قبل بدء اللقاء المرتقب بين الرئيسين الأميركي والروسي، جو بايدن وفلاديمير بوتين، تبقى الخلافات بين البلدين متعددة، ورغم أن تحقيق اختراق دبلوماسي خلال اللقاء يبدو أمرا مستبعدا فإن الزعيمين قد يتوصلان إلى نوع من التفاهم في بعض الملفات.
بهذه العبارات استهلّت صحيفة "لوتون" السويسرية تقريرا عن قمة بايدن وبوتين التي تعقد اليوم الأربعاء، إذ أشار الكاتب ستيفان بوسارد إلى أن الباحث والمحاضر بول فاليت توقع -خلال مؤتمر افتراضي نظمه مركز جنيف لسياسة الأمن- أن الاجتماع "لن يكون مثل قمتي يالطا أو هلسنكي.. إذ قدم الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني آنذاك، فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل، تنازلات للزعيم السوفياتي جوزيف ستالين في يالطا".
فمنذ عام 2014 وضمّ روسيا شبه جزيرة القرم، ثم تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية عام 2016 و2018 و2020، تدهورت العلاقات بين موسكو وواشنطن بصورة حادة، حسب لوتون.
وقبل يوم واحد من الحدث، كانت التوقعات منخفضة من كلا الجانبين، وحسب مراسل إحدى قنوات التلفزة الأميركية فإن "عقد القمة هو إنجاز في حد ذاته"، لكن خلال المناقشات سيتعين على بايدن وبوتين "توضيح الخطوط الحمر الحقيقية التي ينبغي عدم تجاوزها"، كما يؤكد ديمتري ترينين مدير مركز كارنيجي في موسكو.
مراقبة الأسلحة النووية
وذكر الكاتب أن الولايات المتحدة وروسيا تمتلكان أكثر من 90% من الترسانة النووية في العالم، ويأمل البعض أن يقرّر الرئيسان خلال قمة جنيف بدء محادثات تتعلق بالاستقرار الإستراتيجي لهذه الأسلحة.
وقد قررا بالفعل مع بداية العام الإبقاء على معاهدة الحدّ من الأسلحة الإستراتيجية حتى عام 2026، ولكن مع تطور وتيرة التسلح هناك حاجة ملحة إلى إجراء مثل هذا الحوار، وفق تقرير لوتون.
وهناك أيضًا -يضيف الكاتب- ملف آخر يبدو فيه التعاون الروسي الأميركي ممكنا وهو الاتفاق النووي الإيراني، إذ ترغب كل من موسكو وواشنطن أن تعيد تفعيله ويمكن أن يتفق الطرفان على توسيعه ليشمل قضايا مثل الصواريخ الباليستية ودور إيران الإقليمي.
الأمن الرقمي
ويعدّ هذا الملف -وفق الصحيفة- الأكثر إثارة للتوترات بين البلدين، فقد أبرز تقرير المحقق الخاص روبرت مولر بوضوح التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 التي شهدت فوز دونالد ترامب، كما وقع اختراق عدد من المرافق الإستراتيجية المهمة والوكالات الحكومية الأميركية من طرف جهات أشار خبراء إلى أن موقعها في روسيا.
ورغم أن الاختراق الأخير لخط أنابيب داخل الولايات المتحدة ولشركة اللحوم متعددة الجنسيات "جي بي إس" لم ينسب مباشرة إلى الكرملين، فإن خبراء أكدوا أن أطرافا داخل نفوذ التراب الروسي هي المسؤولة عنه.
وقد رأى فلاديمير بوتين أن من "السخافة" الاعتقاد أن روسيا تشنّ حربا معلوماتية على الولايات المتحدة، ويعتقد أن خفض التصعيد في هذا الإطار ضروري لأن صراعا حادا في الفضاء الإلكتروني قد يؤدي إلى اندلاع حرب.
أوكرانيا
ويعدّ الرئيس الروسي أوكرانيا خطا أحمر، فهو لن يقبل أي تدخل أميركي ولا أي جهود لدفع البلاد إلى أحضان حلف شمال الأطلسي (ناتو).
في الطرف المقابل، ما زال رفض واشنطن ضمّ شبه جزيرة القرم قائما، وهناك دعم أميركي واضح لكييف، ولكن أوكرانيا في الواقع تخاطر بالبقاء في صراع مجمّد مدة مستقبلية طويلة.
ويخشى بعض الأوكرانيين أن تسبب قمة جنيف "التخلي عنهم"، ولكن جو بايدن أكد أخيرا للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أن بلاده ملتزمة "التزاما ثابتا" بسيادة أوكرانيا.
بيلاروسيا
وترى الصحيفة أنه بعد اختطاف طائرة مدنية كانت تحلّق فوق الأجواء البيلاروسية من أجل اعتقال الصحفي والناشط المعارض رومان بروتاسيفيتش، لن يتردد جو بايدن في التنديد بالقمع الوحشي للمعارضة المؤيدة للديمقراطية في بيلاروسيا.
أما فلاديمير بوتين الذي يدعم مينسك فلن يتنازل أبدا في هذه المنطقة التي تعدّ مجال نفوذ مباشر لروسيا.
حقوق الإنسان
وينظر الكرملين إلى حجة حقوق الإنسان على أنها أداة من أدوات الغرب لتقويض السيادة الروسية، وجو بايدن لا شك في أنه سيثير خلال اللقاء حادثة تسميم واحتجاز المعارض الروسي أليكسي نافالني والحظر المفروض على تنقلاته، وخطر إغلاق محطة "راديو أوروبا الحرة" وهي إذاعة في روسيا ممولة من واشنطن تواجه غرامة قدرها مليوني دولار لعدم التزامها قانون "العملاء الأجانب" الروسي.
وسيكون لدى فلاديمير بوتين -تضيف الصحيفة- "رد جاهز" إذ يتوقع أن يطرح مسألة عودة ظهور العنصرية بحق السود في الولايات المتحدة في أعقاب وفاة الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد على يد رجل شرطة أبيض. كذلك فهو يعدّ أعمال الشغب التي عصفت بمبنى الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي "تعبيرا عن الاستياء السياسي" لفئة من المواطنين الأميركيين.
سوريا
ويؤكد الكاتب أن ما يقرب من 3 ملايين نازح سوري معرضون لخطر الموت جوعا في منطقة إدلب، ومن المقرر أن يصوّت مجلس الأمن الدولي في العاشر من يوليو/تموز المقبل على الإبقاء على ممرّ إنساني مفتوحا، وقد يقنع بايدن نظيره الروسي بعدم الاعتراض على القرار من خلال حق النقض (الفيتو).
العلاقات الدبلوماسية
أما العلاقات الديبلوماسية بين واشنطن وموسكو فهي متدهورة جدا، إذ طردت كل منهما دبلوماسي الأخرى، وحظرت موسكو بعض الوقت المواطنين الروس من العمل في بعثة أو قنصلية أميركية. وسيتناول الزعيمان في جنيف هذا الملف لإعادة تأسيس "علاقة دبلوماسية مستقرة"، والإبقاء على قناة اتصال مفتوحة بصورة دائمة بين الجانبين.