تناولت صحيفة "كوميرسانت" الروسية في تقرير لها مشكلة الوكالة اليهودية في روسيا. وقالت إن مشكلة جديدة بين روسيا و"إسرائيل" قد نشأت.. في "إسرائيل"، يزعمون أن وزارة العدل في الاتحاد الروسي تقدمت بعدد من المطالب للوكالة اليهودية (سخنوت)، والتي يُعقّد تنفيذها استمرار أنشطة الوكالة في روسيا. وقد يتطلب حل القضية التدخل على أعلى مستوى، على الرغم من حقيقة أن العلاقات بين الطرفين تمر بالفعل بأوقات عصيبة.
وكانت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية نقلت عن مصادر أن "الحكومة الروسية أصدرت أمراً للوكالة اليهودية بوقف جميع العمليات داخل البلاد".
وقالت الوكالة اليهودية لصحيفة "كوميرسانت" إنه "كجزء من عمل بعثة الوكالة اليهودية في روسيا، نحن بحاجة إلى إجراء بعض التعديلات من وقت إلى آخر، كما هو مطلوب من قبل السلطات". وأضاف المسؤولون في الوكالة (سخنوت) أنهم على اتصال دائم بالسلطات الروسية حتى تتوافق أنشطة الوكالة مع قواعد العمل على أراضي الاتحاد الروسي.
وأشارت الصحيفة الى أنه تم تسجيل المكتب التمثيلي للوكالة في روسيا كمنظمة روسية غير ربحية.
في الوقت نفسه، أصبح من المعروف أن وزيرة الاستيعاب والدمج الإسرائيلية، بنينا تامينو شيت، أرسلت رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد تطلب فيها العمل مع الحكومة الروسية بشأن مسألة أنشطة الوكالة في الاتحاد الروسي. وقالت فيها إن رؤساء الوكالة اليهودية أبلغوها بتوجيه وزارة العدل في الاتحاد الروسي بوقف أنشطة الوكالة في روسيا على الفور.
وأشارت تامينو شيت إلى دور الوكالة اليهودية في إعادة اليهود إلى الكيان الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، مذكرة أن أكثر من 21 ألف يهودي روسي جاؤوا إلى "إسرائيل" العام الماضي، وفي الأشهر الأخيرة جاء 30 ألف شخص من روسيا وأوكرانيا.
وورد في رسالة الوزيرة أيضاً: "أحثكم على التدخل العاجل من أجل مواصلة أنشطة الوكالة اليهودية في روسيا وعدم الإضرار بالهجرة الجارية".
ورفضت الوكالة اليهودية في روسيا التعليق لصحيفة "كوميرسانت". واعترف المكتب الرئيسي للوكالة في القدس المحتلة بوجود رسالة وزارة العدل الروسية، لكنه شدد على أنه لم يتقدم أحد في روسيا بأي مطالب لوقف أنشطة "سخنوت".
وأضاف ممثل المكتب الرئيسي للوكالة، ايغال بالمور، معلقاً للصحيفة الروسية: "يخشى أن جيروزاليم بوست بالغت في الاستنتاجات. نحن ندرس الرسالة الروسية حالياً ولا يمكننا الإدلاء بأي بيانات أخرى". ووفقاً له، لا توجد أيضاً مطالب بتعليق مؤقت للأنشطة. ومع ذلك، في مقابلة مع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية، أوضح بالمور أن المنظمة تلقت يوم الجمعة الماضي رسالة من وزارة العدل في الاتحاد الروسي تتضمن عدداً من المطالب التي سيكون من الصعب على الوكالة اليهودية الوفاء بها.
ويؤكد البيان الرسمي للوكالة الذي تلقته "كوميرسانت" مرة أخرى أن الحكومة الروسية لم تتلقَ تعليمات بإنهاء أنشطة الوكالة وأن جميع برامجها وأنشطتها ستستمر وفقاً للخطة. كما تم التوضيح أنه بعد نتائج عمليات التفتيش الجارية التي أجرتها السلطات الروسية على مدى السنوات القليلة الماضية، وبعد إجراء التدقيق الإداري، الذي استمر أكثر من عام، تلقى مكتب الوكالة في موسكو خطاباً يحتوي على عدد من التعليقات. ويقول البيان إنها "أمور إدارية بشكل أساسي، لكن الرسالة تشير إلى المشاكل التي تم تحديدها، وفقاً لواضعيها، من خلال التدقيق، بالإضافة إلى عواقبها القانونية المحتملة".
ووفق "كوميرسانت"، فإن الوكالة اليهودية مدعوة للرد خطياً على الادعاءات التي قدمتها وزارة العدل، وهذا ما تعتزم الوكالة القيام به، لحل الإشكالات بالتواصل مع السلطات الروسية.
وبحسب محطة الإذاعة الإسرائيلية "أفضل راديو"، فإن الحديث يجري عن انتهاكات طفيفة في الفروع الإقليمية للوكالة، على سبيل المثال، البيانات الشخصية التي تم جمعها بشكل غير صحيح عن المواطنين الروس. ولكن وفقاً لمجموع المطالب التي قدمتها وزارة العدل الروسية، فان قرار إنهاء أنشطة الوكالة قد يدخل حيز التنفيذ في غضون 30 يوماً.
وكما قال محاور "كوميرسانت"، المقرب من وزارة العدل، فإن الوكالة لا علاقة لها بطلب الحكومة المزعوم بوقف عمل الوكالة اليهودية في الاتحاد الروسي. ولم تكن هناك تعليقات أخرى منه.
يذكر أن "الوكالة اليهودية لإسرائيل" (سخنوت) تأسست في عام 1929، كجزء من المنظمة الصهيونية العالمية. وكانت مهمتها الرئيسية تكمن في تسهيل هجرة اليهود المنتشرين في بلدان مختلفة إلى فلسطين المحتلة، وكذلك التواصل مع الشتات اليهودي.
على أراضي الاتحاد السوفياتي، بدأت "سخنوت" العمل في عام 1989، أي قبل عامين من الافتتاح الرسمي للسفارة الإسرائيلية في موسكو. والوكالة مسؤولة حالياً عن عدد من البرامج التعليمية، بما في ذلك تنظيم معسكرات الأطفال ومدارس يوم الأحد، وكذلك الإشراف على برامج إعادة الشباب إلى "الوطن".
وأوضحت عدة مصادر في الأوساط اليهودية في الاتحاد الروسي للصحيفة، أن دور الوكالة اليهودية في إعادة اليهود إلى "إسرائيل" من روسيا هو الآن عند حده الأدنى. والعمل الرئيسي الآن يمر عبر القنصلية الإسرائيلية في موسكو. ويمكن للوكالة فقط تقديم المشورة بشأن قضايا الهجرة، وهي في الأساس تقدم المساعدة لتنظيم رحلات مجانية إلى "إسرائيل" للعائدين، على الرغم من وجود هياكل أخرى تتعامل مع هذه القضية.
وقال أحد المصادر لـ "كوميرسانت" إنه "بشكل عام، فإن إغلاق مكتب تمثيل الوكالة في روسيا لن يتسبب في أضرار جسيمة، لكن هذه إشارة مهمة من موسكو فيما يتعلق بالسلطات الإسرائيلية".
وقال السفير الإسرائيلي السابق في روسيا تسفي ماغن للصحيفة إن "الأمر لا يتعلق بالوكالة. هذا مجرد عذر. إنها مجرد ضرب الهدف الأسهل. بطريقة أو بأخرى، نحن نشهد أزمة في العلاقات الثنائية، وتغييراً في المسار والمناخ".
وأضاف: "في الآونة الأخيرة، لفتت انتباهي الانتقادات المتزايدة من الجانب الروسي لأفعال إسرائيل، سواء كانت تتعلق بسوريا أو السياسة تجاه إيران. لم يتغير شيء من جانبنا، كل ما نقوم به ونقوله الآن، فعلناه وقلناه من قبل. لقد تغيرت سياسة روسيا وربما مصالحها في الشرق الأوسط".
وتضيف الصحيفة أن روسيا و"إسرائيل" لديهما الكثير من الخلافات. لا تتفق موسكو مع الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، وكذلك مع كيفية عمل آلية عدم الاحتكاك — كل المحاولات لزيادة وقت التحذير من الهجمات قد فشلت. وفقاً للممثل الخاص لرئيس الاتحاد الروسي لسوريا ألكسندر لافرينتييف، عادة ما يحذر الإسرائيليون الجيش الروسي "قبل الضربة على الأراضي السورية بحوالى 30 ثانية إلى 1 دقيقة".
وللمقارنة حذر الجانب الروسي الأميركيين من ضربة في منطقة قرب قاعدتهم بموجب آلية مماثلة قبل 35 دقيقة من وقوعها.
بالإضافة إلى ذلك، تشعر موسكو بخيبة أمل لأن الإسرائيليين لم يقنعوا الأميركيين بمغادرة سوريا. كما لا يروق للاتحاد الروسي العمل النشط لـ "إسرائيل" في مواجهة "الاتفاق النووي" مع إيران. ومع ذلك، كانت كل هذه القضايا موجودة من قبل، وحاول الطرفان بطريقة ما تسويتها على أعلى مستوى.
وتصاعد الوضع بشكل حاد بعد أن بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد (كان حتى الأسبوع الماضي وزير الخارجية الإسرائيلي) الحديث عن "جرائم الحرب" الروسية في أوكرانيا. ورداً على ذلك، بدأت موسكو تدين بوتائر متصاعدة "السياسة الإجرامية لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية". وفي الوقت نفسه، استبعد تسفي ماغن أن يكون تدهور العلاقات راجعاً إلى موقف "إسرائيل" من تصرفات الاتحاد الروسي في أوكرانيا، فضلاً عن تصريحات يائير لبيد الانتقادية في هذا الصدد".
وبحسب السفير السابق، فإن "إسرائيل تتصرف بشكل محايد، ولا تزوّد أوكرانيا بالأسلحة، على الرغم من أنها تستطيع ذلك، كما أنها لا تنضم إلى العقوبات المناهضة لروسيا. وأي تصريحات ليست سبباً لتغيير المسار".
في الوقت نفسه، نصح مصدر في وزارة الخارجية الروسية، بالاهتمام بمشكلة نقل ملكية مجمع مزرعة الإمبراطور ألكسندر في القدس إلى الاتحاد الروسي، والتي كانت موسكو تصر عليها منذ عام 2015. وفي 19 تشرين الأول / أكتوبر 2020، قرر سجل العقارات في وزارة العدل الإسرائيلية استئناف تسجيل المزرعة لصالح الاتحاد الروسي، ولكن في وقت لاحق تم استئناف هذا الحكم أمام المحكمة. وفي آذار / مارس الماضي، قضت محكمة القدس المحلية بأن القرار بشأن مصير المجمع يجب أن يتم من قبل لجنة حكومية خاصة. ووفقاً لرئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية - الروسية سيرغي ستيباشين، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناشد شخصياً رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت بطلب المساعدة في حل هذه القضية.
ويعتقد في "إسرائيل" أن قرار نقل المجمع كان جزءاً من صفقة بين بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو للعفو عن مواطنة إسرائيلية احتجزت في عام 2019 في مطار موسكو الدولي لحملها 9.6 غرام من الحشيش في حقائبها عندما كانت في طريقها من نيو دلهي إلى تل أبيب. وأشار مصدر للصحيفة إلى أن الرئيس بوتين لا يتسامح مع من لا يفي بوعده. لذا فقد ورث يائير لبيد إرثاً قديماً، لكنه لا يملك مجالاً كبيراً للمناورة، نظراً للاستعدادات لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة وبسبب الأمزجة العامة غير الإيجابية في "إسرائيل" بشأن روسيا.
تجدر الإشارة إلى أنه الآن، بالإضافة إلى مشكلة الوكالة اليهودية بين روسيا و"إسرائيل"، ظهر ملف إنساني آخر. في نهاية حزيران / يونيو، أصبح من المعروف أن مواطناً يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأوكرانية، يدعى فلاديمير كوزلوفسكي، والذي قاتل في صفوف القوات الأوكرانية، تم أسره أثناء القتال على أراضي جمهورية لوغانسك الشعبية. ومن الواضح أنه لن يكون من السهل حل مسألة إطلاق سراحه على خلفية أجواء عدم الثقة المتبادلة التي نشأت بين الطرفين.