• اخر تحديث : 2024-05-15 19:58
news-details
أبحاث

ورقة بحثية: قراءة في اتجاهات الرأي العام العالمي حول الحرب الروسية – الأوكرانية


المقدمة

تحظى الحرب الروسية- الأوكرانية باهتمام عالمي واسع، فقد أصبح أكثر ما تترقبه شعوب العالم وحكوماته اليوم مستجدات هذا الصراع وما سيؤول إليه. وهناك العديد من التساؤلات القائمة في هذا السياق ومنها كيف ينظر العالم إلى هذه الحرب ومآلاتها؟ وهل ستنتهي الحرب بالحسم العسكري أم عبر المفاوضات؟ وكيف تنظر دول العالم وشعوبه لما يحدث؟  وما مواقف الدول من الصراع؟ هذه جميعها تساؤلات مهمة يجب أن تؤخذ في الاعتبار من أجل التوصل إلى فهم واضح للرأي العام من الحرب. وقد تفاوتت اتجاهات الرأي العام وآراؤه في العالم حول هذا الحدث غير المسبوق في تاريخ أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة. فقليل من الدول أو الشعوب التي أيدت الحرب ولكن هناك الكثير، فمن الممكن تفهّم موقف روسيا واعتباره دفاعياً ومنطقياً، بينما هناك غالبية عظمى من الدول عارضت الحرب ودانتها وطالبت بوقفها فوراً، وكانت هناك مواقف تبنّت الحياد أيضاً.  ويثير هذا تساؤلاً آخر مهماً حول الدوافع أو العوامل التي تؤثر في الرأي العام وموقف الناس عموماً من الصراع: هل هي سياسية أم إنسانية أم غيرها، أم تحكمها المصالح المشتركة؟

من هنا تأتي أهمية استطلاعات الرأي التي تعتبر من الوسائل الرئيسية لمعرفة اتجاهات ووجهات نظر الرأي العام العالمي حول قضية ما، سواء كان لمتخصصين أو أفراد من عامة الناس.

وسوف نسلط الضوء في هذه الورقة على اتجاهات الرأي العام العالمية تجاه الحرب الروسية – الأوكرانية مع التركيز على اتجاهات الرأي العام العربية من خلال استعراض استطلاعين للرأي أحدهما أجري في دولة الإمارات العربية المتحدة وقام به “مركز تريندز للبحوث والاستشارات” والثاني استطلاع قام به المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي، كما سنتناول اتجاهات الرأي العام في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوروبا؛ وذلك للوصول إلى تصور عام واضح حول الرأي العام العالمي والتباين بين منطقة وأخرى.

أولاً: استطلاع مركز تريندز للبحوث والاستشارات:

حسب استطلاع رأي لنخبة من الخبراء والمتخصصين أجراه مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن 35% من المستجيبين عبروا عن معارضتهم للحرب، وأيد 16% منهم الحرب، بينما أشار ما يقارب النصف بواقع 49% إلى اتخاذ موقف حيادي تجاه هذه الحرب. وحين سؤالهم عن مدى متابعتهم لأخبار الحرب بين روسيا وأوكرانيا أشار 78% من المستجيبين بأنهم يتابعون الأخبار المتعلقة بهذه القضية كثيراً، وقال 17% إنهم يتابعون بعض الشيء. وحين سؤالهم عن أكثر ثلاثة مصادر يتابعون من خلالها أخبار الحرب، كان واقع الإجابات بأن 70% يتابعونها عبر المواقع الإلكترونية، و72% عبر وسائل التواصل الاجتماعي، و64% عبر التلفزيون.

وكانت أكثر وسائل الإعلام التي يتابعها المشاركون في الاستطلاع من أجل معرفة أخبار الصراع الروسي – الأوكراني هي وسائل إعلام عربية بواقع 76% من المجيبين. و66% منهم يتابعونها عبر وسائل إعلام غربية، أما الذين يتابعونها عبر وسائل إعلام روسية فكانوا بواقع 40%، ومن يتابعونها عبر وسائل إعلامية أوكرانية فكانوا بنسبة 23%.

وعند سؤالهم عن الإجراءات التي يجب أن يتخذها المجتمع الدولي من أجل إيقاف الحرب، أشارت الغالبية العظمى من المشاركين في الاستطلاع بواقع 95% أنهم يقترحون تعزيز التفاوض والحوار بين الطرفين، وأشار 21% منهم إلى وجوب فرض مزيد من العقوبات، و10% إلى ضرورة التدخل العسكري لإنهاء الحرب.

وعند سؤال المستطلعة آراؤهم من الخبراء والمتخصصين عن رأيهم عما إذا كانت روسيا ستحقق أهدافها التي أشارت إليها ومنها تحييد أوكرانيا عن النفوذ الغربي، أجابت الغالبية بواقع 70% بنعم، و30% بواقع لا.

ويعتقد أكثر من النصف أن الحرب الروسية – الأوكرانية ستدوم لبعض الوقت، و34% يعتقدون بأنها ستدوم طويلاً وربما لأكثر من ستة أشهر.

وعند السؤال المهم حول إذا ما كان يعتقد المتخصصون والخبراء بوجود فرص للوصول إلى حل دبلوماسي بين الطرفين (روسيا وأوكرانيا) أجابت الغالبية العظمى بأنها تؤمن بوجود فرص لحل دبلوماسي بواقع 85%[1].

ثانياً: استطلاعات الرأي العام في روسيا الاتحادية

حسب استطلاع للرأي نشرته، هيئة استطلاعات الرأي الروسية يوم الجمعة 8 إبريل 2022، أن نسبة الروس الذين يثقون بقرارات الرئيس فلاديمير بوتين ارتفعت إلى 81.6% من نسبة 67.2 %، وذلك قبل أن يأمر القوات الروسية بدخول أوكرانيا. وأوضحت الهيئة أن نسبة 78.9% ممن شاركوا في أحدث استطلاع للرأي أبدوا رأيهم بأنهم يؤيدون إجراءات بوتين، مقابل 64.3% في آخر استطلاع رأي قبل بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.. وبالنسبة إلى من لا يؤيدون إجراءاته، انخفضت نسبتهم إلى 12.9%، مقابل 24.4% قبل العملية العسكرية[2].

ثالثاً: استطلاعات الرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية:

أجرى معهد غالوب للشؤون العالمية استطلاعاً للرأي على عينة من الأمريكيين في الفترة من 1 إلى 17 فبراير، وهو الوقت الذي كان فيه الوضع يشتد في أوكرانيا ولكن قبل الغزو في 24 فبراير، حيث وجد الاستطلاع عدداً قليلاً جداً ينظرون إلى المواجهة بين البلدين كأهم مشكلة في البلاد. وفي الاستطلاع نفسه، أدرجت غالوب الوضع الروسي – الأوكراني في قائمة من 13 تهديداً محتملاً للمصالح الحيوية للولايات المتحدة.  ورغم أن نحو نصف الأمريكيين رأوا أن الصراع في أوكرانيا يمثل تهديداً خطراً فإنه على النقيض من ذلك، فقد اعتبر أكثر من ثلاثة أرباع هؤلاء أن الإرهاب السيبراني وتطوير الأسلحة النووية من قِبل كوريا الشمالية وإيران يمثلان تهديدات خطرة سابقة للحرب في أوكرانيا[3].

وأجرى مركز بيو للأبحاث استطلاعاً للرأي أيضاً على عينة من 10441 من المبحوثين الأمريكيين البالغين لمعرفة آرائهم وتقييمهم لموقف بلادهم من الغزو الروسي لأوكرانيا وقد تم إجراء الاستطلاع خلال الفترة من 7 إلى 13 مارس وكانت نتائج الاستطلاع كما يلي:

- 47% أي نحو نصف الأمريكيين وافقوا على تعامل إدارة بايدن مع الغزو الروسي لأوكرانيا، بينما رفضه نحو أربعة من كل عشرة مبحوثين أي بنسبة 39%، ولم يستطع 13% منهم تحديد موقفهم.

- 35% من الأمريكيين يؤيدون التدخل العسكري الأمريكي في الحرب بين روسيا وأوكرانيا حتى وإن أدى ذلك إلى خطر نشوب صراع نووي مع روسيا.

- 32% من المستطلعة آراؤهم في الولايات المتحدة أي الثلث تقريباً يرون أن بلادهم تقدم القدر الكافي من الدعم لأوكرانيا في مكافحتها لصد الغزو الروسي، و7% يرون أنها تقدم الكثير من الدعم بالفعل، بينما أعرب 42% عن رغبتهم في أن تقدم مزيداً من الدعم.

وعن الموقف من الرئيس بايدن ومدى تأثير الحرب في موقف الأمريكيين منه، ورغم أن نسبة التأييد للرئيس الأمريكي لا تزال في أدنى مستوياتها على الرغم من تفوقه على مستوى العالم بسبب رسمه مساراً ثابتاً من خلال دوره في أزمة أوكرانيا، فإن ذلك لم يفده  كثيراً داخل الولايات المتحدة وفي هذا السياق أجرى مركز غالوب استطلاعاً للرأي على عينة من 1017 شخصاً من البالغين الأمريكيين حول رؤيتهم لتلك الحرب ومدى تأثيرها في بلادهم وقد تم إجراء هذا الاستطلاع خلال الفترة من 1- 18 مارس  2022، وفيما يلي نستعرض بعض نتائج الاستطلاع:

- 42% من الأمريكيين أعربوا عن موافقتهم عن أداء الرئيس بايدن في استطلاع مارس 2022، ولم تختلف هذه النسبة تقريباً عن شهر فبراير من العام نفسه (41%)، في حين أن ما يزيد على نصف الأمريكيين (54%) يعترضون على أدائه بشكل عام.

- 53% من المبحوثين أكدوا أنهم راضون عن تعامل الرئيس الأمريكي بايدن مع أزمة فيروس كورونا في استطلاع مارس 2022، وقد ارتفعت هذه النسبة بمقدار 6 نقاط مئوية عن الشهر السابق حيث كانت 47%.

- 42% من الأمريكيين وافقوا على أداء رئيس بلادهم فيما يخص تعامله مع أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وذلك وفقاً لاستطلاع مارس 2022 بارتفاع قدره 6 نقاط مئوية على الشهر السابق حيث بلغت 36% [4].

كما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد غالوب في فبراير الماضي، الذي تم الانتهاء منه قبل الغزو في 24 فبراير، أن 85% من الأمريكيين لديهم رأي سلبي بشأن روسيا، ما يضعها بالقرب من أسفل قائمة 19 دولة تم اختبارها. وهو أعلى رقم سجلته غالوب في تاريخ السؤال عن روسيا منذ أن بدأت طرح هذا السؤال في عام 1989، وعلى النقيض من ذلك يُظهر استطلاع غالوب نفسه أن 62% من الأمريكيين لديهم رأي إيجابي عن أوكرانيا [5].

كما أجرت جامعة كوينيبياك (KWIN-uh-pea-ack) استطلاعاً للرأي أظهر أن غالبية الأمريكيين وصفوا بوتين بأنه غير مستقر عقلياً. في حين أظهر الاستطلاع نفسه رأياً إيجابياً للغاية عن زيلينسكي (64% مؤيد، و6% غير مؤيد، و29% لا رأي).

وفقاً للاستطلاع نفسه فإن أكثر من 60% من الأمريكيين يؤيدون الحظر النفطي على روسيا. كما يرى 56% أن الخطوات التي اتخذتها إدارة بايدن لمعاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا لم تكن صارمة بشكل كاف[6].

كما أجرى مركز يوغوف YouGov- استطلاعاً آخر عن اقتراح لفرض عقوبات صارمة على روسيا والسعي لإيقافها عن قتل المدنيين في أوكرانيا، وقد أجري على عينة من الأشخاص بلغ عددهم 1,483 فرداً، كان السؤال عن تأييدهم أو عدم تأييدهم لفرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية على روسيا عام 2022، وتضمن الاستطلاع السؤال التالي: هل توافق أو لا توافق على العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الحكومة الأمريكية على روسيا[7]؟

ويشير الشكل البياني رقم (2) إلى إجابات المشاركين في الاستطلاع حول رأيهم بفرض عقوبات اقتصادية من الحكومة الأمريكية على روسيا. الذي أظهر أن أغلبية العينة (67%) تؤيد فرض عقوبات اقتصادية على روسيا في مقابل 18% غير متأكدين، و 16% رافضين.

وعن الموقف الأمريكي من الناتو أظهر استطلاع للرأي لمركز  pew research أنه على الرغم من التحدي الكبير الذي يواجهه الناتو حالياً في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن  معظم الأمريكيين ( الثلثين تقريباً) ينظرون إلى التحالف السياسي والعسكري في ضوء إيجابي.. ويمثل هذا زيادة كبيرة مقارنة بما يقرب من ستة من كل عشرة ممن قالوا الشيء نفسه عن المنظمة في عامي 2020 و2021[8].

رابعاً- استطلاعات الرأي العام في أوروبا:

أظهر استطلاع لعموم أوروبا أجراه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في أواخر كانون الثاني (يناير) 2022 أن هناك إجماعاً مفاجئاً على الأزمة بين الناخبين الأوروبيين. يتفق الأوروبيون في الشمال والجنوب والشرق والغرب على أنه من المرجح أن تغزو روسيا أوكرانيا في عام 2022، وأن على الدول الأوروبية واجب الدفاع عنها، وأن هذه مشكلة أوروبية.

يغطي الاستطلاع فنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبولندا، ورومانيا، والسويد – وهي دول تشكل مجتمعة ما يقرب من ثلثي سكان الاتحاد الأوروبي – ويظهر أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد نجح في طرح مسألة النظام الأمني ​​الأوروبي على الطاولة. ولدهشة العديد من المعلقين – وربما بوتين نفسه – أدى ذلك إلى استيقاظ جيوسياسي بين الأوروبيين. وتشير نتائج الاستطلاع إلى أربع ملاحظات أساسية: إن الحرب في أوروبا لم تعد مستحيلة؛ إننا يجب أن نرد على العدوان الروسي. وإن أكبر مخاوف الأوروبيين فيما يتعلق بالأزمة تختلف من بلد إلى آخر؛ وإن الحكومات الأوروبية بحاجة إلى التخطيط لحالات طوارئ مختلفة لتخفيف العبء عن المواطنين العاديين.

إلى أي مدى يشكل موقف روسيا من أوكرانيا تهديداً أمنياً في كلٍّ من هذه المجالات بالنسبة المئوية؟

يوضح الرسم البياني الأرقام الإجمالية لسبع دول شملها الاستطلاع، وهي: فنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبولندا، ورومانيا، والسويد.

إذا كانت روسيا ستغزو أوكرانيا، فمن يجب أن يقف إلى جانب أوكرانيا للدفاع عنها؟ بالنسبة المئوية؟

يوضح الرسم البياني الأرقام الإجمالية لسبع دول شملها الاستطلاع، وهي: فنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبولندا، ورومانيا، والسويد.

إلى أي مدى يشكل موقف روسيا من أوكرانيا تهديداً كبيراً لبلدك في هذه المجالات؟ في المئة.

يوضح الرسم البياني نسبة المستجيبين الذين أجابوا على “تهديد كبير جداً” أو “تهديد كبير إلى حد ما” في كل خيار من الخيارات. الموضحة في الرسم[9].

وهكذا ومن الرسومات البيانية السابقة يظهر أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ورغم محاولته من خلال حربه على أوكرانيا إجبار الأوروبيين على التفكير الجديد في جدوى النظام الأمني الأوروبي، فإن استطلاعات الرأي المشار إليها سلفاً تظهر أن معظم الأوروبيين يبدون مستعدين للدفاع عن أوكرانيا. بل إنهم يرون أن غزو روسيا لأوكرانيا يعتبر هجوماً ليس على دولة مجاورة فقط، ولكن على النظام الأمني ​​الأوروبي نفسه. ومن اللافت للنظر أن العديد من المستجيبين في الدول التي شملها الاستطلاع يعتقدون وجوب حماية هذا النظام بالطرق كلها.

- بريطانيا

قام مركز يوغوف YouGov بإجراء استطلاع رأي للبريطانيين لمعرفة رؤيتهم للأسباب الحقيقية وراء إيقاف بعض الشركات الغربية أعمالها في روسيا وجاءت النتائج كالتالي:

34% من البريطانيين رأوا أن الشركات التي تختار وقف التجارة في روسيا تفعل ذلك كرد فعل صادق للحرب، في حين رأى 31% ممن تم استطلاع رأيهم أن هذه الشركات تنهي عملياتها في روسيا للحفاظ على صورتها الإيجابية، و20% ممن يقولون إنهم أكثر اهتماماً بالتهرب من العقوبات التي تقع عليهم في حال استمرار وجودها في السوق الروسية. ورأى 38% من البريطانيين الأصغر سناً في الفئة العمرية من 18 إلى 24 عاماً أن الشركات التي تقاطع روسيا تفعل ذلك اهتماماً بصورتها العامة، كما يرى 17% أن السبب وراء ذلك هو التهرب من العقوبات التي قد يتم فرضها عليهم فقط، وواحد من كل خمس (20%) يرون أنهم يتخذون موقفاً مناهضاً للحرب.

وعن التبرع لأوكرانيا في حربها ضد روسيا قال نحو ربع البريطانيين (28%) إنهم تبرعوا بأموال، بينما قال 34% آخرون إنهم سيفعلون ذلك على الأرجح في المستقبل. في حين أن ثلاثة فقط من كل عشرة (32%) لا يتوقعون تقديم تبرع مالي.

كما تم التبرع بكميات هائلة من الطعام والفراش والملابس وغيرها من الضروريات لمن فروا من الحرب. ويقول نحو 14% من البريطانيين إنهم تبرعوا بالسلع لقضايا تدعم أوكرانيا، بينما يخطط 37% للقيام بذلك ولكنهم لم يفعلوا ذلك، في حين كان هناك نحو 41% آخرين يعتقدون أنهم لن يفعلوا ذلك.

بالإضافة إلى ذلك فإن هناك نحو 3% قد تبرعوا بوقتهم من أجل الجهود الإنسانية لدعم الأوكرانيين. وهناك 15% يخططون للقيام بذلك. كما قال 38% من البريطانيين إنهم أعربوا عن تعاطفهم ودعمهم لأوكرانيا عبر الإنترنت، بينما يخطط 11% للقيام بذلك. ويُرجح أن يكون البريطانيون الأصغر سناً قد عبّـروا عن دعمهم لأوكرانيا عبر الإنترنت (48% ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً). كما أنهم أكثر اندفاعاً للتبرع بوقتهم من كبار السن (7% مقابل 2% من أولئك الذين يبلغون 65 عاماً فأكثر). من ناحية أخرى، من المرجح أن يكون البريطانيون الأكبر سناً قد قدموا تبرعات مالية (31% : 33% ممن تبلغ أعمارهم 50 عاماً وأكثر مقابل 16% ممن تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 24 عاماً).

ومع تطور الحرب في أوكرانيا أظهرت أحدث استطلاعات الرأي التي أجرها مركز يوغوف YouGov أن الجمهور لا يزال يؤيد التدخلات التي تقوم بها بريطانيا في الحرب من أجل دعم القوات الأوكرانية، حيث يؤيد نحو 79% من الناس فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على المصالح الروسية، على غرار 83% في الاستطلاع السابق الذي تم إجراؤه ما بين 3 و4 مارس الماضي. وعلى الرغم من التهديدات المستمرة من روسيا ضد أولئك الذين يسلحون أوكرانيا، فإن الدعم لإرسال أسلحة إلى القوات الأوكرانية المحاصرة لا يزال مرتفعاً أيضاً بنسبة 74%.

وقد عبر 66% ممن تم استطلاع رأيهم من البريطانيين أنهم سيدعمون الحملات الإعلامية في الأجزاء الناطقة بالروسية من أوكرانيا لحث الناس على عدم الامتثال للقيادة الروسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن 58% سيدعمون مساندة الحكومة البريطانية للمنشقين الروس وشخصيات المعارضة داخل روسيا ضد نظام بوتين[10].

- ألمانيا

استناداً إلى استطلاع للرأي أجري هناك في فبراير 2022، تم طرح سؤال فيما يتعلق بالصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا كان نصه:

 في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية ورغبة أوكرانيا في تزويدها بالأسلحة للدفاع عن نفسها لمواجهة الهجوم الروسي، فما رأيك، هل يجب على ألمانيا تزويد أوكرانيا بالأسلحة، كما فعلت دول الناتو الأخرى؟ أم يجب عليها عدم تزوديها بأي أسلحة؟

وفي الإجابة أشار 75% من المشاركين بأنهم يعتقدون أنه يجب على ألمانيا عدم تزويد أوكرانيا بالأسلحة من أجل مواجهة الصراع مع روسيا. وبالمقابل أجاب 20% من المشاركين بنعم[11].

- إسبانيا:

تم استطلاع رأي في إسبانيا، وكان السؤال حول إذا ما كانت هناك موافقة ممن تم استطلاع رأيهم على أن تدخل إسبانيا إلى جانب حلف شمال الأطلسي في حالة نشوب نزاع مسلح في أوكرانيا؟ وقد كانت الإجابات حسب الفئة العمرية حسب الرسم البياني التالي:

يشير الشكل البياني إلى إجابات أصحاب الفئات العمرية المختلفة عن مدى تأييدهم أو عدم تأييدهم في حال التدخل العسكري لإسبانيا إلى جانب أوكرانيا.

ويُلاحظ أن الرأي العام الإسباني بشكل عام لديه معارضة أكثر قليلاً مما هو تأييد لانضمام إسبانيا إلى حلف شمال الأطلسي إذا أقدم على عمل عسكري في أوكرانيا، حيث يبدو أن الشباب أقل تأييداً للتدخل العسكري من الجيل الأكبر سناً. وأظهر 62% ممن شملهم الاستطلاع، وتراوحت أعمارهم ما بين 18 و29 عاماً، أنهم يعارضون انضمام إسبانيا إلى حلف شمال الأطلسي إذا تدخلت المنظمة في مواجهة الصراع، في حين أيّد 52% من الأشخاص، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 45 و64 عاماً، الانضمام إلى مثل هذا التدخل العسكري، وهي الفئة العمرية التي كان الدعم فيها أكثر انتشاراً[12].

الخاتمة

وهكذا فإنه وبالمقارنة بين الرأي العام العربي والغربي والروسي نستطيع أن نلاحظ التالي:

1. إن هناك ووجهات نظر مختلفة لكل منهم، فالدول العربية أظهرت قلقاً عن توسع هذه الحرب أو تأثيرها في العالم العربي وفي الوقت ذاته دانته وطالبت بضرورة الحوار والتوصل إلى حل نهائي، وأظهرت قلقاً حول تدهور الاقتصاد أو تأثير الحرب في مصادر الطاقة أيضاً، وخاصة أن روسيا هي الأولى في تصدير الغاز الطبيعي وثاني أكبر مصدّر للنفط في العالم ما قد يؤدي إلى التأثير في مصادر النفط والغاز والطاقة، وبالتالي سينعكس ذلك على اقتصاد العالم. بالإضافة إلى تأثير تلك الحرب على سلاسل إمدادات القمح الذي يُعتبر المصدر الرئيسي للغذاء في العالم العربي.

2. بينما كان الموقف الغربي مختلفاً رغم وجود تشابه في وجهات النظر في الرغبة بأن يعم السلام في العالم وأن تتوقف الحرب، ومخاوف من تأثر الاقتصاد ومصادر الطاقة والنفط بذلك ومن الذي قد يحدث فعلاً. فقد أشارت استطلاعات الرأي العام إلى تحميل بوتين نتائج ما يحدث في أوكرانيا من تدمير وقتل للمدنيين، وأبدت كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية قلقاً كبيراً من احتمالية توسع هذه الحرب وما قد يترتب عليها من مخاطر على أمن الدول الغربية خصوصاً والأمن العالمي عموماً.

3. أشارت استطلاعات الرأي الروسية إلى أن العقوبات ليس لها علاقة بالحرب، وأنها ليست بسبب غزو روسيا أو تدخلها في أوكرانيا، وأنه حتى في حال التوصل إلى اتفاق بين الدولتين فإن الصراع سيستمر، لكون ذلك عذراً لإخراج روسيا من مجال سوق الطاقة في الاتحاد الأوروبي.

يُستنتج من خلال المقارنات بين مواقف الشعوب وتوجهاتها حول الحرب الروسية – الأوكرانية أن التباين في وجهات النظر حول مواقف الأفراد أو الشعوب تختلف باختلاف المصالح، ومن أكثر العوامل تأثيراً في الرأي العام هو موقف الحكومات الذي تحركه بشكل أساسي المصالح وليس بالضرورة القيم، وهناك العامل الإنساني الذي يلعب دوراً في توجهات الرأي العام أيضاً؛ وذلك بسبب التكلفة الإنسانية الباهظة للحرب، ومن الواضح أن المشاهد التي يتم بثها عبر وسائل الإعلام تثير هذا الجانب، وهو ما يفسر التأييد الواسع لضرورة إنهاء الحرب وإيجاد حل سلمي للصراع. ويبقى العامل الأيديولوجي أو العقائدي حاضراً خاصة بالنسبة إلى الرأي العام الغربي حيث تتبنّى الشعوب الغربية من قبل موقفاً أقرب إلى العدائية من النظام في روسيا؛ وذلك بالطبع بسبب تأثير الإعلام وإظهاره بمظهر المعارض أو المحارب لقيم الحرية والديمقراطية.

 المصادر

[1]. مارس 2022 – مواقف الخبراء من الحرب الروسية – الأوكرانية ومآلاتها. https://bit.ly/3KYu22y

[2]. جريدة الخليج، استطلاع يكشف تغييراً في شعبية بوتين داخل روسيا 8 إبريل 2022. https://bit.ly/3M021HR

[3]. استطلاع للرأي أجراه معهد غالوب عن موقف الرأي العام الأمريكي من الحرب في أوكرانيا. https://cutt.ly/nGUkXDS

[4]. نظرة على استطلاعات الرأي المحلية والعالمية ، نشرة نصف شهرية تصدر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري ( العدد رقم 50 بتاريخ 31 مارس 2022 ) ص 19-21.

[5].  معهد غالوب مصدر سابق ذكره. https://cutt.ly/eGUl7HA

[6]https://cutt.ly/EGUWy0k  Quinnipiac University Polling.

[7]. YouGov- March 2022

[8]https://cutt.ly/LGUEF3C  Pew Research Center.

[9].  a pan-European poll conducted by the European Council on Foreign Relations in late January 2022 .https://cutt.ly/TGUUY0h

[10]https://cutt.ly/mGUjBAU  Connor Ibbetson,Support for further Russian sanctions and arms for Ukraine remains steadfast

[11]. ZDF-Politbarometer vom 11. February 2022.

[12]. Real Instituto Elcano- February 2022