أظهرت العملية التي أقدم عليها الكيان المؤقت، تكتيكاً جديداً له في التعاطي مع فصائل المقاومة الفلسطينية من ناحية كيفية بدء المعركة والتركيز على فصيل واحد من الفصائل المنتشرة في القطاع، بالتالي فإن هذا الواقع يفرض علينا البحث في أفق هذه المواجهة والأهداف الإسرائيلية من خلال تكتيكه العسكري والسياسي المتَّبعين، وفي هذا الإطار يقدم هذا التقرير في الشق الأول منها جملةً من التصريحات والتعليقات الإسرائيلية خلال معركة "وحدة الساحات"، أما الشق الثاني، فيحلّل هذه التصريحات بالمقارنة مع الوقائع:
الفصل بين حركة الجهاد وحماس
- قال مسؤولون أمنيون إسرائيليون، ردا على سؤال وزيرة الداخلية أييليت شاكيد حول سبب عدم قصف أبراجا سكنية بادعاء أن الجهاد تستخدمها، إن هجمات كهذه قد تجرّ حماس إلى داخل المواجهة، وهذا أمر تحاول إسرائيل منعه.
- أشار رئيس الشاباك إلى أن العدوان حقق غاية إستراتيجية بالفصل بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي، فيما شدد قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية على أنه يجب الحفاظ على هذا الفصل.
- قال مستشار الأمن القومي، إيال حولاتا، خلال الاجتماع، إن الهدف هو دفع حماس إلى ممارسة ضغوط على الجهاد الإسلامي من أجل وقف إطلاق النار. وأضاف أن هذا ما يحاول المصريون فعله أيضا. وتابع أنه لا يوجد تقدم في هذا الاتجاه وسيستغرق ذلك وقتا.
احتواء ردود الفعل
- قال رئيس الشاباك رونين بار خلال اجتماع "الكابينت" إن الجهاد الإسلامي تعرض لضربة شديدة في غزة، والآن حان الوقت لإنهاء العملية وتجنب الأخطاء المحتملة التي قد تؤدي إلى مواجهة أوسع لا تريدها إسرائيل.
- دعا وزير الصحة، نيتسان هوروفيتس، إلى وقف العدوان، معتبرا أن "هدف العملية العسكرية، وهو استهداف الجهاد الإسلامي، تحقق وينبغي إنهاءها قبل أن يحدث استهداف لا حاجة لها بين المواطنين الفلسطينيين".
- من المتوقع أن يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلسة طارئة يوم الإثنين لبحث التصعيد في قطاع غزة.
- الإعلام العبري: إطلاع أعضاء الكابينت بأن جميع الأهداف قد تم تحقيقها ولا توجد نية لتوسيع العملية.
- المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي لوسائل الإعلام الدولية في إيجاز للصحفيين الأجانب: "الهدوء سيقابل بهدوء".
- اتصالات مع مصر من أجل وقف "إنساني" لإطلاق النار بعد ظهر اليوم.
توحيد الصف الإسرائيلي
- لابيد سيلتقي نتنياهو الساعة 10 صباحا لوضعه في آخر تطورات العدوان على غزة.
- زعيم المعارضة نتنياهو في ختام لقاء التحديث مع رئيس الوزراء لبيد: "يجب تعزيز سكان الجنوب لموقفهم الحازم. تلقيت تحديثًا تفصيليًا، واستمعت بعناية، وقدمت بعض النصائح من تجربتي".
- يقدم نتنياهو الدعم الكامل للحكومة والجيش والقوات وقدم بعض النصائح من تجربته ويعتقد أن النصائح ستكون مفيدة لإسرائيل.
رفع سقف الضغط
- اقتحم صباح يوم الأحد مئات من المستوطنين ساحات المسجد الأقصى بحماية شرطة العدو التي سمحت لهم باختراق المحظور والقيام ببعض طقوسهم اليهودية.
- المتحدث باسم الجيش: لم نتوقف عن الهجمات ولدينا المزيد من الأهداف.
تحقيق بنك الأهداف
- رئيس قسم العمليات بهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي عوديد باسيوك: لقد قضينا على قائد المنطقة الجنوبية بالجهاد خالد منصور وتم القضاء على التسلسل القيادي للذراع العسكري للجهاد الإسلامي.
- نائب وزير الحرب ألون شوستر: "نحن في خضم العملية وعندما نصل إلى نتيجة مفادها أننا انتهينا سنحرص على اخبار الأمة، نريد تحقيق السلام ووقف التهديد لكننا لم نصل بعد والطريق لا يزال أمامنا".
- معاريف عن رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي: أهداف العملية العسكرية في غزة تحققت.
الحرب النفسية
- الحركة الجوية من وإلى إسرائيل مستمرة كالمعتاد اليوم، من المتوقع أن يصل عدد المسافرين 76700 مسافر.
- معاريف: عائلة غولدين لرئيس الوزراء لبيد ووزير الجيش غانتس: العملية في غزة يجب أن تنتهي فقط بعودة الجنود شاؤول أورون وهدار غولدين إلى إسرائيل.
- روعي قيس، نقطة تفكير: إلى الحد الذي تشعر فيه حركة الجهاد الإسلامي بالإحباط وعدم نجاحها في انتقام ناجح من غزة، فقد تحاول التحرك من ساحات أخرى أيضًا.
- المراسل العسكري للقناة 13 العبرية "ألون بن دافيد" نقلاً عن مصادر سياسية وأمنية: هناك صعوبة في إنهاء عملية "الفجر الصادق"، ومن الصعب جدًا إيجاد آلية خروج من العملية - لأنه ما زال لدينا قيادي واحد باق وهو في طهران "بالإشارة إلى النخالة".
التحليل:
- عبّر العدو الإسرائيلي بشكل واضح عن نيته في إيجاد شرخ بين حركة حماس و الجهاد الإسلامي، وهو ما أظهرته التصريحات الصادرة عن عدد من المسؤولين، إذ حصر الإسرائيلي المعركة وضرباته العسكرية فقط ضد الجهاد الإسلامي، وقد حضّر العدو لهذا الهدف مسبقاً خلال الأيام التي سبقت العملية وصولاً إلى اليوم الأول منها، من خلال عدد من الخطوات وهي:
O اقتحامات مخيم جنين ومحاولة اغتيال واعتقال قياديي سرايا القدس فيها.
O اعتقال المسؤول العسكري للجهاد في الضفة الشيخ بسّام السعدي.
O اغتيال مسؤول المنطقة الشمالية في غزة "تيسير الجعبري".
حتى بعد إعلان المعركة والتي أطلق عليها الكيان المؤقت تسمية "طلوع الفجر"، جهد العدو عدم تدخل حماس وباقي الفصائل الفلسطينية وتحييدهم عن المعركة، وذلك من خلال الإجراءات التالية:
O التصريحات الإسرائيلية التي تشير إلى أن المعركة محصورة فقط مع الجهاد الإسلامي.
O استهداف مواقع وقياديي الجهاد من دون التوسع واستهداف باقي الفصائل.
إن محاولات العدو الإسرائيلي تحييد حماس وباقي الفصائل الفلسطينية عن المعركة لم تتم معالجته فقط من خلال الإجراءات العسكرية، بل كان له طابعاً سياسياً، من خلال الوساطات التي ضغط فيها الكيان المؤقت على الدول الوسيطة مثل مصر وقطر، من خلال دفعهم للتواصل مع حماس ودفعهم لتجنب دخول غمار المواجهة.
- أظهرت العملية التي أجراها العدو الإسرائيلي أنه كان يمتلك بنك أهداف أراد تحقيقه ومن خلاله يعتبر أنه قادر على حسم المعركة مع حركة الجهاد الإسلامي، ذلك من خلال استهداف القيادات في الحركة وهو بما يعبّر عنه بـ"فصل الرأس عن الجسد"، لإرباك تحركات المقاومة وجعلها من دون قيادة ميدانية قادرة على إدارة المعركة.
- شنّ العدو الإسرائيلي ليل السبت غارات مكثفة على غزة طالت مخيم رفح، ما نتج عنها سقوط عدد كبير من الشهداء المدنيين، ويعمد الإسرائيلي من خلال ذلك الضغط على حركة الجهاد من خلال تأليب المواطنين في غزة على الحركة، وصباح اليوم الأحد استهدف العدو عدد من قيادات الجهاد ومن خلال هاتين الضربتين أراد العدو الضغط بأعلى مستوى على الجهاد لإيقاف عملياته العسكرية.
- لتحقيق النصر والحفاظ عليه سارع العدو بعد استهدافه لعدد من القيادات في الجهاد الإسلامي، إلى إعلان الانتهاء من العملية بعد تحقيق نتائج كبيرة، وأنه مستعد للتهدئة، يبرز ذلك أنه غير قادر على استكمال المعركة نتيجة زخم الصواريخ التي أطلقت من القطاع باتجاه المستوطنات، لذا فإن العدو سارع في توجيه ضرباته بشكل مكثف وأراد من خلال ذلك حسم المعركة باكراً والضغط على الجهاد للحفاظ على قيمة الضربات التي نفّذها واستثمارها على أنها نصر محقق.
- إن الخطوة التي قام بها نتانياهو بجلوسه مع لابيد وتقديم النصح له ما هو إلا إجراء روتيني بين المعارضة والحكومة، لكن الوضع الأمني المعقد، أجبر رئيس الحكومة السابق على الجلوس مع الحكومة على غرار الفترة السابقة التي كان رافضاً التحدث خلالها معه، وتعد هذه الخطوة رصيداً هاماً لنتنياهو مع اقتراب موعد الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة.
- لم يستطع اليمين الإسرائيلي الوقوف جانباً خلال المعركة من دون الاستفادة منها نظراً لاقتراب موعد الانتخابات في الداخل الإسرائيلي، حيث قام اليمين يوم السبت بجمع مئات اليهود المتشددين مقابل جدران المسجد الأقصى والدعوة لمسيرة أعلام يوم الأحد، وتعتبر هذه الخطوة هامة بالنسبة لليمين في تثبيت قواعده الشعبية وتثبيت ما قاموا به إبان مسيرة الأعلام الماضية.
يعتبر الكيان المؤقت أن ما حققه خلال اليوميين الماضيين إنجاز ويمكن تظهيره على أنه نصر، وبدء العدو ظهر اليوم احتواء الموقف بهدف إيقاف المعركة، معتبراً أن اغتيال القيادات واستهداف المدنيين يربك المقاومة ويجعلها تخضع له، إلا أن ما يخشى العدو حدوثه، إصرار المقاومة على المضي في المعركة.
لقد تمادى العدو الإسرائيلي في اعتداءاته على قطاع غزة من خلاله استهدافه للمدنيين العزل وقيادات المقاومة والبنى التحتية للقطاع، وأيضاً من خلال الاقتحامات التي جرت هذين اليومين لباحات المسجد الأقصى، وبطبيعة الحال فإن قضية الأقصى المبارك والاعتداء الدائم على المواطنين الفلسطينيين، مما لا شك فيه أنهما المحفز الدائم للمقاومة لتوحيد الصفوف ومواجهة العدو.