مع تصاعد خيانة بعض الدول العربيّة (الإمارات، البحرين، السودان، المغرب) لفلسطين والقضايا العربيّة، عبر ما يعُرف بالتطبيع أو "اتفاقات ابراهام" مع الكيان الصهيونيّ المجرم، وإنشاء تحالفات بين حكام تلك البلدان وغيرها بشكل سريّ، مع أشدّ الكيانات إجراماً واحتلالاً تحت ذرائع واهية اصطدمت مع كافة القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة والدينيّة، أشارت منظمة "العدل والتنمية" الحقوقيّة أنّ الهدف الحقيقيّ لصفقة القرن التي تمّت برعاية الولايات المتحدة الأمريكية واتفاقيات التطبيع هو الاستعداد لتوطين ملايين اليهود النازحين بالمستقبل من أمريكا ودول الاتحاد الأوروبيّ بدول عربيّة، كمصر والعراق وسوريا ولبنان والمغرب والسعودية والإمارات، نتيجة آثار التغيرات المناخيّة والدمار المتوقع لتلك التغيرات.
مشروع خطير
في الوقت الذي لم تنجح فيه تلك الدول المطبعة في تبرير تحالفها مع العدو الصهيونيّ بذرائع مختلفة أبرزها وقف مشاريع ضم الأراضي الفلسطينيّة رغم المصالح السخيفة التي حققتها من ذلك( الإمارات صفقة طائرات، والسودان رفع العقوبات، والمغرب الادعاء الأمريكيّ بتبعيّة الصحراء الغربيّة للرباط)، يؤكّد المتحدث الرسميّ للمنظمة والباحث السياسي، زيدان القنائى، في بيانٍ رسمي، أنّ اتفاقيات التطبيع تستهدف توطين ملايين اليهود القادمين من أوروبا وأمريكا بالمستقبل بالدول العربية المذكورة والتي وقعت على اتفاقيات التطبيع مع الصهاينة وذلك نتيجة الآثار التي ستنجم عن التغيرات المناخية، مما سيؤدى لهجرة ملايين اليهود من أوروبا للشرق الأوسط، ما يُفند تصريحات المسؤولين الصهاينة والادعاءات الكاذبة من الدول التي أُدخلت حظيرة التطبيع، رغم الترويج الكبير للسلام لاختلاق إيجابيات لتلك الفعلة النكراء.
وفي ظل القلق الكبير الذي سببته اتفاقات الخيانة والعار التي قامت بها بعض الدول العربيّة مع العدو الصهيونيّ، للفلسطينيين والعرب المقاومين على المستوى الرسميّ والشعبيّ، لقناعتهم بأنّ الإدارة الأمريكيّة ستحاول بكل ما أوتيت من قوة استغلال ما تزعم أنّها "عمليات سلام"، لتطبيق "صفقة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، تتحدث المعلومات أنّ الحكومات العربية تنفذ تلك الصفقة بمختلف بنودها بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية بغرض فتح أبواب الدول العربية لتوطين اليهود النازحين من أوروبا والولايات المتحدة.
وبالتزامن مع إصرار حكام بعض الدول على الاستمرار في "خطيئة التطبيع" بتوقيع اتفاقية العار مع العدو الصهيونيّ، أوضحت المنظمة الحقوقيّة أنّ الأراضي الفلسطينية لا يمكن أنْ تستوعب موجات هجرة لملايين اليهود الجدد القادمين من الدول الأوروبيّة والولايات المتحدة، لذا لجأت واشنطن لصفقة القرن لعقد اتفاقيات تطبيع جديدة مع عدة دول عربية أخرى تمهيدًا لتوطين اليهود بتلك الدول.
وما ينبغي ذكره، أن قضية اليهود التي قامت الحركة الصهيونيّة بجلبهم إلى فلسطين بعد النكبة التي حلّت بالشعب العربيّ في فلسطين في عام 1948، بدأ الحديث مرّةً أخرى عن مطالبة حكومة الاحتلال الدول العربيّة بتعويض المُستجلبين إلى الأراضي الفلسطينيّة التي يحتلها العدو، علمًا أنّ تل أبيب تتجاهل وتنفي رسميًا وعلنيًا قضية اللاجئين الفلسطينيين الذي هجروا وشردوا وقتلوا خلال النكبة المشؤومة، حيث طالب الباحث والمستشرق الإسرائيليّ وعضو جمعية “منظمات اليهود النازحين من الدول العربيّة والإسلاميّة”، إيدي كوهين، الأنظمة العربيّة بدفع 200 مليار دولار للكيان كتعويضاتٍ عن الممتلكات الخاصة لمن أسماهم باليهود العرب النازحين من بعض الدول العربية.
رمقٌ جديد
مع تزايد التنبؤات بانهيار الكيان الصهيونيّ الغاصب، ودعم فكرة أنّ دولة "إسرائيل" المزعومة لن تكون موجودة خلال عقود قليلة لأنها تنزع الشرعية من نفسها كدولة نظام فصل عنصريّ، وازدياد احتمالية السقوط المدويّة للعدو الذي تملؤه الخلافات الداخليّة والفجوات التي تغذيها الكراهية الشديدة الخارجة عن نطاق السيطرة، من المنطقي أن يفكر العدو الذي أسس كيانه الاحتلاليّ على باطل، بجمع الصهاينة لزرعهم في بعض الدول العربيّة لتأمين رمق جديد له، لأنّ التاريخ الإسرائيليّ الحافل بالقتل والدماء لا يمكن أن يُمحى أو يعفى عنه من خلال مزاعم كلمة "سلام" على وسائل الإعلام.
وإنّ "إشعال المنطقة بالحرائق، في لبنان أو سوريا أو العراق أو إيران، المهم حماية إسرائيل"، هو خلاصة الدعم الأمريكيّ المُطْلق للعدو القاتل، والذي يدفعه لتغييب القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته للدم الفلسطينيّ والعربيّ وخرقه الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخطط الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطينيّ الأعزل، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض وبالأخص الولايات المتحدة التي أجبرت العديد من الدول الخليجيّة والعربيّة على الدخول في حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ.
أيضاً، يسير العدو بهذا الاتجاه لأنّه بالفعل يرتعب من أدنى مقاطعة له نتيجة مخالفتهم الشنيعة للقانون الدوليّ والإنسانيّ، ولأنّه يدرك جيداً أنّ الشرعيّة التي يحاولون إضفائها على كيانهم الزائل، هي شرعيّة زائفة تُشتتها الحقيقة في كل لحظة، رغم المبالغ الخياليّة التي تُزود بها تل أبيب من واشنطن وغيرها إضافة لما ينهب من أرض فلسطين وتصرف لخلق الشرعيّة للمحتل، فكلمة الحق مسموعة ومرعبة مهما ارتفعت أصوات الجنات والعنصريين القتلة.
نتيجة لكل ما ذُكر، فإنّ جرائم الصهاينة المُحتلين لا يمكن أن تتوقف بحق الفلسطينيين والعرب إلا باستئصال ذلك السرطان، كما أنّ الجلاد الصهيونيّ الرافض للوجود الفلسطينيّ والعربيّ بشكل مطلق، لا يمكن أن يتغير، لذلك يجب عدم الاكتراث لادعاءات "السلام" المُزيفة، ومن الضروريّ على المجتمع الدوليّ دعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين على أراضيهم، إضافة لطرد الكيان الغاشم من الأراضي السوريّة واللبنانيّة المُحتلة، خاصة إنّ اللوبي الصهيونيّ المتواجد في الولايات المتحدة والمهيمن على السياسات الأمريكيّة وبالأخص "السياسة الخارجيّة"، يضم مجموعة عملاقة من الشركات والمصانع ذات رؤوس أموال ضخمة في أمريكا، ويضم أكثر من 34 منظمة يهوديّة سياسيّة في أمريكا تقوم بجهود منفردة ومشتركة من أجل مصالحها ومصالح الكيان الصهيونيّ الغاشم.
كما أنّ الحالة الأخرى التي يمكن أن تحقق الحرية لفلسطين والعرب، هي أن تفوق تكلفة الاحتلال فوائده، وهو ما يتطلب ضغطاً خارجياً هائلاً بحسب كثيرين، كما حدث في حالات الفصل العنصريّ والاحتلال الأخرى، حيث أدت العقوبات الدوليّة في جنوب أفريقيا، إضافة إلى حظر الأسلحة، والمقاطعة العالمية إلى انهيار النظام العنصريّ، وكذلك ما حدث في "تيمور الشرقية" حيث انتهى احتلالها من قبل إندونيسيا بحركة تضامن عالميّة وضغط دوليّ.