سعيا منها لمنع القوات الروسية من الوصول لسواحل مدينة أوديسا، اتخذت أوكرانيا خطوة عسكرية خطيرة، تمثلت في زرع مئات الألغام البحرية في البحر الأسود، حسب ما جاء في تقرير مكسيم كليموف بصحيفة "فزغلياد" الروسية.
وحذر الكاتب من أن تلك الألغام قد تنتقل من المواقع التي زرعت فيها إلى مواقع أخرى، بعد أن أدت العواصف التي هبت مؤخرًا إلى بدء حدوث انقطاعات في الكوابل التي تربطها بمراسيها.
ونقل عن مركز العلاقات العامة التابع لجهاز الأمن الفدرالي الروسي قوله إن البحرية الأوكرانية زرعت حقول ألغام يقدر عددها بـ 420 لغمًا قرب موانئ "أوديسا" و"أوتشاكوف" و"تشرنومورسك" و"يوجني" منذ انطلاق العملية العسكرية، مؤكدًا أن الألغام صُنعت في النصف الأول من القرن العشرين. وبسبب العواصف، انقطعت الكابلات التي تربطها بالمراسي السفلية، وتحت تأثير الرياح قد تنجرف هذه الألغام للجزء الغربي من البحر الأسود.
ولفت الكاتب إلى أن سرب السفن الروسية، بما في ذلك سفن الإنزال الكبيرة، حافظ منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا على وجوده قبالة ساحل أوديسا، ولا يزال هناك على متن تلك السفن المئات وربما الآلاف من مشاة البحرية الروسية المتأهبين في أي لحظة للتحرك باتجاه الساحل الأوكراني أو مدينة أوديسا نفسها، وهو ما يشكل خطرًا على الجانب الأوكراني.
وأوضح أن القوات الأوكرانية اختارت نشر الألغام البحرية قبالة الساحل للتصدي لأي إنزال محتمل للروس في ظل عدم قدرة القوات الأوكرانية على مقاومة نظيرتها الروسية، مشيرا إلى أن الأخيرة في المقابل أخذت تهديد الألغام الأوكرانية على محمل الجد، وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية المنشورة أن السرب الروسي مجهز بكاسحات ألغام.
وذكر الكاتب أن الألغام التي وضعتها القوات المسلحة الأوكرانية وانجرافها العرضي المحتمل على سطح البحر، بفعل الرياح والتيارات الهوائية يشكل، في جميع الأحوال، خطرًا على الملاحة المدنية في جميع البلدان خاصة خلال الليل، مفسرا ذلك بقوله إن الغالبية العظمى من الرادارات المدنية، على عكس الرادارات المتخصصة المحمولة على متن السفن، لا تستطيع اكتشاف لغم عائم، مبرزا صعوبة ملاحظة لغم عائم حتى في وضح النهار وفي ظروف رؤية مثالية.
وأوضح أنه رغم احتواء هذه الألغام على حوالي 3 كيلوغرامات من متفجرات "تي إن تي" فإن خطرها، في الواقع، يكمن في عدم احتوائها على بطاريات إلكترونية، وبالتالي فإن مدة صلاحية وخطورة هذه الألغام طويلة.
ونقل عن مصادر عامة قولها إن القوات الأوكرانية لم تكتفِ بزرع ألغام بحرية، بل نشرت ما يشبه الأنهار من الألغام، إذ استخدمت في وقت سابق ألغامًا بحرية مضادة للسفن قبالة ساحل مدينة ماريوبول، ووفقًا للبيانات المتوفرة استُخْدِمَ هذا النوع من الألغام بغية تعطيل المراكب المائية للعدو مثل المراكب العائمة والقوارب والعبّارات وذلك في الأنهار والبحيرات والخزانات المائية وغيرها.
ويُرجع الكاتب استخدام أوكرانيا للألغام، المصممة لتدمير سفن الإنزال على ساحلها البحري، إلى ضعف جاهزية القوات العسكرية، مشيرًا إلى قِدم الألغام المستعملة وتآكلها بسبب الصدأ، مما أدى إلى انقطاع الكوابل التي تربطها بمراسيها، لافتًا إلى تقرير صادر عن جهاز الأمن الفدرالي الروسي أوضح أن سبب انجراف الألغام يعود إلى سوء حالتها التقنية، أي أن البحرية الأوكرانية استخدمت مخزونًا قديمًا من الألغام يعود إلى عصر الاتحاد السوفياتي.
ويعتقد أن الفعالية القتالية الحقيقية لألغام القوات المسلحة الأوكرانية ضعيفة للغاية ولن تؤدي إلى تعطيل عملية إنزال افتراضية للبحرية الروسية، مبينًا أنه رغم أن زرع ألغام من هذا النوع إجراء عسكري غير فعال، فإنه يشكل خطرًا كبيرًا على الملاحة المدنية، ليس فقط في البحر الأسود، ولكن قد يمتد تأثيره إلى تركيا ودول البحر الأبيض المتوسط.
ونقل الكاتب بهذا الصدد عن مركز العلاقات العامة الروسي، في بيان نشرته وكالة "تاس" الروسية القول "نظرًا لكون التيارات المهيمنة قرب هذه الموانئ سطحية جنوبية فإن إمكانية انجراف الألغام إلى مضيق البوسفور وإلى حوض البحر المتوسط غير مستبعدة" مضيفًا "عن طريق اتباع هذه الممارسات أظهرت القوات المسلحة لأوكرانيا مرة أخرى استخفافها التام بأسس القانون الدولي وبحياة البشر، بما في ذلك مواطنو دول الاتحاد الأوروبي".
وأشار الكاتب -في نهاية التقرير- إلى أن القضاء على خطر انفجار هذه الألغام يستدعي القيام بعملية أخرى لإزالتها وتطهير البحر الأسود عقب انتهاء العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا، مشيرًا إلى أن الإجراءات المتعلقة بإزالة الألغام في مناطق واسعة تتطلب وقتًا طويلاً، ولهذا سيظل خطر انفجارها قائمًا إلى حين استكمال هذه العملية.