"يديعوت أحرنوت": بدون قوة لن ينجح
بقلم: رئيس "هيئة الأمن القومي" سابقًا وباحث في معهد القدس للاستراتيجية والأمن الصهيوني يعقوب عميدرور
ترجمة: مركز أطلس للدراسات والبحوث
حين اكتشفت إسرائيل الجهد النووي الإيراني في 1994 قدر أفضل الخبراء بأن الإيرانيين سيصلون الى سلاح نووي في 2005 أو في اقصى الاحوال في 2010. عندما دخل الإيرانيون الى سوريا كي يبنوا قوتهم العسكرية، كانت لهم خطط مرتبة ولكنهم نجحوا في أن يحققوا ربما 25 في المئة منها، ويبدو اقل. مشروع الدقة المشترك مع حزب الله كان ينبغي أن ينتج حتى الان الاف عديدة من الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الدقيقة – ولكنهم بعيدون عن هذا العدد مسافة كبيرة.
كل هذه التأجيلات تحققت فقط بسبب الاستخدام العاقل للقوة. وبالطبع ليس فقط استخدامها هو الذي أدى بإيران ألا يكون لها سلاح نووي. فقد نجحت إسرائيل في ان تجند الولايات المتحدة، التي جلبت قوتها الاقتصادية ودولا اخرى كي تضغط على طهران. ولكن بدون استخدام القوة، من انواع مختلفة، كانت إيران ستكون أقرب بكثير من النووي.
المقال الجدي لعوفر شيلح أمس في "يديعوت احرونوت" ليس دقيقا في وصف مساهمة استخدام القوة في انجازات إسرائيل في كبح القدرة الإيرانية في سوريا وموضوع السلاح الدقيق. تعد هذه انجازات تحققت تقريبا بالقوة فقط. انا لا اعرف طريقا آخر لمنع الامرين، ويبدو أن شيلح ايضا لا يعرف طريقا كهذا إذ فضلا عن الكلام العام لم أرَ في مقاله اي شيء عملي في كيفية عمل ذلك.
في موضوع منع النووي الإيراني الامور أكثر تعقيدا. فالأمريكيون يطورون اسطورة أنهم وقعوا على اتفاق في عهد اوباما لان إسرائيل هددت بالهجوم. ولكن كمن كان هناك، في الايام التي توجه فيها الامريكيون الى المفاوضات في ظل اخفائها عن إسرائيل، من المهم القول انهم في القدس قالوا لهم بوضوح: يوجد لكم كل الزمن الذي في العالم، لن نهاجم طالما لم يتجاوز الإيرانيون خطوطا معينة، بقيت عن قصد غامضة.
سارع الامريكيون الى عقد صفقة سيئة ليس لأنهم تخوفوا من هجوم إسرائيلي بل لأنهم لم يرغبوا في أن يقفوا امام وضع يسألهم فيه العالم وعلى رأسه إسرائيل، ما الذي يعتزمون عمله حين يتبين أن الإيرانيين ليسوا مستعدين لان يتنازلوا عن البرنامج النووي. لهذا الغرض غيروا سياستهم من "تفكيك القدرة النووية" إلى "التأجيل والرقابة". ولكن بسبب الاتفاق السيء لم يتأجل كل شيء ولم تنشأ رقابة واسعة وعميقة بما يكفي. هذا لم يكن اتفاقا سيئا بررته الادارة بذريعة لا اساس لها في الواقع تتمثل بـ "منع الهجوم الإسرائيلي". لأسفي، يوجد هناك من يشتريها في إسرائيل ايضا.
الحقيقة الحزينة يجب ان تقال: لو كانت إسرائيل تريد ان تمنع استمرار البرنامج لإنتاج سلاح نووي، لا يبدو أنه يمكنها ان تعتمد لهذا الغرض على الجهود السياسية لاحد ما. إذا كانت إسرائيل مصممة على ان توقف بكل ثمن التقدم الإيراني فليس لها على ما يبدو مفر غير ان تعد خيار القوة، وفي يوم معين حتى ان تستخدمه.
أنا ايضا لم استطب الوصف المتبجح تحت صورة قائد سلاح الجو المنصرف، الذي كان قائدا ممتازا، ولكن لا ينبغي التنكر للواقع: لولا نشاط سلاح الجو على اساس استخبارات فائقة، لكانت إسرائيل تقف امام عدو إيراني مع صواريخ عديدة ومع مُسيرات غير قليلة، جاهزة تحت قيادة إيرانية في سوريا. لولا نشاط سلاح الجو لكان اليوم في يد حزب الله قدرات دقيقة أكثر بكثير. يحتمل أن تضطر إسرائيل لان تخرج الى عملية واسعة كي تصفي هذه القدرة تماما إذ ان قصف سلاح الجو لن يكفي وانه لن يؤدي اي جهد سياسي واستراتيجية حكيمة مهما كانت الى ذلك.
واضح أن هناك حاجة الى تفكير عميق في المستقبل وفي الحاضر ولا ينبغي الاكتفاء باستخدام القوة العسكرية. ولكن في نفس الوقت نحن ملزمون بان نفهم بانه في العالم المتشكل توجد اوضاع استخدام القوة فيها وحده يؤدي الى ازالة التهديدات عن إسرائيل، او تأجيلها على الاقل. بالطبع يفترض استخدام القوة اعدادا سياسيا مناسبا واعلاما جيدا ما بعده – ولكن الخطوة الحاسمة هي خطوة القوة. لدولة صغيرة كإسرائيل، في المنطقة التي توجد فيها، لا مفر: القاعدة للقدرة الاستراتيجية وللفعل السياسي هي القوة العسكرية التي في يديها. وفقط حين تكون هذه حاضرة ونشطة، مؤثرة ومانعة، تسمح ايضا بخطوات استراتيجية في المجال السياسي. بدون قوة هذا لن ينجح.
مقال أخر بعنوان: هل الاتفاق النووي مع إيران سيؤثر بشدة على أمن إسرائيل؟
المصدر مركز أطلس للدراسات والبحوث/ ترجمة: عبير شهاب
قال الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي ورئيس قسم الأبحاث في الجيش الإسرائيلي يعقوب عميدرور "إن إسرائيل لا تستطيع إجبار الأمريكيين على منع توقيع الاتفاق. لقد أعلنت إسرائيل أن هذه اتفاقية سيئة وأنها ستعمل ضد الإيرانيين وكأنه لا يوجد اتفاق؛ وهذا ما ينبغي أن يكون. أعتقد بأن هذه هي السياسة الصحيحة".
وحول تصريحات رئيس لجنة الخارجية والأمن رام بن باراك بأن العودة إلى الاتفاق النووي أفضل من الوضع الحالي رد عميدرور: "الأمر مرهون بما تريدون. إذا كنتم تريدون الهدوء - مؤقتًا على الأقل - سيكون الوضع أكثر هدوءًا، ولكن إذا كنتم تريدون إبقاء إسرائيل حرة في العمل، وإذا كنتم تريدون أن يتحرك العالم ضد إيران، وإذا كنتم تريدون منع إضفاء الشرعية على إيران في المستقبل، ومنع الإيرانيين من الحصول على أموال لتقديم المزيد من المساعدة إلى حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي والحوثيين والقوات التي يسيطرون عليها في العراق وغرب العراق وسوريا؛ إذًا يجب التوصل الى اتفاق أفضل".
وأضاف، في مقابلة مع إذاعة 103FM، أن "الاتفاق سيقوّي إيران، لأنه خلال هذا الوقت الكثير من الأموال ستتدفق على الإيرانيين، وبالتالي ستكون أقوى من الناحية المالية، وسيكون لديها المزيد من القوة لمساعدة حلفائها".
وردًا على سؤال "كيف كان ستتصرف لو كنت رئيسًا للوزراء؟"، أجاب: "لا أحب أن أخبر رؤساء الوزراء ماذا يفعلون علنًا، لكنني أعتقد بأنه من الصحيح أن تقول إسرائيل انها تعتقد بأنه اتفاق سيء ويجب عدم توقيعه، وأنها ليسا جزءًا منه، وأنها ستواصل العمل ضد إيران. لا يوجد اتفاق، يجب أن نستمر في ذلك، لا فائدة من القول إن الاتفاق جيد".
لاحقًا، وحول تقارير عن اجتماع قمة بين الولايات المتحدة وروسيا، قال "إن بن غوريون، في ذلك الوقت، كان يعلم أيضًا أن دولة إسرائيل يجب ألا تتدخل في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي".
تقدير إسرائيلي: الوقت حان للاستعداد للخيار العسكري تجاه إيران
ترجمة د. عدنان أبو عامر وأحمد صقر
المصدر: موقع عربي 21
تقدر الأوساط الإسرائيلية أنه سيتم التوقيع على الاتفاقية النووية الإيرانية في الأيام المقبلة، ورغم أن إسرائيل عارضت الاتفاق بشدة، فإن الولايات المتحدة فعلت العكس تمامًا مما كان مطلوبًا، ما يدفع تل أبيب للاستعداد لتفعيل الخيار العسكري، حتى لو كان مكلفًا وفقًا للتقييمات الاستخبارية السائدة فيها.
تشير ذات المحافل الإسرائيلية إلى أن الاتفاق النووي المتجدد مع إيران، ويرجح توقيعه في الأيام المقبلة في فيينا سيئ لإسرائيل من جميع النواحي، باستثناء واحد أنه يمنحها فترة زمنية مهمة نسبيًا لإعداد خيار عسكري موثوق وفعال ليوم المواجهة، خاصة أن الاتفاقية لا تتضمن طلبا دوليا من إيران لتفكيك أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي قاموا بتركيبها، أو إيقاف البحث والتطوير بأجهزة الطرد المركزي الأحدث، بل سوف تحظى إيران بالإلغاء الجزئي للعقوبات المفروضة عليها.
يوآف ليمور الخبير العسكري ذكر في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" أن "هذا الاتفاق بكل سلبياته سيتم التوقيع عليه نتاج ما وصفه بـ"التراخي الأمريكي"، ويرجع ذلك جزئيًا إلى طبيعة الرئيس والإدارة، اللذين أعلنا التزامهما بالاتفاق، ونفيا أي خيار عسكري مقدمًا، ولذلك فقد قررا المضي قدمًا في إنجاز الاتفاق، والضغط على كل زر ممكن، ونتيجة لذلك ظهر الإيرانيون يقودون المفاوضات، وقد يثيرون أزمات قبل صافرة النهاية في محاولة لكسب المزيد من الفوائد والإغاثة".
وأضاف أن "إسرائيل قلبت كل أوراقها، وحرضت كل حلفائها، لتعارض الاتفاقية النووية، لكنها هذه المرة، وبعكس عشية الاتفاق السابق 2015، فقد فعلت ذلك من وراء الكواليس، وليس في قلب المسرح، ولعله كان قرارًا عقلانيًا من حكومة نفتالي بينيت، ونبع من عدة دوافع رئيسية أهمها إدراكه أن واشنطن مصممة على إنجاز الاتفاق، وممارسة أي ضغط لن يغير هذه المحصلة النهائية، واستخلاص الدرس من تحدي بنيامين نتنياهو لباراك أوباما، ما جعله أكثر عداء، وألحق ضررا كبيرا بالعلاقات بين إسرائيل والحزب الديمقراطي، ولم تتم استعادتها بعد".
رغم أن الاتفاقية لم يتم التوقيع عليها بعد، ويبدو أنه لا يزال من الممكن ممارسة الضغط في محاولة لتحسينها فقد قام مستشار الأمن القومي الإسرائيلي آيال خولتا بزيارة واشنطن عدة مرات في الأشهر الأخيرة، وقام نفتالي بينيت وبيني غانتس ويائير لابيد بتنشيط كل آلية ممكنة، لكن الأمريكيين أصروا على "الاستماع وعدم الاستماع"، حيث اتفقوا مع كل ما قالته "إسرائيل" تقريبًا حول الخطر الإيراني على مشتقاتها العديدة: النووية والباليستية والاقتصادية.. لكنهم فعلوا عكس ما طُلب منهم.
هذا يعني أن "إسرائيل" قد تنتهج سياسة جدية مفادها أن تغرس في رؤوس الأمريكيين أن إيران بموجب الاتفاقية ستكون أكثر عدوانية وعنفًا، وبوجود أموال أكثر بكثير للقيام بذلك، ومع وجود عدد غير قليل من الحسابات المفتوحة على المحك مع "إسرائيل" ودول أخرى، فهذا يعني ظهور "الدم والنار والدخان من الأعمدة"، ما يستدعي تنسيقا عملياتيا واستخباراتيا مستمرا في مواجهة التهديدات الإيرانية للتغلب عليها، بحيث تزيد في المقام الأول سلة خياراتها للتعامل معها، بمجرد التوقيع على الاتفاقية.
في الوقت ذاته، تتحدث المحافل العسكرية والأمنية الإسرائيلية بأنه ينبغي عليها أن تكون مستعدة بشكل أفضل لمواجهة هذا التهديد في المستقبل، بحيث يكون ذلك بمثابة تعويض جزئي فقط للاتفاق المقصود، وحتى ذلك الحين، فإننا سنكون أمام تصاعد العمليات المتبادلة بين "إسرائيل" وإيران في جميع أنحاء ميدان المواجهة، العسكرية والأمنية والسيبرانية والاقتصادية، في حملة من المتوقع فقط أن تتصاعد.
وكشفت صحيفة "هآرتس"، أن حكومة الاحتلال سلمت بتوقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى، وتعمل على رسم حدود التعامل مع إيران بعد التوقيع على الاتفاق، الذي على ما يبدو أن تأثير تل أبيب على صياغة تفاصيله (هامشي).
وعقب أداء الحكومة الإسرائيلية الجديدة لليمين برئاسة نفتالي بينيت في حزيران/ يونيو الماضي، أكد مصدر إسرائيلي رفيع، أن "تأثير إسرائيل على مضمون الاتفاق الآخذ في التبلور بين إيران والدول العظمى، صفر".
وزعم أنه "لا توجد لإسرائيل الآن أي قدرة على التأثير في بنود الاتفاق النووي الذي تتم مناقشته في "فيينا".. وعمليا، فإن في المحادثات النووية توجد فقط إمكانيتان هما: العودة الى الاتفاق النووي الأصلي أو أن لا تكون عودة".
تعديلات بسيطة
وأوضحت صحيفة "هآرتس" في مقال كتبه يونتان ليس أنه "مرت سبعة أشهر حتى أصبح هذا التقدير واقعا، وخلال أيام من شأن الولايات المتحدة أن توقع مع إيران من جديد على الاتفاق الذي انسحبت منه، مع تعديلات بسيطة، مع الإشارة إلى أن تأثير إسرائيل على مضمونه، هامشي".
وذكرت أن "رئيس الحكومة وفر إطلالة على المعلومات التي جمعتها إسرائيل عن المحادثات حول الاتفاق، واعتبر أن طلب طهران رفع "الحرس الثوري" من قائمة الإرهاب، هو ذروة الوقاحة، علما بأنه من غير الواضح ما إذا كان سيتم تضمين الطلب في الاتفاق النهائي".
وزعمت أن "المعلومات عن الطلب الإيراني نقلت عبر دولة ثالثة تتفاوض مع إيران، كجزء من الجهود الدبلوماسية الكبيرة التي تبذلها إسرائيل مع كل الشركاء في الاتفاق.. وطلب آخر لإيران كشف عنه بينيت ولم تتم كما يبدو الاستجابة له، يتعلق بإغلاق ملفات تحقيق تجريها وكالة الطاقة النووية بشأن خروقات سابقة للاتفاق".
وأكدت الصحيفة أن "إسرائيل سلمت بإمكانية توقيع الاتفاق خلال بضعة أيام، وجهود الإعلام والخطابات والمقابلات التي قام بها بينيت ووزير الأمن بيني غانتس ووزير الخارجية مائير لابيد لم تعد تتركز على محاولة التأثير على المسودات التي يتم تداولها على الطاولة، ومنظومة الدعاية في إسرائيل يتم تجنيدها الآن بالأساس لصالح اليوم الذي سيلي الاتفاق، لرسم حدود عمل إسرائيل حيال إيران في الواقع الجديد، ومحاولة تجنيد المجتمع الدولي لاتفاق أكثر أهمية إزاء إيران في اليوم الذي سينتهي فيه مفعول الاتفاق الحالي في 2030".
مصير بائس
وقال غانتس في خطابه في لجنة الأمن في "ميونيخ": "الاتفاق إذا تم التوقيع عليه، لن يكون نهاية المطاف، وهناك حاجة إلى العمل من أجل التأكد أن إيران لن تواصل التخصيب في منشآت أخرى وزيادة الرقابة، ويجب الاهتمام بأن مفعول الاتفاق لا يسمح لإيران بتحويل القيود إلى منتهية الصلاحية".
وشدد على أهمية "اتخاذ كل النشاطات لضمان أن إيران لن تكون دولة عتبة نووية في أي يوم من الأيام، ومحظور أن يسلم العالم بذلك، وإسرائيل لن تسلم بذلك في أي وقت"، بحسب قوله.
ولفتت "هآرتس" إلى أن "بينيت نفسه ينشغل مؤخرا في اللقاءات والمحادثات مع أعضاء كونغرس ديمقراطيين وجمهوريين، كثير منهم لا يعرفون أن جزءا جوهريا من بنود الاتفاق سينتهي مفعوله بعد سنتين ونصف، وكل الاتفاق سينتهي بعد ثماني سنوات، ما سيمكن إيران من الدفع قدما ببرنامج عملي بكامل الزخم".
وقالت: "في إسرائيل يقدرون أن هذه الرسالة من السهل فهمها وستساعد في تجنيد مؤيدين كثيرين لمحاربة إيران، وقبل بضعة أيام أرسل تقريبا 200 جمهوري من مجلس النواب رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، حذروا فيها من أنه إذا لم يتم تقديم الاتفاق لمصادقة الكونغرس فإن مصيره سيكون بائسا مثل مصير الاتفاق السابق".
وأشارت إلى أن "إسرائيل تبني على العضلات التي سيستعرضونها في تلة "الكابيتول" وعلى تقلبات رؤساء النظام في طهران، ويريدون زيادة حدة الرسالة في أذن شركات ودول تريد المتاجرة الآن مع إيران"، منوهة إلى أن "الاتفاق ربما سيوقع في نهاية المطاف، ولكن من غير الواضح كم من الوقت سيصمد".
إسرائيل واليوم الذي يلي العودة للاتفاق النووي مع إيران
بقلم: مايكل هراري – تايمز أوف إسرائيل
ترجمة: فاتن أيوب/ مركز أطلس للدراسات والبحوث
إن المفاوضات في فيينا حول العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة تجري بشكل مكثف، وحسب كل المؤشرات، فإن فرص اتمامه عالية، وتكاد تكون في الأيام المقبلة. التفاصيل الدقيقة ما زالت غير دقيقة لكن يجدر افتراض أنه لن يكون هناك تغيرات جوهرية عن الاتفاق السابق. المطلوب، من أجل ذلك، التفكير في الرؤية الإسرائيلية في "اليوم التالي".
نقاط أساسية بشأن الاتفاق النووي:
من الضروري الأخذ بعين الاعتبار عدة نقاط أساسية محدثة:
1. كانت إدارة بايدن مصممة على العودة إلى الاتفاق النووي وتصحيح ما رأت أن إدارة ترامب قد أفسدته عندما قررت الانسحاب من الاتفاق (يُذكر أنه كان بتشجيع إسرائيلي). نتيجة لذلك، فإن القدرة على تغيير الاتفاق بشكل كبير وتضمين شروط لم تكن موجودة من قبل ضعيفة للغاية. من وجهة نظر واشنطن، من الأفضل إعادة إيران إلى إطار الاتفاق، التي أوقفت حتى انسحبت من أعمال التخصيب (وخطوات أخرى) بسبب تحسين مرغوب فيه للاتفاق، لكن لا يبدو أنه يمكن تحقيقه الآن.
2. تشير إيران إلى استعدادها للعودة إلى إطار الاتفاق. يبدو أن طهران تتفهم مجال المناورة الخاص بها، وسيكون من المهم بالنسبة لهم التأكد من الالتزام الأمريكي المتجدد بالالتزام بالاتفاق، ورفع العقوبات في أسرع وقت ممكن. ومن المرجح أنها غير مستعدة لتضمين الاتفاق لالتزامات مادية جديدة، لم تكن موجودة في الاتفاق السابق، والأكثر من ذلك أنها غير مستعدة لتقييد سياستها الخارجية الإقليمية الجازمة.
3. الحكومة الإسرائيلية الحالية غير معنية بمواجهة مباشرة مع البيت الأبيض. على عكس سابقتها، تدرك الحكومة الحالية جيدًا، أن المواجهة المباشرة، وبغض النظر عن المواجهة العلنية، لا تخدم المصالح الإسرائيلية. وقد أثبتت الأشهر القليلة الماضية أن النقاشات تجري بطريقة سرية، على الرغم من أن إسرائيل قد أعربت بشكل متكرر عن معارضتها للعودة إلى الاتفاق، ولكن ليس بطريقة حاسمة للغاية.
4. إن الوضع الإقليمي لإسرائيل في تحسن. حيث أن اتفاقيات إبراهام، مع التركيز على العلاقات التي تعززت بسرعة مع دول الخليج، تضع إسرائيل في موقف مريح وأفضل تجاه إيران وتحولاتها. ولا ينبغي الاستهانة بالتحدي الذي تفرضه إيران، لكن الحديث عن خريطة سياسية - استراتيجية مختلفة بشكل كبيرعن تلك التي كانت موجودة قبل عقد من الزمن. كما أن العمارة الإقليمية المثيرة للإعجاب في شرق البحر الأبيض المتوسط، والدفء الواضح في العلاقات مع تركيا (وإن كان ذلك بضمانة محدود)، كل ذلك يُضيف عنصر مهم لهذا الأمر.
ماذا يجب أن تكون السياسات الإسرائيلية تجاه العودة المحتملة للاتفاق النووي؟
- يجب على إسرائيل أن تعزز الاتفاق بحذر وربما أيضًا مع التشكيك (مطلوب ربما من أجل الحفاظ على مصداقيتها) ولكن بالتأكيد ليست بشكل قتالي، يجب عليها التأكيد على أنها ستستمر في مراقبة السلوك الإيراني عن كثب وفحص مدى التزامها، مع ذكر موقفها من تلك النقاط التي من المحتمل ألا يتم تضمينها فيه، والأهم من ذلك: التعبير عن الثقة في تصميم الولايات المتحدة على منع إيران من امتلاك قدرة نووية عسكرية، أو أن تصبح دولة عتبة نووية.
- يجب على إسرائيل أن تستمر في تقوية المنظومة الإقليمية الاستراتيجية التي بنتها في السنوات الأخيرة: من الشرق مع دول الخليج، وإلى الغرب دول حوض البحر الأبيض المتوسط، ومصر والأردن. كما ويستحق الحوار المحسن الواضح مع أنقرة أن يتم التعامل معه بحذر، بسبب الغموض، ولكن في السياق الحالي يمكن أن يخلق تمثيلًا إقليميًا فعالاً لالتقاء المصالح، وإن كان غير موحد، مع جميع اللاعبين في المنطقة، في مواجهة إيران.
- يجب على إسرائيل أن تركز ردها العام على المثلث السياسي ذي الصلة - رئيس الحكومة ووزيرا الخارجية والأمن - وأن تحافظ على رسالة موحدة (بقدر الإمكان في الحكومة الائتلافية الإسرائيلية).
يعتمد الأساس المنطقي وراء تلك الخطوة المقترحة على الضرورة الواضحة للحفاظ على تحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة، وجبهة موحدة مع إدارة بايدن، حتى لو كان هناك نقاط خلاف (مفهومة) بين إسرائيل والولايات المتحدة. وهذا ضروري في ضوء الضرر، الذي لحق بمكانة إسرائيل بسبب ارتباطها أحادي الجانب بالجانب الجمهوري وإدارة ترامب، وبشكل لا يقل أهمية، من أجل مساعدة واشنطن في مواجهة لاعبين أقوياء ومتعنتين مثل روسيا والصين، خاصة هذه الأيام في ظل مواجهة أزمة أوكرانيا.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الأدلة الإسرائيلية الحالية، بما في ذلك من طرف المنظومة الأمنية، تنظر بشكل إيجابي، وإن كان بحذر وشك، إلى العودة إلى اتفاق مع إيران، كبديل أفضل للوضع الحالي، وتفهم أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق هو خطأ جوهري. من المطلوب التعبير عن هذه التأكيدات بشكل معلن، حتى في مواجهة الرأي العام الإسرائيلي، بما في ذلك التخفيف، التدريجي والحكيم، في الاستخدام المتكرر المستمر للمصطلح المشحون للغاية "التهديد الوجودي".
إن القلق الإسرائيلي من قدرة إيران النووية العسكرية مفهوم، ويستحق أن يكون على رأس أولويات إسرائيل، ولكن إلى جانب قضايا أخرى. دعونا نتمنى أن يزداد الفهم في إسرائيل اليوم أن هذا السلوك الذكي والسياسي الاستراتيجي، الذي يتم بناءً على نقاط قوتها - العسكرية والاقتصادية والاجتماعية - جنبًا إلى جنب مع النظام الإقليمي، والتحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، بمثابة تحديًا حقيقيًا أمام إيران قبيل العودة إلى الاتفاقية.