نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا لمراسلتها في واشنطن ستيفاني كيرتشغاسنر، قالت فيه إن سياسة الرئيس جو بايدن نحو السعودية يحوم حولها ظل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأشارت إلى تصريحات الرئيس بايدن الأخيرة ردا على سؤال حول زيادة أسعار الوقود، وإن كانت ستنخفض في وقت قريب، حيث قدم إجابة غامضة ومشفرة، ألقى فيها مسؤولية ارتفاع الوقود في محطات البنزين على العلاقات المتوترة مع السعودية.
وقال بايدن إن أسعار النفط مرتفعة لأن دول الشرق الأوسط المنتجة للنفط ليست مستعدة لزيادة إمدادات النفط. وهذا يحدث -بحسب ما يلمح إليه بايدن- كرد انتقامي لقراره عدم التحدث أو الاعتراف بولي العهد السعودي كنظير له، بحسب الصحيفة.
وقال بايدن في لقاء عام على شبكة "سي أن أن"، إن "أسعار النفط مرتبطة بمبادرة السياسة الخارجية التي تذهب أبعد من أسعار النفط، وهناك الكثير من الأشخاص في الشرق الذين يريدون الحديث معي، ولكنني لست متأكدا إن كنت أريد الحديث معهم".
وأضاف لاحقا: "هناك إمكانية للتخلي عن هذا، وذلك يعتمد قليلا على السعودية وعلى أمور أخرى في المستقبل القريب".
ورفض البيت الأبيض تقديم المزيد من المعلومات حول تعليقات بايدن، ولم يجب على أسئلة الصحيفة بشأن الطريقة التي وصلت المقايضة الظاهرة التي ألمح إليها بايدن إلى الإدارة.
ولكن الخبراء في واشنطن قالوا إن تعليقات بايدن تشير وبدون شك إلى مطالب السعودية باهتمام شخصي أوسع رغم اللقاءات التي أجريت وعلى مستويات عليا بين المسؤولين الأمريكيين والسعوديين، منها لقاء تم في الرياض بين مستشار الأمن القومي جيك سوليفان وولي العهد محمد بن سلمان.
ويحتمل أن ولي العهد يريد مكالمة هاتفية من جو بايدن مماثلة لتلك التي تلقاها في نيسان/ إبريل 2020 من دونالد ترامب، عندما اتصل الرئيس السابق بالأمير والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودعاهما لتخفيض مستويات إنتاج النفط العالمي.
وفي تلك الفترة، فقد تأثرت شركات إنتاج النفط الأمريكية من الصخر الزيتي نتيجة للمواجهة بين روسيا والسعودية. وتفاخر ترامب لاحقا بأن المكالمة ساهمت في وقف حرب أسعار النفط.
وتقول الصحيفة إن موقف الرئيس الحالي وتجاهله للأمير السعودي نابع من تعهد في الحملة الانتخابية وعد فيه بمعاملة المملكة كدولة منبوذة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي. وهو وعد لم يلتزم به باستثناء تجنبه الحديث الشخصي مع الأمير.
وقال جيرالد فيرنستين، السفير الأمريكي السابق في اليمن، متسائلا عن ما إن كان ولي العهد السعودي سيستخدم أوراق نفوذه وإجبار الإدارة على تغيير موقفها "وسأقول نعم بالمطلق"، مشيرا إلى حساسية ولي العهد وغضبه من موقف الإدارة مع أنها اتخذت موقفا متواضعا، وأقل مما ووعدت.
وطرحت مسألة العلاقة مع السعودية في ضوء رحلة الرئيس بايدن إلى غلاسكو للمشاركة في قمة المناخ، وسيشارك فيها ابن سلمان، وثار تساؤل حول إمكانية اعتراف الرئيس بايدن به كحاكم فعلي للسعودية أم إنه سيتجنب الأمير البالغ من العمر 36 عاما بأي ثمن.
ونصح بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة باراك أوباما قائلا: "لا أنصح بمقابلة محمد بن سلمان"، مشيرا إلى أن محاولاته تطبيع وضعه كحاكم فعلي للسعودية جزء من محاولة وضع كل حادثة جمال خاشقجي وراء ظهره.
وبحسب الصحيفة، فإنه قد تحدث مواجهات لا يمكن تجبنها على المسرح الدولي مثل تحديقة أوباما في بوتين عام 2014، ومصافحة الرئيس السابق التي ندم عليها مع معمر القذافي وهوغو شافيز، إلا أن هناك طرقا لتجنب هذه المواجهات كما يقول رودس، موضحا أنه "في الحد الأدنى، يمكنك تجنب اللقاءات الثنائية، ولكنني كنت في مناسبات لم يكن الرئيس راغبا فيها بمصافحة شخص مثلا، وعندها يمكن للطاقم الأمني الإحاطة بك وحمايتك من المواجهة".
ويرى بروس ريدل، المحلل في معهد بروكينغز والمحلل السابق في "سي آي إيه"، إن ولي العهد راغب وبقوة في المصافحة لو كانا على مقربة منه.
ويرى الخبراء أن المسألة لا تتعلق بلحظة مفاجئة يواجه فيها بايدن ولي العهد الذي وجه إليه ضابط مخابرات سعودي سابق عددا من الاتهامات، ولكن في كيفية تعامل الإدارة الحالية معه.
ويعلق فيرنستين: "هل تستطيع مواصلة موقفك بأنك لا تريد التعامل مع ولي العهد؟ رأيي أنك لو استطعت مواصلة هذا في الوقت الحالي، ولكن لا منطق لهذا، فعاجلا أم آجلا سيصبح محمد بن سلمان ملكا، وعند تلك اللحظة فلا مناص لك إلا التعامل معه كرئيس دولة".