تشن الطائرات الحربية الأمريكية ست غارات على قواعد لفصائل الحشد الشعبي العراقي على الحدود السورية العراقية، وتقتل أربعة مقاتلين عراقيين وأطفال سوريين، فهذا يعني أن الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أمر بها لا يخطط لسحب قواته من البلدين، أي العراق وسورية، ويريد الحفاظ على حالة عدم الاستقرار فيهما، ونسف مفاوضات فيينا للعودة إلى الاتفاق النووي.
الرئيس بايدن يلعب بالنار، ويكشف في الوقت نفسه عن جهل فاضح بالمتغيرات المتسارعة في المنطقة، فمثل هذه الهجمات التي تشكل انتهاكا للسيادة العراقية، وتأتي في تزامن مع انعقاد قمة ثلاثية عراقية مصرية أردنية في بغداد، سترتد انتقاما دمويا على الوجود الأمريكي في العراق (2500 جندي) في الأيام والأسابيع المقبلة.
هذا العدوان الأمريكي سيعطي نتائج عكسية حتما، لأنه سيحرج الحكومة، وسيوحد غالبية أبناء الشعب العراقي خلف الحشد الشعبي، واستراتيجيته التي تتمحور حول تطبيق قرار البرلمان العراقي الذي صدر في شهر كانون الثاني (يناير) عام 2020 بطرد جميع القوات والقواعد الأمريكية من العراق وبالقوة إذا لزم الأمر.
الحشد الشعبي أدان هذا العدوان وهدد بالثأر، ولا نستبعد أن تكون السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء ببغداد أول أهداف للصواريخ، والشيء نفسه يقال عن القواعد الأمريكية في عين الأسد، ومطار أربيل في الشمال العراقي، والتنف داخل الأراضي السورية، لأن الحشد الشعبي وفصائله، يملك القدرات العسكرية التي تؤهله لاستهداف هذه القواعد، خاصة الطائرات المسيرة وصواريخ الكاتيوشا المطورة.
مشكلة القادة الأمريكيين أنهم لا يقرأون التاريخ، ولا يتعلمون من دروس هزائمهم في منطقة الشرق الأوسط، فالرئيس بايدن الذي كان نائبا للرئيس باراك أوباما، ينسى أن جيشه الأمريكي "العرمرم" أجبر على الانسحاب من العراق بنهاية عام 2011 اعترافا بالهزيمة أمام قوات المقاومة العراقية في حينها، وها هو ينسحب من أفغانستان بعد عشرين عاما من المكابرة دون شروط بعد خسارة ترليوني دولار، وأكثر من 3600 جندي.
الجيش الأمريكي سيخرج من العراق وسورية مرغما ومهزوما، وهذه الضربات الاستفزازية ستعزز شرعية الحشد الشعبي وخططه للتعجيل بهذا الخروج هربا من الخسائر، وطلبا للنجاة، وسيترك حلفاءه، والمتعاونين معه يواجهون مصيرهم المظلم لوحدهم، تماما مثلما فعل مع نظرائهم في أفغانستان وفيتنام.
العراق يتعافى، ويستعيد هويته العربية والإسلامية بسرعة، ويعزز وجوده ودوره في إطار محور المقاومة وإدارة الرئيس بايدن ستدفع ثمنا باهظا من جراء غاراتها العدوانية هذه.. والأيام والأسابيع المقبلة حافلةٌ بالمفاجآت.