• اخر تحديث : 2024-07-03 03:33
news-details
تقارير

تجارة الموت المربحة، الكيان الصهيوني يحول الدماء إلى أموال


على الرغم من فرض إسرائيل ستارا ثقيلا من التعتيم الأمني على صفقات الأسلحة إلا أن موقع (زمان يسرائيل) بالعبريّة كشف النقاب عن أنّ إسرائيل هي ثامن مصدر للأسلحة في العالم، حيث أنّه تمّ تصنيفها في مركزٍ مرتفعٍ جدًا، يتجاوز بكثير حجمها النسبيّ ويدور الحديث عن وجود أكثر من ألف شركة اسرائيلية تعمل في مجال تجارة الأسلحة. وبحسب الموقع ووفقًا لتقارير مراقبة تجارة الأسلحة لمنظمة Sipri يقوم الكيان الاسرائيلي بتصدير ما يبلغ ثلاثة بالمائة من تجارة الأسلحة في العالم ورغم رفض إسرائيل إعطاء قائمة تفصيلية بالدول التي تشتري أسلحتها، فإن هناك 130 دولة تبرم معها صفقات بقيمة 9 مليارات دولار سنويا. ومن ناحية أخرى بحسب المعطيات الاسرائيلية الرسمية فقد نمت صادرات كيان الاحتلال من الأسلحة بين عامي 2016 و2020 بنسبة 59 بالمائة بالمقارنة مع عامي 2011-2015. حيث بلغ إجمالي الصادرات الدفاعية من الكيان الاسرائيلي بحسب بيان صادر عن قسم مساعدة الصادرات الدفاعية في وزارة الدفاع في عام 2020 فقط ما قيمته 8.3 مليار دولار وذلك بزيادة بنسبة 15 بالمائة في حجم المعاملات الدفاعية في جميع أنحاء العالم وتذهب ما نسبته 44 بالمائة من إجمالي الصادرات إلى دول أسيا والمحيط الهادئ. 

على الرغم من هذه الأرقام إلا أن التجارة السرية للأسلحة في الكيان الاسرائيلي تشير إلى وجود إحصاءات أخرى حيث تشير بعض المعطيات إلى أن الكيان الاسرائيلي يحتل المرتبة الرابعة عالميا في هذه التجارة. حيث يؤكد خبراء اقتصاد إسرائيليون أن الحكومة الإسرائيلية، جنباً إلى جنب مع شبكات تجارة الأسلحة التي يديرها (الموساد)، تحصد أرباحاً طائلة من وراء تجارة السلاح. ويمتلك الكيان الاسرائيلي عددا من المزايا النسبية التي تؤهلها للعب دور متزايد باستمرار في تجارة السلاح الدولية وتجارة الموت فمن جهة تقيم الدوائر الرسمية السياسية والأمنية الإسرائيلية، ومعها شركات تصنيع السلاح وتجارته، علاقات عضوية وتكاملية وثيقة مع نظيرتها وشريكتها الأمريكية. مثلما يوفّر موقع إسرائيل الجيوسياسي وطبيعة علاقاتها بالولايات المتحدة فوائد جمة تتيح لإسرائيل استضافة الأساطيل وقطع الجيوش وتزويدها بخدمات فنية ولوجستية دائمة، إلى ذلك تطورت القوانين الوطنية في كل دولة من دول أوروبا المنتجة للسلاح وبالتحديد في بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، بحيث باتت المؤسسات التشريعية تفرض قيودا صارمة ومشددة على صادرات الأسلحة لدول وجماعات متقاتلة لا تحترم مواثيق جنيف، ويحتمل ارتكابها لجرائم ضد الإنسانية. أما في إسرائيل فلا قيود على الإطلاق لمثل هذا النوع من التجارة، بل على العكس يمكن الافتراض أن الحكومة تشجعه وتقدم له التسهيلات والغطاء القانوني المناسب. يؤكد مراقبون كثر أن إسرائيل تحقق أرباحا مالية ضخمة من صفقات السلاح المحرمة وتوظفها في خدمة أهدافها الدبلوماسية بتحييد مواقف دول كثيرة ومنعها من توجيه نقد لسياساتها واحتلالها للأراضي الفلسطينية كما يفاخر دوما مسؤولوها.

الوجهات وأنواع البضائع

وكان رئيس "دائرة مراقبة الصادرات الأمنية" في وزارة الأمن الإسرائيليّة، دوبي لافي، أقّر أنّ الدولة العبريّة تقوم بتصدير أسلحة إلى دول غير ديمقراطية، وهي دول تجري فيها غالبًا انتهاكات لحقوق الإنسان وإبادة عرقية، على حدّ قوله.

وصرح المسؤول الإسرائيليّ لصحيفة (هآرتس) إنّه توجد دول غير ديمقراطية نصدِّق على تصدير الأسلحة إليها، وليس نحن فقط، العالم كله يصدِّق لها. وجاءت أقوال لافي بعد أنْ قامت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، بناءً على معطيات نشرتها وزارة الأمن، بكشف النقاب عن أنّ أسلحة من صنعٍ إسرائيليٍّ، تُباع بواسطة تجّار سلاحٍ إسرائيليين في دول تجري فيها عمليات إبادة عرقية، وفي الإحصائيات الرسميّة، التي نشرتها الوزارة، تبينّ أنّ 176 شركة إسرائيلية انتهكت قانون مراقبة الصادرات الأمنية عام 2015، فيما كان هذا العدد 166 في 2014.

حيث تشكل كل من دول آسيا والمحيط الهادئ الوجهة الأولى للسلاح الإسرائيلي بنسبة بلغت 58% العام 2017، بحسب بيانات وزارة الأمن الإسرائيلية، تليها أوروبا بنسبة 21%، وأمريكا الشمالية 14%، ثم أفريقيا 5%، وأمريكا اللاتينية 2%. أما عن أنواع السلاح الإسرائيلي فيتضمن كل ما تطلبه السوق تقريبا، من صناعة الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي بنسبة 31% من مجمل الصادرات، وأجهزة الرادار والحرب الإلكترونية بنسبة 17%، وأدوات ووسائل الاستطلاع والإلكترونيات الجوية بنسبة 14%، والذخيرة والقاذفات- 9%، وأنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية- 9%، وأنظمة إلكتروضوئية- 8%، وأنظمة الرصد والمعلومات والتقنيات السيبرانية- 5%، وخدمات مختلفة- 3%، والطائرات المسيرة (الدرون)- 2%، والأنظمة البحرية- 1%، وحتى الأقمار الصناعية ومنتجات الفضاء العسكرية- 1%.

كما و تتضمن صناعات السلاح الإسرائيلي البنادق الرشاشة والخفيفة والمعروفة على مستوى العالم، مثل بنادق عوزي والجليل وطابور ومقلاع النقب ويريحو وجلبوع، ومركبات نقل عسكري مثل جيب سوفا، وناقلات جند مدرعة من نوع زئيف ودافيد، ومدرعات ثقيلة وأشهرها دبابة ميركافا، وأخزريت، وأسلحة مدفعية وذخيرة، وصواريخ وقذائف مضادة للدروع، وصواريخ جو- جو، وجو- أرض، وأرض- جو، وصواريخ مضادة للصواريخ وأبرزها حيتس (السهم)، بالإضافة للطائرات المأهولة المقاتلة والخفيفة والمروحيات ومنها عرافا ونيشر وكفير ولافي ويسعور وكذلك الطائرات المسيرة، وأقمار التجسس وغيرها.

غزة هي حقل التجارب

يُجرّب جيش الاحتلال الأسلحة الإسرائيلية في حروبه الغشمة التي يشنها على الشعب الفلسطيني. ففي حربه الغاشمة التي شنها مؤخراً على قطاع غزة كانت هناك دلائل عدة تشير إلى أن إسرائيل استخدمت في هذه الحرب أسلحة محرمة دوليا، وحولت القطاع إلى ما يشبه "حقل تجارب" لاختبار أسلحة جديدة والوقوف على مدى فعاليتها وقدرتها التدميرية ودقة إصابتها للهدف، كما يقول الخبير والمحلل العسكري اللواء ركن متقاعد واصف عريقات. وقد شعر سكان غزة بذلك من خلال قوة الانفجارات الناتجة عن الصواريخ التي كانت تطلقها المقاتلات العدو الاسرائيلي فيقولون أنها كانت تحدث دوياً هائلا لم يعتادوا مثله من قبل وتتسبب في دمار كبير كما عانى الغزيون خلال الحرب من روائح نفاذة تنبعث بقوة وتنتشر في الأجواء وداخل المنازل على مسافات من المناطق المستهدفة بالقصف الجوي الإسرائيلي.

يشهد العالم منذ منتصف القرن العشرين في أماكن واسعة منه جرائم ضد الإنسانية بمشاركة السلاح والتدريبات الإسرائيلية. لنستذكر بعض من هذه الصراعات والحروب.

جنوب السودان مثال جلي على افتعال الصراعات لبيع السلاح

الكيان الصهيوني دائما ما يكون له أذرع في كل صراع أو حرب تقوم بين الشعوب، كشفت التقارير عن ضلوع جنرال اسرائيلي متقاعد ببيع أسلحة و ذخيرة للحكومة و المعارضة السودانية المسلحة خلال النزاع الذي كان قائم في جنوب السودان واستخدم آنذاك إسرائيل زيف، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد ومالك لمجموعة استشارات أمنية، شركة زراعية "كغطاء لبيع أسلحة قيمتها نحو 150 مليون دولار للحكومة بما في ذلك بنادق وقاذفات القنابل وصواريخ محمولة على الكتف"، في حين نال زيف ولاء كبار مسؤولي حكومة جنوب السودان من خلال الرشاوى والوعود بالدعم الأمني، خطط كذلك لتنظيم هجمات من قبل المرتزقة على حقول النفط والبنى التحتية في جنوب السودان، في محاولة لخلق مشكلة تستطيع شركته فقط حلها". ولقد كان منح السلاح والذخيرة للأطراف المتنازعة في السودان الدور الكبير في إطالة أمد الحرب. حيث عمد الكيان الاسرائيلي على الدوام من التملص من الأجابة على استفسارات وتقارير منظمة حقوق الانسان بشأن صادرات الأسلحة إلى جنوب السودان في ذلك الوقت والدعوات المتكررة لإيقاف تصدير الأسلحة للطرفين المتنازعين. وخلفت الحرب عشرات آلاف القتلى وأدت الى نزوح نحو أربعة ملايين في وقت انهار اقتصاد الدولة الغنية بالنفط.

تسليح ميانمار رغم الجرائم بحق الروهينغا

على الرغم من الدعوات المتكررة للكيان الاسرائيلي بشأن ايقاف تسليح ميانمار في قضية التطهير العرقي الذي مارسته ميانمار على أقلية الروهينغا المسلمة التي تقطن غربي ميانمار إلا أن الكيان الاسرائيلي واصل تجارة الدماء. وكانت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حينها قد قررتا حظر بيع الأسلحة لميانمار بسبب قيامها بإبادة جماعية ولكن ظلت اسرائيل الدولة الوحيدة التي تصدر السلاح لميانمار وذلك على الرغم من جميع الضغوط والمطالب التي قدمتها منظمات حقوق الانسان بشأن وقف التجارة بالأسلحة.

وخارج القارة السمراء، لعبت "إسرائيل" دورًا مشبوهًا في تغذية النزاعات والحروب، ففي صربيا، وصل السلاح الإسرائيلي بعد شهرٍ واحد من الحظر، ليستخدمه الصرب في تنفيذ عمليات الإبادة الجماعية التي وصل عدد الضحايا إلى نحو 250 ألف شخص، وبقيت "الدول الآسيوية" ودول "منطقة الباسيفيك" الأكثر استيرادًا للسلاح والصناعات الأمنية من "إسرائيل"، بما قيمته اليوم 3.9 مليار دولار.

وفي سوريا، استخدمت "إسرائيل" صاروخ "تموز" لأول مرة ضد مواقع عسكرية سورية، وبعد عدة شهور نُشرت تقارير مفادها أنها على وشك أن تعرض الصاروخ في المعرض الجوي في باريس.

التطبيع في خدمة تجارة الموت

تتفق المحافل الإسرائيلية على أن اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع البحرين والإمارات العربية المتحدة والسودان والمغرب، و"العلاقات السرية" مع دول عربية أخرى، ستزيد من صفقات بيع السلاح الإسرائيلي في المنطقة، لأن المزيد منها سيباع للدول "المطبعة"، فأموالها كثيرة، وتسعى لترقية جيوشها، وفق محدد أساسي عنوانه أن التفوق الأمني والعسكري الإسرائيلي لن يتضرر.

وشكلت صفقة بيع طائرات "إف 35" (F-35) الأميركية للإمارات ذروة هذه الصفقات، وإضافة للموافقة الإسرائيلية عليها، فقد أعلنت أنها ستزود الطائرات المباعة للإمارات برادارات جديدة، ودأبت إسرائيل على بيع عدد من دول المنطقة منظومات تجسس أمنية وعسكرية، لملاحقة معارضيها السياسيين وتتبعهم.

تحايل على القانون

بأدلةٍ دامغة، تخرق "إسرائيل" القانون الدولي، فهي لا تتقيد بالمعاهدات الدولية التي تمنع تصدير الأسلحة والخبرات الأمنية لأنظمة يحظر التعاون معها، ورغم قرار قضائي سابق بالكشف جزئيا عن الدول التي تستورد الوسائل القتالية والأمنية والسلاح من تل أبيب، تسعى الأخيرة للتستر على هذه الدول خوفًا من انقطاع علاقات تجارية وأمنية استراتيجية معها.

وتتبع تل أبيب سياسة ألا توقع على أي معاهدات دولية حتى تبقى حرة طليقة في بيعه، ورغم أنها وقعت في نهاية العام 2014 على الميثاق الدولي للرقابة على تجارة السلاح، فلم تصادق على الميثاق، مما يعني أنها ليست عضوًا في الميثاق، وتكشف هذه المعطيات السياسة المعتمدة لدى تل أبيب إزاء تصدير السلاح إلى أنظمة قمعية ديكتاتورية، ودول تشهد قتالاً وحروبًا أهلية.

تدير وزارة الأمن الإسرائيلية صفقات السلاح مع الدول ويلعب جنرالات الجيش في كيان الاحتلال دور السماسرة وتحت غطاء لا يقل خطورة عن الوساطة، يجري استخدام البعثات الإنسانية والزراعة والري كمقدمة لصفقات أسلحة، وهو ما يحصل فعلاً، إذ تقوم "إسرائيل" بإرسال بعثات إنسانية لدولة ما، وبعد ذلك ترد تقارير عن صفقات أسلحة، وبحسب هآرتس، هناك أناس في "إسرائيل" باتوا أغنياءً جدًا من تجارة السلاح مع دول قمعية، لكن الرأي العام يظن أنهم يعملون في الزراعة، ونقل التقنيات الزراعية إلى الخارج.