كشفت العديد من المصادر الاخبارية عن الجهود التي بذلتها حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية قبل أيام لتحرير مدينة مأرب دون حرب من خلال التفاوض مع زعماء العشائر. وأشارت مصادر قبلية إلى أن زعماء القبائل رحبوا بخطة زعيم جماعة "أنصار الله" السيد "عبد الملك الحوثي" لإخراج مرتزقة تحالف العدوان السعودي من أراضيهم. وقد وصلت اتفاقات صنعاء مع قبائل مأرب إلى قبيلة "عبيدة" بحيث يمكن أن يسيطر "أنصار الله" على مدينة مأرب بالكامل دون حرب أو إراقة دماء. وأضافت مصادر قبلية أن زعماء قبائل "الجدعان ومراد والأشرف" وبعض زعماء قبائل عبيدة يسعون لتسليم مدينة مأرب دون حرب أو إراقة دماء. ويتزامن ذلك مع وجود قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية على أبواب المدينة. وقالت مصادر يمنية إن التفاهمات القبلية تسارعت في الأيام الأخيرة وأن المشاورات تجري سرا حتى لا ينتقم تحالف العدوان السعودي ويقوم بقصف العشائر في هذه المحافظة. وبحسب مصادر قبلية فإن معظم زعماء قبائل "عبيدة" يفضلون السلام على الحرب لأن لهم مصالح كثيرة داخل مدينة مأرب.
وفي غضون ذلك، سيطرت قوات صنعاء على مناطق جديدة في شرق مأرب عقب عقدها اتفاق سلمي مع القبائل. وبحسب الاتفاق المبرم بين زعماء قبيلتي "الفقرا" و "العذلان" مع قوات صنعاء، دخلت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية قرى "الختلة، العذلان والمساجد" جنوب مدينة مأرب. ولقد تم ذلك الاتفاق، في الوقت نفسه الذي سيطرت فيه قوات صنعاء على منطقة جبل مراد القريبة من مدينة مأرب قبل أيام بموجب اتفاق مع قبائل "مراد". وفي الوقت نفسه، تتواصل الجهود لتحرير مدينة مأرب ومديرية "الوادي" دون حرب. وعلى صعيد متصل، أفادت مصادر يمنية بوجود عشرات من مشايخ مأرب في صنعاء، وأن عددا آخر منهم في طريقهم لاغتنام الفرصة وطرد قوات "هادي" من مناطقهم. وفي غضون ذلك، حاصرت قوات صنعاء مأرب من الجهة الجنوبية والجهة الجنوبية الغربية والجهة الشمالية الغربية.
خوف العناصر الموالية للرياض
وردا على هذه الجهود، شنت عناصر من حزب الإصلاح داخل مأرب اعتقالات جماعية لأشخاص من المحافظات الخاضعة لسيطرة صنعاء، متهمة إياهم بالتعاون مع "أنصار الله". وبالإضافة إلى ذلك، تستعد المليشيات الإصلاحية لحرب شوارع في مأرب وقد قامت ببناء العديد من التحصينات. وتأتي هذه التحركات بعد أن وضع مجهولون شعار "أنصار الله" على جدران بعض أحياء مدينة مأرب، ما أثار مخاوف الميليشيات التابعة للرياض، لا سيما أن الميليشيات ليس لها قاعدة شعبية في هذه المدينة. ويعمل حزب الإصلاح على ترهيب الجيش اليمني واللجان الشعبية وتعبئة المساجد ضد جماعة "أنصار الله" لترويع أهالي مأرب.
المعاملات المالية التي طغت عليها الحرب
وفي الوقت نفسه، أفادت مصادر يمنية أن الميليشيات التابعة للرياض كانت تسعى للفرار من مأرب، وأنها نقلت تجارتها من مأرب إلى حضرموت والمهرة شرقي اليمن. وفي الوقت نفسه، أفادت هذه المصادر بسرية المراكز التجارية والأسواق في مناطق سيطرة مليشيات الإصلاح وزيادة مبيعات المنازل والمراكز التجارية التابعة لقيادات الحزب خوفًا من مصادرتها من قبل "أنصار الله". وفي الوقت نفسه، أشارت بعض المصادر إلى تصرفات سعودية لمرحلة ما بعد مأرب، وأن الأدلة أظهرت حالة من اليأس والإحباط في مدينة مأرب، وأن القوات التابعة للرياض أصبحت يائسة وغير مستعدة للقتال.
خوف واشنطن والرياض من اقتراب قوات صنعاء من مدينة مأرب
أفادت مصادر يمنية بوجود خوف سعودي وأمريكي مكثف بالتزامن مع اقتراب قوات صنعاء من مدينة مأرب. وكلما اتجهت القبائل الماربية نحو صنعاء زاد خوف تحالف العدوان السعودي الإماراتي. وفي غضون ذلك، تحدثت مصادر يمنية عن تحركات مكثفة في قاعدة "الربان" جنوب شرق مدينة المكلا في حضرموت. ولقد قامت القوات الأمريكية ببناء مدرج جديد بطول 350 مترًا، وهو موطن للعديد من طائرات الشحن الأمريكية الكبيرة. كما أفادت مصادر يمنية بنشر 100 جندي أمريكي جديد في هذه القاعدة. وأشارت مصادر قبلية في حضرموت عن انعقاد اجتماع بين ضباط أمريكيين وسعوديين وقادة قوات "منصور هادي"، حيث خرج ذلك الاجتماع باستخدام إرهابيي القاعدة للقتال في مأرب بدعم عسكري لمنع قوات "أنصار الله" من التقدم أكثر نحو مأرب. وفي الوقت نفسه، أشارت هذه المصادر إلى ضغوط سعودية على واشنطن للدخول مباشرة لمنع سقوط مدينة مأرب. وقال مراقبون إن الولايات المتحدة لن تتدخل بشكل مباشر في هذه الحرب وستعتمد على الأرجح على الدعم اللوجستي والاستخباراتي، خاصة وأن الضربات الجوية واسعة النطاق التي تشنها الطائرات المقاتلة السعودية فشلت حتى الآن في منع تقدم قوات صنعاء.
آخر الأخبار الميدانية من مدينة مأرب
أفادت قناة "المسيرة" اليمنية، نقلاً عن مراسلها الميداني، أن القوات المسلحة التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني قامت بتحرير مناطق قرب مدينة مأرب. وبحسب التقرير فقد قامت قوات حكومة الإنقاذ الوطني بتحرير مناطق "العيرة" و "السواد" و"الحجيرة" في مديرية "الجوبة" احدى مديريات محافظة مأرب. وهذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية نظرا لإطلالتها على مدينة مأرب. ويعتقد الخبراء أن نتيجة الحرب في مأرب حاسمة في تحديد المصير النهائي للحرب اليمنية، وأن الفائز في هذه المعركة سيكون له اليد العليا في التوازنات الميدانية والسياسية المستقبلية. وتحظى هذه المحافظة بأهمية عسكرية كبيرة بسبب موقعها الجيوسياسي وطول حدودها المشتركة مع محافظة صنعاء، ونظراً إلى أنها كانت دائماً تحت سيطرة العناصر المرتزقة في السنوات الأخيرة، كانت المناطق الحدودية في هذه المحافظة تشهد دائمًا توترات طويلة الأمد وحدثت صراعات كبيرة فيها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الطريق الرئيسي من صنعاء إلى مأرب وطريق الاتصال بين المدينتين عبر مديرية صرواح، لهما أهمية جيوسياسية خاصة في البعد العسكري لكلا الجانبين. وهذا المسار الذي يرافقه الكثير من العقبات عند مدخل صنعاء، يتسم بالسلاسة والانسيابية نحو مدينة مأرب، وهو من النقاط المهمة لـ"أنصار الله" في عملية الاشتباكات. أما محافظة مأرب فهي بوابة محافظتي شبوة وحضرموت الساحليتين اللتين يسيطر عليهما الرئيس اليمني المستقيل. وتتمتع هذه المحافظات بموارد وفيرة من النفط والغاز، وتسمح موانئها بتصدير هذه الموارد، بالإضافة إلى ارتباطاتها البرية والدولية عبر المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.
وعلى صعيد متصل، اتهمت مكونات سياسية باليمن، مساء الإثنين الماضي، حكومة الفنادق وتحالف العدوان السعودي الإماراتي بخذلان محافظة مأرب، والفشل في إدارة المعركة ضد قوات صنعاء. وجاء ذلك في بيان مشترك صادر عن 6 مكونات يمنية بمحافظة مأرب، أبرزها "المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الناصري". وعبّرت المكونات "عن استغرابها الشديد لأداء تحالف العدوان السعودي الإماراتي وسوء إدارته للمهمة التي أنيطت به". ورأت "أن قيادة حكومة الفنادق فشلت فشلًا ذريعًا في مسؤولياتها على مختلف الأصعدة سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وإعلاميًا؛ ما انعكس سلبًا على أرض المعركة". كما أدان البيان "خذلان الرئيس المستقيل عبد ربه منصور لمأرب وهي تخوض معركة مع قوات صنعاء"، وحمّله "المسؤولية الكاملة لكل ما ينتج عن هذا الخذلان المخزي". وهذا الموقف هو الأول من نوعه لمكونات سياسية مشاركة في حكومة الفنادق، والتي تتمتع بعلاقات وثيقة مع تحالف العدوان السعودي الإماراتي.
ويعيش المرتزقة في محافظة مأرب شمال شرقي صنعاء أياماً سوداء وكئيبة؛ بفعل الهزائم التي تلاحقهم من منطقة إلى أُخرى، وآخرها ما حدث في عملية "ربيع الانتصار" من تحرير مديريات هامة جنوب مدينة مأرب. ويعد تحرير المديريات الواقعة جنوبي مأرب ضربة قاصمة للعدوان الذي ظل يراهن عليها طيلة السنوات الماضية، وحولها إلى أوكار للتنظيمات التكفيرية الإجرامية، ومنطلقاً لتنفيذ كل الخطط الإجرامية لقوى العدوان الأمريكي السعودي.