• اخر تحديث : 2024-05-15 19:58
news-details
تقارير

تقرير جديد عن تمييز قديم ومتواصل في "التشغيل الاحتوائي" ضد المواطنين العرب واليهود المستضعفين!


يشكّل حجم التشغيل المتساوي لمختلف شرائح المواطنين في المجتمع امتحاناً آخر لمدى تطبيق مبدأ المساواة. ويستدلّ من تقرير جديد نشره مكتب مراقب الدولة الإسرائيلية، مطلع هذا الشهر، أن العلامة في هذا الامتحان ما زالت بعيدة عن جعل نظام الحكم الإسرائيلي يعبر المعايير الدولية، وحتى المحلية التي حددتها حكومات ومؤسسات في السابق، نحو التصريح بثقة بأن المساواة مبدأ محترم في هذه الدولة فعلاً وليس قولاً فحسب.
يعرّف التقرير الرسمي أهمية هذا التشغيل الذي يسميه "التشغيل الاحتوائيّ" (inclusion) للعاملين من فئات سكّانيّة مختلفة، بكونه يسعى إلى "منح كلّ واحد من العاملين في المؤسّسة إحساساً بأنّه متساوٍ مع سائر العاملين، من خلال المحافظة على تفرُّده، ودون مطالبته بإخفاء اختلافه كونه ينتمي لفئة سكّانيّة معيّنة داخل المجتمع، عِرقيّة كانت أم ثقافيّة، أو بسبب إعاقة، أو ميول جنسيّة معيّنة. المؤسّسة التي تشغّل تنويعة من السكّان تستفيد على صُعُد جمّة، نحو: تحسين الروح الإبداعيّة والنزعة الابتكاريّة والتحديثيّة؛ تحسين مسارات صنع القرار؛ وتحسين الخدمة المقدَّمة للجمهور".
 
تمثيل متدنٍّ كمّاً وتدريجاً للشرائح المستضعفة
يقول مكتب المراقب إنه أجرى في الفترة الواقعة بين شهرَيْ شباط وتشرين الثاني العام 2020، عملاً رقابيّاً حول موضوع التشغيل الاحتوائيّ لمختلف الفئات السكّانيّة في سلك خدمات الدولة، وقد نُفّذت الرقابة في مفوّضيّة خدمات الدولة، وأُجرِيَت فحوصات مكمّلة في مكتب رئيس الحكومة، وفي مفوّضيّة مساواة الحقوق للأفراد ذوي الإعاقة في وزارة العدل. وتناولت الرقابة مسألة استيعاب ودمج وترقية موظّفين من صفوف الفئات السكّانيّة التالية:
• أبناء المجتمع العربيّ "وبضمنهم الدروز والشركس"، كما يؤكد التقرير؛
• اليهود الذين من أصل أثيوبيّ؛
• المجتمع الحريديّ؛
• الأشخاص ذوو الإعاقة.
وشمل الفحص مركّبَيْن أساسيَّيْن: (1) تحليل قواعد بيانات عموم مستخدَمي الدولة في فترة الأعوام 2015-2019، وتحليل قواعد بيانات مناقَصات في سلك خدمات الدولة في الفترة الواقعة بين العامَيْن 2017-2019؛ (2) مسار إشراك جمهور موظّفي الدولة من صفوف المجتمع العربيّ، واليهود الذين من أصل أثيوبيّ، ومن أبناء المجتمع الحريديّ.
بنية التشغيل من قبل الدولة تبدو كالتالي بموجب المعطيات الرسمية (العام 2019):
• هناك 79 جسماً حكوميّاً في سلك خدمات الدولة يعمل فيها نحو 80.000 موظّف.
• نسبة المناقَصات الـمُعَدّة للمجتمع العربيّ التي لم يقع الاختيار فيها على أيّ فائز تبلغ 57في المئة.
• 5.4في المئة من الموظّفين الذين جرى استيعابهم في سلك خدمات الدولة في العام 2019 ينتمون للمجتمع الحريديّ -وهي نسبة متدنّية مقارَنةً بالغاية التي وضعتها الحكومة (7في المئة).
• عدد المستشفيات الحكوميّة التي حقّقت هدف تمثيل الأفراد ذوي الإعاقة (5في المئة) هو: صفر.
• 88في المئة من موظّفي الدولة من صفوف اليهود الذين من أصل أثيوبيّ أُدرِجوا ضمن التدريج الأدنى للوظائف.
• 75في المئة من المشاركين العرب واليهود من أصل أثيوبيّ في مسار إشراك الجمهور أفادوا بأنّهم يشعرون بمظاهر عنصريّة من قِبَل موظّفين أو مديرين.
• 86في المئة من الأجسام الحكوميّة الكبيرة لم تحقّق هدف التمثيل اللائق في كلّ ما يتعلّق بالأشخاص ذوي الإعاقة (5في المئة).
معظم الوزارات لم تحقق غاية التمثيل اللائق والمتساوي
لم تقم الحكومة على امتداد 13 عاماً، بتحديث الغاية الكمّيّة التي حدّدتها للتمثيل اللائق للمجتمع العربيّ في سلك خدمات الدولة (10في المئة)، وهي غاية متدنّية إذا أخذنا بعين الاعتبار نسبة السكّان العرب من عموم السكّان (21في المئة)، وكذلك نسبتهم من مجْمَل القوّة العاملة (18في المئة). وفقاً للتقرير الرسمي فإن نشاط مفوّضيّة خدمات الدولة من أجل فرض وتطبيق واجب التمثيل اللائق للفئات السكّانيّة ذات الاستحقاق كان منقوصاً، إذ استخدمت مفوّضيّة خدمات الدولة وسائل الفرض والتطبيق التي بحوزتها استخداماً قليلاً، بالإضافة إلى أنّها لم تحقّق ما حُدِّد في قرارات الحكومة التي اتُّخِذت في العامَيْن 2007 و2009 في شأن النشاطات التي تضمن التمثيل اللائق للمجتمع العربيّ في سلك خدمات الدولة.
لم تحقّق 77في المئة من الوزارات الحكوميّة غاية التمثيل اللائق للمجتمع العربيّ في سلك خدمات الدولة، ولم تحقّق هذه الغايةَ أيٌّ من الوحدات الملحَقة فيها، بما في ذلك وحدات تشمل آلاف العاملين.
أفاد 75في المئة من المشاركين في مسار إشراك الجمهور في صفوف الجمهور العربيّ بأنّهم يشعرون (بهذه الدرجة أو تلك) بمظاهر عنصريّة من قِبل عاملين أو مديرين.
تمثيل مستخدمي الدولة العرب يأخذ في التراجع كلّما ارتفعت درجة الوظيفة وأصبحت مرموقة أكثر. فعلى سبيل المثال، كان تمثيلهم في الدرجات الدنيا 15في المئة، وأمّا تمثيلهم في الدرجات المرموقة فقد بلغ 3في المئة. أفادت الغالبيّة العظمى (77في المئة) من المجيبين في مسار إشراك الجمهور، أنّ الموظّف العربيّ في سلك خدمات الدولة يحتاج إلى بذل مزيد من الجهد - مقارَنةً بموظّف آخر- كي يترقّى لوظيفة مرموقة أكثر. ويلاحظ المراقب أنه في جميع المستشفيات الحكوميّة تقريباً، كانت نسبة تمثيل موظّفي الدولة من المجتمع العربيّ في العام 2019 أعلى ممّا في العام 2018.
يوصي المراقب بأن تعمل مفوّضيّة خدمات الدولة على تحديد غايات كمّيّة لتشغيل موظّفين في سلك خدمات الدولة من صفوف المجتمع العربيّ، وهي غايات تتماشى وتتلاءم مع نسبتهم في صفوف عموم السكّان، وأن تعمل على تحقيق هذه الغايات في مجْمَل الأجسام الحكوميّة، ولا سيّما الوزارات والوحدات الملحَقة. يوصي كذلك أن تعمل مفوّضيّة شكاوى الجمهور على تحسين تمثيل موظّفين عرب في سلك خدمات الدولة، ولا سيّما في المستويات الإداريّة. ويضيف: ثمّة حاجة إلى تحديد غايات للتمثيل اللائق في كلّ مستوى من مستويات الهرم الوظيفيّ؛ والعمل قَدْر المستطاع على تعيين أعضاء لجان ممتحِنين من صفوف المجتمع العربيّ في المناقَصات التي تضمّ مرشّحاً عربيّاً؛ ومتابعة نتائج تطبيق التغيير؛ والعمل على دمج مرشّحين وعاملين من صفوف المجتمع العربيّ في برامج تأهيل احتياطيّ المديرين في سلك خدمة الدولة؛ وتوفير مرافَقة مهنيّة ملائمة للموظّفين العرب في الدرجات الوسطى، في سبيل تأهيلهم لتبوُّؤ وظائف مرموقة.
تمييز ضد مجموعتَي يهود وضد ذوي الإعاقة
أفاد 75في المئة من المشاركين في مسار إشراك الجمهور من اليهود الذين من أصل أثيوبّي أنّهم قد تعرّضوا خلال عملهم لتعليقات عنصريّة. غالبيّة الذين شاركوا في عملية إشراك الجمهور (57في المئة) قالوا إنّ المؤسّسة التي يعملون فيها لا تعمل على تشجيع تجنيد مرشّحين من صفوف اليهود المتحدّرين من أصل أثيوبيّ.
في جميع الأجهزة الحكوميّة، ثمّة تمثيلٌ فائض لموظّفي الدولة من صفوف اليهود الذين من أصل أثيوبيّ في الدرجات الدنيا (88في المئة بالمقارنة بـ ِ55في المئة من مجْمَل الموظّفين في سلك الدولة)، وتمثيلٌ منقوص في سائر الدرجات (2.9في المئة في درجات الإدارة البَيْنيّة - التدريج الأوسط- مقارنةً بـِ 15في المئة من مجْمَل موظّفي الدولة). على وجه العموم، يأخذ التمثيل في التراجع تراجعاً ملحوظاً كلّما أصبحت الوظائف مرموقة أكثر.
ويوصي المراقب بتحسين مميّزات التشغيل لموظّفي الدولة الذين من أصل أثيوبيّ مؤكداً أنه ذلك يتعلّق بتجنُّد إدارات الأجسام الحكوميّة لزيادة مخزون المرشَّحين في المناقَصات العلنيّة؛ وتخصيص مناقَصات مُعَدّة لوظائف ملائمة في كلّ ما يتعلّق بمتطلّبات التحصيل العلميّ والخبرة فيها، ولوظائف في درجات مرموقة أكثر؛ وفي إدماج قِيَم وسُبُل عمل في المؤسّسة تسهّل عمليّة استيعاب موظّفين من أصل أثيوبيّ، وترقيتهم وَفق كفاءاتهم.
في حالة المجتمع الحريديّ، عمل في العام 2019 نحو 1000 موظّف حريديّ في سلك خدمات الدولة، وكان 64في المئة من بينهم من النساء. نسبة الموظّفين الحريديم في سلك خدمات الدولة في العام 2019 بلغت نحو 1.2في المئة، وهي نسبة بعيدة عن نسبة الحريديم من مجْمَل سكّان الدولة في سنّ العمل (8في المئة).
عمل 1في المئة من مجْمَل العاملين الحريديم في سلك خدمات الدولة في الدرجة المرموقة، وَ19في المئة عملوا في الدرجة الوسطى. في العام 2018، جرى للمرّة الأولى تنفيذ خطّة احتياطيّة ("عاتودا") مُعَدّة للأكاديميّين من صفوف السكّان الحريديم - خطة "مَشْـبـيـعِـيـم" (مؤثّرون). منذ افتتاح الفوج الأوّل للبرنامج للنساء والرجال الحريديم، لم يُفتتَح فوجٌ ثانٍ حتّى موعد انتهاء الرقابة. وقد أفاد نحو 71في المئة من المشاركين في مسار إشراك الجمهور من صفوف موظّفي الدولة الحريديم أنّهم قد تعرّضوا لتعليقات مؤذية.
توصية المراقب هي أن تواصل المفوّضيّة العمل في موضوع تشغيل الحريديم في سلك خدمات الدولة، ويقترح العمل على تحديد غاية كمّيّة حكوميّة للتمثيل اللائق للحريديم من مجْمَل موظّفي الدولة والعمل على تحقيقها. ثمّة حاجة إلى أنشطة للتشغيل الاحتوائيّ لموظّف الدولة الحريديّ من خلال المحافظة على تفرُّده، ومن خلال مراعاة اختلافه بوصفه منتمياً للسكّان الحريديم.
منذ العام 2017، حصل تراجع سنويّ في تمثيل العاملين ذوي الإعاقة في سلك خدمات الدولة (تمثيل بنسبة 5في المئة في العام 2017، مقابل 3.8في المئة في العام 2019). في العام 2019، لم تحقّق 86في المئة من الأجسام الحكوميّة الكبيرة في سلك خدمات الدولة غايةَ التمثيل اللائق لذوي الإعاقة (5في المئة)، بما في ذلك جميع الوزارات الحكوميّة التي تضمّ أكثر من 1000 موظّف: وزارة العدل؛ وزارة العمل والرفاه والخدمات الاجتماعيّة؛ وزارة التربية والتعليم؛ وزارة الصحّة؛ وزارة الماليّة؛ وزارة الخارجيّة - وجميع المستشفيات الحكوميّة. ويؤكد التقرير على وجوب تكثيف تجنيد أشخاص ذوي إعاقة لسلك خدمات الدولة، وطرح الصعوبات التي عرضتها الأجسام والمستشفيات الحكوميّة في كلّ ما يتعلّق بالعثور على موظّفين من هذا القبيل أمام مفوّضيّة خدمات الدولة.
النساء العربيات واليهوديات الأثيوبيات: تمثيل منقوص مضاعَف
كانت نسبة النساء في درجات الإدارة (الوسطى والمرموقة)، في الوزارات الحكوميّة الستّ والثلاثين والوحدات الملحَقة، أدنى من 50في المئة. وعلى امتداد خمسة أعوام، حصل ارتفاع في نسبة النساء اللاتي ينتمين إلى الفئات السكّانيّة التي يتوافر لديها استحقاق التمثيل اللائق في سلك خدمات الدولة من المجموع العامّ لموظّفات سلك الدولة، لكن كان هناك تمثيل منقوص شبه ثابت للموظّفات العربيّات والموظّفات اليهوديّات اللاتي من أصل أثيوبيّ: نسبة النساء العربيّات من مجْمَل الموظّفات في سلك خدمات الدولة في العام 2019 (8.6في المئة) كانت أدنى من نسبة مجْمَل الموظّفات والموظّفين العرب من مجْمَل موظّفي الدولة (12.4في المئة)، وفي صفوف اليهود الذين من أصل أثيوبيّ – 2.6في المئة وَ 2.8في المئة على التوالي.
في كلّ ما يتعلّق بموظّفات سلك خدمات الدولة من صفوف المجتمع العربيّ ومن صفوف اليهود الذين من أصل أثيوبي، ثمّة تمثيل منقوص مضاعَف: بسبب كونها امرأة، وبسبب كونها جزءاً من الفئة السكّانيّة التي تعاني من تمثيل منقوص في سلك خدمات الدولة، وبخاصّة في الدرجات المرموقة فيه.
ويخلص المراقب إلى أنه: ثمّة حاجة إلى نشاط شامل في سلك خدمات الدولة من أجل رفع تمثيل النساء، ولا سيّما في صفوف المجموعات السكّانيّة التي يتوافر لها استحقاق التمثيل اللائق، في الوظائف المرموقة في سلك خدمات الدولة. ويوصي بأن تبلوِر مفوّضيّة خدمات الدولة خطّة عمل شاملة بالاستناد إلى بنْية بيانات عرْضيّة وعينيّة للأجسام الحكوميّة، وأن تعمل على تطبيقها في جميع الأذرع الحكوميّة.
قصور في تعيين مسؤولين عن التنويع التشغيليّ
يبيّن المراقب أن نحو 15في المئة من الأجسام الحكوميّة، وبعضها أجسام كبيرة تضمّ أكثر من 1000 موظّف، من ضمنها: وزارة العدل؛ وزارة الماليّة؛ وزارة العمل والرفاه والخدمات الاجتماعيّة؛ السلطة القطْريّة للإطفاء والإنقاذ، لم تعيّن مسؤولاً عن التنويع التشغيليّ في الفترة التي خضعت للرقابة. تعيين مسؤول كهذا مستوجَب وَفق قانون خدمات الدولة (تعيينات)، 1959 (في ما يلي: قانون التعيينات). الأجسام الحكوميّة التي عمل فيها مسؤولون عن التنويع التشغيليّ تتميّز - وَفق النتائج التي توصّل إليها النشاط الرقابيّ- بتشغيل احتوائيّ لتنويعة الفئات السكّانيّة، مقارَنة بأجسام أخرى، وذلك بعدّة مَناحٍ: مُناخات العمل؛ التشجيع على تجنيد عاملين من تنويعة الفئات السكّانيّة وترقيتهم؛ تشجيع النموّ الفرديّ والمهنيّ لدى العامل - وصولاً إلى مكافحة مظاهر العنصريّة.
ويخلص التقرير الى أنه يتوجّب على إدارات الأجسام الحكوميّة أن تعيّن مسؤولين عن التنويع التشغيليّ، وأن توفّر لهم أدوات عمل كافية من أجل ضمان بيئة عمل ملائمة واحتوائيّة لتشغيل العاملين من تنويعة الفئات السكّانيّة في الدولة. وعلى مفوّضيّة خدمات الدولة أن تعمل من أجل تطبيق تعليمات قانون التعيينات المتعلّقة بواجب تعيين مسؤول عن التنويع التشغيليّ في مجْمَل الأجسام في سلك خدمات الدولة.