تظاهر مئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء السودان الخميس الماضي للمطالبة بنقل السلطة إلى المدنيين، في ظل استمرار اعتصام أمام القصر الجمهوري يطالب بـ"حكومة عسكرية"، مما يعني أن المرحلة الانتقالية في هذا البلد أكثر هشاشة اليوم من أي وقت مضى.
هذا ما لخصت به موفدة صحيفة "لوموند" الفرنسية إلى السودان، إليوت براشي، الوضع بالبلد قبل ما شهدته الأحداث من تسارع منذ ليلة البارحة.
وحذرت براشي من أن الصرخة المدوية التي كان المحتجون على العسكر يرددونها طوال المظاهرة بأن "لا عودة للوراء" لم يتم اختيار كلماتها بالصدفة، إذ إن السودان شهد منذ استقلاله 3 دكتاتوريات عسكرية، كل منها قطعت فجأة فترة انتقال ديمقراطية.
ولئن كان الاستياء من أداء الحكومة هو سيد الموقف بين المعتصمين أمام القصر، فإن المراسلة لاحظت أن ثمة تباينا في طريقة معالجة الوضع؛ ففي الوقت الذي يطالب فيه البعض بأن يحل محل الحكومة مجلس وزراء تكنوقراط لحين إجراء انتخابات حرة، يطالب آخرون علنا بانقلاب عسكري وبإحكام قبضة الجيش على السلطة.
أما المؤيدون للاستمرار في المرحلة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة، فإنهم يتهمون العسكر بأنه هو من دبر الاعتصام أمام القصر، ويندد تاج السر حسن، عضو إحدى لجان المقاومة، بذلك قائلا: "تم إنشاؤه من الصفر، وموله بعض الجنرالات من أجل زعزعة استقرار المرحلة الانتقالية"، كما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر أفرادا يستأجرون حافلات كاملة، ويوزعون وجبات لتشجيع المتسكعين على الالتحاق بصفوف الاعتصام.
وبالإضافة إلى ثقل الجيش في الاقتصاد وإصلاح قطاع الأمن، ترى المراسلة أن هناك قضايا معينة تؤجج التوترات بين المدنيين والعسكريين، مثل رغبة السلطات المدنية في دفع عملية العدالة الانتقالية إلى الأمام.
وتعليقا على الوضع الحالي، يقول الباحث في "مجموعة الأزمات الدولية" (ICG) جوناس هورنر: "يجب تقديم تنازلات"، مشددا على أنه سيتعين على المدنيين طمأنة الجيش بأن بإمكانهم الاستمرار في لعب دور في تسيير الأمور؛ فالجنرالات -حسب قوله- لن يقبلوا بفقدان حصانتهم القانونية ومواردهم الاقتصادية.
أما المحامية سمية إسحاق، فإنها تعلق بالقول: "إن من شاركوا في هذه الجرائم ما زالوا في السلطة، وهم يلعبون لكسب الوقت".