تشهد المنطقة الغنية شرق سوريا والمعروفة باسم منطقة الجزيرة مشروعًا ضمن خطة أمريكية بدعم عربي من الإمارات – رأس الحربة الإسرائيلية في المنطقة – والسعودية ومصر، ويهدف إلى تقسيم البلاد بدءًا من شرقها؛ وذلك بتأسيس كيان انفصالي تحت مسمى "إقليم الجزيرة" تسيطر عليه الإدارة الذاتية الكردية، بمشاركة مزيفة من بعض "الممثلين" عن المكونات الأخرى، عن العرب، والاتحاد السرياني، بالإضافة الى العديد من الأحزاب الكردية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وأمام ما تقدم، كشفت مصادر إعلام كردية عن أن منطقة شرقي الفرات تسير في اتجاه إعلان "إقليم الجزيرة" فيها؛ مشيرة إلى أن ذلك يتم بتخطيط أمريكي ودعم عربي.
الحسكة والرقة
المصدر ذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية وبالتنسيق مع العشائر العربية وممثلي الأحزاب الكردية السورية والقوى المسيحية تتجه لإعلان إقليم الجزيرة في شرق الفرات، كما أن مسؤولين أمريكيين التقوا بشيوخ العشائر العربية التي تمثل المنطقة ولها نفوذ على الأرض، وممثلي الأحزاب الكردية السورية والمسيحية مؤخراً، واتفقوا معهم على إعلان إقليم الجزيرة في شرقي الفرات، تشارك فيه كافة مكونات المنطقة؛ موضحاً أن المشروع بدعم أمريكي وعربي : سعودي – إماراتي – مصري.
وتضم منطقة الجزيرة شرق سوريا محافظة الحسكة، والقسم الأكبر من محافظة الرقة، والجزء الواقع شمال نهر الفرات من محافظة دير الزور، وقسماً من ريف حلب الشمالي الشرقي، وتشكل ثلث مساحة سوريا وخزانها الغني بالثروات الباطنية والزراعية، وترزح تحت هيمنة حليف واشنطن المحلي، قوات سوريا الديمقراطية، التي يشكل عمودها الفقري الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني التركي.
المجلس الوطني الكردي ينفي وجود مشروع لتأسيس إقليم مستقل
العرب أغلبية مطلقة في كل الأراضي السورية، كما تفوق نسبتهم في المنطقة الشرقية عمومًا عن 85 في المئة في الرقة أكثر من 95 في المئة من العرب، فيما يشكلون في الحسكة في أقصى الشمال الشرقي نحو 80 في المئة، كما يتواجد فيها عدد كبير من الأكراد، فيما تعتبر دير الزور ذات النسبة الأعلى للسكان الأصليين إذ تبلغ نسبة العرب نحو 99 في المئة هناك.
وحول المساعي الرامية إلى تأسيس إقليم الجزيرة، يقول الخبير في الشؤون السورية د. محمود حمزة إن الدول الفاعلة بدأت تتفاهم حول رسم الملامح النهائية للحل السياسي في سوريا، كما شرعت بإطلاق التفاوض الكردي – الكردي تحت إشراف أمريكي – فرنسي.
ولم يستبعد الخبير السياسي أن تدعم الولايات المتحدة ـ بعد إجراء تفاهم كردي – كردي ـ تشكيل إقليم الجزيرة شرق الفرات كنوع من التقسيم، وقيام كيان انفصالي تحت هيمنة قسد المتعاونة مع اسرائيل التي تشكل رقم 2 في المنطقة الغنية بالثروات.
وأضاف المتحدث لـ "القدس العربي" : "الخطير هو تجسيد وتكريس مناطق نفوذ في سوريا كنوع من أنواع التقسيم، وهو واضح بوجود القوات الأمريكية و"قسد" شرق الفرات، وتركيا في شمال سوريا وروسيا وإيران في مناطق أخرى".
الدور الإسرائيلي؟
ويعتقد المتحدث أن منطقة شرق الفرات في حال استمرت "قسد" بالسيطرة عليها تحت إشراف أمريكي "فسنرى في المستقبل علم اسرائيل يرفرف فوق القامشلي لأنها ستقيم علاقات مع إسرائيل كما هو الحال شمال العراق كصورة مصغرة".
وأضاف: "الوضع حساس وخطير ويتطلب من القوى الوطنية أن ترفع صوتها عاليًا ضد المخطط الذي يهدد وحدة سوريا أرضًا وشعبًا. وهنا يجب أن يلعب التحالف العربي الديمقراطي في الجزيرة والفرات الذي أسسه نخبة في المنطقة دوره في بلورة موقف وطني ديمقراطي شرق الفرات يطالب بالتعايش بين المكونات بدون فرض سلطة الأمر الواقع من قبل قسد".
وتشير المعـطيات حسب خبراء ومراقبـين لــ "القدس العربي" إلى أن الخطة التـي لم يعـلن عنها ستظهر في الفترة المقبلة كبداية لتقسيم المناطق الجغرافية والدينية والعرقية، إذ لا تخفى مشاريع الولايات المتحدة الرامية إلى تغيير وجه سوريا، من خلال دعم مجموعات مسلحة تحمل طابعاً عرقياً.
وحسب تقارير سابقة لمنظمة العفو الدولية، فقد قامت هذه المجموعات التي تدعمها واشنطن بعمليات تطهير عرقي وتهجير ومسح بلدات بأكملها عن وجه الأرض طالت ليس فقط الأغلبية المطلقة من العرب، وإنما أيضًا الأكراد والتركمان؛ معتبرة أن ما تعرض له الأهالي شمال وشرق سوريا يرقى إلى جرائم حرب.
وكانت مصادر محلية عدة قد أكدت نية الإدارة الذاتية الانفصال، وذلك بسبب فرضها قوانين تجبر على تغيير أسماء القرى والمدن، من العربية إلى الكردية، وفرض مناهج تعليمية باللغة الكردية من دون مراعاة المعايير التعليمية، فضلاً عن الاستيلاء على ممتلكات المهاجرين، وفرض الخدمة الإلزامية.
تكريد وانفصال
في غضون ذلك، كشف القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا نافع عبد الله عن عمل الولايات المتحدة على تشكيل مرجعية كردية في سوريا. وقال القيادي لموقع باسنيوز الكردي إن الولايات المتحدة ولتحقيق مُرادها "تعمل على حل الخلافات الكردية – الكردية وتشكيل مرجعية كردية تكون صاحبة القرار في الشأن الكردي العام والخاص، سواء في المحافل الدولية، أو الإقليمية، أو الوطنية".
وأوضح عبد الله أن "هُناك رؤى لتشكيل إدارة في المناطق الكردية"، وقال : إن المنطقة تذهب في اتجاه تحقيق وحدة الموقف والرؤى الكردية، ومن ثم تشكيل إدارة واسعة وشاملة تضم مكونات المنطقة كافة مع احترام خصوصية كل مكون من النواحي القومية والدينية والمذهبية بما ينسجم مع دستور سوريا الجديد".
وبينما يتهم مراقبون في الملف السوري الإدارة الذاتية الكردية بالسعي وراء تكريد وتكريس الانفصال، وإعلان الجزيرة إقليماً مستقلاً في المناطق الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، ينفي المجلس الوطني الكردي أية مساعي في هذا الاتجاه، ويؤكد عدم معرفة الأسباب وراء مثل هذه الدعوات والهدف منها.
وفي اتصال هاتفي مع عضو المجلس الوطني الكردي فؤاد عليكو أكد أن "ما تروج له بعض وسائل الإعلام الكردية غير صحيح" وأضاف: "لا يوجد مثل هذا التوجه لدى المجلس الوطني الكردي".
وحول مستقبل منطقة شرقي الفرات قال عليكو ل"القدس العربي": "نحن الآن في حوار مع حزب الاتحاد الديمقراطي PYD برعاية أمريكية، ولايزال أمامنا العديد من الملفات التي لم تنجز بعد، وفي حال توصلنا إلى اتفاق مشترك حينها سندخل في حوار مع مكونات المنطقة بالتنسيق مع حلفائنا في جبهة الحرية والسلام للاتفاق على شكل الإدارة المرحلية المقبلة للمنطقة بانتظار الحل السياسي الشامل في سوريا".
و أضاف : "في الجانب الآخر هناك توجه لدى مسد (مجلس سوريا الديمقراطية التابع لـ «ب ي د») لعقد مؤتمر لأبناء المنطقة، وليس لدينا معلومات كافية حول هذا التوجه، وما أسباب هذه الدعوة والهدف منها".