في اليوم الماضي قد لا يكون صادقاً".

وقال حمزة في تسجيله الصوتي منتقداً الحكومة: "لسوء الحظ، أصبح هذا البلد في وضع حرج في الفساد والمحسوبية وسوء الحكم. والنتيجة كانت الدمار.. وفقدان الأمل في مستقبلنا، وفقدان الكرامة والحياة تحت التهديد المستمر، لأننا نريد ببساطة أن نقول الحقيقة أو نحاول التعبير عن مخاوفنا أو آمالنا في المستقبل". وأضاف: "حتى انتقاد جانب صغير من السياسة يؤدي إلى الاعتقال والإساءة من قبل الأجهزة الأمنية، وقد وصل الأمر إلى النقطة التي لا يستطيع فيها أحد التحدث أو التعبير عن رأي في أي شيء من دون التعرض للتنمر أو الاعتقال أو المضايقة والتهديد".

وقالت الصحيفة إن السلطات الأردنية كثيراً ما تقمع المعارضة السياسية الرئيسية. ففي عام 2020، اعتقلت مئات المعلمين الذين نظموا احتجاجات للمطالبة بمزايا أفضل.

وقالت منظمة "فريدوم هاوس" الأميركية التي تنشر تقريراً سنوياً عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم أخيراً إن الأردن لم يعد مجتمعاً حراً، بعد أن صنفته سابقاً على أنه "حر جزئياً". ومن بين الإجراءات الأخرى ضد حرية التعبير، حظر الأردن لشبكة التواصل الاجتماعي الجديدة Clubhouse، ومنع المتظاهرين من التجمع الشهر الماضي للاحتجاج على استراتيجية مواجهة وباء كورونا في الأردن.