• اخر تحديث : 2024-11-15 12:27
news-details
تقارير

كيف تدمر المساعدات لأوكرانيا الولايات المتحدة؟


يبدو أن حجم الإعانات المالية والعسكرية التي خصصتها إدارة بايدن لمساعدة أوكرانيا أثارت حفيظة عدد من الجهات السياسية والأطراف المؤثرة في الولايات المتحدة.

وتعليقا على الموضوع، نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية، تقريرا تحدث فيه الخبير الروسي جيفورج ميرزايان، عن موقف مؤسسة "التراث" الأميركية، التي تعد أبرز مؤسسة فكرية محافظة يستمد الحزب الجمهوري أفكاره منها، فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا.

ويقول ميرزايان إن موقف مؤسسة "التراث" الرافض لتخصيص مساعدات لأوكرانيا ناهيك عن مشاركة الولايات المتحدة بشكل مباشر في الصراع الروسي الأوكراني يدحض مزاعم ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي، الذي قال إن أقلية بسيطة داخل الحزب الجمهوري تعارض السياسة التي تنتهجها واشنطن إزاء الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأشار إلى أن قيادة مؤسسة "التراث" تعارض في نفس الوقت الحرب الروسية على أوكرانيا وتبدي استعدادًا لدعم الشعب الأوكراني، لكن شريطة ألا يكون ذلك على حساب الاقتصاد الأميركي.

المساعدات مضرة باقتصاد البلاد

ونقل تقرير الصحيفة عن جيسيكا أندرسون، العضوة بمؤسسة التراث الأميركية قولها إن "الولايات المتحدة تكافح في الوقت الراهن من أجل خفض معدل التضخم الذي بلغ مستوى قياسيا، وتقليص حجم الديون والعثور على مصادر بديلة لواردات الطاقة الروسية. وفي ظل هذه الظروف، يوافق الديمقراطيون اليساريون في الولايات المتحدة على تخصيص حزمة مساعدات تناهز قيمتها 40 مليار دولار لأوكرانيا، متجاهلين أولويات البلاد".

وذكرت أندرسون أن الحزب الديمقراطي يضعهم أمام خيارين: إما مساعدة الشعب الأوكراني أو إيجاد حلول للتحديات العالمية التي تواجهها الولايات المتحدة، علما بأن الميزانية المخصصة لحماية الحدود الجنوبية للولايات المتحدة من تسلل المهاجرين غير الشرعيين والتهديدات الأخرى للسنة المالية 2022 تقدّر بنحو 23 مليار دولار، أي نصف حجم المساعدات المخصصة لأوكرانيا بحسب الصحيفة.

ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" فإن موقف مؤسسة "التراث" يُفسّر سبب تصويت 57 نائبا من الحزب الجمهوري في مجلس النواب ضد حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا، وهو ما يعتبر دليلاً واضحًا على معارضة الحزب سياسة إدارة الرئيس جو بايدن بشأن تعزيز الدعم لأوكرانيا لصد الغزو الروسي. ويكشف هذا الموقف أيضًا عن القوة المتنامية لمبدأ "أميركا أولا" الذي يتبناه الحزب الجمهوري، وكيفية تأثير هذا الشعار على قيادة الحزب.

ونسب تقرير "فزغلياد" للسيناتور الجمهوري جوش هاولي قوله إن "المصادقة على تخصيص حزمة من المساعدات ستجعل من أوكرانيا دولة تعتمد بشكل أساسي على الولايات المتحدة، وبالتالي العودة إلى بناء الدول القومية.. والولايات المتحدة لا تحتاج إلى بناء الدول القومية بل إلى التحلي بالوطنية".

"أميركا أولا"

وأشار تقرير الصحيفة إلى أن أنصار مبدأ "أميركا أولاً" يؤيدون فكرة عدم عزل الولايات المتحدة عن بقية العالم، كما يرون ضرورة توقف واشنطن عن إنفاق مليارات الدولارات لتمويل مغامرات لا تخدم مصالح أميركا. وقد سبق لكلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، أن تورطا في مغامرات سياسية غير مثمرة، حيث حاول الحزب الجمهوري خلال فترة رئاسة جورج دبليو بوش تغيير أنظمة بعض الدول وإعادة بنائها حسب ما تقتضيه المصالح الأميركية، وقد باءت تلك المحاولات بالفشل.

وبحسب التقرير فإن السيناتور جوش هاولي يرى أن السياسة الخارجية التي اتبعها الرئيس الأميركي الأسبق وودرو ويلسون (1913 – 1921) أدت إلى زيادة حجم الدَّين الأميركي وتقويض السيادة وتدمير الأساس الصناعي للاقتصاد. ولكن يبدو أن القواعد الانتخابية للحزب الجمهوري تتبنى موقفا مغايرا لهاولي حيث يشير استطلاع أجري مؤخرا تأييد 77% من الناخبين إرسال أسلحة إلى أوكرانيا.

وتقول "فزغلياد" إن الشعب الأميركي لا يعارض مسألة تزويد أوكرانيا بالأسلحة، وإنما يعارض القيام بذلك على حساب مصالحه الخاصة. كما تشير إلى أن نسبة الجمهوريين الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة تبالغ في دعمها أوكرانيا قد زادت منذ نهاية أبريل/نيسان، وهذه الزيادة مرشحة للاستمرار مع الركود الذي يشهده الاقتصاد الأميركي.

وأورد تقرير الصحيفة تعليقا للسيناتور الجمهوري راند بول الذي قال "رغم تعاطفنا مع أوكرانيا التي تستميت في الدفاع عن نفسها ضد غزو فلاديمير بوتين، لا يمكننا خوض حرب أخرى تقود البلاد إلى الإفلاس، في وقت بلغ فيه الدين القومي الأميركي 120% من حجم الناتج المحلي الإجمالي كما وصل التضخم أعلى مستوى له منذ الثمانينيات، وتعطلت سلاسل التوريد. وبناء على هذه المعطيات، فإن الأجدر بنا إيجاد حل للمشاكل الاقتصادية قبل مساعدة الدول الأخرى".

وترجح الصحيفة الروسية أن يكون شعار "أميركا أولا" هو الشعار الرئيسي الذي سيرفعه الجمهوريون خلال انتخابات الكونغرس المقرر إجراؤها هذا العام وكذلك خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وأشار التقرير إلى أن أصواتا سياسية عديدة تعارض السياسة الحالية التي تنتهجها إدارة بايدن بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية، وقد حذر وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر من خطر تحول الصراع إلى حرب روسية أميركية عالمية، بينما يصر جوش هاولي على التركيز على مواجهة العدو الحالي أي الحد من تنامي النفوذ الصيني.

وخلص تقرير الصحيفة الروسية إلى أن على واشنطن التوقف عن التدخل في الصراع القائم في أوكرانيا لكي تتمكن من تجنب حدوث انفجار اجتماعي في الولايات المتحدة.