• اخر تحديث : 2024-07-03 03:33
news-details
تقارير

"هآرتس": لا يشذّ عنف المستوطنين عن القاعدة بل هو القاعدة بذاتها


تناولت صحيفة "هآرتس" الصهيونية، في تقرير لها اليوم الخميس، العنف الصادر من المستوطنين الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين، معتبرة أنه لا يشذ عن القاعدة، بل هو سياسة إسرائيلية ممنهجة. وفيما يلي نص المقال المنقول إلى العربية:

عنف المستوطنين بحق الفلسطينيين ليس "فشة خلق" مستهترة وشاذة عن القاعدة، بل سياسة إسرائيلية رسمية وممنهجة منذ عام 1967 وهذا العنف يستمر بفضل دعم وحماية الجيش الإسرائيلي.

نجح على ما يبدو هجوم السفاحين القاطنين في البؤرتين الاستيطانيتين "حافات ماعون" و"أفيغيل" على قرية المفقرة، بزعزعة شعورنا بوهم الإطمئنان المثالي الذي طوقتنا به "حكومة التغيير" الحالية. بل ربما أسهمت في ذلك الجمجمة المهشّمة للطفلٍ الفلسطيني ابن الثلاث سنوات، أو مقاطع الفيديو التي وثّقت عشرات المُلثمين يدمّرون كل ما يقف في طريقهم، أو ربما كان غياب الأخبار والتقارير الساخنة في ظل الأعياد اليهودية؛ هو ما قاد "الدولة" التي تعتبر نفسها "منارة التقدم" إلى استهجان ما قام به المستوطنون.

في كل الأحوال، نجحت مذبحة قرية المفقرة بتحطيم جدار الإنكار الإسرائيلي، بل وأجبرت سياسيين وشخصيات عامة تغاضت في السابق عن هذه الأفعال، على التنديد بهذه الممارسات. وعليه، عبّر أحد قادة الجيش الإسرائيلي، يهودا فوكس، عن استيائه مما حدث.

أثار كمُّ الإدانات المتدفقة، الذي تلا هذه المذبحة، الاشمئزاز في نفسي وفي نفوس زملائي العاملين في مجال توثيق الاحتلال ونقله للوعي الجماعي الإسرائيلي. فعنف المستوطنين في الأراضي المحتلة هو أمر يومي وروتيني بحت، حيث يعلم كل من يتابع عمل وأنشطة منظمات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، ما يحدث على أرض الواقع.

فقد نشرت جمعية "نكسر الصمت" وما زالت على مدار سنوات طوال مئات الشهادات، وصفت من خلالها التقاعس الممنهج "للجيش" عن صد عنف المستوطنين، بل وتناول كتيب شهادات كامل نشرناه مؤخراً هذا الموضوع. كما ووثقت مقاطع الفيديو لا حصر لها لهجوم واعتداء المستوطنين اليهود على الفلسطينيين وتخريب ممتلكاتهم، بينما، وفي أحسن الأحوال، وقف الجنود الإسرائيليون جانباً، أو حرسوهم وساعدوهم.

هذا عدا عن عددٍ لا حصر له من البيانات والتقارير التي تتناول تقاعس المسؤولين عن تطبيق القانون وعقاب ما يوصف "بالأعشاب الضارة".

تحاول منظماتُ مناهضةِ الاحتلال في الكثير من الأحيان، بسبب الإحباط واليأس وتجاهل الإعلام لعنف المستوطنين المتفشي، نقل هذا الواقع المرير لوعي الجمهور بطرق بديلة، لكنها تُجابَه غالباً بردود أفعال عدوانية. كان أكبر مثال على ذلك، إذعان شركَتي الباصات "إيغِد" [EGED] و"دان" للتهديدات التي وجهتها إليهما عناصر يمينية مجهولة، مطالبةً إياهما بإزالة الإعلانات الجريئة التي طالبت بوقف عنف المستوطنين من خلال عرض صورة الطفل الفلسطيني محمد البالغ من العمر ثلاث سنوات وهو يرقد في المستشفى في أعقاب إصابته في المذبحة المذكورة أعلاه. لكن، وبدلاً من تجاهل هذه التهديدات وجدنا أنفسنا مرة أخرى خاضعين لديناميكية مرهقة تُملي علينا حواراً يكرر نفسه ويتراوح بين تأييد ومعارضة لحرية التعبير عن الرأي، أو بالتساؤل إذا ما كان استنكار قائد القوات المسلحة لأفعال المستوطنين بحق الفلسطينيين حقيقياً أم مجرد رد يهدف من خلاله إلى تحسين صورته العامة.

في حال أخذنا عنف المستوطنين على محمل الجد، بدلاً من التظاهر بالمفاجأة من مذبحة لن تكون الأولى ولا الأخيرة، سنلاحظ أن هذا العنف هو جزء لا يتجزأ من المنظومة الاحتلالية، بل وأن علاقته بالعنف الذي تمارسه الدولة نفسها وثيقة جداً. وعليه، لا يُعدّ هؤلاء المستوطنون "أعشاباً ضارة" يجب اقتلاعها، بل أثلام زنابق اعتنت بها كل الحكومات الإسرائيلية.

كنا سنلاحظ أيضاً أن هذا العنف مستمر بفضل دعم وحماية الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر على المنطقة، بل وأن هذا العنف يشكل اليوم آلية رئيسية للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وسلبهم ممتلكاتهم وحقوقهم.

بل وكنا سنتساءل عن الفرق بين المستوطنين الذين داهموا قرية المفقرة بالمطارق وبين الإدارة المدنية التي تحرق الحقول وتمنع وصول الفلسطينيين إلى مصادر المياه، متذرعةً بأعذار بيروقراطية، وكنا سنتساءل عن الفارق بين مستوطني "إفياتار" الذين نهبوا الأرض وبين والجنود الذين يطلقون النار على الفلسطينيين لاحتجاجهم على هذا النهب.

إذا أمعنّا النظر بشجاعة في هذا الواقع، لم نكن لنصفه بـ "فشة خلق" مستهترة وشاذة عن القاعدة، بل سياسة إسرائيلية رسمية وممنهجة منذ سنة 1967.