• اخر تحديث : 2024-05-15 19:58
news-details
تقارير

لماذا تم عزل رئيس وزراء باكستان بشكل مفاجىء؟


التطورات في باكستان وعزل رئيس وزراء هذا البلد كانت غير متوقعة للعديد من الخبراء والمراقبين للتطورات في المنطقة. حيث يرى عمران خان أن عزله كان نتيجة مؤامرة أجنبية، وخاصة خطط البيت الأبيض، ويتهمه خصومه الداخليون بعدم الكفاءة.

وفي هذا الصدد، أجرى موقع الوقت التحليلي حواراً مع الخبير في شؤون أفغانستان وباكستان إسماعيل باقري، ومعرفة وجهات نظره حول التطورات الأخيرة في باكستان.

ما هي أسباب عزل عمران خان من قبل البرلمان الباكستاني؟ كيف يتم تقييم دور الجيش في عزل رئيس الوزراء؟

فاز عمران خان بالانتخابات البرلمانية عام 2018 بدعم من الجيش، وكان في السنوات السابقة أقرب رئيس وزراء لباكستان إلى الجيش، وكان أيضا مع الجيش في السياسة الخارجية.

هذا في وقت كانت الحكومات الباكستانية السابقة، مثل حكومات نواز شريف تتخذ نهجا مختلفا تجاه الجيش، ولم يكن الدخول الأحادي في المفاوضات مع الهند وتطوير العلاقات مع نيودلهي في الفترات السابقة محط إعجاب الجيش.

في حين أن الهند هي الخط الأحمر للجيش الباكستاني، وأدى الخلاف بين الهند وباكستان، وخاصة حول قضايا الحدود وكشمير والمنافسات النووية وخلافات الرأي في أفغانستان، إلى خلافات عميقة للغاية بين البلدين في شبه القارة الهندية. نظرا لهذا الاختلاف في الرأي تمكن الجيش من الإطاحة بحكومة نواز شريف من خلال الاحتجاجات الشعبية، لكن حكومة عمران خان كانت قريبة جيدا مع الجيش، إلا أن إقالة عمران خان ترجع إلى حقيقة أن الحزبين المعارضين رابطة مسلمي باكستان وحزب الشعب، كانا يعتقدان أن حكومة عمران خان وصلت إلى السلطة بالتزوير والاحتيال وأن حكومة عمران خان لم تستطع حل المشاكل الاقتصادية، وخاصة البطالة ونقص الطاقة وما إلى ذلك.

رغم ذلك يقال إن عمران خان لعب دورا مختلفا بعض الشيء عن الجيش في مسائل السياسة الخارجية، وإن عقود باكستان مع الصين وزيارته إلى موسكو (توجه موالي لروسيا في أزمة أوكرانيا) كان بطريقة ما قرارا من قبل حكومة عمران خان، لكن الحقيقة هي أن الجيش كان بشكل او بآخر وراء التوجهات السياسية لإقالة رئيس الوزراء، وإلا لم يكن عمران خان ليقوم باتخاذ سياسة خارجية مستقلة عن الجيش.

لذلك، لطالما لعب الجيش الباكستاني دورا وراء الكواليس في التطورات في باكستان، وكان عزل عمران خان بسبب أن الجيش الباكستاني، كان يسعى في اللعبة المعقدة التي بدأها، لأخذ امتيازات من الولايات المتحدة والغرب ويريد أن يوجه رسالة إلى الغرب مفادها بأن قرار السيادة الباكستانية ليس بالنظر إلى روسيا أو الصين.

وتجدر الإشارة إلى أن الأمريكيين عارضوا بشدة رئاسة خان، التي كانت تربطها، إضافة إلى العلاقات مع الصين وروسيا، علاقات جيدة مع إيران.

كيف يتم تقييم الرأي العام بشأن عزل عمران خان من السلطة؟

في باكستان، يمكن تتبع الرأي العام نظراً للأحزاب، حيث لعبت الأحزاب دورا مهما على مدار الـ 75 عاما الماضية. كانت الحكومات بشكل عام في أيدي الرابطة الإسلامية الباكستانية وحزب الشعب الباكستاني، وكان الطرف الثالث الوحيد الذي فاز بأغلبية في الانتخابات البرلمانية، بدعم من الجيش، هو حزب انصاف عمران خان. لذلك، يجب النظر إلى الرأي العام من خلال النظر الى دعم الأحزاب.

تشكل الرابطة الإسلامية الباكستانية أكثر من 60 في المئة من سكان باكستان، والشعب يدعمها، ويمثل حزب الشعب 20 في المئة من سكان باكستان، هناك فقط اقليم سرحد بختون خواه واقليم بلوشستان في باكستان، هم من لا يدعمون توجهات الجيش كثيرا. بل يدعمون حزب عمران خان.

بالطبع، تسببت سياسة عمران خان في محاربة الفساد ومحاربة الفقر والقضاء على البطالة وبعض سماته في أن يكون له أنصار من بين المجموعات العرقية الأخرى، مثل البنجابية والسندية والبراهوي، وغيرها.

على الرغم من أن الرأي العام تحكمه الأحزاب، إلا أن الجيش، من ناحية أخرى، يلعب دورا مهما في السيطرة على الرأي العام من خلال إدارة وسائل الإعلام. فالعديد من وسائل الإعلام تحت تصرف الجيش الباكستاني.

ما هو دور أمريكا في تطورات باكستان ولماذا كان عمران خان يعتبر أمريكا سبباً في عزله؟

منذ عام 1947 وتشكيل الهند وباكستان، شارك البريطانيون دائما في تطورات باكستان، وقد اسس جنرال بريطاني يدعى R. Kaotom وكالة الاستخبارات الباكستانية وهي مؤسسة داخل الجيش الباكستاني لها تأثير في صنع القرار، ودورها داخل المؤسسة العسكرية كبير جداً، يحتاج عدد وهيكل المخابرات الباكستانية إلى مزيد من الدراسة، هذه الوكالة نفسها تخضع لتأثير بريطانيا ثم أمريكا، غالبا ما يتم عزل الحكومات بسبب مزاعم مثل الفساد وعدم الكفاءة وانتشار المشاكل السياسية أو الاقتصادية وما إلى ذلك ، وتم عزل الحكومة السابقة لسلسلة من التهم الاقتصادية أو قضايا الفساد، بما في ذلك وثائق بنما.

عمران خان كان ينسق مع الجيش في علاقاته مع الصين وروسيا وغيرها، وبالتأكيد كان الجيش على علم بنهج حكومة عمران خان وحتى كان منسقاً لها ايضاً، لكن يبدو أن السلطة الباكستانية والجيش يتبعان لعبة معقدة في المنطقة وعمران خان صار ضحية لأخذ الجيش امتيازاً من الأميركيين، لأن عمران خان كان رئيس الوزراء الأكثر ارتباطا بالجيش لكن الجيش الباكستاني شعر أنه يتعين عليه الوقوف إلى جانب الأمريكيين في الوضع الحالي، فقد وقعت حكومة عمران خان ضحية لبعض اطماع الجيش.

بالتأكيد ينبغي القول إن حكومة خان كانت شخصاً جيدا خلال المفاوضات الأمريكية مع طالبان في قطر، ولكن يبدو الآن أنه بالنظر إلى التطورات في أفغانستان وتهديد طالبان الباكستانية واستقطاب المساعدات الأمريكية، قرر الجيش بدء لعبة مزدوجة في المنطقة، حيث سيصبح هذا النهج أكثر وضوحا في الأشهر المقبلة. على وجه الخصوص عندما صرح القائد الجيش الباكستاني أنه يسعى لمحاربة الإرهاب، والذي من المرجح أن يقصد مواجهة حركة طالبان باكستان وربما مواءمة الجيش الباكستاني مع السياسات الأمريكية الجديدة في المنطقة وأفغانستان.

هل سنرى تغييرا في السياسة الخارجية لباكستان بعد عمران خان؟

يحدد الجيش الباكستاني كيفية التعامل مع الهند وكشمير وروسيا والولايات المتحدة والصين والسعودية وإيران وطالبان، وتمكن الجيش من اتباع سياسة خارجية مبدئية في باكستان، ومع رحيل عمران خان، نحن لا يمكننا أن نرى تغييرات جوهرية، على الرغم من أننا قد نشهد أحداثاً في المنطقة بعد عمران خان.