• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
مقالات عربية

الأردُن كانَ بين خيارين أحلاهما مُر التعاون أو نقل الفوضَىَ


المملكة الأردنية الهاشمية الدولة العربية الأصيلَة المتموضِعَة بجغرافيا واسعة بين خيارين سياسيين متناقضين ومتخاصمين، لَعِبَت دوراََ محورياََ أبان فترة حرب الإرهاب على سوريا فاحتضَنَت اللاجئين الفارين من نيران الحرب وغرفة (موك) التي كانت تديرها من داخل أراضيها والتي كانَ يشترك فيها عدة دُوَل على رأسها أميركا والسعودية وتُشَكِل لوبي العداء للدولة السورية وتعمل على محاولة إسقاطها بقرار أميركي وبتنسيق مع العدو الصهيوني.

طيلة عشر سنوات من الأزمة في سوريا حَرص الأردُن على إبقاء شعرة معاوية متصلة بين دمشق وعمان، وكانت تجري إتصالات علنية وسريَة بين الطرفين من حينٍ لآخر لم تنقطع أبداَ.

الأردن صاحب المديونية العامة الداخلية والخارجية التي قاربَت بشكل حقيقي ما يزيد عن الـ ٦٠ مليار دولار، والمُكَبل بشروط صندوق النقد الدولي، والمُرتَهَن لإتفاقية وادي عَربَة مع الكيان الصهيوني لديه مشاكل نقص في الموارد وخصوصاََ المياه العذبَة ومشاكل اقتصادية وإجتماعية جَمَّة زادَت على حكومته الضغط من أجل ترشيد الإنفاق وتحسين الموارد وتشجيع الصناعة لخلق توازن بين الصادرات والواردات تخفف من أعباء العجز الكبير في الموازنة، ومع ذلك لم تنجح كل الحكومات الأردنية بمكافحة الفساد ودَمل الهُوَّة الواسعة بين فئات المجتمع الذي يعاني منها قسم كبير من البطالة وإنحدار مستوى المعيشة.

المِحوَر الذي ينضَم اليه الأردن هو من أغنى وأثرَىَ دُوَل العالم كالولايات المتحدة الأميركية، والسعودية، والإمارات، وقطر، ناهيك عن بريطانيا العظمَىَ التي تعتبر نفسها أم الصبي بالنسبة لنظام المملكة الموالي لها، جميعها لم تقدم المساعدات اللازمة له التي يجب أن تَفيه حقهُ بما قدَّمَ لهم ولسياساتهم من تسهيلات في المنطقة (وسوريا) بالرغم من التبعات التي كانت قد تنتج عن هذه الحاضنة وهذا التحالف الذي لا مصلحة له فيه لا بَل شَكَّل بالنسبة اليه هاجساََ أمنياََ طِوال فترة الصراع الدائر وحتى الأمس القريب، ومع ذلك حاولت بعض هذه الدُوَل ومعها إسرائيل العبث بأمن المملكة وتغيير النظام فيها وشق صفوف العائلة الملكية الهاشمية، لولا أنَّ بريطانيا كانت حريصة عليه وكشفت المؤامرة وأبلغت العاهل الأردني عبدالله الثاني بالأمر وتم إفشالها ومعالجتها بذكاء وروِيَة وتسامح.

سوريا تزوِد الأردن بكمية من المياه العذبة من منابعها في الجنوب بكميات لا تكفي لسداد حاجة المملكة لكنها تساعد بسَد عجز كبير منها، أيضاََ هناك حركة تبادل تجاري بين البلدين، أيضاََ العراق الذي تربطه بالأردن أواصر قرابة عائلية وترابط عشائري يزَوِّد الأردن بكميات كبيرة من النفط الخام كمساعدة لبلد شقيق من دون أي مقابل مادي تبلغ حدود مليون ونصف طن سنوياََ.

الأردن قَرَّرَ السير بعكس السير السابق بتوافق ووكالة أميركية أعطيَت له مرغَمة واشنطن بسبب أتخاذ حزب الله في لبنان منحىَ كسر الحصار عنه بالقوَّة وجاء بالنفط الإيراني محذراََ من المساس فيه، كاسراََ حصاراََ جائراََ دَفَع بالولايات المتحدة الأميركية بمحاولة الالتفاف عليه فلَم يَجِد أمامه سِوَى إتفاقية عام ٢٠٠٩ التي وقعها لبنان مع مصر لإستجرار الغاز لمحطة دير عمار لتوليد الطاقة، وإستجرار الكهرباء من الأردن فاضطَرَ صاغراََ لأن يُعَطِل قانون قيصر المفروض على سوريا فاستفادت عمَّان من الأمر ونفذَت اليها عبر دعوة وزير الدفاع السوري العماد علي أيوب لزيارتها ولقائه وزير دفاعها اللواء يوسف الحنيطي اللذآن خرجوا بأتفاقيات عدة أزالت عن كاهل المملكة الكثير من الهواجس كتواجد فصائل ارهابية على حدودها تمسك ببعض المعابر بين البلدين، وفتح الحدود، وزيادة كميات المياه من سوريا سَتُبحث في زيارات لاحقة للوزراء المختصين وعودَة المياه الى مجاريها بين البلدين الشقيقين.

أولَى ثمرات هذا اللقاء تُرجِمَ من عمان من خلال قرارات حاسمة أصدرها الديوان الملكي الاردني تمنع أي وسيلة اعلامية أردنية من التعرض للدولة السورية أو جيشها أو رئيسها تحت طائلة المسؤولية القانونية، ومنعت استضافة معارضين لسوريا، او رفع اي علم غير العلم السوري في الاردن، أو الأتصال او التواصل الا مع المؤسسات الرسمية السورية.

من جهتها سوريا ليس لديها أي شيء من طرفها يهدد الأردن لكي تتصرف بإزالته؟ بينما يشكل تواجد المسلحين المنتشرين في بعض البلدات الجنوبية السورية على طول الحدود مع فلسطين والأردن هاجساََ أمنياََ لها أزالته سوريا بالضغط العسكري والرضوخ واجراء المصالحات.

سفينة الخير الإيرانية التي أبحرت أبحَرَ معها خبر التوافق والتلاقي بين البلدين الشقيقين، الذين فرضت عليهم قساوة العنصرية الصهيونية وارادة الدولة العظمى الحاكمة الإبتعاد عن بعضهم البعض قليلاََ، ولكن سنوات الهَجر لم تكُن طويلة وعادَ الأردن الى سوريا كما عاد يوسف الى حضن يعقوب.

لَم يَكن أمام الأردن سابقاََ من خيار سِوَى الرضوخ للمطالب الأميركية، أو نقل الأزمة الى بلاده فأختار الصبر والنوم على الشَوك ولكن سوريا الأسد بقلبها الكبير وصدرها الواسع تحملت وكانت تعلم كافة الظروف التي تحيط بهِ فتقَبَّلَت الأمر الواقع رغم قساوته عليها فقط لأنها دمشق التسامح والياسمين وقلب العروبة النابض.