صحيفة "إسرائيل هيوم" تنشر مقالاً للكاتب يوآف ليمور يتحدث فيه عن الأحداث على الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة الأخيرة، ويقول إن القصف كان الأشد من حزب الله منذ سنوات. وفيما يلي نص المقال المنقول إلى العربية:
"إسرائيل" حكت لنفسها يوم الجمعة قصة تهدف لإقناعٍ ذاتي: حزب الله مردوع، لا يريد تصعيداً. القذائف الصاروخية التي أُطلقت هي دليل ضعف، وليس قوة.
من المشكوك فيه أن تكون هذه الأطروحة مُقنعة. القصف أول أمس كان الأشد من حزب الله منذ سنوات. صحيح أن المنظمة اختارت أن تقصف عن عمدٍ نحو مناطق مفتوحة من أجل عدم المخاطرة بقتل مدنيين، لكن دولة تحرص على شن غارة على كل بالون من غزة لا يمكنها أن تزعم فجأة أن صلية من 19 قذيفة صاروخية نحو أراضيها لا أهمية لها.
كذلك الزعم القائل بأن قصفاً نحو مناطق مفتوحة يعني مردوعية لا يعمل بالضرورة لصالح "إسرائيل". فقبل ذلك بـ48 ساعة – رداً على إطلاق القذائف الصاروخية نحو كريات شمونة، أطلق الجيش الإسرائيلي أكثر من 100 قذيفة مدفعية نحو لا شيء ولا أي شيء في لبنان. صحيح أنه لاحقاً أغار سلاح الجو لأول مرة منذ سنوات في لبنان، لكنها أيضاً لم تكن من نوع الغارات التي ستدخل أخبار أيام سلاح الجو.
بعبارة أخرى، إذا كانت طبيعة الهجوم تدل على عمق الردع، فإن "إسرائيل" مردوعة. الامتناع عن الرد أول أمس على القصف على أراضيها يعمّق فقط هذا الشعور. إنها رياضيات بسيطة لا تتطلب حسابات معقّدة: أُطلقت صواريخ كاتيوشا من لبنان، "إسرائيل" ردّت، حزب الله ردّ على الرد، و"إسرائيل" امتنعت عن الرد مرة أخرى. الصحيح حتى الساعة، الكلمة الأخيرة قيلت من لبنان.
من ناحية حزب الله، القصف على "إسرائيل" هو نهاية الحدث. لقد رد، وظاهرياً أنهى بذلك أيضاً ملفين مفتوحين (قتل عنصره في غارة على مطار دمشق العام الماضي، وقتل مواطن لبنان قرب المطلة خلال عملية "حارس الأسوار"). كما قلنا، إنه منهمك حالياً مما يجري داخل لبنان وغير معني بتصعيد، لكن من المشكوك فيه ما إذا كان يسيطر على الأمور كلياً، وهناك جهات إضافية ترغب في إشعال القطاع من جديد، وقد تفعل هذا قريباً.
هذا يجب أن يُقلق "إسرائيل" كثيراً. الردع على الحدود الشمالية يتقوّض، وهذا يحصل فيما هي تدير بالتوازي 5 جبهات قتال ناشطة (إيران، سوريا، لبنان، غزة، والضفة). الامتناع عن رد يوم الجمعة، لم يخدم الردع، بل العكس: لن تساعد كل المزاعم المنطقية عن شمال يعجّ بمستجمّين والانهماك بجائحة كورونا، ولا التصريحات الحماسية (وغير اللازمة) للمستوى السياسي، "إسرائيل" تبدو مترددة، وهذا سيقود إلى زيادة القصف عليها وليس تقليصه.
وعلى الهامش، لا يمكن تجاهل المجهود الذي بذله أول أمس الناطقون الإسرائيليون في شرح منطق حزب الله (وكم أنه مردوع، ظاهرياً) كمحرك لغياب الرد الإسرائيلي. مع كل الاحترام، وهو موجود، "تساهال" [اختصار تسمية الجيش الإسرائيلي بالعبرية] لا تزال الأحرف الأولى لجيش الدفاع عن "إسرائيل"، وليس جيش التوضيح لحزب الله.