• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
تقارير

محاولات الكيان الصهيوني للاصطياد في مياه الأزمة الأوكرانية العکرة


مع تصاعد الأزمة في أوكرانيا وهجوم روسيا لأجزاء من هذا البلد، قوبلت هذه الخطوة بردود فعل متباينة من دول وقادة العالم.

في غضون ذلك، سعى الكيان الصهيوني، الذي تربطه علاقات عميقة مع روسيا والولايات المتحدة، إلى اتخاذ موقف حذر في هذا الصدد. لكن في الأيام الأخيرة، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانًا أعربت فيه عن دعمها للموقف الأمريكي ضد روسيا، ووصفت الأزمة بأنها فرصة لنقل اليهود من أوكرانيا إلى الأراضي المحتلة.

فرص وتهديدات الأزمة الأوكرانية للكيان

كانت أزمة أوكرانيا، التي أدت إلى مواجهة بين حليفين للكيان الإسرائيلي، أي روسيا والولايات المتحدة، قضيةً مزعجةً لقادة الكيان، ما أجبر تل أبيب على إعلان موقفها لمصلحة أحد حليفيها.

وفي هذا الصدد، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إن "إسرائيل تدعم وحدة أراضي وسيادة أوكرانيا، وتعرب عن قلقها بشأن 8000 إسرائيلي يعيشون في أوكرانيا ومصير الأقلية اليهودية هناك".

کما أعلن وزير خارجية الكيان، يائير لابيد، في بيان "في أزمة أوكرانيا، سنقف إلى جانب حليفنا التقليدي، الولايات المتحدة، ومن المستحيل تركها بمفردها في هذه الظروف الصعبة". وقد جاء هذا البيان في الوقت الذي أكد فيه على العلاقات العميقة والدائمة بين إسرائيل وروسيا.

إن تعاون الكيان الصهيوني مع الولايات المتحدة، من ناحية، وتأكيد وزير الخارجية الإسرائيلي على الحفاظ على علاقات عميقة ومستقرة مع روسيا، من ناحية أخرى، يعكس حقيقة أن المصالح العسكرية والاقتصادية للكيان الإسرائيلي تتطلب أن يحافظ الكيان على علاقات قوية مع روسيا والولايات المتحدة؛ لكن موقف تل أبيب الأخير من الأزمة الأوكرانية أثار ردود فعل روسية عنيفة.

بحيث نقلت صحيفة "روسيا اليوم" عن صحيفة "هآرتس" قولها، إن "موسكو بعثت برسالة إلى تل أبيب أكدت فيها أنها لا تعترف بسيادة الكيان الإسرائيلي على هضبة الجولان السورية".

وفي إشارة إلى الآثار السلبية للحرب الأوكرانية على مواقف الكيان الإسرائيلي الإقليمية والدولية، أفاد موقع "ميدل إيست مونيتور": "إن اندلاع الحرب لم يترك لتل أبيب أي خيار سوى الكشف عن مواقفها الغامضة، وإعلان دعم واضح لروسيا أو للولايات المتحدة في سياق الأزمة الأوكرانية؛ وهي قضية يمكن أن تكون لها في نهاية المطاف نتائج مدمرة للغاية وسلبية على إسرائيل، ولا سيما في البعد الإقليمي وفي سياق ممارساتها وسياساتها في الشرق الأوسط".

المسافة من تل أبيب إلى كييف عاصمة أوكرانيا حوالي 3000 كيلومتر، لكن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا لها تداعيات كبيرة على الكيان الإسرائيلي. وفي مثل هذا الوضع، يدرك الكيان حقيقة أنه سيتحمل العواقب إذا لم يتخذ موقفاً متوازناً.

على سبيل المثال، إذا استمرت الأزمة في أوكرانيا، فسيؤدي ذلك إلى تقليل تركيز الولايات المتحدة ووجودها بشكل كبير في معادلات منطقة غرب آسيا. أو أن توجُّه الكيان لصالح روسيا سيجعل الولايات المتحدة، كحليف استراتيجي للكيان الإسرائيلي في العالم، تحدّ من دعمها لإسرائيل في مختلف المجالات، ومثل هذا الوضع يتعارض مع مصالح الكيان الإسرائيلي وأمنه في المنطقة.

من ناحية أخرى، فإن الدعم الإسرائيلي للولايات المتحدة في الأزمة الحالية سوف يلقي بظلاله على تعاونه العسكري والتقني والاقتصادي، فضلاً عن جماعات ضغطه في موسكو. كما سيقضي ذلك على إجراءات الكيان المدعومة من روسيا في سوريا، والتي تركت إسرائيل حرةً في شن غارات جوية على الأراضي السورية. ولذلك، في مثل هذه الظروف، أصبحت الأزمة في أوكرانيا تهديدًا وتحديًا للكيان الصهيوني.

أزمة أوكرانيا فرصة لاجتذاب اليهود

شهد الكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة أكثر من أي وقت مضى الهجرة العكسية، أو سفر مواطنيه دون عودة، وقد أصبح هذا الأمر تحديًا للكيان لأسباب أمنية، ونتيجة زيادة القوة الرادعة لفصائل المقاومة الفلسطينية.

بحيث إنه بعد معرکة "سيف القدس" التي استمرت 11 يومًا في مايو 2021، يسعى ثلث مواطني الكيان إلى الهجرة العكسية. وفي إحصاء آخر، فر حوالي 16 ألف يهودي من الأراضي المحتلة منذ بداية عام 2020، مما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة إذا استمر الكيان في الوجود.

وفي هذا السياق، وبالنظر إلى أن نحو 150 ألف أوكراني يشكلون الآن الجالية اليهودية في هذا البلد، فإن الكيان الصهيوني يستغل الأزمة الحالية في أوكرانيا لجلب هؤلاء السكان إلى الأراضي المحتلة. وقد أكدت صحيفة "هآرتس" استعداد إسرائيل لنقل 75 ألف يهودي من أوكرانيا.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن السفير الإسرائيلي في أوكرانيا قوله، إن "السفارة تخطط لنقل اليهود عبر بولندا"، متوقعاً أنه "في الساعات المقبلة سنشهد موجةً كبيرةً من المغادرين من أوكرانيا".

کذلك، اغتنمت وزارة خارجية الكيان هذه الفرصة، وأنشأت مركزًا فكريًا لإنشاء موجة جديدة من الهجرة إلى فلسطين المحتلة، لتنفيذ خطط الترحيل الدائم لليهود الأوكرانيين إلى فلسطين المحتلة.

تأتي محاولات ترحيل يهود أوكرانيا إلى الأراضي المحتلة في وقت لم يُبد فيه يهود أوكرانيا اهتمامًا بطلب إسرائيل، وقد أثارت جهود السفير الإسرائيلي في أوكرانيا لتسهيل ترحيل اليهود غضب المسؤولين، وتم استدعاء السفير إلى وزارة الخارجية.

كما أكدت القناة 12 الإسرائيلية في نبأ، نقلاً عن مسؤول صهيوني رفيع المستوى، أن المزيد من اليهود الأوكرانيين يعارضون الهجرة إلى إسرائيل.

وفي هذا الصدد، كتب عبد الباري عطوان، المحلل البارز في العالم العربي، في صحيفة "رأي اليوم" الإلكترونية: "الأوكرانيون اليهود ربما يكونوا أول من "علّق الجرس"، وقالوا "لا" كبيرة للإغراءات الإسرائيلية بالهجرة إلى فلسطين المحتلّة، لأنهم وبكل بساطة، لا يرون في الدولة العبرية الوطن الآمن الذي يُحقِّق مستقبلًا مستقرًّا مزدهرًا لأطفالهم، بالنّظر إلى التّهديدات والأخطار التي تُحيط بها من كل جانب، مضافًا إلى ذلك، ربّما لا يريدون تمييز أنفسهم عن أشقّائهم الأوكرانيين، والهروب من البلاد، في هذه اللّحظات الحرجة جدًّا في تاريخها".