• اخر تحديث : 2024-07-03 03:33
news-details
تقارير

تقرير: خارطة الحركات السياسية الراديكالية في أمريكا


نشر موقع ساسة بوست الإلكتروني تقرير حول خارطة الحركات السياسية الراديكالية في أميركا، وجاء فيه: وسط موجة الاحتجاجات الواسعة التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية حاليًا على خلفية مقتل المواطن جورج فلويد ذي الأصول الأفريقية على يد أحد أفراد الشرطة، نشر راديو صوت أمريكا خبرًا يتهم بعض الحركات الثورية بـالتطرف والتورط في أحداث العنف التي شهدتها الولايات خلال الأيام الأخيرة، وهو الاتهام الذي يلقيه العديد من أطراف اليمين في أمريكا، فما هي تلك الحركات الثورية، ولم هم متهمون بالتحريض على العنف، وهل الحركات الثورية في أمريكا كلها يسارية؟

 

في الحقيقة، انقسم الشارع الأمريكي في الآونة الأخيرة إلى قسمين، أحدهم يعرف بحركاتِ «اليمين البديل» والتي تروج للعنصرية في الولايات المتحدة، والآخر يشمل الحركات الأناركية الفوضوية والمناهضة للفاشية التي تعمل على الوقوف في وجه الإدارة السياسية الحالية، وهو ما نتناوله بالتفصيل في السطور التالية.

"اليمين المتطرف".. نحو تفوق العرق الأبيض في أمريكا

منذ وصول دونالد ترامب الجمهوري إلى منصب الرئاسة عام 2016 شهد المجتمع الأمريكي تغيرات كبيرة، كان أبرزها هو صعود جماعات «تفوق العرق الأبيض» والتي أطلق عليها اسم "اليمين البديل"، بعدما دعت تلك الجماعات إلى إقامة دولة عرقية مناهضة للمهاجرين، وقد شهدت أفكارهم رواجًا في السنوات الأربعة الأخيرة؛ خاصةً مع خطابات وتصريحات الرئيس ترامب التي كانت سببًا رئيسيًا وراء ازدياد النشاط القومي لحركات "العرق الأبيض".

تشمل خارطة حركات "اليمين المتطرف" عدة مجموعات ترى في خطاب الرئيس الأمريكي تعبيرًا عن وجهات نظرهم المختلفة سواء بخصوص التفوق الأبيض أو معاداة المهاجرين في أمريكا، وقد شاركت جماعات اليمين البديل والنازيين الجدد في مظاهرة "شارلوتسفيل" بولاية فرجينيا الأمريكية آب\ أغسطس 2017 التي اعتبرت من أحدث مظاهر العنصرية في المجتمع الأمريكي.

اندلعت تلك المسيرة التي عرفت باسم "توحيد اليمين" بدعوى من قوميين متشددين؛ وذلك احتجاجًا على إزالة تمثال لأحد جنرالات "الحرب الأهلية الأمريكية" كان مؤيدًا لاستمرار العبودية في أمريكا. إلا أن جموع المعارضة والحركات الثورية قد اعترضت المسيرة بمظاهرة معارضة لها، مما أسفر عن اشتباكات بالأيدي ومقتل سيدة وإصابة آخرين، وذلك عندما صدمت سيارة حشدًا من المعارضين للمسيرة. وقد جاء رد فعل الرئيس الأمريكي على تلك الأحداث المؤسفة مستهجنًا لمظاهر العنف والكراهية، إلا أنه لم يدين صراحةً "الجماعات اليمينية المتطرفة"، وهو الأمر الذي أدى إلى انتقاده حينذاك من قبل ممثلي الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء، وفيما يلي عرضًا لأهم حركات اليمين في الشارع الأمريكي.

كو كلوكس كلان (KKK)

تؤمن جماعة "كو كلوكس كلان" بتفوق العرق الأبيض على غيره من الأعراق والديانات كما تعارض حصول ذوي "البشرة السمراء" على حقوق مدنية مساوية في أمريكا، وتطالب الدولة الأمريكية بضرورة إقصاء الأقليات العرقية والدينية المغايرة. وعلى الرغم من أن تلك الحركة يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1866، إلا أن وجودها قد شهد رواجًا في السنوات الأخيرة وعرف عنهم استخدام العنف والعنصرية، خاصةً خلال مسيرة "توحيد اليمين" في شارلوتسفيل 2017؛ إذ كان سائق السيارة التي دهست حشد المعارضين واحدًا من أعضاء الجماعة.

اليمين البديل (Alt-Right)

قالوا عنها: "حركة تروج للعنصرية اللطيفة"، وقد كانت تلك الحركة "اليمين البديل" مؤيدة للرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية الأولى منذ 10 سنوات؛ إلا أنها لم تشهد رواجًا سوى في السنوات الأخيرة؛ عندما أصبحت الساحة السياسية بيئة مناسبة لنشر أفكارها.

تأسست الحركة أواخر عام 2000؛ إذ أطلق مؤسسها مدير معهد السياسات الوطنية في واشنطن ريتشارد سبنسر بيانًا سياسيًا يعبر عن أفكار اليمين المتطرف، بما في ذلك "خطاب الكراهية" ضد المهاجرين ومثليي الجنس. وقد شاركت الحركة خلال مسيرة "توحيد اليمين"، وتهدف أفكارها نحو إقامة "دولة عرقية"، إلا أنها رغم ذلك تمثل عنصر التجديد داخل جماعات اليمين القومية في أمريكا، ولذا تحظى تلك الحركة بالكثير من الأتباع على عكس جماعة "كو كلوكس كلان" التي يعتبرها البعض حركة سياسية "عتيقة".

حليقو الرؤوس (Skinheads)

يظهر أعضاء هذه الحركة حليقي الرؤوس بالكامل، أجسادهم مليئة بالوشوم ويرتدون أحذية ذات رؤوس مدببة معدنية، عادةً ما يستخدمونها في إصابة ضحاياهم، وقد جاء من هنا لقبهم "حليقو الرؤوس"يقول أعضاء الحركة أن الحلم بالنسبة إليهم هو "وطن أبيض"، بلد بالكامل من العرق الأبيض. وعلى الرغم من الوجود الظاهر للحركة داخل المجتمع الأمريكي، إلا أنها ليست حركة ذات وجود واسع في الكثير من البلدان، عادةً ما تجدهم بين مجموعات "اليمين المتطرف" والقوميين الذين يتبنون وجهات نظر عنصرية ومعادية.

نشأت تلك الحركة في الستينيات من القرن الماضي، تحديدًا داخل أحياء الطبقة العاملة في لندن، وحظوا باهتمام إعلامي واسع في بريطانيا حتى عام 1970، وعلى الرغم من خفوت نجمهم، إلا أن الحركة انتشرت إبان السبعينيات والثمانينيات في أمريكا وأستراليا وألمانيا وأوروبا الغربية.

النازيون الجدد (Neo-Nazis)

تعد تلك الحركة من بقايا أفكار الحزب النازي ما بعد الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من أن "النازيون الجدد" لا تمت بصلة للحزب النازي الألماني، إلا أن معاداة السامية والعنصرية ودعاوى تفوق العرق الأبيض ووشم "الصليب المعقوف" كانت من المظاهر التي تعبر عن تلك الحركة النازية الجديدة وأفكارها.

وقد شهدت السنوات الأخيرة إحياءً للفكر النازي في أمريكا وألمانيا؛ كما تشير بعض وكالات الأنباء إلى أن نشطاء النازية الجدد حول العالم يتواصلون ويسافر بعضهم من الولايات المتحدة إلى ألمانيا من أجل حضور بعض الأنشطة والبرامج التي تدعم الأفكار القومية اليمينية المتطرفة. وقد كان لأعضاء تلك الحركة وجود قوي في مسيرة "توحيد اليمين" بالولايات المتحدة.

"الحركات الثورية" في الشارع الأمريكي

هي الحركات التي نشأت وازدهرت في السنوات الأخيرة من أجل الوقوف في وجه حركات «تفوق العرق الأبيض» اليمينية المتطرفة.

"أنتيفا".. حركة يصفها ترامب بالإرهابية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستعمل على تصنيف حركة "أنتيفا" التي تعني "مناهضة الفاشية" جماعة "إرهابية"، جاء ذلك عقب إلقاء اللوم على الحركة اليسارية بشأن موجة الاحتجاجات العارمة والغضب الشعبي الذي اجتاح البلاد عقب حادثة مقتل جورج فلويد، فما هي حركة "أنتيفا"، ولماذا يريد ترامب إعلانها «جماعة إرهابية»؟

تعود أصول الحركة إلى عشرينيات القرن الماضي؛ إذ كانت "أنتيفا"مصطلح يصف الجماعات المناهضة للفاشية الأوروبية ما بين (1920-1930)، إلا أن حركة "مناهضة الفاشية" بالولايات المتحدة لم تبدأ إلا في الثمانينيات، وذلك بهدف الوقوف في وجه تنامي خطر "العنصرية" داخل المجتمع الأمريكي. رغم ذلك كانت تلك الحركة خامدة تمامًا منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وحتى تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة الأمريكية وصعود ما أطلقوا عليه "اليمين البديل" والعنصرية البيضاء والفاشية الجديدة.

في الواقع، لا تعتبر "أنتيفا"منظمة موحدة ذات أيديولوجية واضحة، بل يأتي معظم أعضائها من خلفياتٍ سياسية مختلفة، شيوعيين واشتراكيين وأناركيين، هدفهم الرئيسي هو محاربة التمييز بشتى أشكاله، بحسب أعضاء الحركة؛ وهو الأمر الذي جعلهم في مواجهة مع الإدارة الأمريكية الحالية، والتي تعمل سياساتها على تعزيز الاستبداد في عصر ترامب بحسبهم.

"ماذا لو كان خصوم الحزب النازي الألماني أكثر قوة في المعارضة إبان ثلاثينيات القرن الماضي؟ ربما كان بالإمكان تجنب أحداث الحرب العالمية الثانية والمحرقة". *هكذا تبرر حركة "أنتيفا"استخدام العنف عند اللزوم.

يرتدي أعضاء الحركة دائمًا "ملابس سوداء"، وأحيانًا يقومون بتغطية وجوههم بالأقنعة والخوذات حتى لا تتعرف عليهم قوات الشرطة أو الجماعات المعادية، وهو ما سمح لهم بالتحركِ بحرية كمجموعاتٍ مجهولة؛ لذا أطلقوا عليهم اسم "الكتلة السوداء"، وتعتمد أغلب أنشطتهم على تعطيل مجموعات "اليمين المتطرف"، ولا يخجل أعضاء الحركة من الاعتراف بمراقبة العناصر اليمينية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتسريب بعض المعلومات الشخصية عنهم عبر شبكة الإنترنت، كما استخدمت الحركة أشكالًا تقليدية في التجمع والاحتجاج مثل: "السلاسل البشرية" و"المسيرات الاحتجاجية" و"الهتافات والصراخ". رغم ذلك، لا تخجل تلك الحركة من استخدام العنف وحمل السلاح، بل تعتبرهم إحدى وسائل مناهضة الفاشية الجديدة، خاصةً إن كان في إطار «الدفاع عن النفس»، بحسبها.

"إذا أصبحت المعارضة أكثر قوة، ربما يمكن لها التصدي للآثار المدمرة للفاشية"، كان هذا هو المبدأ الذي حمل بعض أعضاء الحركة على الاشتباك جسديًا مع عناصر "اليمين المتطرف" في المواجهات، وحمل الأسلحة الخفيفة مثل الحجارة والسلاسل الحديدية والسكاكين ورذاذ الفلفل، وقد نجحوا في تأجيل وقطع وإلغاء تجمعات اليمين في أكثر من مناسبة.

كان هذا التدخل لحركة "أنتيفا" في الشارع الأمريكي لمناهضة سياسات الإدارة الأمريكية هو أحد الأسباب الرئيسية بحسب "نيويورك تايمز" الذي دفعت ترامب نحو محاولة إعلانها "منظمة إرهابية"، وذلك على الرغم من أن القانون الأمريكي لا يحمل بين مواده تشريعًا لـ"الإرهاب المحلي"، كما أن الحركة ليست منظمة ذات زعيم أو هيكل إداري محدد، بل هي أكثر ميلًا إلى مجموعة من النشطاء يتشاركون فلسفة وتكتيكات معينة، وقد كان لهم وجود قوي في الاحتجاجات التي شهدها الشارع الأمريكي خلال السنوات الأخيرة.

"بوجالو بويز".. ميليشيات مناهضة للحكومة

تعرف حركة "بوجالو بويز" كونها حركة معادية للحكومة، قد خرجت من نطاق الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إلى الحياة العامة خلال الأشهر الأخيرة الماضية مطالبة بانتفاضة مسلحة، وهو ما وصفه البعض دعوة لحربٍ أهلية أمريكية جديدة. وقد نشأت تلك الحركة منذ عام مضى ردًا على الحركات القومية اليمينية التي تدعو إلى حربٍ عرقية، ويعرف أعضاؤها أنفسهم على أنهم "محاربين للاستبداد".

نجح أعضاء هذه الحركة في التواجد القوي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واستطاعوا خلال فترة وجيزة أن يحصلوا على دعم عشرات الآلاف من الأعضاء، وقد استغلوا في ذلك انتشار ظاهرة "الميمات" عبر المنصات المختلفة باعتبارها وسيلة جيدة في التواصل الاجتماعي، وذلك من أجل خلق قاعدة جماهيرية يعبرون وسطها عن أفكارهم. لذا يعتبرهم بعض رجال السياسة أحد "فيروسات" العالم الافتراضي التي استطاعت أن تخترق المجال العام.

وفي مواجهة تلك الحركة الجديدة الناشئة، قام بعض رجال القانون بإصدار مجموعة من التحذيرات بشأن تلك الجماعة التي وصفوها بـ"المتطرفة"، وما تشكله من تهديد متزايد على المجتمع الأمريكي. وقد أصدرت "بوجالو بويز" عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك بيانًا رسميًا تدعم فيه متظاهري ولاية مينسوتا احتجاجًا على وفاة جورج فلويد (46 عامًا) على يد أحد أفراد الشرطة، قائلة: "بويز يتضامنون مع جميع الرجال والنساء الأحرار في هذه البلد. القضية ليست قضية عرق، لقد كانوا يقتلوننا في منازلنا لوقتٍ طويل في إشارة للشرطة الأمريكية، وعلينا الآن أن نتحد مع شعب مينسوتا". وتمثل تلك الحركة ضلعًا قويًا في الاحتجاجات الحالية التي يشهدها الشارع الأمريكي.

"الأناركيون".. الفوضى هو الحل

تمثل الأناركية بالنسبة إلى أتباعها رفض أي سلطة منظمة، لأن السلطة بالنسبة إليهم هي السبب الرئيس وراء اضطراب المجتمع. وتعود أصول تلك الحركات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى ما قبل قرن من الزمان، تحديدًا عام 1901عندما اغتال أحد أفرادهم الرئيس الأمريكي ويليام مكينلي، وهم عبارة عن مجموعات مختلفة نشأت خلال منتصف القرن التاسع عشر وتبنت آراء يصفها البعض بالدعوة إلى "الفوضى"، في حين يروها هم الدعوة إلى مجتمع متآخ بلا سلطة تقهر جماعاته.

ترى "الأناركية" أن السلطة والطاعة والخضوع إلى القانون لا يساعدون على نشر السلام في المجتمعات، بل الاتفاقات الحرة المبرمة ما بين الأشخاص والمجموعات الفاعلة بالمجتمع، وتُعنى تلك الحركة بمبدأ "غياب السلطة" وغياب الهيمنة على الآخرين وتنادي بشكل جديد من أشكال التنظيم الاجتماعي. وقد شاركوا في المجال العام خلال السنوات الأخيرة عبر بعض المنافذ مثل: "الأناركية السلمية" و"اليسار الأمريكي الجديد".

كان للأناركيين وجودًا قويًا خلال الاحتجاجات الأخيرة التي يشهدها الشارع الأمريكي نتيجة لمقتل جورج فلويد على يد أحد أفراد الشرطة، ونتيجة لذلك قام الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، باتهام الأناركيين بافتعال "الفوضى" والسعي نحو تدمير الرأسمالية، وذلك عن طريق الاحتجاجات والتظاهرات. كما جرى اتهامهم بالعنف وحرق المؤسسات الحكومية والمالية وترويع المجتمع.

 

الوجه الآخر للإرهاب: خريطة اليمين المتطرف في أمريكا

وفي السياق نفسه كتبت شيماء حفظي عن خريطة اليمين المتطرف في أمريكا التي تمثل الوجه الآخر للإرهاب.. ونشره موقع المرجع التابع لمركز دراسات الشرق الأوسط في باريس Cemo ، وجاء فيه:

شهدت السنوات الماضية، صعودًا كبيرًا لتيارات اليمين المتطرف في الغرب، في وقت تزداد سلطة الأحزاب المحافظة وسياساتها وتحتد نبرة مواجهة اللاجئين والمهاجرين، حتى خرجت تحذيرات من زيادة خطر المتطرفين اليمنيين.

وبالنظر إلى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية، نجد أن هذا التيار تلقى دعمًا كبيرًا خلال الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، الذي حرص على كسب ود التيار بعد نجاحه.

واتخذ ترامب، عددًا من الإجراءات تعكس مدى تمثيله لعدد من الأفكار التي تؤمن بها الحركات اليمينية المتشددة؛ للدرجة التي جعلت "ريتشارد سبنسر" أحد القادة بحركة "القوميين البيض" يصف ترامب باعتباره صوت اليمين.

وقد ســمح خطاب ترامب أثناء حملته الانتخابية الذي اســتند إلى رؤية معادية للإسلام وللمهاجرين والأقليات والنساء إلى احتلال اليمين الراديكالي لمســاحة أوســع من التغطية الإعلامية؛ بالإضافة إلى تصاعد معدلات جرائم الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين وهو ما يعده الليبراليون تهديدًا واضحًا لقيم الديمقراطية، والتنــوع الثقافي والعرقي الذي عملت الولايات المتحدة على تحقيقه منذ حركة الحقوق المدنية في الستينيات.

أســباب تصاعــد الشــعبوية اليمينية فــي الداخل

وزاد صعود التيار اليميني في الولايات المتحدة بسبب الأزمة المالية العالمية التي هزت واشنطن والعالم بالتبعية في 2008 التي جاءت بعدما المطالبات بقيام الدولة بإجراءات حمائية اقتصادية أكبر مع تصاعد خطاب معاد للعولمة، منادية بالقومية.

وتعد أزمة اللاجئين أو المهاجرين أبرز القضايا التي يتغذى عليها القوميون البيض في دفاعهم عما يسمونه الهوية القومية البيضاء، ومنذ 2011 زادت أزمات البلاد المصدرة للاجئين، ما زاد من وجود تلك الظاهرة التي صاحبها تصاعد مشــاعر العداء للإسلام والمسلمين.

وتشير أستاذة العلوم السياسية في جامعة هارفرد ببريطانيا بيبـا نوريس في تحليلها لأســباب صعود اليمين المتطــرف إلــى أن التحولات في خيــارات الناخبين بين قوى اليسار واليمين عادة ما ترتبط بوجود أحداث كبرى كما في حالة دعم جورج بوش في أعقاب الحادي عشــر من ســبتمبر، أو في حالة وجود آثار طويلة المدى للسياسات الحكوميــة.

في دراسة بعنوان "خريطة اليمني المتطرف داخل الولايات المتحدة الأمريكية" للباحثة ضحى سمير، وهي أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، تقول إنه في بحث اليمين المتطرف في أمريكا نجد أن هناك أكثر من عامل ساهموا في صعود التيار.

وأوضحت أن "فشــل ثــورات الربيع العربي في إنتاج خيارات ديمقراطية؛ بل على العكس تصاعد قوى الإسلام السياسي، وقيام تنظيم داعش بعد الهجمات الإرهابية في فرنسا وألمانيا، أدى إلــى عدم وجود ثقة لــدى الناخب الأمريكي في الحزب الديمقراطي والسياســات السالفة التي تبناها أوباما، والتي كانت ترحب بإحداث تغيرات فعلية بالشــرق الأوســط على حساب النظم السياسية القديمة.

وتشير الكاتبة إلى أن التكتل اليمني الذي شــهدته حملة ترامــب كان قد بــدأ أثناء الفتــرة الرئاســية الثانية لباراك أوبامــا تحديــدًا في عام 2008 م في إطار ما يســمى بحركة "حفلة الشــاي" التي ضمــت العديد من الحــركات اليمينية المختلفة، وبدأت تتوسع بشكل كبير من خلال وسائل الإعلام الإلكترونية، في المناطق الريفية والنائيــة، خاصة ضمن فئة الذكور البيض فوق عمر الخامسة والأربعين، وقد تبنت تلك الحركة قضايا الفقر في الولايات المتحدة، وربطها بخطاب عدائي ضد المهاجرين.

وينشط في أمريكا عدد من الحركات اليمينية، بينها حركــة التفــوق العرقــي الأبيض أو الســيادة البيضاء والقوميين من الجنس الأبيض، حيث يقع تحت مظلة القوميين الجدد 100 مجموعة وعدد من الأحزاب الصغيرة، مثل حزب الحرية الأمريكي الذي تأسس عــام 2010م، ويترأســه ويليــام دانيال جونســون، ونجح في حيازة عدد من المقاعد في انتخابات مجلس النواب والشيوخ الأمريكي الأخيرة، وحزب الاستقلال الأمريكي الذي تأسس  عام ١٩٦٧م، ويترأسه حاليا مارك سيدين بارج، ولكن يحظى ذلك الحزب بشــعبية أقــل مقارنة بحــزب الحرية، وحزب الوطني الأبيض.

كما تتضمن الحركات اليمينية، حركة النازية الجديدة أو النازيون الجدد، وتعود جــذور هذه الحركة إلى الحزب القومي الاشــتراكي، وهذا الحزب الذي أسســه هتلر عــام ١٩٣٣م، عن أفكاره المتمثلة في تفوق الجنس الأبيض، وضرورة التخلص من شرائح اجتماعية معينة كاليهود والمعاقين، وتقــوم حركة النازية الجديدة باســتعادة هذا الميراث الفكري.

في أمريكا توجد أيضًا حركة الكونفدرالية الجديدة، وهو مسمى يستخدم للإشارة إلى المشاعر الداعمة لفكرة الكونفدرالية في أوائل القرن العشرين، بالإضافة إلى الرغبة في الحفاظ على القيم المسيحية التقليدية واستقلال الجنوب، وتعبر الحركة عن رفضها لقيم الليبرالية، والدمج للأقليات والسود.

وتأتي حركة مواجهة الجهاد، كأكثر الحركات اليمينية معاداة للمسلمين صراحة، وتتبنى شعار أوقفوا "أسلمة أمريكا" ويبلغ عدد المجموعــات العنصرية المعادية للإسلام حاليًا 101 مجموعة هذه من أشهرها.

نشــأت حركــة مواجهة الجهــاد في أعقاب هجمات 11 ســبتمبر 2001، ولها امتدادات في أوروبا؛ حيث ترى هذه الحركة أن المسلمين يشكلون تهديدًا للثقافة الغربية كما أنهم مصدر للعنف.

وتوافق أجندة هذه الحركة مع حركة أوقفوا أسلمة أمريكا، وهي حركة معادية للمســلمين ولها فــروع في عدد من الدول الأوروبية. تم تأسيسها عام 2009م تحت قيادة "باميال جيلر"، و"روبرت سبنســر"؛ وتعمل ضمن إطار مبادرة الدفاع عن الحريات الأمريكية، وتتبنى الحركة خطابًا معاديًا، للإسـلام والشــريعة الإســلامية، وترى أنه لا وجود للإسلام المعتدل.