• اخر تحديث : 2024-11-22 10:05
news-details
تقارير

سنة على البريكست.. هل ندم البريطانيون على مغادرة الاتحاد الأوروبي؟


لم تعد حياة البريطانيين قبل اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) هي ذاتها بعده، فمع مرور سنة على هذه الخطوة التاريخية، يستشعر مواطنوها تغييرات كثيرة طالت مناحي حياتهم ووضعتهم في أزمات، لم يتوقعها أكثر المتشائمين.

وليس من قبيل المبالغة، وصف الإعلام البريطاني البريكست بأنه أهم حدث في تاريخ البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، بالنظر لآثاره السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وكانت سنة واحدة كافية لكي يمر البريطانيون بأزمات كان سببها المباشر أو غير المباشر هو البريكست نستعرض أهمها بالنقاط التالية:

الهروب الكبير للعمال

كشفت دراسة مركز التميز للإحصاء الاقتصادي "إي إس سي أو إي" (ESCoE) أن حوالي 1.3 مليون عامل أجنبي غادروا بريطانيا خلال الفترة الممتدة بين يوليو/تموز 2019 حتى الشهر نفسه من 2020، وهو رقم غير مسبوق، ولم يسجّل منذ الحرب العالمية الثانية.

ووفق الدراسة نفسها، فإن لندن وحدها فقدت 700 ألف عامل أجنبي، وهو ما يمثل 8% من سكان العاصمة، مفسرة هذا "الهروب الجماعي" بنتائج جائحة كورونا التي أدت لوقف الحركة الاقتصادية لأشهر طويلة، إضافة لعدم اليقين الذي ولدته مفاوضات البريكست لمدة 4 سنوات.

نقص المواد الغذائية

عاش البريطانيون لحظات قلق عصيبة، وهم يستعدون لأعياد الميلاد، بسبب الخوف من نقص المواد الغذائية، وبشكل لم يعهدوه منذ عقود. وهذا راجع إلى حاجة سوق الدواجن لأكثر من 7 آلاف عامل للاستجابة للإقبال على شراء الديك الرومي بالأعياد.

كما أعلنت شركة "نيسلي" -التي تعتبر أكبر موزع للشوكولاتة والحليب ومشتقاته- أنها تواجه مشكلة حقيقية في توفير حاجيات السوق البريطانية، بسبب الإجراءات الجديدة لانتقال الشاحنات بين أوروبا والمملكة المتحدة. وأعلن عملاق توزيع الحليب "آرلا" عجزه عن توزيع الحليب على 2400 مركز تجاري في مختلف مناطق البلاد.

واعترفت جمعية مصنّعي اللحوم أنها "تواجه صعوبة" في تلبية طلبات السوق، بسبب عزوف اليد العاملة الأوروبية عن العودة للسوق البريطانية بعد البريكست.

لهيب الأسعار

وبلغ مستوى التضخم في المملكة المتحدة نسبة 5.1% وهو أعلى معدل منذ 10 سنوات، مما أدى لارتفاع الأسعار وكلفة الحياة في جميع مناحيها، وتتوقع الجمعية البريطانية للأغذية أن الارتفاع قد يزيد.

وحسب مكتب الميزانية، فإن كُلفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي 1300 دولار لكل مواطن، مما يعني أن كلفة الحياة ستزيد أكثر. وحسب نفس المصدر، فإن ما يحدث حاليا لا يساوي سوى 500 دولار، وهذا يعني أن على كل مواطن دفع كلفة الـ 800 دولار الباقية ثمنا لهذا الخروج.

أزمة الوقود

وستظل مشاهد طوابير السيارات أمام محطات الوقود خالدة في التاريخ، وشاهدة على أحد أسوأ نتائج البريكست حيث عاش البريطانيون 3 أسابيع من الهلع والضغط، بسبب نقص حاد في سائقي الشاحنات الكبرى، مما أدى إلى تدخل الجيش وإنزال جنوده لتوزيع البنزين. وتشير تقديرات الجمعيات المهنية لسائقي الشاحنات الكبيرة إلى أن هناك نقصا بأكثر من 100 ألف سائق بالمملكة المتحدة، من أصل 600 ألفا.

وبات من الصعب بعد البريكست العثور على سائقي الشاحنات الكبرى، بسبب حاجة السائقين القادمين من أوروبا لتأشيرة عمل، وكذلك لإجراءات معقدة، جعلت عشرات الآلاف منهم يغادرون ويضعون البلاد في مأزق لم يتم حله للآن.

السيادة المنقوصة

كان شعار "استعادة السيادة" المحرك الأساس لأنصار البريكست للتحريض ضد الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذه السيادة مازالت معلّقة، بسبب وضع الجزيرة الإيرلندية بشقيها التابعين للمملكة أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا.

ومازالت مفاوضات عصيبة تجري بين الأوروبيين والبريطانيين، لتحديد وضع أيرلندا بعد البريكست، وهل سيتم اعتماد حدود بحرية، أم حدود بين الأيرلنديتين، والخيار الأخير يهدد بتفجير الجزيرة، وعودتها لدوامة العنف.

وشهدت أيرلندا خلال عام 2021 موجة عنف، شكّلت ناقوس خطر لما يمكن أن يصبح عليه الوضع في حال الفشل في تجاوز مشكلة الحدود في أيرلندا.

فكرة الانفصال

لا تتوقف رئيسة وزراء أسكتلندا، نيكولا ستورجن، عن المطالبة بتنظيم استفتاء جديد للانفصال عن المملكة المتحدة، أمام تعنّت من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي يقول إن الاستفتاء لا يتم إلا مرة واحدة كل جيل.

وتستند الحكومة في لندن على رفضها بكونها سمحت بهذا الاستفتاء سنة 2014، وفاز خيار البقاء تحت التاج البريطاني. في المقابل يقول الحزب الوطني الأسكتلندي الحاكم إن أسكتلندا لم تصوت لخيار الانسحاب من الاتحاد، ومن حقها البقاء داخله.

وتظهر استطلاعات الرأي تقارب وجهات النظر بين الراغبين في البقاء وبين مؤيدي الانفصال، مما يعني أن إجراء أي استفتاء لن يكون محسوم النتيجة.

اللقاح.. نقطة الضوء

نجحت بريطانيا في أن تكون أول بلد يطلق عملية تلقيح واسعة، في حين كانت الدول الأوروبية تعاني لتوفير جرعات كافية لمواطنيها. وحينها صرح وزير الصحة السابق مات هانكوك أن هذا الإنجاز البريطاني يعود الفضل فيه إلى البريكست الذي "حرر" البلاد من التبعية للاتحاد الأوروبي.

ولعل هذا الإنجاز من الثمار القليلة للبريكست، وهو ما دفع الأوروبيين للتهديد بالدخول في حرب لقاحات، خرجت بريطانيا منها منتصرة.

هل ندموا على القرار؟

أظهر استطلاع رأي لمؤسسة "ستاتيستا" (Statista) أن 49% من البريطانيين يعتقدون أن قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي خاطئ، في وقت أعلن 38% تأييدهم للفكرة، وهو ما يعكس تغيّر المزاج الشعبي والنظرة للبريكست، بعد سنة من تفعيل الخروج من الاتحاد الأوروبي.