• اخر تحديث : 2024-05-10 13:04
news-details
تقارير

عام على اقتحام الكونغرس.. كيف يُسيّس الديمقراطيون والجمهوريون الحادثة لخدمة أهدافهم المتناقضة؟


مرّ عام على "اقتحام الكابيتول" الشهير، في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، الذي اعتبر من أهم الأحداث التي سوف تترك بصماتها على السياسة الأميركية لسنوات قادمة، ومن الأهمية بمكان النظر لرواية الحزبين حول ما جرى.

وعلى عكس الأزمات السياسية الأميركية السابقة، ضُربت الديمقراطية الأميركية في قلبها مع تحرك الآلاف من أتباع الرئيس السابق دونالد ترامب -الذي رفض تقدّم جو بايدن عليه في سباق الرئاسة- واقتحامهم مبنى الكابيتول (الكونغرس) في محاولة لوقف المصادقة على نتائج الانتخابات.

وصوّت أكثر من 81 مليون أميركي لصالح بايدن، مقارنة بأكثر من 74 مليون صوت لترامب. وفاز بايدن بـ306 من أصوات المجمع الانتخابي، مقابل 232 صوتا لترامب.

وعلى مدى عام كامل، سيطر الاستقطاب الحزبي على كل تداعيات أحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021 بداية بتسميتها، مرورا بمحاكمة ترامب برلمانيا، وصولا إلى تشكيل لجنة تحقيق، وانتهاء برؤية متناقضة لمسار التحقيقات.

ترامب.. رفض الانتخابات والتحريض

لم ينجح الرئيس السابق دونالد ترامب في تقديم أي دلائل يؤكد بها مزاعمه بتزوير الانتخابات، وسرقتها منه، لصالح جو بايدن، واستمر في رفضه الاعتراف بنتيجة الانتخابات.

ولم يعبأ ترامب بمحاكمته برلمانيا، بل حرّض على التمرد ضد الحكومة الأميركية بهدف عرقلة الانتقال السلمي للسلطة. ورغم أن مجلس النواب أدانه في يناير/كانون الثاني الماضي بتهمة دعم التمرد والتحريض على اقتحام الكونغرس، فإن محاكمته أمام مجلس الشيوخ أدت إلى تبرئته.

وبعد عام على هذه الأحداث، لا يتفق الأميركيون على توصيف ما جرى؛ فبعض الجمهوريين يراه "احتجاجا معقولا"، في حين اعتبره جمهوريون آخرون "شغبا خرج عن السيطرة".

وعلى النقيض، يراه ديمقراطيون "محاولة انقلاب" على نتائج الانتخابات، في حين يصفه آخرون من الحزب نفسه بـ"تمرد" خطط له الرئيس ترامب للاحتفاظ بالسلطة.

موقف الجمهوريين

لأيام قليلة فقط، ألقت أغلب القياديات الجمهورية باللوم على الرئيس ترامب في اقتحام الكابيتول لتحريضه على الشغب، إلا أن قادة الحزب الجمهوري بمجلسي الكونغرس حثّوا زملاءهم على التصويت ضد قرار تشكيل لجنة تحقيق مستقلة.

وحذر زعيم الأقلية الجمهورية بمجلس النواب، النائب كيفين مكارثي، وزعيم الأقلية الجمهورية بمجلس الشيوخ، السيناتور ميش ماكونيل، من مغبة تبني مشروع القرار بتشكيل لجنة تحقيق على مصالح الحزب الجمهوري.

وأصدر ماكونيل بيانا جاء فيه "لن توجد حقيقة جديدة عن ذلك اليوم، نعرف ما جرى، نحن لسنا بحاجة إلى لجنة الديمقراطيين لتكشف لنا ما جرى، وسأواصل دعم العمل الحقيقي والجاد لتحقيقات أجهزة العدالة الجنائية، ولجان مجلس الشيوخ الخاصة بنا".

سلاح لتقسيم البلاد

يتهم الجمهوريون الديمقراطيين باستخدام اقتحام مبنى الكابيتول "كسلاح سياسي حزبي لتقسيم البلاد" قبل حلول انتخابات التجديد الخاصة بالكونغرس بداية نوفمبر/تشرين الثاني القادم.

وفي رسالة إلى أعضاء الحزب الجمهوري في الذكرى الأولى لأحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021، دعا النائب مكارثي إلى ضرورة محاسبة "الذين خرقوا القانون واقتحموا مبنى الكابيتول، إذ إنهم يستحقون مواجهة التداعيات القانونية والمساءلة الكاملة".

ولم يتطرق مكارثي إلى أي دور للرئيس السابق ترامب سواء في التخطيط أو التحريض على الاقتحام، لكنّه هاجم الديمقراطيين بالقول "إنه ولسوء الحظ، بعد عام واحد، يبدو أن حزب الأغلبية لم يقترب من الإجابة عن كيفية ترك مبنى الكابيتول غير مستعد إلى هذا الحد، وما يجب القيام به لضمان عدم تكرار ما جرى في المستقبل. وبدلا من ذلك، يستخدمون التحقيقات كسلاح سياسي حزبي لزيادة تقسيم بلدنا".

الديمقراطيون.. الحاجة إلى التحقيق

يرى زعماء الحزب الديمقراطي وعلى رأسهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وزعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر، أن هناك حاجة ماسة إلى لجنة التحقيق، لمواجهة "مزاعم ترامب الكاذبة بأن الانتخابات قد سُرقت منه".

ويتخوف الديمقراطيون من إنه إذا لم تحدث محاكمات ومحاسبة للمخططين والمحرضين على الاقتحام، فسيتم تكرار هذه الحادثة، وسيتم رفض نتائج أي انتخابات مستقبلية والتشكيك فيها.

ويرى الديمقراطيون أنه "يجب أن يكون ترامب نفسه وعدد من كبار مستشاريه في السجن، وعدم الاقتصار على محاكة مثيري الشغب".

وفي حديث مع شبكة "سي إن إن" (CNN)، قالت النائبة بيلوسي: "لقد كان هجوما على الكابيتول الأميركي، وعلى وديمقراطيتنا ودستورنا؛ وهذا يتطلب منا التصرف بطريقة مسؤولة جدا، حتى يكون واضحا للشعب الأميركي حقيقية وتفاصيل ما جرى".

معضلة لجنة التحقيق

قامت لجنة التحقيق الخاصة المُشكلة من بعض مجلس النواب بإجراء أكثر من 300 مقابلة، وجمع آلاف المستندات رغم عدم تعاون المقربين من الرئيس السابق ترامب.

وقال رئيس اللجنة بيتي تومسون -لشبكة "إيه بي سي" (ABC)- الأحد الماضي إنه خلال 6 أشهر "اكتشفنا وجود عمل منسق لعدد من المسؤولين لتقويض الانتخابات الرئاسية، منهم من كان في الإدارة السابقة، ومنهم من عمل في وزارة الدفاع، وأجهزة حكومية مختلفة، إضافة إلى أشخاص شديدي الثراء، وغيرهم".

أما زميلته النائبة ليز تشيني -وهي من الجمهوريين القلائل في هذه اللجنة- فاتهمت دونالد ترامب بالتزام الصمت طوال فترة الاعتداء. وقالت: "كان بإمكانه الظهور على التلفزيون ليطلب من مؤيديه التوقف، والانسحاب والعودة إلى ديارهم. ولكنه، لم يفعل ذلك".

ولا يُعرف بعد هل ستقْدم اللجنة على توجيه اتهامات للرئيس ترامب، بعدما تم توجيه اتهامات لعدد من كبار مساعديه الذين يحتمون جميعا وراء مبدأ "الامتياز الرئاسي التنفيذي"، الذي يسمح بعدم التطرق لحوارات خاصة بين الرئيس وكبار مستشاريه.

شبح نوفمبر/تشرين الثاني 2022

لا تغيب انتخابات الكونغرس المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم عن حسابات كل طرف، خاصة مع وجود مع ما يشبه العُرف السياسي بخسارة حزب الرئيس بعض مقاعد مجلس النواب في هذه الدورة.

ويحتاج الجمهوريون إلى 5 مقاعد فقط كي تنتقل الأغلبية إليهم داخل مجلس النواب، وهو ما سيؤدي إلى شلّ أجندة الرئيس بايدن خلال العامين الأخيرين من فترة حكمه، لكن النتيجة الأهم ستكون إنهاء الجمهوريين لتحقيقات السادس من يناير/كانون الثاني 2021 عند هذا الحد.

وحذّر ديفيد فروم -المسؤول الجمهوري السابق بإدارة جورج بوش الابن- من تبعات ما قد يجري، وقال: "إن أصبح ذلك أمرا طبيعيا الآن، بمعنى أن يكون له ما يبرره أو من يقبله، فمن الطبيعي السؤال حول انتخابات 2022 و2024. هل سيتم قبول النتائج، وإذا لم يقبلها طرف، فماذا سنفعل لإبقاء أميركا وفيّة لتقاليدها الديمقراطية والليبرالية؟".