• اخر تحديث : 2024-07-01 12:23
news-details
أبحاث

ورقة بحثية: الإخوان” والإعلام الرقمي.. الدور وحدود التأثير


مقدمة

سعت جماعة الإخوان المسلمين إلى استخدام الإعلام وسيلة من أجل تحقيق أهدافها لاسيما ما يتعلق بنشر الأفكار والترويج لها واستقطاب الأعضاء والأنصار والمتعاطفين وإدارة الصراعات مع الخصوم السياسيين؛ ومن هنا حظي الإعلام لدى الجماعة  بأهمية كبيرة منذ تأسيسها عام 1928 على يد حسن البنا الذي بادر إلى استخدام وسائل الإعلام المتاحة آنذاك لتحقيق الانتشار.

وبعد دخول الجماعة ساحة العمل السياسي وبدء المواجهات بينها وبين نظم الحكم المختلفة واتجاه الأخيرة إلى التضييق على الجماعة في مختلف المجالات بما فيها العمل الإعلامي، انتهز “الإخوان” فرصة ظهور شبكة الإنترنت في التسعينيات ليخوضوا غمار تجربة الإعلام الجديد أو الإعلام الإلكتروني الذي شكل فضاءً مفتوحاً يخلو من أي قيود، فانطلقت الجماعة في تأسيس شبكة إعلام إلكترونية ضمت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع إخبارية، ومنتديات، وبعد هذا لجاناً إلكترونية.

وهنا يثار تساؤل رئيسي مفاده: هل نجح الإعلام الإلكتروني الإخواني في تحقيق التأثير المطلوب خاصة بعد الإطاحة بحكم الإخوان في مصر في 3 يوليو 2013؛ فالجماعة، وإن كانت قد تمكنت من توظيف هذا الإعلام خلال ثورة 25 يناير 2011 ومن بعدها خلال عام الحكم، فقد واجهت تحدياً صعباً بعد الإطاحة بها، فهل أعانها الإعلام على مواجهة هذا التحدي؟ وهذا ما ستحاول هذه الورقة الإجابة عليه.

أولاً: إعلام الإخوان.. النشأة والتطور:

أدركت جماعة الإخوان المسلمين مبكراً أهمية الإعلام في تحقيق أهدافها لاسيما ما يتعلق بنشر أفكارها والترويج لها، وكسب تعاطف الرأي العام بالإضافة إلى استقطاب الأعضاء الجدد وتجنيدهم. ولم ينحصر إدراك الجماعة أهمية الإعلام في شقه التقليدي، حيث كانت من أوائل جماعات الإسلام السياسي التي استخدمت وسائل الإعلام الجديد، وبرعت في استخدامها بشكل كبير كما حدث بوضوح خلال ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها من أحداث.

1. نشأة الإعلام الإخواني وتطوره

أدرك حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين أهمية الإعلام بشكل كبير، لكنه ركز عند نشأة الجماعة عام 1928 على ما يمكن تسميته بـ “الاتصال المباشر” من خلال ما كان يلقيه من خطب وأحاديث في المساجد وفي لقاءاته مع الناس في الأماكن العامة. ولم تمض سوى خمس سنوات على تأسيس الجماعة حتى تم إصدار أول مطبوعة لها عرفت باسم مجلة الإخوان المسلمين التي كانت تصدر أسبوعيا لتتوالى بعدها الإصدارات الأخرى التي تنوعت بين اليومية والأسبوعية والشهرية.

فظهرت مجلة النذير الأسبوعية (1938)، ومجلة المنار (1939)، ومجلة التعارف الأسبوعية (1940)، ومجلة الشعاع الأسبوعية (1940)، ومجلة الإخوان المسلمين اليومية (1942)، ومجلة الشباب الشهرية (1947)، ومجلة الكشكول الجديد (1948)، ومجلة (الدعوة) وهي أكثر إصدارات الجماعة شهرة في تاريخها إذ استمرت من عام 1951 حتى عام 1954، تاريخ صدور آخر أعدادها قبل توقف عملها الدعوي، والسياسي، والتنظيمي على إثر الصدام الشهير مع السلطة السياسية الحاكمة بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر.

وحين وصل الرئيس محمد أنور السادات إلى السلطة عام 1971، سعى إلى استخدام التيار الإسلامي في مواجهة خصومه من اليساريين والناصريين، مما فتح الباب أمام عودة جماعة الإخوان المسلمين مرة أخرى إلى الساحة، وقد استأنفت الجماعة إصدار مجلة الدعوة مرة أخرى بعد موافقة ضمنية من الرئيس السادات. كما سعت الجماعة إلى استخدام المنابر الطلابية ومجلات الحائط كوسيلة إعلامية داخل الجامعات، لكن هذا النشاط ما لبث أن توقف على إثر صدام الجماعة مع السادات أواخر عهده وتحديدا أواخر السبعينيات.

ولم يُسمَح للجماعة بامتلاك أي وسيلة إعلامية خلال عهد الرئيس محمد حسني مبارك، وإن تمتعت بحرية حركة في المجالات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية؛ ومن ثم سعى “الإخوان” في الثمانينيات إلى استقطاب بعض الكتاب والصحفيين في محاولة لاختراق وسائل الإعلام بشكل غير مباشر. كما لجأوا إلى ما عُرف بـ “الإسلاميون الجدد” الذين خدموا الأجندة الإخوانية عن وعي أو غير وعي من خلال نشر الأيديولوجية المحافظة.

بحلول تسعينيات القرن الماضي، كانت النخب الـفكريـة والثـقافـية حول العالم على موعد مع ما يمكن وصفه بـ “ببلوغرافيا النهـايات” والـ “ما بعـديات”، فمن “ما بعد الاسـتعـمـار” و”ما بعد الـحداثة” إلى “ما بعد الصهيونية”، ظهرت مرحلة “ما بعـد الإسـلام الــسياسي”.  وقد تخلى، في هذه المرحلة، الصحفي الإخواني عن الكثير من شعاراته وأهدافه وفلسفاته التي شكلت جوهر خطابه الإعلامي السياسي والديني، خلال العقود الماضية” (مثل: إقامة الدولة الإسلامية، وأسلمة المجتمع، ومواجهة التيارات العلمانية، ومقولات الإسلام هو الحل) مقابل القبول بالديمقراطية صيغةً نهائية لنظام الحكم، وبالتعدديات الدينية والثقافية والسياسية، وفصل الدّعَوِي عن السياسي، ما يعني التحول إلى أحزاب سياسية محترفة، ضمن اللعبة السياسية والديمقراطية، والتخلي عن «يوتوبيا» إقامة دولة إسلامية تطبق أحكام الشريعة على غرار مفهوم الأوساط الإسلاموية الراديكالية، وهذا وذاك معناه عملية تمييز المجال الديني والوعظي والفقهي عن المجال السياسي والعمل الحزبي، بما يَسْتَبْطِنُه ذلك من تحولات فكرية، ومراجعات فقهية ودينية في أوساط هذه الحركات وأذرعها الإعلامية .

2. من الإعلام التقليدي إلى الإعلام الجديد

وجدت جماعة الإخوان المسلمين في الإعلام الجديد ضالتها التي ستمكنها – ظناً منها – من مواجهة الحظر الإعلامي المفروض عليها، ومن ثم لم تتأخر الجماعة في استخدام هذا الإعلام وقنواته، وفطنت إلى أنه في ظل هذه البيئة الجديدة الزاخرة بوسائل تواصل جديدة، بات بمستطاعها نشر أفكارها والترويج لها ليس فقط داخل المجتمع المصري وإنما أيضاً خارج حدوده بالنظر إلى إمكانات الشبكة العنكبوتية الهائلة التي تربط بين مختلف أرجاء العالم، وذلك دون أن يكون في وسع الدولة منعها من ذلك.

ويعود أول تعامل من قبل جماعة الإخوان المسلمين مع الإعلام الجديد إلى عام 1998 حينما أطلقت الجماعة موقعاً إلكترونياً لمجلتها المطبوعة “الدعوة”. كما أطلقت بعد فترة وجيزة، مجموعة من المواقع الإلكترونية التي كانت بمثابة منظومة إعلامية إلكترونية متكاملة، مثل “إخوان أون لاين” عام 2003، و”إخوان ويب” عام 2005، و”إخوان تيوب” عام 2009، و”إخوان ويكي” عام 2009، و”إخوان بوك” عام 2010، بالإضافة إلى Ikhwan search وهو محرك بحث خاص بالإخوان على غرار محرك البحث غوغل . كما استخدمت الجماعة مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف، وأبرز هذه الوسائل فيسبوك، وتليجرام، وكلوب هاوس، وهو ما سنعرض له على النحو التالي:

أ-  موقع “فيسبوك”:

كانت جماعة الإخوان المسلمين من أولى القوى السـياسـية التي استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع “الفيسبوك” وهو الموقع الأكبر والأكثر تأثيراً في المجالين العامين المصـري والإقليمي منذ عام 2008. ولقد كثف الإخوان المسلمون من وجودهم على هذه الوسائل في محاولة منهم لزيادة حضورهم على الإنترنت منذ بدايات عام 2010.

وقد أدرك الإعلام الإخواني أهمية هذه الوسائل في تحقيق الانتشار بين الجماهير؛ فأنشأت الجماعة حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي عموماً، وعلى موقع “فيسبوك” خصوصاً، حيث ظهرت الكثير من الصفحات الإخوانية الموزعة بين الإعلان، والإخبار، والشأن الاجتماعي، ناهيك عن بعض قادة الجماعة.

وقد عملت الجماعة على مخاطبة كافة الفئات في المجتمع؛ فعلى سبيل المثال، استهدف “الإخوان” عدد مستخدمي موقع الفيسبوك البالغ 53.6 مليون مستخدم في مصر من خلال إنشاء صفحات وفقاً للمنطقة الجغرافية، حيث ظهرت صفحات مثل “إخوان الفيوم”، و”إخوان بورسعيد”، و”إخوان الشرقية”، وغيرها، وعلى المستوى النوعي فإن نسبة الذكور من إجمالي مستخدمي وسائل التواصل الاجماعي في مصر بلغت  62.1% ، بالإضافة إلى 37.9% من الإناث[6]، وهو ما دفع الإعلام الإخواني إلى استغلال ذلك بإنشاء صفحات خاصة بالنساء وأخرى بالرجال. كما كان هناك صفحات خاصة بالشباب مثل صفحة “إحنا شباب الإخوان إيد واحده مع قيادتنا”، والتي تابعها أكثر من 28 ألف شاب.

ومع عزل محمد مرسي من الحكم في 3 يوليو 2013، وما ترتب عليه من إغلاق لمختَلف وسائلها الإعلامية في مصر، راهنت الجماعة على تشكيل جماعة افتراضية توازي الجماعة القائمة على أرض الواقع، وذلك في ظل ارتفاع معدل انتشار الإنترنت في مصر الذي وصل على سبيل المثال عام 2021 إلى نحو 59% من إجمالي المصريين، وصار متوسط عدد الساعات التي يقضونها على الإنترنت حوالي 7.36 ساعات، منها نحو 4.20 ساعات عبر الهاتف المحمول.

وقد سعت الجماعة، في هذا السياق، إلى استخدام موقع فيسبوك، حيث اتجهت إلى  إنشاء مجموعات وصفحات عادية على فيسبوك لتعبئة أكبر عدد من المواطنين والمتعاطفين ثم فجأة تُغير اسمها والموضوعات المتناولة فيها، وتبدأ في الدعوة إلى إسقاط الدولة والقضاء رغم كل بوادر التقدم والإنجاز في عهد الرئيس عبد الفتاح السـيسـي؛ فعلى سبيل المثال كانت إحدى مجموعات الفيسبوك في الأصل تحمل اسم “منتقبات عفيفات” عندما تم إنشاؤها في 18 يناير 2019 ثم غيرت المجموعة اسمها فجأة بعد ذلك في أغسطس إلى “النقاب دين وحياة” ثم في 17 سبتمبر 2019، غيّـرت المجموعة اسمها إلى #enough_Sisi، كاشفة عن هويتها الحقيقية وارتباطها بالجماعة الإرهابية.

ب- تطبيق تيليجرام:

أنشأت جماعة الإخوان المسلمين الكثير من الحسابات على تطبيق تيلغرام الذي وفر لها حماية وأماناً أكثر مقارنة مع غيره من وسائل التواصل الاجتماعي. كما أنه شكل مكتبة لتبادل المراجع والمصادر المؤسسة أو المفسرة لفكر الجماعة وسِيَر أعلامها. ولعل لجوء الجماعة إلى هذا التطبيق يعود إلى كونه تقنية لا تعتمد في تشغيلها على رقم هاتف وتكتفي بعنوان البريد الإلكتروني، مع تشفير عالي الدقة. كما أن التطبيق يتمتع بدرجة خصوصية مرتفعة، مما يسهل من عملية ترويج المنشورات الصوتية أو المرئية أو حتى المكتوبة.

وبحسب الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية في مصر، فإن الجماعة بدأت عام 2019 في الاعتماد على تطبيق “تيليجرام” في نشر أفكارها وفتاواها، حيث اعتمدت عليه بنسبة 20%، فيما جاء موقع موقع “تويتر” في الصدارة بنسبة (28%)، يليه “فيسبوك” بنسبة (22%)، ويوتيوب بنسبة (18%)، وتطبيقات الهواتف بنسبة (12%).

ج- كلوب هاوس:

اقتصر في البداية هذا التطبيق الذي بدأ تطويره عام 2020 من طرف بول دافيسون  وروهان سيث على أجهزة أيفون لكنه سرعان  ما أصبح بعد سنة متاحاً على أجهزة “أندرويد”، ومن يومها باتت غرف دردشة تطبيق  «Club house» بمثابة الملتقى الرئيسي لعناصر الإخوان، وذلك لاعتبارات عدة أهمها:-

- الإقبال المتزايد على التطبيق من الشباب المصري، وإن واصل بالوتيرة نفسها فإنه قد يتجاوز “فيسبوك” و”تويتر” و”تيك توك” و”إنستغرام”.

- يمكن التطبيق العناصر الإخوانية من الإفلات من الرقابة البَعدية والقَبلية، وبالتالي صعوبة توثيق جرائمهم حيث لا يوجد فيه “بيانات” مخزنة يمكن الرجوع إليها في حالة كان هناك أي شكاوى أو مساءلة أو تحقيق؛ فالمحادثات تتم بشكل مباشر، ولا يتم أرشفتها للرجوع إليها وقت الحاجة.

وقد اخترقت عناصر الإخوان سريعاً تطبيق “كلوب هاوس” الجديد للدردشة الصوتية، وأصبحوا حاضرين بكثافة في غرفه، وبدؤوا في عقد اجتماعاتهم عبره. كما شكل لجوؤهم لهذه الوسيلة تطوراً طبيعياً، بفعل نجاح الدول العربية والخليجية في الحد من توسع التنظيم وتضييق الخناق عليه عبر منصات التواصل الاجتماعي التقليدية مثل فيسبوك وتويتر؛ وفي ظل هذه الظروف وجد هؤلاء في تطبيق “كلوب هاوس” ضالتهم لإحياء تجربتهم في تمزيق المجتمعات واختراقها في حركة بهلوانية يائسة هدفها بث أفكارهم وتجنيد أتباع ومؤيدين جدد.

ومع هذا تجب “الإشارة إلى أن تطوير آليات الأمن السيبراني، قد مكنت من كشف ألاعيب جماعة الإخوان ومحاولاتها استقطاب عناصر جديدة عبر غرف الدردشة الصوتية في “كلوب هاوس”، خاصة وأنها تعتبر فترة تزاحم المواطنين على صفحات التواصل عبر الفضاء الإلكتروني منذ جائحة كورونا. كما تمثل لها فرصة كبيرة تساعدها في تنفيذ مخطط ضرب الاستقرار وتشويه صورة بعض الدول؛ وبالتالي قد يكون الاكتشاف المبكر لاستخدامات الجماعة لـ “كلوب هاوس” مثل صدمة كبيرة لها، خاصة وأنها كانت تتصور أن هذا التطبيق يصعب اختراقه من قبل بعض الأجهزة الأمنية.

ثانياً: حدود تأثير الإعلام الإخواني

تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من استخدام الإعلام الجديد لاسيما وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف مع بداية العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، وكذلك خلال ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها وحتى سقوط الجماعة من الحكم في مصر في يوليو 2013، وقد اتسم الخطاب الإعلامي الإخواني الرقمي بقدرته على القيام بكل وظائف الإعلام الجديد رغم قدم منظومته المفاهيمية، وقدم مفاهيم عقليته، ويوتوبية شعاراته السياسية غير الواقعية، وبؤس خلفيته الأيديولوجية التي يستمد منها خصائص خطه التحريري.

ويرجع نجاح الجماعة في هذه المرحلة إلى توظيف الإعلام الرقمي بما يجعله يسهم في توفير بيئة مناسبة استغلها إعلام الإخوان من أجل الحشد والتعبئة، بمعنى آخر فإن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تمر بها مصر في السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس مبارك سمحت للإعلام الرقمي الإخواني بتبني رسالة قائمة على استغلال سخط الناس وغضبهم من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وهو ما كان له صدى كبير لدى فئات عريضة في الشارع المصري؛ غير أن الإعلام الرقمي الإخواني، قد انكشف فشله أمام المصريين خلال عام حكم الجماعة بالنظر إلى مجموعة من العوامل من بينها:-

- أنه ذو طابع أيديولوجي يركز على الشعارات الدينية التي تجذب إليها العامة من الجماهير، مثل: “الإسلام هو الحل”، و”الجهاد”، و”الخلافة الإسلامية”، و”أستاذية العالم ” وغيرها من الشعارات التي لم تقدم حلولاً عملية للمشكلات التي يواجهها المجتمع.

- أنه لم ينفصل عن منظومة القيم الرئيسية للجماعة التي تسعى إلى ترسيخها بين المنتمين إليها، وخاصة قيم الولاء والسمع والطاعة، باعتبارها تشكل ركيزة الحفاظ على البناء التنظيمي والإداري للجماعة.

- استخدامه من قبل الجماعة في إدارة خلافاتها مع الخصوم السياسيين، حيث تم توظيفه كأداة لتشويه صورتهم والتحريض ضدهم.

وقد بدا تراجع تأثير الإعلام الإخواني الرقمي بشكل كبير بعد ثورة 30 يونيو 2013 التي شكلت منعطفاً تاريخياً أثر تأثيراً سلبياً كبيراً في الجماعة عموماً وفي أدائها الإعلامي خصوصاً وذلك لأسباب عدة، أهمها انهيار شعارات مثل: العدالة الاجتماعية، وسلمية الدعوة، والإسلام هو الحل، وغيرها من الشعارات التي كان يرددها قادة الجماعة سواء عبر الإعلام التقليدي أو الجديد، وفقدان الحاضنة الاجتماعية، والانتقال إلى ملاذ آخر (تركيا) حيث انطلقت قنوات إعلامية إخوانية وكذلك وسائل رقمية جديدة.

وقد كان لوجود الإعلام الإخواني بشقيه التقليدي والجديد في تركيا تأثير سلبي كبير عليه، حيث فقد تأثيره على المصريين الذين باتوا يعتبرونه “إعلام خائن” يتبع دولة أجنبية يدافع عن مصالحها حتى لو جاء ذلك على حساب قيمه ومبادئه وقناعاته. وقد ازدادت أزمة هذا الإعلام مع اتجاه تركيا إلى تصفية خلافاتها مع الدولة المصرية، الأمر الذي تطلب تحجيم الوجود الإعلامي الإخواني في الأراضي التركية ومنعه من مهاجمة النظام المصري ومن ثم ازداد تراجع تأثير هذا الإعلام بشكل كبير

إلى جانب ذلك انعكست الصراعات والانقسامات الداخلية على أداء الإعلام الإخواني بشقيه التقليدي والرقمي، حيث تشتت خطاب هذا الإعلام وبدا منقسماً على ذاته متأثراً بهذه الانقسامات والصراعات لاسيما أن كل طرف حاول توظيف جزء منه لصالحه في صراعه مع الطرف الآخر [18].

خاتمة

لا شك في أن جماعة الإخوان المسلمين قد تمكنت من استخدام الإعلام بشقيه التقليدي والجديد من أجل تحقيق أهدافها لاسيما ما يتعلق بترويج الأفكار ونشرها واستقطاب عناصر جديدة وترسيخ الوجود، وبرزت ذروة هذا النجاح خلال ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها من أحداث حتى إعلان تولي المرشح الإخواني حكم مصر عقب الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2012.

إلا أن الصدامات التي وقعت مع الجماعة خلال عام الحكم وبعد سقوطها أفقد الإعلام الإخواني التقليدي والرقمي الكثير من وهجه، لاسيما بعد منع منصاته وجميع مؤسساته داخل مصر. وازدادت حالة الإعلام الإخواني سوءاً بعد انتقال الكثير من مؤسساته إلى تركيا، حيث مارس أدوراً أفقدته التأثير في ظل اعتماده على نشر الإشاعات وفبركة الأخبار وتهويلها والتقليل من أي إنجازات وتشويه صورة القيادات والتحريض على العنف ودعم الميليشيات المسلحة.