• اخر تحديث : 2025-12-29 11:11
news-details
مقالات مترجمة

"الغارديان": مزاعم ترامب بشأن النفط الفنزويلي هي جزء من "إمبريالية الموارد" الأوسع نطاقاً


صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً كتبه دارنا نور وأوليفر ميلمان، يناقش استراتيجية السياسة الخارجية والطاقة التي يتّعها دونالد ترامب، والتي يصفها الخبراء بـ"الإمبريالية المواردية"، مشيرة إلى أنّ نهج ترامب يُصنّف كـ"قومي متطرّف"، يربط بين الأمن القومي والاستحواذ المباشر على ثروات الدول. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
 
يقول الخبراء إنّ مزاعم دونالد ترامب الأخيرة بأنّ على الولايات المتحدة منع النفط الفنزويلي من الوصول إلى ناقلات النفط المصادرة تشكّل جزءاً من اعتقاد أوسع بـ"الإمبريالية المواردية" اليمينية.
 
في الأسابيع الأخيرة، صعّدت إدارة ترامب الضغط على فنزويلا، متذرّعةً بتهريب المخدّرات.
 
شبّه النقّاد هذا الهجوم بحرب العراق، مستشهدين بمزيج مألوف من خطاب تغيير النظام، وذرائع أمنية، ومصالح نفطية. وفي هذا الشهر، صنّفت إدارة ترامب مادة الفنتانيل، التي تقول إنها تتدفّق من فنزويلا، على أنها "سلاح دمار شامل". وألمح ترامب أيضاً إلى إمكانية اعتبار النفط المصدّر من فنزويلا أحد الأصول الأميركية.
 
وتعكس هذه التصريحات توجّهات سابقة لترامب دعا فيها مراراً وتكراراً الولايات المتحدة إلى الاستيلاء على النفط من دول أخرى، مما يشير إلى اعتقاد أوسع بأنّ قوة الولايات المتحدة تمنحها الحقّ في السيطرة على الموارد أو استخراجها من دول أخرى.
 
قال باتريك بيغر، المدير المشارك لمشروع الأمن الانتقالي، وهي مبادرة بحثية تركّز على المخاوف المناخية والجيوسياسية المتعلّقة بالعسكرة: "تتمحور سياسة الطاقة العالمية للإدارة في الغالب حول استخدام التهديد بالعنف أو حجب المساعدات لتأمين المدخلات اللازمة لاستراتيجية الطاقة 'معظم ما سبق'، التي تستبعد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح فقط".
 
برز إيمان ترامب بما يسمّيه بيغر "إمبريالية الموارد" خلال حملته الرئاسية الأولى، حين أشار مراراً إلى أنه على الرغم من أنّ الولايات المتحدة ما كان ينبغي لها شنّ حرب العراق، إلا أنه كان عليها الاستيلاء على نفط البلاد لتعويض تكاليف الصراع.
 
واتّبع نهجاً مماثلاً في استخراج الموارد في سوريا، حيث ربط نشر القوات الأميركية بالسيطرة على حقول النفط الشرقية. وقال في تشرين الأول/أكتوبر 2019: "لقد أمّنا النفط، وبالتالي سيبقى عدد قليل من القوات الأميركية في المنطقة التي يوجد بها النفط، وسنقوم بحمايته، وسنقرّر ما سنفعله به في المستقبل"، مضيفاً لاحقاً أنّ شركة إكسون موبيل يمكن أن تقود الجهود لاستغلال الموارد.
 
عمل الرئيس على منع الدول الأخرى من بيع مواردها، ولا سيما إيران، ومن خلال مزيج من العقوبات الشاملة والتهديدات باستخدام القوة العسكرية، سعت إدارته إلى قطع مصادر دخل إيران، مصوّرةً ذلك كاستراتيجية لكبح نفوذها الإقليمي وطموحاتها النووية.
 
إلى جانب استهداف نفط الدول الأخرى، سعى ترامب إلى تأمين المعادن الأرضية النادرة – وهي مواد حيوية لإنتاج البطاريات والهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية وأنظمة الأسلحة – من دول أخرى، بل حاول الضغط على حلفاء الولايات المتحدة التقليديين للحصول عليها.
 
لطالما أولى الرئيس اهتماماً بالغاً بغرينلاند، حيث صرّح بأنّ الولايات المتحدة بحاجة ماسّة إلى الجزيرة لأسباب تتعلّق بالأمن القومي والدولي. وفي تهديد غير مسبوق هزّ الدنمارك، لم يستبعد ترامب استخدام القوة للاستيلاء على غرينلاند، وعيّن مبعوثاً خاصاً إلى المنطقة.
 
تحتوي الجزيرة على رواسب هائلة من الكوبالت والنيكل والنحاس والليثيوم ومعادن أخرى، وقد نظر البيت الأبيض في إمكانية الاستثمار المباشر في أكبر مشروع تعدين للمعادن الأرضية النادرة. وكان جيه دي فانس قد حذّر في وقت سابق من هذا العام من أنّ الصين وروسيا "مهتمتان بمعادن الأراضي القطبية الشمالية"، مضيفاً: "علينا ضمان ريادة أميركا في القطب الشمالي، لأنه إذا لم نفعل، ستسدّ دول أخرى هذا الفراغ".
 
وفي الوقت نفسه، أبرمت إدارة ترامب في نيسان/أبريل صفقة مع أوكرانيا تمنح الولايات المتحدة حقّ الوصول التفضيلي إلى معادن البلاد واليورانيوم مقابل استمرار الدعم العسكري.
 
إلى جانب المطالبة المباشرة بالموارد لصالح الولايات المتحدة، سعى ترامب بنشاط إلى زيادة استخدام الوقود الأحفوري من قبل حلفائه الظاهريين. ففي أيلول/سبتمبر، دعا المملكة المتحدة إلى فتح بحر الشمال أمام المزيد من عمليات التنقيب عن النفط.
 
وفي الشهر نفسه، توسّع الرئيس الأميركي في عرض رؤيته لعالم يهيمن عليه الوقود الأحفوري في خطاب مطوّل أمام الأمم المتحدة، غالباً ما كان خالياً من الحقائق، حيث حذّر الدول قائلاً: "إذا لم تتخلّصوا من هذه الخدعة الخضراء، فإنّ بلدكم سيفشل".
 
قال آدم هانيه، خبير التنمية ومؤلّف كتاب رأسمالية النفط الخام: النفط، وسلطة الشركات، وتشكيل السوق العالمية، إنّ "المشكلة الكبيرة التي يتجاهلها الجميع" في سعي ترامب للاستحواذ على الموارد الأجنبية هي تصاعد التوتر مع الصين. وأضاف أنّ التنافس الأميركي الصيني "يدفع الولايات المتحدة إلى محاولة فرض سيطرتها على سلاسل إمداد الطاقة والصناعة المختلفة".
 
وأشار هانيه إلى أنّ هذه خطة عمل اتبعتها الإدارات السابقة أيضاً. وأضاف: "أعتقد أنّ اختلاف ترامب عن الإدارات الأميركية الأخرى يكمن في أسلوبه في الغالب. فقد سعت الإدارات السابقة إلى تحقيق السيطرة الاستراتيجية نفسها على الطاقة والمعادن والممرات المائية الحيوية، لكنها غلّفت ذلك بمصطلحات التعددية و'استقرار السوق'، بينما يعبّر ترامب عن منطق الاستخراج بشكل مباشر".
 
إنّ نهج ترامب هو، وفقاً لأليس هيل، خبيرة الطاقة في مجلس العلاقات الخارجية والمستشارة السابقة لشؤون المناخ والأمن القومي في البيت الأبيض في عهد باراك أوباما، "قومية الموارد بشكل أساسي". وقالت هيل: "إنه يرى أنّ هيمنة الوقود الأحفوري هي مفتاح قوتنا الوطنية، ولا يهتمّ بالمعايير الدولية أو بما يقوله علم المناخ".
 
وأضافت: "هذا أمر مؤسف للغاية بالنظر إلى الحاجة الماسّة إلى خفض الانبعاثات الكربونية بسرعة. إنها مقامرة قصيرة الأجل ستكلّف الجميع كثيراً. بالنسبة للأجيال الحالية والمستقبلية التي ستضطر إلى التعامل مع تغيّر المناخ، فهو يرتكب خطأً كارثياً".